|
شبيبة مبارك ، و هلال معقوف ، نظرة للتغيرات الثقافية ، و السياسية ، المصرية
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2922 - 2010 / 2 / 19 - 17:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
عندما يتحدث القوميون العرب في مصر ، أو ما يطلق عليهم الناصريين ، عن أنفسهم ، و خاصة عند المقارنة بين فكرهم ، و الفكر الساداتي ، يلاحظ إنهم يتكلمون بنبرة فوقية ، منبعها مستمد من إعتقادهم بسمو أفكارهم ، عن الفكر الساداتي ، المتهم لديهم بالإنعزالية ، و النزعة المصرية الفرعونية . منحى يكاد يتجه إلى إتهام الساداتيين بالفاشية ، أو بوصف أدق ، بالنازية . السادات بالفعل كان ذا منحى مصري إنعزالي ، و كان ذا هوى نازي لا ينكر ، و هذا واضح بشكل كبير في سيرته الذاتية ، و في ملبسه العسكري ، و أكثر في الزي الذي إرتداه حرس الشرف المصري في الإستقبالات الرسمية ، في الأعوام الأخيرة من حكم السادات ، و الذي كان يكاد أن يكون - إن لم يكن بالفعل - نسخة كربونية من الزي النازي . لكن ما الفارق في الواقع بين فريق يدعو إلى قومية مصرية ، و أخر إلى قومية عربية ؟ أليست كلاهما دعوة للقومية ، و بالتالي العنصرية ؟ هل لأن القومية العربية كنظرية تتبنى دعوة لتفوق مجموعة أكبر حجما من نظريتها المصرية ، أو الفرعونية ، يعطيها تفوق أخلاقي ؟ لو كان كذلك لكان هتلر بريء ، أو على الأقل أقل جرما ، بالمنطق الناصري ، فهو لم يدع لتفوق ألماني ، بل إلى تفوق آري ، و الآرية أكبر حجما من الألمانية . و هناك كتاب ، و منظرين ، عنصريين ، كانت دعواهم وسط بين الآرية ، و الألمانية ، و هم الذين إدعوا تفوق النورديين ، فشملوا بذلك عدد من شعوب شمال غرب أوروبا . لكن اليوم ، و حتى بالأمس في ثلاثينيات القرن الماضي ، كانت المجموعات الثلاث تصنف تحت عنوان العنصرية . في منطقتنا يجب أيضا أن نطبق نفس المبدأ ، فكل من يدعو إلى تفوق ، أو تحزب ، مجموعة إنسانية بعينها ، و يدعي تفوقها ، أو يرغب في أن تصبح تلك المجموعة معادية لمجموعة ، أو مجموعات ، بشرية أخرى ، إنما هو عنصري ، و بناء على ذلك فمن الناحية الأخلاقية لا فارق بين الناصرية ، و الساداتية ، و أعني في الشق القومي ، و ليس السياسي ، أو الإقتصادي . المقدمة النظرية السابقة كان يجب أن أبدأ بها ، لتوضيح أن الموقف الثقافي القومي ، لدى الأسرة الحاكمة في مصر ، لم يتغير من المنظور الأخلاقي بإنتقالها التدريجي من موقع القومية العربية ، إلى موقع القومية الفرعونية ، لإنه إنتقال من فكر عنصري ، إلى فكر أخر عنصري . كل من عرف الفترة الأولى من حكم مبارك الأب ، و حتى نهاية القرن الماضي ، يعلم الإعجاب الشديد الذي كان يكنه مبارك الأب لعبد الناصر ، و إيمانه المطلق بالقومية العربية . و كل من يتابع الخط الذي تسير عليه نفس الأسرة الحاكمة الأن ، يلاحظ إنها ، و منذ عقد تقريبا ، تتحرك بإتجاه القومية الفرعونية . عندما نقول تغير حدث خلال عقد ، فهذا تأكيد على إنه نتاج بصمات الإبن ، جيمي ، و التي بدأت تطول حتى الحياة الثقافية ، و ليس فقط الحياة الإقتصادية ، و هي بصمات واضحة القوة ، و قوتها تتضح في قدرتها على تنحية الأفكار التي كان يؤمن بها الأب ، إلى الظل . مظاهر هذا التحول من الناحية الثقافية يتضح في منحى الكتب الصادرة عن دور النشر الرسمية ، و في مظاهر الإحتفاء الإعلامي الكبير بكل ما هو فرعوني ، و الأن في الإقدام على خطوة تحليل الدي إن إيه ، أو الحامض النووي ، للمومياوات الفرعونية ، و هي خطوة كبيرة للغاية ، خاصة لمن يعلم بمدى المقاومة التي قابلتها نفس الخطوة منذ عقد تقريبا ، و الإتهامات التي إطلقتها الصحف التابعة للسلطة آنذاك عن مؤامرة خارجية ، و ما إلى ذلك من الإتهامات التي عهدناها . فما الذي تغير الأن بعد عشر سنوات ؟ الذي تغير ليس إنكشاف خواء المؤامرات المزعومة ، و إنما تغير الإتجاه الفكري للأسرة الحاكمة . و ربما أراد جيمي أن يثبت إنه ينتمي للأسرة الثامنة عشرة الفرعونية ، و إنه سليل أحمس الأول ، المحرر ، و تحتمس الثالث ، الفاتح ، أو نابوليون مصر ، و أمنحوتب الثالث ، لويس الرابع عشر المصري ، و إخناتون ، التوحيدي . لا بأس إن أراد ذلك ، و لكن رجاء ليعد في هذه الحالة شهادات النسب التي إستصدرها والده إلى نقابة الأشراف ، و على العموم كل البشر سواسية ، لا فضل بنسب ، و لا بعرق . على أن أثر هذا المنحى الفرعوني بدأ أيضا يمتد من الجو الثقافي في مصر ، إلى السياسة ، فأصبحنا نلاحظ تغيرات كبيرة في السياسة الإقليمية المصرية ، و إتجاه أكثر نحو التقوقع ، و الإنعزال ، مصحوب بالتصادم ، و التصعيد ، مع بعض دول المنطقة ، و لأسباب غالبا تافهة ، مثل الموقف من الجزائر ، و السودان ، بسبب مباريات كروية ، على إن هذا الإتجاه التصادمي لا يقترب بالطبع من آل سعود ، الذين لازالوا أسياد مصر . إذا كان جيمي لا يبدو إنه يسعى لإستبدال زي حرس الشرف بزي نازي ، كما فعل معلمه الأول ، إلا إنه شرع في تكوين مليشيات شبابية ، أو ما يمكن أن نطلق عليه شبيبة مبارك ، على غرار شبيبة هتلر ، و أنوية هذه الشبيبة غير المباركة ، هي التجمعات الشبابية التي بدأت في الطفو على السطح في الجامعات ، و في ما ينظمه الحزب الوطني الديمقراطي . الأن آل مبارك لديهم حزب وطني ، قريب في إسمه من الحزب الوطني الإشتراكي ، الهتلري ، و حرس نازي منفصل عن الجيش الدولة الرسمي ، ممثل في قوات الحرس الجمهوري ، و بدأوا في إنشاء شبيبتهم ، و ربما بعد ذلك سيظهر الهلال المعقوف على العلم المصري الحالي ، المستمد تصميمه أساسا من العلم الألماني القيصري ، و لكن بشكل مقلوب ، فلا ينقصه إذا إلا الهلال المعقوف . عنا في حزب كل مصر ، فإننا نقول إننا نتمسك بالوثيقة الأساسية للحزب ، ونرفض بالتالي كل الأفكار العنصرية ، أكانت عروبية ، أم فرعونية ، أو غير ذلك ، و نؤمن بالإنفتاح على المنطقة ، و العالم ، من خلال نظرة صافية ، لا تشوبها شوائب التعصب ، الديني ، و العنصري .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجمالية ، خير إسم للعقيدة الإقتصادية التي تحكم مصر
-
النضال الحوثي ، نضال لمضطهدين ، و ليس نضال لبناة دول و مجتمع
...
-
حماس باقية ، ما أبقت قيادها في يد متطرفيها ، و كبحت معتدليها
-
دلالات الإنجاز الحوثي
-
حرام ، و فاشلة ، و يجب محاكمة المسئولين عنها
-
ما أتفق فيه مع القرضاوي
-
ماذا سيستفيد الشيعة في العراق من دعم الديمقراطية السورية ؟
-
حكم الأغلبية في سوريا ، صمام أمان للمنطقة
-
مبارك الأب يقامر بمستقبل أسرته
-
القاعدة في أرض الكنانة ، كارت آل مبارك الأخير
-
حلايب قضية حلها التحكيم
-
الأكاذيب السعودية يروجها الإعلام الرسمي الروماني
-
في اليمن و باكستان أرى مستقبل مصر للأسف
-
التوريث أصبح باهظ الكلفة لسمعة مصر
-
محمد البرادعي و طريق مصطفى كامل
-
هذا هو المطلوب من مرشح إجماع المعارضة
-
جرابهم واسع ، و هدفهم تشتيتنا
-
هل هي دعوة من أوباما لحمل السلاح للإنضمام للعالم الحر ؟
-
أروهم بأس العراق الديمقراطي
-
في رومانيا ، الإشتراكي يتصالح مع الدين ، و الرئيس الليبرالي
...
المزيد.....
-
هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟..
...
-
شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
-
الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
-
-مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في
...
-
البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال
...
-
جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
-
القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ
...
-
الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
-
فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
-
إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|