أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - حكايا من المهجر: صراع الهيمنة 2















المزيد.....

حكايا من المهجر: صراع الهيمنة 2


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 2960 - 2010 / 3 / 30 - 19:02
المحور: الادب والفن
    


كان واضحا أن عبو يعرف ماينقصه من المؤهلات التي تجعله يسيطر في الموضولو، حيث بدا منذ واقعة الخصومة، أنه في انسجام ملفت للنظر مع العامل القوي، وكان من حين لآخر، يفتي عليه بعض الشروط النظامية التي يجب أن يسير عليها الموضولو، وكان في البداية يطرحها بشكل علني عساه يكسب البعض منا، وكان يطرحها بشكل عام كي ترضي الجميع، فيما هو من جهة أخرى، كان يطرحها بشكل ثنائي وبوضوح أكثرمع من كان يطمئن إليه، وخاصة الذين يتشارك معهم في العشرة، أما البقية فقد كان يعمل معهم بسياسة فرق تسد بشكل يتمكن بداية من طرد عبابو وبعده الرفيق الملحد وبعدهما يأتي دوري أنا المسؤول القانوني إلى جانب مهاجر آخر كان قد سافر بشكل نهائي إلى سراقوسطا، أمام لجنة الصليب الأحمر التي تشرف على هذه الديار، وكانت شروط عبو تتمحور حول أن يكون الموضولو محترما كما لو كان مسجدا لا تدخله الفحشاء: النوم على الساعة الحادية عشر ليلا، ممنوع تناول المخدرات والكحول داخله وعلى أصحاب البلية أن يتدبروا أمورهم خارج الموضولو، إخلاء وطرد كل من سمحت له نفسه بخلق جو اللاتعايش، وما إلي ذلك من الشروط التي كان بعضها مجحفا في حق البعض، وكانت الفاحشة الوحيدة التي سمح بها هي إتاحة المتعة الجنسية لمن توفرت له فرصة ذلك، وهو ما كان مثيرا للشفقة فينا حيث لاأحد في تلك الفيافي يستطيع أن يقنع امرأة بالمغامرة مع صعلوك والإختلاء بها في تلك الألواح البلاستيكية بعيدا عن الحضارة. وكان يرمي بذلك إلى خلق ظروف التحاق إحدى صديقاته التي تواعدت أن تعيش معه إذا ما نجحت في الهجرة سريا إلى إسبانيا، بالإضافة إلي أن موهبته الغنائية أيضا والتي كانت توفر له علاقات مهمة مع أصحاب سيارات الميرسديس الماجنين من أباطرة الحشيش الذين كانو ينادونه إلى سهراتهم الماجنة ليضفي عليها نوعا من الغناء والطرب، كانت تتيح له أن يطمح في الإيقاع بإحدى المومسات اللاتي كنا يحضرن تلك السهرات والإتيان بها إلى مربط باكو الساحر، إلا أن مشكلته في ذلك هي أنه لا يميز بين المومس ويبن المرأة الحبيبة، فقد كان يعتقد، ومن منطلق بدويته، أنه يستطيع إقناع امرأة حرفتها البغاء، بالمجيء إلى المربط لتتمتع بأكل البتيخ في الهواء الطلق بين البنادر.
كان يقول ذلك ببراءة بدوية ممزوجة بشطارة مدنية كسبها عندما كان بائعا كسابا (بائع المواشي) حيث كان من نوادره التي ملأت حديث السوق، أنه باع بغلة متوحشة تجفل من كل شيء، حتى من لمسها، أما عندما تمر سيارة بقربها، فيعلم الله كيف ستدوس كل من كان في ساحتها. وحدث أن لجأ عبو إلى حيلة ماكرة تساعده في بيعها، وذلك أن عمد إلى ملإ أذنيها وشوارمها بمادة الطابا المخدرة، فبدت طيعة ومنساقة كابن السبيل حين يقع فريسة عصابة من القطاع، وكان المشترون يعمدون عادة في مثل هذه العمليات من البيع، إلى قياس ردود فعل فرائسها بحذر لمعرفة درجة تأنسها، وكانت البغلة المسكينة طيعة حتى لو حشوت أصابعك في أعضائها، فاشتراها أحدهم من عبو كما شحنها في شاحنة نقل إلى حيث يسكن، وما أن استفاقت البغلة من تأثير المخدر حتى جفلت وداست وضربت بقوة حوافرها كل ما كان حولها من بهائم أخرى، حيث جفل الجميع وفقدت الشاحنة توازنها وانقلبت لتلفظ تلك البغلة المسكينة آخر أنفاسها تحت مقلب الشاحنة. وكانت هذه الحيلة الناجحة تشعره بأنه أكبر ماكر في البسيطة، وهو مايجعله مزهوا في سلوكه معنا مما يحول دون أن يرى في أننا كشفناه وعليه أن يغير من مسلك استبلاد الآخرين.
في الموضولو 3 كان عبو هكذا يعتقد أنه أكبر شطايري في التاريخ، وكان يستبلدنا جميعا بما فينا أصدقاءه في العشرة، وكان الجميع يتجاوز ذلك من منطلق بداوته الفاحلة كما لم يكن يحظى بثقة أحد منا، فعندما أعلن شروطه بتلفيفها العام كي يقنع أغلبنا، نظر إليه سعيد نظرة الفاضح لمسلك خبيث قائلا له:
