أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - بعيداً عن الضجيج ، قصائد تخترق الشغاف















المزيد.....

بعيداً عن الضجيج ، قصائد تخترق الشغاف


حامد كعيد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 2938 - 2010 / 3 / 8 - 22:30
المحور: الادب والفن
    



واهماً يتصور البعض أن القصائد لا تصل للمتلقي إلا من خلال الصريخ غير المبرر من بعض الشعراء ، ولربما هذه الظاهرة أقتبست بل قل أنتحلت من الخطابات السياسية الرنانة التي يلقيها الساسة سابقاً ولا حقاً ، فأصابوا بعدواها القسم الأكبر من الشعراء ، وخاصة منهم الشعبيون ،ويلحظ الكثير من المتتبعيين أن الشاعر الفلاني حينما يدعى لمهرجان ما يصطحب معه ثلة من أصحابه – مدفوعي الأجر - واجبهم القول (الله) ، كلما نطق شاعرهم ولا أعرف أحياناً ماذا قال ، مردفيه بتصفيق حاد ، طالبين منه أعادة ماقال ، وأحدهم يقول (أبروح أبوك عيد أمن البداية) ، وحينما ينزل الشاعر من منصته يتسائل معهم ، كم مرة صفقوا لي ؟ فيجيب أحدهم ستة مرات فيقاطعه غاضباً ، لا سبعة مرات ،لأنهم يعتقدون أن القصيدة لا يمكن أن تسمى قصيدة ناضجة إلا بعدد مرات التصفيق لها ، والغريب أن مثل هذا التشوه ساد الذائقة منذ حقبة ليست بالقليلة وتحتاج الوقت الطويل لتمحى وتنسى الى الأبد .
في المهرجان الوطني الرابع الذي أقامه (أتحاد الشعراء الشعبيين / بابل) عام 2008 لم يتسنى لي الأصغاء بشكل جيد لأغلب القصائد بسبب متابعة مجريات المهرجان ، وتهيأة الأجواء المناسبة لضيوفنا الشعراء الكُثر الذين قدموا من المحافظات العراقية المختلفة ، مؤجلاً هذه المتابعة والأستماع لشعرائنا من خلال تسجيلنا لوقائع المهرجان ، وكان لي ماأردت .
(فد باب وحايط منسي / صوت أيموت وصوت أيهلهل / أركض للباب أيكض جفي / ياباب أفتح مابيه أحمل) ، بهذه الكلمات وبهدوء خيم على قاعة المهرجان الذي أراد لها هذا الهدوء الشاعر والأعلامي (علي الربيعي) ، مبتدأًبهمسٍ يناغي به قلوب مستمعيه ، كما يفعل أخصائيُّ أطباء التخدير قبل العملية لمرضاهم ، متخذاً من التناقضات المعاشة للمجتمع العراقي مفتاحاً لولوج الأدمغة الرافضة لهذه التناقضات ، (صوت يموت وصوت إيهلهل) ، وحينما كان له ما أراد أستفز مستمعيه بما يكفي من صورٍ ليحيل القاعة أياها لموجة من التصفيق والأستحسان لما أيقضهم به ، (الخوف أرحم من أبن آدم / أبروحك يتشظه وما يكتل / وين أتروح وعدمن تنزل / وياباب أتدكه ومايجفل / كلها أبمنجل عمرك تحصد / محد بين أسنينك يشتل) ، ولم يكن الأستحسان ألا لوعي المتلقي لما يريده (الربيعي) ،فالحائط المنسي والباب الموصد من سنين طوال لم يكن إلا ترميزاً لما توارثه العراقيون من ظلم وحيف وقع عليهم من أزمنة متعاقبة ، وأينَ يمكن له ولأمثاله الهرب من هذا الواقع المتردي ، منوهاً بشفافية مُبطنه - كما يقول ساسة هذه الأيام – لما يدور من تآمر واضح بينٍ على الوطن والمواطن ، مندداً بالطروحات السياسية غير الصادقة لبعض الساسة ، (كلها أبمنجل عمرك تحصد / محد بين أسنينك يشتل) ، وتطول معاناة الوطن والمواطن معتبراً إياها كابوساً لا يمكن الخلاص منه ، (وتطول الحسبه وما نصبر / موصوج الباب وداعتكم / كابوس وبيه آنه أمشكل ) .
لم تكن قرآت الربيعي إلا قصائد قصار ، يصلح أغلبها للتلحين والغناء ، لموسيقيتها العالية وأختزالها لفكرة مايريد قوله بأبيات مكثفةٌ صورُها ، (وهاي ياوطن يابو المراجيح) ، صورة دلالتها واضحة للمتلقي فالوطن الذي تلاعب مراجيحه النسمات لابد وأنه مرفهٌ بكافة نواحي حياته ، ولكن هذا الوطن (كل مره ترسم شمس وبحضنك أتطيح / مامره شفتك تبتسم / تغفه أبحلم / وتصحه أبحلم ،.... لاتطيح / لا تطيح / لاتطيح) ، ويؤكد ما أذهب أليه بخصوص المعانات العراقية التي أشرَها (الربيعي) مخاطباً وطنه ، ( خشبه أنت أشورطك صرت المسيح) ، وكأنه يؤكد مقولة (الفرزدق) التي يقول