أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - سلاماً أيُها الأَرَقُ















المزيد.....

سلاماً أيُها الأَرَقُ


يحيى علوان

الحوار المتمدن-العدد: 2910 - 2010 / 2 / 7 - 14:40
المحور: الادب والفن
    



سلاماً أيهــا الأَرَق ُ ..
سلاماً أيهـا الوسنُ ..
الغفوُ يُقرؤكما السلامَ برايةٍ بيضاء ،
ــ "لا سبيلَ إلـى سلمٍٍ بيننا ، ومن أيِّ نوعٍ كان ! فقد خُلقنا أعداء وكفى !!"
تمنَّيتُ ذاتَ وهمٍ أن أصلَ معهما ، ولو إلى هدنةٍ ..
أقبَلُ حتى بمؤقتة ! كـي أستريحَ وأصلَ إلى " أحلامي "(1 )

الزمن يجرجرُ عربته المُتهالكة بخيولٍ شمطاء ،
غُربتـي تَطيشُ بـي ،
معـوَلٌ أخرَق يُصادرُ فرحتي ، فلا يُبقي لـي سوى الوحشة ،
في الشمس أختضُّ برداً ،
أُشهِرُ إلتياعـي على رماحِ العُربِ ،
أقضمُ ، تحتَ اللحافِ ، أظافرَ وحشتي ،ُ
وأَستُرُ عُريَ همومي بنظارة داكنـة ، كي لاتفضحني ثرثرَةُ عيوني ..
أشتري النسيانَ ،
أشتري ممحـاةً لذاكرتي ، كي أهجَعَ ،
وأستعيدَ عفويـةًً أهملتُهـا طويـلاً ، فَنَسَتْني ..

* * *

ماذا تفعـلُ بليالـي الشتاء الطويـلة ، إنْ جَفَاكَ الغفو ، وتربَّعَ السُهادُ ثقيلاً على صدرِكَ ؟
تُقرِّرُ أولاً أَن تتخلّصَ من الكلمات والشعارات الفارغة ، الكاذبة ، التي تَرَسَّبَتْ في أُذنكَ ، طوالَ اليوم ،
فتنتبه أَنْ ليس لديكَ مقبرةٌ سرية للمَقيلِ من الكلام الفارغ ..
تَقـدحُ بخاطركَ فكرةٌ تَقودكَ للتخلُّص من تينك الكلمات .. تجمعها بكيسٍ ، كي تَمزجُها مع طُعمِ سمك الزينة ،
وتُلقي بها في الأكواريوم .. تزهو بنشوةٍ طريَّةٍ عندما تلفظها الأسماكُ ، فُقاعاتٍ ، تتفجَّرَ على سطحِ الماء ..

تروحُ بعدَها تُقَلِّبُ أوراقكَ ، علَّكَ تصطادُ فكـرةً أو مُفردةً تُطاولُ عنانَ الفكرة ..
تظنَّ أنكَ عثرتَ على شيء يصلح .. فيرتدُّ إليكَ القلم مؤنباً : " لماذا تختارُ الحكمةَ ، ما دامت البهجةُ قد إنسفحتْ ، وسالتْ من قدميكَ ؟!
إبعِدْ عن نبع الحكمة ، يا أنتَ ، ستقتُلُكَ ... لا أحَـدَ ـ يشتريها ـ !!
إقبض على حكمةِ سيدوري ، صاحبة الحانةِ عندَ فمِ الأنهار،
حيث من الطوفان ، أسلافنا نجوا.. ُ
كانت تُدلِقُ ذاكرتها كل صباح وتنسى ما مرَّ قبلاً .. فتنتظرَ ما سيأتي ..
حكمةٌ تُبقي على عُذريةِ الإنبهار ، وتظَـلُّ مُشرَعَـةًً على بغتةِ العفويـَّةِ..! "
::::::::::::::::::::
تَرمي القصاصة ، وتعود إلى أوراقِكَ ، فتقرأُ: " الصدقُ في هذا الزمان ، هو أَنْ تَخرَسْ !
فلكـي تكونَ صادقاً ، يجب أَنْ تكـونَ حرّاً .. ولكي تكونَ حراً ، عليكَ أَنْ تعيش .. ولكي تعيشَ
عليكَ أَنْ تخرس ..! فلا يبقى أمامك غيرَ أَنْ تأكلَ وتنام .. تسهرَ وتسكرَ ، فتمرَضَ وتموت .. فأنتَ حـر !!
لذلكَ سأكفُرُ بجدوى القول ، وستستريحُ أنتَ منّي ..!
فماذا جنى شابلن من سخريته ؟ حتى بعدَ وفاته ، نبشوا قبره وسرقوا رفاته !
وماذا جنى غويا وفان كوخ من لوحاتهما ؟
بايرون ورامبو من قصائدهما
وميرابو من خُطبه ، غيرَ الفقر والجنونِ والضياع !!"