ـ عبو!.. هل تعرف أننا جميعا نعرف قراءة أفكارك وما تصبو إليه؟، قالها سعيد فيما الجميع كان يبتسم ابتسامة من اكتشف مكرا، ابتسامة قابلة للإنفجار في أي لحظة، حيث بدا عبو كمن لم يفهم مستوضحا:
ـ لماذا هذا الإستنكار، أليس ماأقوله معقول؟
ـ نعم لو أن أحدا آخر قال ذلك، الجميع هنا يعرف أنك مثل التيكوك (طائر الوقواق)
ـ لماذا؟ هل استنفرت أحدا منكم؟، سأل عبو فيما بدا أنه لم يفهم قصد سعيد بكلمة التيكوك، فهي عندنا تعني أيضا تلك الحشرة التي تستنفر البقر في الصيف، مماحدا بسعيد إلى التوضيح قائلا:
ـ لا أقصد تيكوك البقر، بل أقصد ذلك الطائر الذي يبيض في وكر الآخرين، وما أن تتفقص البيضة حتى يبدأ الفرخ في إزاحة كل ما في العش من بيض الطائر المحتضن ليبقى وحده.
ضحك عبو ضحكة من فطن بافتضاح مخططه، فعمد إلى تغيير موضوع الطائر إلى موضوع الشوق حيث بدأ ينشد:
إوا ياتيكوك رو عونخاش ( ياطائر الوقواق ابكيني أبكيك)
نك أذتروخ إوسمون، شيي أذتروذ إعاري (أنا أبكي حبيبي فيما أنت تبكي غابك)
كان طيش عبو الفحولي البدوي، اضافة الي بخله المالي الذي كان يكنزه لحاجات أسرته بالمغرب كافيا بأن يبعد عنه أية مومس حتى لو كان في وسط الحاضرة، كانت سمات العلاقة بالبغايا تخل بمزانية التقشف لدى أي عامل مزارع يفترض فيه أن يقيم موازنة بين ما يحتاجه كفرد وما تحتاجه عائلته الفقيرة بالمغرب، كما كانت شروط الإرتباط بعلاقة مع أية امرأة مغربية مثلا يفرضها وضع قلة النساء المهاجرات في مجتمعاتنا الذكورية في المهجر، حيث أن أغلب الذين داهموا أمواج البحر الأبيض المتوسط، وصولا إلى الضفة الأخرى، كانوا من الذكور، ومن هذا المنطلق كانت النساء تفرض شروطا مجحفة في مثل هذه العلاقات، منها أن يتكفل المرء بأداء واجب الكراء ومصاريف العيش إذا أراد أن ينعم بأولوية خاصة، كأن يناديها في أي يوم يراه مناسبا له وتأتيه، أما إذا كان يريد فقط تمضية ليلة، فعليه أداء الأجرة بما يلزم ذلك من شروط الضيافة وهو ماكان يعتمده أغلب الذين يفضلون الليالي الحمراء وليست لهم التزامات عائلية، أما اصحاب النزوات العابرة منهم فكانوا يفضلون التسوق في الأوكار السرية بسعر خاص لكل دقيقة. أما النساء الإسبانيات فكن، وفي الحالات النادرة جدا لوصولهن إلى تييرا دي ألميريا، كن في الغالب من المدمنات على على مخدر الحشيش، وكان ذووا الحظوة في هذه العلاقات، في الغالب الأكبر، من مدمني المخدرات، كانت علاقات بطعم سحر نكهة الحشيش، وكان الذي يحصل على مثل هذه العلاقة المجانية كمن يحصل على إمارة في مملكة الله، يصبح بقدرة قادر، كمن حصل على علاقة جيدة بياطرون يشغله، وكان في نظر المهاجرين الآخرينأعرف الناس وأحكمهم وأعزهم في المشورة، وهو أيضا بتلك العلاقة كمن تجاوز السراط الأخروي، فالعلاقة مع اسبانية، حتى لو كانت في حدود تبادل نكهة الحشيش، تحمل في انطباعنا، بالنسبة لنديمها، مشروع التسوية القانونية والإندماج الإجتماعي، كما تحمل لنا أيضا الأخبار التي تخصنا كمهاجرين سريين، كانت حاجتنا إلى الآخرين تقتل فينا كل عقلانية، وحين لا يكون أي أحمق منهم بيننا، تكون القطط والكلاب قد رفعت راية التسليم، وتكون بذلك أول منيعترف بنا كوحوش إفريقية مستأنسة.



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايا من المهجر: الموضولو 3 وصراع الهيمنة
- حكايا من المهجر: هلوسة عبابو 3
- حكايا من المهجر: هلوسة عبابو 2
- هل يعيد التاريخ أحداث إيليخيدو مرة أخرى إلى الواجهة
- حكايا من المهجر - هلوسة عبابو
- الدرس الثاني ديالكتيك البراءة
- الدرس الأول لأطفالنا في الديالكتيك
- مقاربة تصورية حول الحتمية الاشتراكية
- نحو تأسيس مزبلة إلكترونية
- بمناسبة 8 مارس
- من وحي ألميريا
- حول تأصيل اللغة الأمازيغية
- كولن ولسن وتجريد اللامتجرد
- أحلام دونكشوت مغربي4
- أحلام دونكشوت مغربي3
- لي في عينيك
- أحلام دونكشوت مغربي2
- أحلام دونكشوت مغربي
- طالوت وجالوت كمدخل خلفي لإيديولوجيا الإرهاب2
- طالوت وجالوت كمدخل خلفي لإيديولوجيا الإرهاب


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عذري مازغ - حكايا من المهجر: صراع الهيمنة 2