أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد حمودي عباس - الإمساك بأمجاد الماضي ، وحده لا يكفي .














المزيد.....

الإمساك بأمجاد الماضي ، وحده لا يكفي .


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2887 - 2010 / 1 / 13 - 23:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خلال ندوة تلفزيونية عرضت على إحدى القنوات الفضائية ، إبان الفترة التي كان العالم يتوسل فيها لصدام حسين بان يعدل عن امر احتلاله لدولة الكويت .. وكانت مجموعة من المعارضة العراقية يحضرون تلك الندوه ، وهم يحاورون بعضهم البعض في ايجاد تقييم للوضع المضطرب في المنطقة ، أتى ذكر أن العراق أصبح يهدد جيرانه ومن هم ابعد منهم ، ولابد من كبح جماح هذا التهديد بالطرق العاجله . في نفس الفترة إنتشرت اخبار تفيد بأن المملكة المتحده قد حذرت مواطنيها من ان صدام قد يقدم على حماقة مهاجمة بريطانيا في أية لحظه ، وبناء عليه فان على عموم الشعب البريطاني أن يتخذ من الحيطة اسلوبا كي يمنع عنه الضرر القادم من بغداد .

في تلك الندوة بالذات ، كان أحد الحاضرين قد مسك الحديث من طرفه الصحيح ، حين نبه الى أن العراقيين أصبحوا ضحية هذا التهويل المبالغ فيه ، وقال بان الشعب العراقي هو كغيره من الشعوب العربية لا زال يحبو باتجاه امتلاك عوامل الرقي ، وليس بمقدوره والحال هذه أن يضرب لا بريطانيا ولا أندونيسيا .. وذهب الى ان العراقيين شأنهم شأن بقية شعوب المنطقه ، هم ضحايا تفاخر ليس بمحله ، لا يعكس حقيقة ماهم فيه من مستوى معيشي واجتماعي ، وعليهم الان ان يختاروا سلوك سبل المنطق في معرفة موقعهم من خارطة العالم ، وان تتوقف هذه الخزعبلات المنطلقة من خيال حكامهم المهووسين والذين لا يريدون لبلادهم غير الدمار .

حينذاك ، هب الحاضرون وبصخب يشوبه الافتعال ، ليوقفوا الرجل عن الكلام ، وابتدأت مراجل الغيرة العربية تغلي بما فيها من معلقات ارتجاز الحماسه ، وجيء بالتاريخ ليحكي قصص حضارة وادي الرافدين ، ونشرت على الفور صفحات المجد البابلي العتيد ومكامن الدرر في النظام السومري والاكدي واعجوبة حدائق بابل المعلقه .. لينتهي الهرج بالاكتفاء عند حقيقة ان العراقيين الان يمتلكون الفضل على العالم برمته ، كونهم قد اخترعوا الحرف ووضعوا النقاط عليه ، وكانوا بلا منازع موطنا للعلم والعلماء . وأن الرجل كان مذنبا حينما ذهب لاهانة شعب العراق وعليه ان يعتذر .

تذكرت ذلك الحوار وأنا في مدينة الحيره عاصمة المناذره ، حينما بدت طلائع الجنود العراقيين الهاربين من حمم القاذفات الامريكيه تصل الى المدينه ، وقد تركتهم قياداتهم في عراء المعركة بلا غطاء جوي ولا حماية تقيهم نار العدو المسلط عليهم من فوق ، يمزق صفوفهم ودروعهم كيف يشاء .. كانوا شبابا يافعين ، يحملون بنادقهم بايديهم وأغلبهم حفاة يشعرون بالهوان والخذلان ، وقد اجتمعت عليهم كل قوى الدنيا بما فيها ابناء عمومتهم ليردوهم على أعقابهم في يوم وليله .. لقد فعل الواقع فعلته ، وعملت قوانين الطبيعة بما تريد ، ولم يخرج البابليون في حينها ولا السومريون ولا من صمم حدائق بابل المعلقة لنصرة الضعفاء في معركة غير متكافئة .. إنها أبشع معركة راح ضحيتها أبناء بررة من الشعب العراقي لا لشيء ، إلا كانعكاس لذلك الهوس المجنون في محاكاة فصول التاريخ والتبجح به ، واستحضار صفحاته لاستنهاض همم هي ليست بمستوى المواجهة ، فكانت الكارثه .

