أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حامد حمودي عباس - بعيدا عن رحاب التنظير السياسي















المزيد.....

بعيدا عن رحاب التنظير السياسي


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2913 - 2010 / 2 / 10 - 19:41
المحور: المجتمع المدني
    


بموجب أمر تلقاه من الله كما يدعي ، أقدم مهاجر عراقي بقتل طبيبين بريطانيين طعنا بالسكين في عام 1990 ، حيث كان ليث علاني ( 41 عاما ) يخضع للفحص من قبل الطبيبين الاستشاريين في جراحة التجميل الدكتور مايكل ماسير والدكتور كينيث باتون لازالة وشم من ذراعه ، وحينما ضن بانهما قد تأخرا في معالجته ، حاول إزالة الوشم بنفسه بواسطة سكين ، ثم قام بمهاجمة الطبيبين وقتلهما في الحال .

تم إيداع الجاني في مستشفى للامراض النفسية للعلاج .. وقررت وزارة الداخلية البريطانيه ترحيله الى العراق ، غير ان قرارا من المحكمه ، برئاسة القاضي لانس وومسلي قضى بعدم التنفيذ ، واصدرت المحكمه أمرا بعدم ترحيله خشية من أن ذلك قد يشكل خطرا على الاخرين في بلاده .. كما اعتبرت المحكمه أن ترحيله يعد إنتهاكا لحقوقه الانسانيه ، وأنه في حالة ترحيله الى بلاده فمن المحتمل أن يتوقف علاجه ، الامر الذي يقلل من فرص القيام بضبط السلوك لديه مستقبلا ... علاني هذا ، نشرت صحيفة الدايلي ميل اللندنية خبر انتحاره يوم الاحد من هذا الاسبوع ، لتنتهي قصته بهذه الخاتمة المحزنه .

الخبر نشره موقع ( المرصد العراقي ) على الانترنيت والمعروف برصانة ما ينشره من مواضيع تهم الشأن العراقي .. وما حفزني لأن يكون مادة لمقالي هذا ، هو بحثي الدائم عن تلكم المفاصل الانسانية ، والتي بمعرفتها وادراك كنهها يمكننا التوصل الى حقيقة مهمه ، ألا وهي أن بقية الشعوب المتحضرة ، والخاضعة لنواميس التحرر من شوائب الاعتزاز بالنفس الفائض عن سعة الحيز الذي يحتويه ، جديرة بأن توصف بانسانيتها ومراعاتها لحقوق الانسان ، حتى لو كان ذلك الانسان غريبا عنها من حيث المواطنة .. فهذا العراقي فر من بلاده ولاسباب قد تكون مقنعه أو قد لا تكون ، وتوفرت من حوله اسباب الراحة الى الحد الذي جعله يرغب بازالة وشم من ذراعه .. وبدا له أنه بامكانه إطلاق العنان لعصبيته الزائده أمام تأخر طبيب اجنبي بالعلاج ، فاعلن ثورته المدمره ، في الوقت الذي لم يكن بمقدروه أن يثور قبالة عريف في شرطة بلاده ، يوم كان يتمتع بمواطنته الحقيقية على الارض التي يحمل جنسيتها الاصليه .

لقد ذكرني هذا الخبر ، بالمئات من المواقف والتي تحمل سمات الطرافة ، كمجمل حياتنا في بلداننا حيث كل ما فيها طريف .. فانا لا تفارقني أبدا مشاهد حيه مرت بي وبغيري رميت من خلالها مقدراتنا في سلة مهملات الدوائر التي قدر لنا مراجعتها ، ولأسباب تافهة ، لا تتعدى كون ان الموظف المختص لم يكن قد افطر حينها ، أو أنه لم يدخن .. وكم يطيب لي أن يتحفني من يعانون من جراء التعب ، محاولين فرز أمتنا ليضعوها في خانة خير الامم .. اولئك المتمادين في غي الشعور بالعظمة الكاذبه ،
كم يطيب لي أن يفسروا لي وللآخرين .. مالذي يدعوا نظام اجتماعي قبل أن يكون سياسي ، أن يشمل مهاجر غريب ، نزح من بلاده ، وقد يكون بطريقة غير شرعيه ، فيدخله المستشفى للعلاج ، ولمدة تزيد عن العشر سنوات ، قبل أن يحاكمه عن جريمة قتل متعمد بحق اثنين من مواطنيه الاصليين ؟ .. وما علاقة تصرف كهذا من حيث المعايير الانسانية ، بقضية سوء النوايا السياسية بحق بلداننا من قبل الغرب ؟ .. أليس من المعقول أن يتطرف البعض في رؤاهم ، حينما يتمنون أن يكون الغرب الرحيم بمواطنيه على الاقل ، هو الحاكم في بلدانهم ليكون بديلا عن ظالميهم من ابناء وطنهم ؟ .

