أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حامد حمودي عباس - معامل الطابوق في العراق تجسيد حي لعذاب البرزخ .














المزيد.....

معامل الطابوق في العراق تجسيد حي لعذاب البرزخ .


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2858 - 2009 / 12 / 14 - 16:25
المحور: حقوق الانسان
    


سلخانة بشرية تموت فيها الاجساد قبل الارواح ، وتحاول الادمغة الانسانية أن تلحق بالمستطاع من إمكانيات قدرها الله لمخلوقاته كي تبقى على الحياة .. مكان تنزف فيه أقدام الاطفال الغضة وهم يجرون وراء أمهاتهم ليفلحوا بالتعلق باسمالهن الباليه ، وهن يحملن على اكتافهن طين الله وملح الارض وسبخها ، ليوفرن ما يقيهن شرور الرذيله .. أماكن يسمونها بمعامل الطابوق في العراق ، لا زالت تسحن نفوس العاملين فيها من أجراء العمل المؤقت ، نساء ورجال واطفال وحمير وعربات تحمل الطين المفخور ، لترصفه على مساحة شاسعة من الارض قبل ان يبيعه صاحب المعمل ويتهنى بثمنه ..

لم يقدر لي من قبل ، أن أرى هكذا لوحة تنطق بالاسى الحقيقي ، حتى من خلال الافلام الوثائقية التي تروي فصول حياة فقراء الهند ..
أسر بكاملها تعم اجسادها فوضى المناخ ، ويتسلط عليها ظلم الطبيعة بكل جبروتها لتظهر وجوههم بلا جلود .. إنهم لا يوحون للناظر أن لهم جلود حية تسير فيها الدماء ، بل هي طبقات من لا شيء سوى صفحات مغبرة يعمها الجفاف ، واطفال حفاة تتوزع على اجسادهم قطع مما يسمونها ملابس .. خرق تعبث بها الريح كيفما تشاء ، وتظهر انصاف اطرافهم وهم يجرون بلا انتظام أينما سنحت لهم الفرصة للحاق بذويهم حيث لا يهتم بهم أحد .. أكوام من طين تهوي عليها أسر بكاملها وبكل ما أوتيت من قوة هدها الجوع ، لتنتج ما يرضي رب العمل وزبانيته ممن يسمونهم ( بالمراقبين ) .. ألدواب التي يستخدمونها لجر العربات المحملة بالاحجار تذهب وتجيء مؤدية ما عليها دون توجيه من أحد .. فهي تعرف أين عليها أن تمشي ومتى عليها أن تتوقف .. في نفس المنطقه تقع هياكل يقال عنها أنها مساكن للعاملين ، زرائب مهلهلة لا تقي من حر ولا من برد ، يسعى أربابها بتصليح الشقوق الحاصلة فيها بعد ساعات العمل المضني لكي يتمكنوا من النوم فيها ولو لساعات قليله .

الرحمة في معامل الطابوق في العراق ، جيء بها قسرا لتشنق هناك وبكل قسوه ، ولم يتبقى غير الظلم بكل أركانه ، يعبث بارواح أسر عراقية لها ما لها في وطنها من حقوق .. ومن يشأ أن يؤلف قصة حقيقية مؤثرة أو ينتج فلما سيدخل التاريخ من أبوابه الواسعة ، فليذهب الى معامل الطابوق العراقيه ليتحقق له ذلك ..

أناس لا ممثل لهم في الحكومة ولا في البرلمان ، وليس من ذاب عن حياتهم وحائل بينها وبين مظاهر الاستهتار ، فالكل في لهوهم يعمهون ، ولا وقت يكفي على ما يبدو للحاق بمهمة انقاذ هؤلاء المشردين في بلدهم ، وعليهم القبول بما قسم لهم ربهم الأعلى دون اعتراض .

