أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حامد كعيد الجبوري - الحلة الفيحاء وأعياد أيام زمان















المزيد.....

الحلة الفيحاء وأعياد أيام زمان


حامد كعيد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 2949 - 2010 / 3 / 19 - 22:51
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    




باجر عيد
باجر جم ألف حبه
باجر جم كصيبه التكرص الركبه
مراجيح التغني العيد ...
هلهوله وألف لعبه
لا أعرف من قال هذه الأبيات من الشعر الشعبي ، منهم من نسبها للرمز العراقي الكبير النواب ، ومنهم من قال أنها للشاعر كاظم اٍسماعيل الكاطع ، وأخر يقول أنها للشاعر عريان السيد خلف ، وليكن من قالها أي واحد منهم فهي أبيات جميلة علقت بذاكرتي منذ أمد بعيد ، قبل ليلة العيد سواء لعيد الفطر أم عيد الأضحى ، تنشغل العوائل وبالتحديد أمهاتنا لأعداد (الكليجة) ، مع ملاحظة هذه (الكليجة) وجودتها نوعياً كل حسب أمكانياته المادية ، وكثير من العوائل الفقيرة – وأنا منهم – لا يعملون هذا المنتوج ولا يعيرون له أهمية لعدم توفر السيولة النقدية لعوائلنا الفقيرة ،ويبقى نظام التكافل الأجتماعي الفطري هو الحاكم والمهيمن على عوائل أيام زمان ، فكانت تأتينا حصتنا من (الكليجة) من أكثر من جار لنا ، ولربما يكون لدينا أكثر من الجيران الذين عملوها وهي متفاوتة الجوده بحسب الحالة المعاشية للجار المُهدي ، العوائل المترفة تذهب بنتاجها من (الكليجة) الى الأفران المتواضعة - على قلتها - وهي أفران حجرية أشبه ماتكون بالبدائية ،والعوائل المتوسطة والقريبة من الفقر وخطه تستخدم التنور لأنضاج منتوجها من (الكليجه) ، وما ألذ تلك المحشاة بالسمسم وأنت ترى دهنه قد فاض وأخترق المسامات ليصل لسطح (الكليجة) مضفياً عليها نكهة وطعماً يختلف عن تلك المحشوة من مادة أخرى كالتمر واللوز والجوز و(الحلقوم) ، والغريب أن أمهاتنا آنذاك يحتفظن بنصف من (الكليجة) للعيد القادم عيد الأضحى ، والأن أدركت لماذا كان يصيبنا الغثيان حد القيء ونحن نأكل ذلك المنتوج المخزون دون مراعاة لشروط الخزن ، حيث غالبية العوائل لا تمتلك نعمة الكهرباء – كما الأن - .
والحديث عن ملابس العيد تثير في داخلي أكثر من مكمن للحزن ، فعوائلنا فقيرة لا تملك أيّ مدخر مالي لشراء مايسمى ملابس العيد الجديدة (دشداشة أمقلمه ، حذاء كتاني أبيض) ، قبل ليالي كثيرة من مقدم العيد نتوسل لدى أمهاتنا ليتوسطن لدى الأباء لشراء أحتياجاتنا من ملابس العيد ، وببراءة طفولتنا لا ندرك حجم معاناة آبائنا ومعاناتهم لأنهم لا يملكون مايرفهون به عن فلذات أكبادهم ، ونصر بدموعنا البريئة على آبائنا لجلب أحتياجاتنا ، وأن لم يتيسر له ذلك نعود لملابسنا -(الدشداشات)- القديمه وتضعها أمهاتنا في قدر كبير بعد أن تضع فيها صبغ (النيل) ويبقينها مدة طويلة وهي تغلي لتكتسب لوناً جديداً ، ولكم أن تتصورواً أجسامنا الغضة الطرية وقد أصطبغت بصبغة (النيلي) ، أما أحذية الكتان صناعة (باتا) البيضاء فنجلب لها من مدارسنا ما يتساقط من الطبشور – الأتربة والمتبقي القليل من الطبشور – ونضع هذا المسحوق في آنبة صغيرة ونسكب عليها الماء ثم نطلي به احذيتنا الكتانية المتهرئة ، وفي الساعات الأولى ليوم العيد يتطاير هذا المسحوق غير المتجانس وتعود أحذيتنا لسابق حالها من القدم ، ولكننا لا نيأس فنعود الكرة نفسها لليوم التالي والذي يليه وهكذا ،ولنقل أن آبائنا أستطاعو أن يتدبروا اليسير من المال المقترض وحينها يقتادوننا نحو الخياطين أو الخياطات لأنجاز مهمة (الدشاديش) ، وبما أن هؤلاء الخياطون والخياطات لا يملكون ما يسمى (الأولجه) وهي مقياس متري يستعمله الخياطون ، وبما أنهم أميون فينظر الخياط للقادم اليه بطرف عينه معتمداً على فراسته في تقدير الطول والعرض وأطوال (الردانات) الأكمام وتسمى هذه الطريقة في الخياطة (راسها أبعبها)، ومن يملك الحظ الوافر تأتي (دشداشته) متطابقة مع تقدير الخياط ، وأن كانت أطول من مرتديها قليلاً فتعمد الأمهات لتلافي أخطاء الخياطون ، ومن كان حظه عاثراً تأتي (دشداشته) أقصر مما يتصوره الخياط ، ومع ذلك فهي منجز بل فتح طفولي لا يوصف ، وقد أرشفت لهذه الحالة بأبيات أقول فيها