لقد كنا نغني للقعقاع والرصاص ينهش اجساد ابنائنا بلا رحمه ، وننشد لمن قتل القائد رستم وجنازير الدبابات يهشم عظام ابنائنا وينثرهم على امتداد ارض الصحراء ، وسكنت اخيرا حناجرنا وشهدائنا لم تزل ضائعة اجسادهم في الارض الحرام .

لم يكن العراق وحده ضحية تاريخه الحافل بالرفعه ، وانما بقية بلداننا العربية هي الاخرى نثرت هذا التاريخ على أطلال مدنها ، لتنال ما تنال اخيرا من أمر إغفالها لحقيقة واحده ، وهي أن الواقع وحده هو من يقرر نهايات الاشياء .

المؤسف ، بل والمتسم بشديد الاسف ، هو أننا لا زلنا ولحد الان ، وضمن جوانب عديدة من كتاباتنا ، وأغانينا ، ومعارضنا التشكيلية ، وما يقدم لنا من فن مختلف ، نعرض ذات الوجوه من الاحتفاء بالماضي العريق ، ولم نتعض باننا علينا الانتباه لما نحن فيه من تردي ، جعلنا نستورد الدبابيس وأبر الخياطة من خارج الحدود .. لا زلنا نمسك باطراف عنتره العبسي ، ونبتسم لخيال المأمون الخليفة العباسي العظيم .. لا زلنا نفتخر بملاحم طارق بن زياد .. ولا زال غبار سنابك الخيل في معركة القادسية مع الفرس تزكم انوفنا ، فلا نقوى على التفكير بالقادم من الاحداث .

وإلى أن نفيق .. ستكون لنا مراحل تلو المراحل ، من السقطات وحالات الهروب الى أمام ، الى أن يلتحق التاريخ هو الاخر بنا ، ليبدو مهزوما كهزيمتنا ، وحينها يموت كل شيء .







#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رساله مفتوحه إلى السيده بيان صالح
- رسالة مفتوحه إلى السيده بيان صالح .
- إرفعوا أيديكم عن المسيحيين في مصر والعراق !
- أفكار من أعماق الذات
- حقوق النساء ، وإستحالة الحضور مع الواقع العربي الراهن .
- إبحار في مشاعر أنثويه
- عام جديد .. وأمنيات شخصيه .
- حينما راح جذع النخلة يئن لفراق النبي
- معامل الطابوق في العراق تجسيد حي لعذاب البرزخ .
- تردي حالة البيئه في دول الشرق الاوسط وشمال افرقيا .. إلى أين ...
- متى يصار الى دعوة أفذاذ العراق وتكريمهم في بلدهم كما يستحقون ...
- قول في العيد الثامن لتأسيس الحوار المتمدن
- متى لهذا العراق أن يستريح ؟؟
- من بقايا الزمن الجميل .. عبد العزيز المعموري إنموذجا
- مهلا .. لقد إكتشفنا مؤخرا ما يحميكم من ( انفلونزا الخنازير ) ...
- من يحمي النساء المتزوجات من ( عرب ) في البلدان الاوروبيه ؟؟ ...
- عن أي مسرح نتحدث ، والمواطن في بلادنا تأكله أرضة الفقر ؟؟
- لتتوحد كافة الأصوات الوطنية والتقدمية في بلادنا من أجل نصرة ...
- بين هموم النخبة الثقافية ، ومعاناة الجماهير .. مسافات لا زال ...
- ألبغاء .. وحياء المجتمع .


المزيد.....




- إسرائيل تعلن اقتراب نهاية الحرب مع إيران بعد أن حققت أهدافها ...
- هجوم روسي -ضخم- على العاصمة الأوكرانية كييف ومحيطها
- كاميرا مثبتة بسيارة توثق غارة إيرانية قُرب أشدود بإسرائيل.. ...
- مسؤول إيراني لـCNN: طهران تريد من أمريكا أن -تدفع- ثمن هجمات ...
- من البحرين الى الإمارات.. تعرّف إلى خريطة الانتشار العسكري ا ...
- الصواريخ الإيرانية تجبر الإسرائيليين على البقاء في الملاجئ ل ...
- إساءة عنصرية لروديغر في كأس الأندية... والفيفا يحقق
- بوتين يندد أمام عراقجي بـ -عدوان- إسرائيلي -غير مبرر- على إي ...
- هل أنهت الضربات الأمريكية التهديد الإيراني لإسرائيل؟
- الاتحاد الأوروبي يؤكد على أن إيران -يجب ألا تمتلك أبدا القنب ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد حمودي عباس - الإمساك بأمجاد الماضي ، وحده لا يكفي .