لقد كتبت من قبل عن النساء اللواتي يجمعن الملح من البرك الآسنه ، وشاء لي أن أمر بخربشاتي التي لم يسمعها أحد ، عن سكان المقابر في بلاد لم تحصى بعد انواع التمور فيها لندرتها وجودة انواعها .. غير أنني لم أكن أعلم بأن هناك هولوكوست من نوع جديد يموت فيه الناس الضعفاء وبهذه الطريقة الفضيعة في اماكن يسمونها بمعامل الطابوق .. وحين تطلعت لجحافل تحسب بشرا تتحرك هناك بلا أرواح ، بغية الحصول على ما يعينها على الاستمرار بالحياة مع مرارتها ، أدركت حقيقة الظلم الذي يمكن أن يسلطه الانسان على أخيه الانسان .. وتفهمت كم هي بائسة تلكم النتف من التحاليل ( السياسية ) والتي يطلقها البعض من مترفي الثقافة ، حين يحلو لهم بسط أفكارهم حول ما سنبلغه من حال بعد مئة عام .

ما شأن هؤلاء البؤساء وصفقات الربح والخسارة ضمن دهاليز وتطلعات ( فلاسفة ) بناء العهد الجديد ؟؟ .. وأية ملامح قادمه نحن في انتظارها كي ننصف هؤلاء المساكين ، ونبعد عنهم مظاهر الجوع والتعب المضني ومرارة العيش البذيئه ؟؟ .. متى يقدر لهؤلاء المشردين أن يحصلوا على ما يعيدهم الى باحة الكرامة والعيش الممكن بلا مهانه ؟؟ .. إنها محطة تجعل المرء الحامل في وعيه لجزء يسير من مظاهر الانصاف ، أن ينطق بالكفر كله بكل بديهيات العرف الداعي لسلامة الاخلاق وعفة النفوس . . ويقينا بأن أية أخلاق وأية عفه ، هما في خطر محدق أمام الجوع للقمة الخبز حينما تضيع .

إنني أهيب بكافة المنظمات الانسانية أن تلتفت لظاهرة مئات الاسر العراقية العاملة في معامل الطابوق في العراق ، والى مثيلاتها ممن يقتاتون على مآسيهم في مراكز جمع الملح من البرك الآسنه .. وعلى جميع التجمعات النسائية التقدمية أن تفهم وبيقين تام ، بأن كافة نشاطاتها مهما بلغت من نتائج مبهره ، هي والعدم سواء ما دامت هناك نساء يكدحن مع أطفالهن وفي ظروف كهذه في معامل الطابوق وبرك جمع الملح .. ولابد للمنظمات المعنية برعاية الطفولة أن تهرع مسرعة وعلى الفور لانقاذ جحافل الاطفال الابرياء في هذه المواقع ، وحث الجهات الرسمية وشبه الرسمية للعمل على إيقاف هذه المجزرة الانسانية البشعه .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تردي حالة البيئه في دول الشرق الاوسط وشمال افرقيا .. إلى أين ...
- متى يصار الى دعوة أفذاذ العراق وتكريمهم في بلدهم كما يستحقون ...
- قول في العيد الثامن لتأسيس الحوار المتمدن
- متى لهذا العراق أن يستريح ؟؟
- من بقايا الزمن الجميل .. عبد العزيز المعموري إنموذجا
- مهلا .. لقد إكتشفنا مؤخرا ما يحميكم من ( انفلونزا الخنازير ) ...
- من يحمي النساء المتزوجات من ( عرب ) في البلدان الاوروبيه ؟؟ ...
- عن أي مسرح نتحدث ، والمواطن في بلادنا تأكله أرضة الفقر ؟؟
- لتتوحد كافة الأصوات الوطنية والتقدمية في بلادنا من أجل نصرة ...
- بين هموم النخبة الثقافية ، ومعاناة الجماهير .. مسافات لا زال ...
- ألبغاء .. وحياء المجتمع .
- صوتها من داخل الطائره
- لتتوقف جميع دعاوى التصدي الرجعي للمفكر والكاتب التقدمي سيد ا ...
- حملة من أجل إطلاق سراح الملكين المحجوزين بأرض بابل
- ألقطيعة بين قمة الثقافة العربية وقاعدتها .. أزمة تبحث لها عن ...
- ترى .. من يحمي بناتي من أجلاف البشر ودعاة أعراف الموت ؟؟
- ما ألمانع من خلق جبهة تتوحد فيها قوى التحرر القومي والوطني ا ...
- هذيان اللحظة الأخيره
- صرخة ألم في فضاء عذابات المرأة العراقية .. بائعات الملح يبصق ...
- عشق ما بعد الستين


المزيد.....




- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - حامد حمودي عباس - معامل الطابوق في العراق تجسيد حي لعذاب البرزخ .