يخزرُكَ صاحبُكَ مستهجناً حزنكَ ويتهمكَ بالسوداويةِ ، فتُحيله إلى بيكاسو وغيرنيكاه يوم تغلّبَ على خوفه( 2 ) وتقول له
" الخوفُ ، يا صاحبي ، هو ملكيتنا الجماعية ، لأننا بدونه
مثلُ سجينٍ عارٍ منِ الأحلام ..! فما دُمنا ، من الخوفِ والذُلِّ ، لا نجرؤ على التطلُّعِ للقمر ، فكيفَ نهزِمُ مَنْ غزى القمر !!"( 3 )

ينزَلِقُ صاحبكَ من بين أصابعكَ ، مُردداً : " تستلُّني من رقدتي لتُسطِّرَ شجوناً ، لا شأنَ
لي بها ، أريدُ أنْ أنتشي بفرح ، ولو لمرةٍ واحـدة معكَ !"

" أما قُلتُ لكَ ، من قبلُ ، أشتري النسيان أو مِمحاةً للذاكرة ؟ " تردُّ عليه

" كيف أفرح ووطني مولغٌ بالدم والدخان والخَبَل ، حيثُ يَغُصُّ أثيـره مُختنقاً بأبخـرةِ التعاويذ وفتاوى التكفير
.. بشعاراتٍ ، كَـذِبٍ ونفـاقٍ وفير ... وعند ضفافِ الشفاه يتكسَّرُ
الكلام غير المنطوق .. تُرى مَن يُرتِّقُ مِزِقَ أسئلةٍ ظلَّتْ منشورةً على حبالِ الصوتِ ،
مترددةً بينَ خَرَسِ الخـوفِ وإلحاحِ أهـواء القلبِ والشوقِ لفرحٍ ، لم نعد نعرِفُ له طعماً ، رائحةً أو إيقاعاً ... ؟!

أفتدي مَنْ يأتيني بكمشةٍ من غُبار طِلعٍ ، من نخيلِ بلادي ، ونسمةٍ من الرازقي والجوري إياه ، من دونِ غبارِ مُدُنها الضريرةِ ، الهالكةِ في قاع الجنون ...؟! أحلم بشيءٍ من فضة قمرٍ ، أستحمُّ بها ، حتى تهِلُّ عليَّ نصوصُ الحكايا في سطوحِ الصيف ...
هيَ بلادي ، رغم أنف الجغرافيا وكل المستبدين ، منذُ طفولة التأريـخ وحتى يوم يُبعثون !
سالم جبران ، يصف بلاده ـ فلسطين ـ :

[كما تُحبٌُّ الأمُّ
طفلها المُشَوَّهَ..
أُحبها
حبيبتي ، بلادي ] "

::::::::::::::::

يصمتُ صاحبكَ ، مُتهماً.. فتقول له :
" نعـم ، مُنكسرٌ أنا ، لكني لستُ مُنهزماً ، أويائساً !
مَنْ يُجيبكَ كيف تنتهي مما لم تبدأه بَعدُ ؟!
نُطقٌ غامِضٌ ، حَمّالُ أوجه ، يزيغ كالزئبق ، أفواهٌ تتشدَّقُ ببلادتها ، خاسرونَ مُتطاولونَ ، وأصواتٌ نشاز تتقطَّرُ لؤماً ـ مسلولاً ـ (4) كـي ـ تعيش!ـ وتدفـعُ عن نفسها فزعاً يَخُضُّها... منظرٌ مُهتريءٌ لمسوخٍ تحتلُّ المشهدَ ، إستوطنَتِ الخنوعَ .. وراحت تحتكِرُ دور الضحية ، حتى لا يقترِبَ أحـدٌ وينازعهم على ما تربّعوا عليه ، فيخطفَ ـ مَكرُمةًً !ـ أو يحظى بـ ـ درعٍ !ـ
.. مدارٌ كابوسيٌّ ، ينصبون لكَ فيه فخاخاً ، كـي تَسقُطََ .. حينها سيهلّلونَ ، ليسَ لكَ ، إنما يُهلِّلون لأنفسهم بسقوطكَ ، حتى لا يبقى واحدهم ـ الساقطَ الأوحد ـ ، كي لا تبقى يـدٌ ولا جبهةٌ بيضاء ..! "


تَفرِكُ جبينكَ ، وتترنَّحُ بين صمتٍ وصمتْ ، لِتستَلَّ من قعرِ الصمتِ جمرَ المفردة ... فإذا بـ"صاحبكَ" يتدحرجُ ويسقطُ من الطاولةِ ، تُحِسُّ أنه لم يعُدْ يقوى على الإصطبار .. ترفعه برفقٍ وتعيده إلى الطاولة ، كي تُواصلا من جديد ، مُستَغلَّينِ هدأةَ الليـلِ ونِكايةًًً
بالأرَقِ ..! فيروحُ يخطُّ إسمَ "خليل حاوي"! فتقول له :

"لستَ بحاجةٍ للغمز ِ ، يا صاحبي ، فنحنَ نَلقُطُها وهيَ طايرة ، قبلَ أنْ تَحُط !! أعرِفُ أنَّ خليل حاوي لم يجدْ غيرَ بندقيةِ صيدٍ ،
إصطادَ بها نفسه ! إحتجاجاً على إحتلالِ إسرائيل للبنان ..
أما عندنا فـ .... !