فيها (منذ سنين وأنا أحمل خشبتي على عاتقي ولا أجد من يعلقني عليها) ،ولأن الوطن على حق كما يزعم (الربيعي) لذلك (اشورطك صرت المسيح) ، والمسيح (ع) نشرَ دينه السمح المسالم لا بحد السيف، ولكن من خلال مخاطبة العقول الواعية التي يتمنى الشاعر أن يصل المستوى الثقافي والعقيدي للعراقيين كحملة المفاهيم الأولى للمسيح ، ولم يدُر بخلده أي المسيح أنه سيصلب لأنه جاد بتغيير الواقع المتردي آنذاك ، كما حصل للعراقيين أيامنا هذه لتمسكهم بالتغيير صوب شواطئ الأمان ، لذلك جنَوا الصلب لهم ولوطنهم المستباح .
(مدري غايب / مدري حاضر / مدري خايف / مدري عايش / شفتك أتحب العراق )، ولأن شاعرنا أجرى المسح الكامن بدواخله للعراقيين لذا نجده لا يحب إلا من أحب عراقه ، (شفتك إتحب العراق / وحدرك إتلم الشفايف) ، ولما أيقن أن وطنه دخل بنومة غير مرغوب فيها ، وغير معتادة على أقل تقدير لرواسبه المعرفية ، وتاريخ وطنه وحركاته السياسية الوطنية المشرفة ، ولربما ستصاحب هذه النومة نومة أفزع منها وهي نومة المواطن ، (ها ياوطن شو نمت / أكعد أخذلك كاس / يومية حفلة حزن / وسكرانه بيك الناس) ، ولما لم يجد بداً لقناعات آمن بها (الربيعي) يعود منكسراً لخواطره مستحضراً أيام صباه ، (وأرد أرد من الجهل ضحكة صباي / أرد أطير وما أحط إلا إبسماي) ، مستعيداً مكامن الألم والمواجع العراقية غير المنتهية ، منكفئاً على نفسه ألماً وحزناً متجذرين ولم يجد لهما حلاً إلا ، ( ياشط السوالف ها كثر بعيوني ماي / حتى جرحي البيده أشده / يكبر ويركض وراي) ، والأغرب من ذلك كله نراه صامداً تجاه قناعاته وجذوره ومواقفَ يفخر بها لأنه ( بس ولا مديت أيدي وللبعض أكشف غطاي) ، رغم الدعوات المظلِلَةُ والمظلة – بفتح اللام - من هنا وهناك ، (كالو فكر بحبح روحك ليش إفلاس) ، وفكر فعلاً (الربيعي) بهذه الدعوة التي أصر أنها دعوة كريمة رغم الخبث التي تنطوي عليه والمخطط بها للأيقاع به وللأخرين أمثاله ، فنظر بعين بصيرته الوطنية لما يحتاجه هذا الشعب المغلوب أمره ، ولحاجته هو الخروج من هذا المأزق المصورُ على أنه ماديٌ رغم عدم ماديته ، لذا بدأ يضخ دماً جديدا لما حوله ، والدم هنا لا بمعنى الدماء المتعارف عليها لكنها الجرعات المعرفية الوطنية الحقة ، وجائت متابعة خفافيش الظلام لهذا الفكر التنويري الممثل بالدماء الجديدة التي سوف تبني عراقها المهدم ، فأذن عليهم إلجام هذه الأصوات الوطنية المثقفة الواعية ، لأن هذه الدماء بزعمهم (هذا الصنف إيهبط السوك / نسبة دمكم كله أحساس) ، والسوق المعني الوصول اليه ماهي إلا صناديق الأقتراع التي يرغب البعض من الساسة بقاء المواطن على قناعاته التي أوصلت البعض لهذه المناصب ، إذن أن الدماء التي سيضخها (الربيعي) ماهي إلا مصدر خطر لكراسي موهومة .
إن اللغة التي يكتب بها ( الربيعي ) نصوصه ، تبتعد عن نهج القصائد الكلاسيكية المقفاة ، ويعتمد أكثر من وزن شعري لبناء قصيدته ، مع ملاحظة أن تكون هذه التفعيلات الوزنية متقاربة صوتياً ، كي لا يخدش أذن المتلقي بالتفعيلات المتنافرة .



#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوارية الدموع في قصائد موفق محمد الشعبية
- الأنبياء فقراء ؟ أم الفقراء أنبياء ؟
- حلم الماضي وخيبة الحاضر وأستشراق المستقبل في
- امنيات ترفض التأجيل
- أبو عمشه
- أبن الشعب
- هوه الخمسين
- رسالة متأخرة لأبي سرحان
- ضمير أبيض
- روض


المزيد.....




- أوركسترا قطر الفلهارمونية تحتفي بالذكرى الـ15 عاما على انطلا ...
- باتيلي يستقيل من منصب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحد ...
- تونس.. افتتاح المنتدى العالمي لمدرسي اللغة الروسية ويجمع مخت ...
- مقدمات استعمارية.. الحفريات الأثرية في القدس خلال العهد العث ...
- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - بعيداً عن الضجيج ، قصائد تخترق الشغاف