أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - خلافة الشيخ ياسين قضية عقدية وليست تنظيمية .















المزيد.....

خلافة الشيخ ياسين قضية عقدية وليست تنظيمية .


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 2927 - 2010 / 2 / 25 - 21:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تتداول وسائل الإعلام مسألة الخلافة داخل جماعة العدل والإحسان كما لو أنها قضية تنظيمية تحسمها موازين القوى لصالح هذا التيار الذي يصفه عدد من الباحثين بالمحافظ أو لذاك الذي يوصف بالمنفتح . وتأسيسا على هذا التمييز الذي يقيمه الباحثون إياهم ، تنسج وسائل الإعلام عددا من السيناريوهات التي ستشهدها الجماعة عند اختيار خليفة للشيخ ياسين إذا ما وافته المنية . وهذه السيناريوهات مقتبسة من تلك التي تعرفها الأحزاب السياسية ويتم سحبها على الجماعة رغم الفارق الجوهري بين الجماعة وباقي الهيئات السياسية أو المدنية حيث تنشط التيارات وتتنازع الإرادات وتتصارع الأهواء والتوجهات . فالجماعة خلو من هذه "الأمراض" التي تنخر الأحزاب والجمعيات . وما يجعل الجماعة معافاة هو كونها تتأسس على روابط روحية ومبادئ عقدية أقوى من أن تضعف أو تنهار أمام هوى النفوس وإغراءات الكراسي والناصب . فالشيخ ياسين ليس مجرد قائدا للتنظيم وزعيمه تخضع علاقته مع أعضاء الجماعة للبنود التنظيمية أو النصوص القانونية . بل علاقته بأتباعه خلاف ذلك مما يجعلها أكثر متانة وصدقا . ولمعرفة درجة تأثير الشيخ ياسين على مريديه وأتباعه أعضاء الجماعة ينبغي استحضار طبيعة العلاقة التي تربط الشيخ بهؤلاء الأتباع . إن جوهر هذه العلاقة هو التقديس والتبجيل اللذين يحظى بهما الشيخ من حيث كونه ، في المعتقد الصوفي ، وليا من أولياء الله الصالحين وقنطرة يمر عبرها أتباعه الطيعون إلى جنات النعيم . ذلك أن الشيخ ياسين خصص لعلاقته بالأتباع ومكانة كل شيخ "واصل" في نفوس مريديه ، خصص كتابا من جزأين تحت عنوان "الإحسان" . وفيه يؤسس لما ينبغي أن تكون عليه علاقة المريدين بالشيخ الذي يقوم بدور المنقذ و"الماشطة" التي تُجمّل العروس ليلة عرسها ،فكذلك الشيخ يهيئ المريد للقاء الله . فالشيخ يحذر أتباعه أن من لا شيخ له فالشيطان شيخه . ومن ثم لا يجوز أبدا مخالفة الشيخ أو التشكيك فيه أو انتقاده . بل من شروط الصحبة التصديق التام بما يقوله الشيخ وإسلاس القياد له دون جدال أو تردد . من هنا فإن الشيخ ياسين بات عند أتباعه في مرتبة الأنبياء والرسل إن لم يكن أعلى وأفضل . فهم يتبركون بأثر نعله على التراب وبقايا طعامه والسجاد الذي يجلس عليه ويضفون عليه كرامات لم تكن للأنبياء عليهم الصلاة والسلام كأن يوجد في أماكن متعددة في وقت واحد ويجالس أتباعه في مجالس الذكر دون أن يروه ، ويخترق الجدران الإسمنتي دون أن تدركه أبصار الشرطة التي كانت تحاصره في بيته ، ويجالس الرسول محمد (ص) ويطوف رفقته الأكوان ، ويعلم ما في اللوح المحفوظ ، ويرى الأرواح في البرزخ وغيرها من الكرامات . كل هذه العقائد التي تشربها الأتباع وآمنوا بها جعلتهم يفكرون كما يفكر الشيخ ياسين ويرددون أقواله كما لو أنها وحي من السماء . أما من الناحية التنظيمية ، فالشيخ وحده من وضع البناء التنظيمي للجماعة وحدد هياكله بالأسماء والأدوار ، وما على الأتباع سوى ملء هذه الهياكل بما يرضي الشيخ . وفي حالة ما إذا تم انتخاب شخص ولو بالإجماع لتولي المسئولية التنظيمية ، سواء محليا أو إقليميا أو مركزيا ، ومن لم يرض عنه الشيخ ، يُزاح ويُنتخب غيره . من هنا يمكن القول بأن الشيخ ياسين هو المصمم الوحيد لمواقف الجماعة وأسسها العقائدية والتنظيمية . فالشيخ هو الجماعة ، والجماعة هي الشيخ . وجميع الأعضاء يتماهون بشيخهم ويفكرون من داخل الأطر الفكرية والإيديولوجية والعقائدية والتربوية التي صاغها الشيخ . لهذا لا أحد يستطيع أن يتكهن بمن سيكون وارثا لسر الشيخ ياسين بعد وفاته. فهذا الأمر يبقى من اختصاص الشيخ ياسين الذي لم يوص بعد ، أو على الأقل يعطي إشارات أو يحدد أمارات وارث سره . لكن الثابت أن خليفة الشيخ سيكون الشخص الأكثر وفاء لمنهج الشيخ ومحبة لديه . وما يعقد مهمة التعرف على الخليفة أن الشيخ ياسين ليس له ولد ذكر يلازمه الصحبة حتى يؤهله لتولى قيادة الجماعة . أما بنته ندية فلن تكون خليفة أبيها مادامت عقائد الجماعة تنفي الولاية عن المرأة ولا تجيزها . ولا شك أن للشيخ ياسين اعتبارات خاصة تمنعه من التلميح لمن سيكون خليفة له . إذ كل تلميح إلى شخص بعينه سيضفي عليه من القداسة ما يجعله ندا للشيخ المؤسس وشريكا له في تملك قلوب الأتباع . وهذا لن يرضاه الشيخ ياسين الذي يتفرد بالهيمنة على عقول الأتباع وقلوبهم . وحادث انشقاق البشيري عن الشيخ ياسين بعد الخلاف بينهما ، أعطى درسا للشيخ ونبهه إلى خطورة استئثار شخص ثاني إلى جانب المرشد بسلطة التأثير على عقول الأتباع ومشاعرهم . لهذا فالخلافة داخل الجماعة مرهونة بانتقال السر الإلهي من الشيخ إلى الوارث . وهذه العملية لا تتدخل فيها القوانين الداخلية ولا إرادات الأعضاء ورغباتهم . إذ بمقتضى العقائد الصوفية ، أن الله يضع سره في أضعف خلقه . وسبق للشيخ أن عالج إشكال الخلافة داخل الجماعة بتركيزه على الشروط الواجب توفرها في من يكون أهلا لها بقوله ( المشكل تربوي نوراني نوعي قلبي .. المشكل أساسا هو كيف تجتمع في القيادة الربانيةُ والكفاءة الجهادية الحركية ) . لهذا فإن خليفة الشيخ لا ينبغي أن يكون مجرد شخص يخلف شيخه في إدارة شؤون الجماعة والحفاظ على تقاليدها ، وإنما السعي إلى تحقيق الأهداف التي تأسست من أجلها الجماعة وهي تغيير دولة السلطان وإقامة "دولة القرآن ودولة العدل والإحسان" . الأمر الذي يجعل المراهنة على تغيير القيادة لتغيير مواقف الجماعة مراهنة خاسرة . ذلك أن عقائد الجماعة ومبادئها لا تقتصر على الجوانب التعبدية ، بقدر ما تجعل مواقفها السياسية من النظام الملكي والمؤسسات الدستورية ، والديمقراطية ، والتعددية ، والمشاركة في الانتخابات أو في تدبير الشأن العام ؛ تجعل من مواقفها تلك جزءا لا يتجزأ من العقائد الدينية والمذهبية التي تأسست عليها الجماعة وصارت مرجعها الذي تستمد منه الجماعة شرعيتها . وأي مخالفة لعقائد الجماعة أو أهدافها هي بالضرورة مخالفة شرعية ومعصية كبرى . فالجماعة لم توجد لتعليم الناس أمور دينهم ، وإنما لإقامة نظام سياسي بديل تحت مسمى "الخلافة الثانية على منهاج النبوة" . وكل من سيخلف الشيخ ياسين على قيادة الجماعة سيجعل هذا الهدف أولى الأولويات وسيلتزم بما رسمه الشيخ من آفاق وما حدده من خيارات .



