أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر دوري - القط ذو الرأس الكبير في المصيدة














المزيد.....

القط ذو الرأس الكبير في المصيدة


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 899 - 2004 / 7 / 19 - 05:52
المحور: الادب والفن
    


لم أقتنع بالفكرة العلمية القائلة إن القطط من فصيلة النمور حتى رأيته . فقد كان أشبه بالنمر بحجمه الكبير خاصة رأسه و شراسته غير
المعهودة تجاه الأطفال بشكل خاص . أما مع الكبار فإنه يتحلى بسلوك القطط إذ يلوي ذيله و يهرب عندما يتعرض إلى موقف يحس أنه سيكون الخاسر به .
أتاحت له طبيعة بيوت الحي المتلاصقة هامشاً كبيراً للمناورة و الكر و الفر . فإذا تعرض له أحد السكان و لم يجد بنفسه قدرة على إيذاءه هرب إلى بيت مجاور متحيناً فرصة أخرى ليعود أثناء غياب صاحب البيت ،الذي حاول ضربه ، فيبطش بأطفاله أو يخرب أمراً ما في البيت . و بسرعة فهم سكان الحي سلوك هذا القط فبدأوا يتحاشونه لأنهم لا يريدون افتعال معركة معه . و بسرعة انتشر هذا السلوك ، التحاشي ، كانتشار موجات الكهرباء من الكبار إلى الصغار . و بالتدريج تحول القط ذو الرأس الكبير إلى ملك متوج في الحي و بدأ يبهت سلوك القطط في شخصيته لصالح سلوك النمور . فلم يعد مضطراً أن يهرب أو يتمسح بأحد كي يقدم له الطعام لأنه ما إن يدخل بيتاً من البيوت حتى تضع له ربة المنزل ما لديها من طعام في منتصف أرض الدار فيأكل بكل هدوء و إذا لم يعجبه الطعام بدأ بالمواء فتضطر ربة المنزل لتقديم وجبة جديدة تعجبه و بعد أن يملأ بطنه يأخذ غفوة في أقرب ظل دون أن يرف جفن له أو يرتعش فؤاده حول إمكانية أن يدوس على طرفه أحد . أما علاقته مع قطط الحي فحدث و لا حرج فقد كانت نظرة واحدة منه كافية لتجمد أية قطة في مكانها رعباً فيقضي وطره منها دون أن تتحرك خوفاً من أن يمسكها بفمه القوي الكبير من رقبتها كي يثبتها .
وعلى هذه الشاكلة استمر وضع القط الكبير سنوات ، و تأقلم سكان الحي مع هذا الوضع كما ذكرنا ، حتى حلت الكارثة الكبيرة . يوم تحولت المدينة إلى ساحة حرب و مجازر و قتل يومي و صار الناس يخافون على أرواحهم فكل يوم عملية اغتيال . و كل عملية اغتيال يتبعها عملية قتل عشوائية انتقاماً للشخص الذي تم اغتياله . و هكذا تحول صوت إطلاق الرصاص ، أي رصاص ، إلى حالة رعب لا تحتمل . فذلك يعني حملة مداهمات تقوم بها المليشيات بحثاً عن مطلقي النيران ، و يرافق حملة المداهمات هذه إذلال ، و ضرب ، و اعتقالات ، و قتل على الشبهة ، و .......
في هذا الجو المتوتر حدث مأزق القط ذي الرأس الكبير . كنا نسهر على التلفاز نتسلى بمتابعة برنامجاً كوميدياً يكاد ينسينا وضعنا المرعب عندما سمعنا صوت قرقعة عنيفة تشبه إطلاق الرصاص . صمت الجميع فوراً و قام احدنا و أطفأ جهاز التلفاز . لا بد أن معركة قد اندلعت . مرت لحظات من الصمت تلاها ضجة عنيفة و كأنها رشقة من الرصاص . كان الصوت يوحي بأن مكان الحدث قريب جداً ، و هذا أمر زاد رعبنا لأننا سنكون هدفاً للمداهمات و ربما التصفيات . حل الصمت ثانية . لكنه كان قصيراً قطعه صوت أعنف من الأول بدا انه أقرب مما نتخيل . تمالك أحدنا روعه و شق باب البيت فتسرب برد كانون من الباب المفتوح و بحذر مد رأسه . ثم شجعته لحظة صمت فتجرأ و خرج إلى أرض الدار . عاد الصوت المرعب من جديد فالتصق بالحائط و عيناه تجولان الظلام بحثاً عن مصدر الصوت الذي بات واضحاً أنه ينبعث من داخل أرض دارنا . مرت ثواني قليلة من الصمت الثقيل ثم سمعناه يهمس لنا أن نخرج فخرجنا إلى أرض الدار و شاهدنا سبب الرعب الذي انتابنا إنه القط ذو الرأس الكبير ................
لقد حشر رأسه في علبة من التنك كان بداخلها قليل من الحليب شم رائحته فاندفع نحوها و أدخل رأسه الكبير داخل العلبة دون أن يحسب حساباً للعواقب لأنه لم يكن يفكر إلا في الحليب . و بعد أن لحس كل ما في العلبة أراد أن يخرج رأسه فلم يستطع فبدا يتخبط يميناً و شالاً فتصدر العلبة هذه القرقعة المرعبة ، التي تشبه صوت الرصاص ،بسبب اصطدامها بالجدران تارة و بالأرض تارة أخرى أثناء محاولته التملص منها .



#ثائر_دوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية على الطريقة الفنزويلية
- أزمة المسرح العربي 3من 3 العلبة الإيطالية : من مارون نقاش إل ...
- أزمة المسرح العربي 2من 3
- أزمة المسرح العربي 1من 3
- القلق الذي يحيط بنا
- غرينكا دخلت التاريخ و مغر الديب تنتظر
- صور تصنع التاريخ و أوهام تصنع الصور
- العملاء هم الأسرع اشتعالاً
- عن العروبة
- التصدعات التي خلقتها المقاومة في جسد الاحتلال الأمريكي للعرا ...
- الوضع العام
- بعد مرور سنة على الغزو أهداف و دوافع هذا الغزو
- حماقات علمية و أخرى سياسية
- دروس عملية تبادل الأسرى
- عبد الرحمن منيف يكتب روايته الأخيرة
- معنى أن تكون معارضاً
- طالبان من أفغانستان إلى باريس
- البطاطا و الفكر و أشياء أخرى
- إيران إلى أين ؟
- خيار البشرية اليوم : إما الهمجية أو مقاومة الإمبريالية


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ثائر دوري - القط ذو الرأس الكبير في المصيدة