معاميل الحزن فصل علينه أهدوم ماماخذ قياس وراسها أبعبه
أذا ثوب الحزن يطلع طويل أكصير تبادل ويّ أخوك وبالك أتذبه
نصحه أمن الصبر نلكه الحزن عالنار نغمسه أعله الهظم عالظيم ونشربه
وأيام العيد في الحلة الفيحاء قسمت لا أرادياً وأصبحت عرفاً يمارسه أبناء الحلة الكرام ، اليوم الأول لمغتسل نبي الله أيوب الذي يزعم الحليون أن الله أوحى لنبيه أيوب أن يمزج من ماء هاذين البئرين ويغتسل بمائهما فتعود صحته كما كانت ، وأقول يزعم لأن هناك الكثير من يدعي أن هذان البئران يقعان في مدنهم كالأردن واليمن مثلاً ، واليوم الثاني من أيام العيد يذهب المعيدون الى مرقد الأمام (عمران بن علي بن أبي طالب ( عليهما السلام) قرب مدينة أثار بابل التأريخية ، ورواية مدفن (عمران) ينقلها (أبن أبي الحديد المعتزلي) فيقول أن (عمران) جرح في واقعة (النهروان) وتوفي أثناء عودة (علي( ع) لمدينة (الكوفة) فدفن قرب آثار بابل ،واليوم الثالث لمنطقة (مشهد الشمس) ، وسبب تسميته مشهد الشمس الرواية التي ينقلها المؤرخون عن أن أمير المؤمنين علي (رض) فاتته صلاة العصر بعد تجهيز جنازة ولده (عمران) فأومأ لقرص الشمس بالعودة ليؤدي صلاته واٍستجاب له ربه في ردها عليه ، ولعدم أستيعاب هذا المكان للمعيدين فقد أستحدث مكاناً أخراً في منطقة (العتايج) نسبة للأمام العتائقي الملقب بأبي الخير ، في هذه المواضع التي ذكرتها تنصب المراجيح ودواليب الهواء ويسرج أصحاب الخيل والحمير حيواناتهم لتؤجر من قبل من يملك العيدية المجزية وليس نحن الفقراء الذين نذهب سيراً على الأقدام لهذه المناطق المعيدة والبعيدة ، وينتقل الباعة بعرباتهم صوب هذه المناطق طلباً للرزق الحلال وتلبية لرغبات المتبضعين (باقلاء ، لبلبي ، حامض حلو ، كركري ، ...... الملك ، وغيرها ) ، وما أجمل ذلك الصوت (شعر بنات وين أولي أوين أبات) ، وتأخذ امهاتنا معهن مايسد رمق أولادهن ، الأغنياء يجلبون (خبز اللحم ، الدولمه ) ، وامهات الفقراء يجلبن معهن (خبز العباس) وهو عبارة عن رغيف من الخبز توضع بداخله الخضروات الطازجه ، وما أصدق تلك (الجوكات) وهي تـَرقص (الجوبي) يتوسطهم رئيس (الجوكه) وهو يصدر أصواتاً شجية من (مطبكه) المعمول من قصب البردي والمغني يردد أغنيته (عالجوبي الجوبي الجوبي والحنه لا خت ثوبي) ، وينشأً لأبيات متقاربة بتفعيلتها مع هذا المستهل ، نهاية اليوم الثالث لعيد الفطر والرابع لعيد الأضحى أستن الناس لهم يوماً أخراً ليضاف لأيام أفراحهم سميً بيوم (الكسلة) ومكانه الساحة المجاورة لمرقد العلامة (أبن طاووس (رض) ، وهناك تمارس نفس ممارسات الأيام السايقة .
نهاية يوم الكسلة ولربما اليوم الأخيرللعيد تجردنا أمهاتنا من ملابس العيد الجديدة أو المصبوغة وتحفظ في (صرر) معدة كي نرتديها العيد القادم ، وفي اليوم التالي يردد الصبيان والصبيات أنشودة تقول (راح العيد وهلاله وكلمن رد على أجلاله) .



#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تباً للسيلسة / مهداة الى العراق العظيم
- حرامي الضحاك
- الشاعر عبد الصاحب عبيد الحلي /تجربة رياديّة ضاجّة بالعطاء
- عيون الشعب
- سالوفة فَخر
- ويلاد مريدي
- الخيط والخويطات
- ديوان البخيت
- التمرد على المألوف في القصائد الشعبية ( النهد انموذجا)
- أضلوع السجن
- بعيداً عن الضجيج ، قصائد تخترق الشغاف
- حوارية الدموع في قصائد موفق محمد الشعبية
- الأنبياء فقراء ؟ أم الفقراء أنبياء ؟
- حلم الماضي وخيبة الحاضر وأستشراق المستقبل في
- امنيات ترفض التأجيل
- أبو عمشه
- أبن الشعب
- هوه الخمسين
- رسالة متأخرة لأبي سرحان
- ضمير أبيض


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حامد كعيد الجبوري - الحلة الفيحاء وأعياد أيام زمان