وبعيدا عن الاستدلال بافرازات الشعور بالمؤامرة ، والتي أودت بنا وباوطاننا ، وبلغت بشعوبنا منعطفات خطرة ، جعلتها تئن تحت وطأة ركامات لا نهاية لها من التنظيرات البائسه ، والتي غالبا ما يكون الهدف منها الضحك على ذقون البؤساء من الناس ، والتسلق الى قمة هرم السلطة ، والعبث بمقدرات المساكين . . بعيدا عن ذلك كله أسوق الحكايات التاليه ، عن مواقف جميعها حقيقية بكوني شاهد عليها :

*- لي قريبة تقيم هي وزوجها كلاجئة في احدى دول الاتحاد الاوروبي ، ومن المفيد القول بانها وزوجها وبناتها لم تكتمل بعد حيثيات منحهما الاقامة الدائمة هناك ، وفي احدى الليالي ، وعندما كنت اتصل بهم عن طريق الانترنيت ، انقطع الصوت عني فجأة ، ودام الانقطاع حوالي نصف ساعه ، لتعاود السيده حديثها معي معتذرة عن انقطاعها المفاجيء .. ومبينة بان السبب كان اصابة ابنتها الصغرى بغيبوبة مفاجئه ، بعد ان ناولها ابوها دواء ضد الحمى .. اتصلوا فورا بالمستشفى .. وصلت الى باب العمارة التي تقع شقتهم فيها سيارة اسعاف .. ودخل عليهم ستة اطباء قاموا بفحص الطفله بشكل جماعي ، وحين تأكدوا بان مرضها من اختصاص طبيب بعينه ، انسحب الباقون ليشاغلوا الاسره بالحديث ، في الوقت الذي قام الطبيب المختص بالاسعافات الاوليه للطفله ، ونقلت مع ابيها الى المستشفى لاكمال العلاج .

* - في ليلة من ليالي بلدي العراق ، كانت فيها رحى الحرب لا زالت تدور ، شكى اصغر ابنائي من ألم شديد في ضرسه .. فحملته الى عيادة خاصة لطبيب اسنان .. سررت جدا حينما ناوله قرصين من الحلوى ، قبل ان يحقنه بالمخدر لقلع الضرس .. بعد لحظات ، بدأ بالعملية في حين كان ابني يتلوى من الالم ، الامر الذي اوحى لي بان كمية المخدر كانت غير كافيه ، أو أنها غير صالحه .. هاج الطبيب لان الطفل كان غير مستقر ، الدماء كانت تسيل من فمه لتلطخ قميصه .. حاولت انقاذه من بين يديه فلم افلح .. حمله بين يديه وقذف بجسده الصغير بوحشية على كنبة كانت قريبة منه .. واصابني الفزع الشديد حينها ، غير انني لم يكن بمقدوري فعل أي شيء .. اخيرا انتهى من قلع الضرس .. وكانت الفاجعة الكبرى ، وكرد فعل لعصبيته من تصرف ابني ، فقد استرجع قرصي الحلوى من يده ، والتي لا زالت ممسكة بهما رغم ما حصل .

*- روى لي أحد معارفي ، بأنه واثناء ركوبه الباص في دولة من دول العالم الاول .. طاب له ان يعامل احد الاطفال بمعاملة شرقية كالتي نعامل بها اطفالنا .. فمد يده ليقرص الطفل من خده وهو ممد في حضن امه .. فما كان من الام إلا وأن لطمت يده بسرعة فائقه ، لتقول له بان فعلك هذا لا ينم عن التحضر .

* - صادفت رجلا يحمل صغيره في احدى محطات سيارات نقل الاجره ، وهو يدخن .. وخدعني منظره الانيق ، وهيئته التي تنم عن تمتعه بشيء من التمدن .. فاشرت عليه وبلطف بان يبعد سيكارته عن الطفل .. فما كان منه إلا وصرخ بوجهي بأن الطفل طفله ، وهو حر بالتصرف معه .. ولم يكتفي بهذا ، بل حاول إغاضتي بأن راح ينفخ الدخان بوجه الصغير وبلؤم ما بعده لؤم .

وقد يكون من الانفع هنا ، أن أترك لمن لديه عشرات الصور والمواقف من هذا النوع ، لتقول بما لا يدع الى الشك ، بأننا لا زلنا نحبو بعيدا جدا خلف ركب الشعوب التي اختارت لنفسها ان تكون حاضرة في عملية بناء صروح الحضارة ، وأن تمارس حياتها بأدوات تجعلها حية فعلا ، وليست نصف ميته .

ترى .. لماذا هذا البون الشاسع بيننا وبينهم في حيثيات السلوك العام ؟ .. مالذي يحكم سبلهم في ترتيب اولويات عيشهم ، وحركتهم اليومية ، وتشكيل نظمهم الاجتماعية ؟ .

سؤال لازال يصر على الظهور في أفق حياتنا رغما عنا ، ويبحث عن إجابه .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حينما يصر أعداء العلمانية على رميها بحجر
- عمار يا مصر ... 2
- عمار يا مصر
- نذور السلطان .. 5
- ما لا يدركه الرجال .
- نذور السلطان ... 4
- نذور السلطان ..3
- نذور السلطان ..2
- نذور السلطان
- الإمساك بأمجاد الماضي ، وحده لا يكفي .
- رساله مفتوحه إلى السيده بيان صالح
- رسالة مفتوحه إلى السيده بيان صالح .
- إرفعوا أيديكم عن المسيحيين في مصر والعراق !
- أفكار من أعماق الذات
- حقوق النساء ، وإستحالة الحضور مع الواقع العربي الراهن .
- إبحار في مشاعر أنثويه
- عام جديد .. وأمنيات شخصيه .
- حينما راح جذع النخلة يئن لفراق النبي
- معامل الطابوق في العراق تجسيد حي لعذاب البرزخ .
- تردي حالة البيئه في دول الشرق الاوسط وشمال افرقيا .. إلى أين ...


المزيد.....




- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حامد حمودي عباس - بعيدا عن رحاب التنظير السياسي