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نضجت شروط محاورة معتقلي السلفية الجهادية ؟
- فتاوى الريسوني : الخفيات والأبعاد .
- زواج القاصرات جُرم اجتماعي وقانوني .
- جماعة العدل والإحسان والنبوءة المكذوبة .
- هل ستكون الأحزاب السياسية في الموعد مع رهان الجهوية ؟
- من يجر المغرب إلى فتنة الإفتاء ؟
- أفْغَنَة شمال إفريقيا جزء من إستراتيجية تنظيم القاعدة.
- ما علاقة طرد المبشرين ومنع بناء المآذن بحرية الاعتقاد ؟
- موقف الإسلاميين إزاء النضال من أجل حقوق المرأة .
- لما الإصلاح يقوده الأمراء ويناهضه الفقهاء !
- هجمة التطرف من المحيط إلى الخليج .
- هل ستعي الجهات المعنية رسائل جماعة العدل والإحسان ؟
- جماعة العدل والإحسان وحوار الطوفان لإسقاط النظام .
- معارك الإسلاميين والوهابيين ضد الأرداف والصدور .
- هل يمكن أن تكون مدونة الأسرة قاطرة للإصلاحات الشاملة ؟
- القيم بين الخصوصية والكونية .
- الدولة بين اتهامات الإعلاميين ومخططات الإرهابيين .
- أما آن للحكومة أن تتحمل كامل مسئوليتها تجاه الشعب ؟
- مواجهة الإرهاب والتطرف ضرورة تحتمها نوعية الخلايا المفكَّكة ...
- 11 شتنبر :ذكرى الأحداث الإرهابية التي جسدت مخاطر التطرف الدي ...


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعيد الكحل - خلافة الشيخ ياسين قضية عقدية وليست تنظيمية .