إخرجْ إصبعكَ من أُذُنِكَ وإستمعْ لما أقول .. في نهايةِ فيلم Messesippi Burning للمخرج الإنكليزي أَلان باركر يتساءلُ أَحدُ المُحققين ، لماذا شَنَقَ رئيسُ البلديّة نفسه ، في حين أنه لم يكن عضواً في عصبةِ كو كلوكس كلان الفاشية ،
يجيبه زميله ـ لقد فعَـلَ ذلك تحت وطأةِ وَخزِ الضمير ، لأنـه كانَ شاهداً على كلِّ ما حدثَ ، لكنه تصَرَّفَ وكأنَّ شيئاً لم يكُنْ ! إذن هو مُذنبٌ مثل الآخرين ..!!
يا صاحبي لا نُطالبُ بخليل حاوي جديد! لكننا نتساءل ، فقط ، لماذا لمْ ينوجدُ عندنا ، حتى واحدٌ ، مثلُ القس الألماني مارتين نيمولار ، الذي ـ حاكمَ ـ نفسه ، عن دوره أيام الحكم النازي ، بقصيدةٍ ، قالَ فيها :



عندما جاؤوا وأخذوا الشيوعيينَ ،
لمْ أَقُلْ شيئاً ، لأني لستُ شيوعياً.
بعدها أخذوا الإشتراكيين الديمقراطيينَ ،
ولمّا لمْ أَكنْ واحداً منهم ،
ما قُلتُ شيئاً .
ثمَّ جاؤوا وأَخذوا جاريَ النقابي ،
وبما أنني لمْ أَكُـنْ نقابيـاً ، فما قُلتُ شيئاً .
وعندما أَخذوا الشمّاسَ البروتستانتي ،
كذلكَ ، لم أقُلْ شيئاً ، لأنني كاثوليكي ،
......................
وحين جاؤوا وأخذوني ،
لمْ يكنْ هناكَ أحدٌ يقولُ شيئاً من أجلي ! "
:::::::::::::::::::

* * *

عندها تشعرُ بالإعياء ، فيتسلَّلُ إليكَ الغفوُ ناعما ، كدبيبِ النمل ، يًرسِلُ غِزلانَ النُعاسِ
على أطرافِ الجفون ، كي لا تُنبّهَ كلابَ السُهاد ... فتروحُ تُسدِلُ كل الستائرِ فيكَ ، لِتَغمِزَ
للغفو ، فيتقدّمُ وئيداً ، يُفرِدُ جناحه الخارق فيطيرُ بكَ إلـى قاعِ الأعالـي ...








ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


(1) كلكامش حملَ صاحبه أنكيدو إلى جبل الآلهة منادياً : أيتها الآلهة ، إمنحي صديقي حلماً ، يُشفى من عِلَّته .ي.ع
(2) أيام الاحتلال النازي لفرنسا كانت لديهم توصية بعدم مضايقة بيكاسو، بل محاولة التقرُّب منه .. زاره في
مرسمه أحد ضباط الأس. أس ، ولما رأى لوحة الغيرنيكا ، قال له لماذا ترسم بهذه البشاعة ؟ فردَّ عليه بيكاسو:
" لستُ أنا المسؤول عن هذه البشاعة ، أنا رسمتُ ما قمتم به أنتم !" ي. ع
(3) " لم يعرفوا لون السما من فرطِ ما إنحنتِ الرقابُ " الجواهري الكبير
(4) قبل إكتشاف البنسلين في علاج مرض السل ، كان المريض يُعزلُ تفاديا لإنتقال العدوى إلى الآخرين ،
ونتيجة لذلك يُصابُ بالكآبة من العزلة وتتولَّدُ لديه حالة يجنحُ فيها للأنتقام من "الآخر" الذي عزله ..
وفي أقرب فرصة تُتاحُ له ، يبصقُ بصحن مَنْ يجلسُ ، يواكله أو يؤانسه ، وفي ذلكَ يشعر أنه تساوى مع " الآخر"! ي.ع.



#يحيى_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نُثار ( 4 )
- أَسئلةٌ حَيْرى
- نُثار ( 3 )
- نُثار ( 2 )
- نُثار ( 1 )
- ...ومن العشقِ ما قَتَلْ
- شذراتٌ من دفاترَ ضاعت / عفريتٌ من جنِّ سُليمان !
- من دون عنوان
- ما هو !
- تهويمات
- أهِيَ خطيئتي ؟!
- بغداد
- إنْ شاءَ الله !
- قراءة مغايرة للاهوت حواء مشاكسة !
- حكايا مخالفة للاهوت
- ظِلٌ لَجوج
- كَيْ لا تَهجُوكَ أُمُّكَ
- رأيتُ البَلّور
- هو الخريفُ يا صاحبي!
- أَيتامُ الله !


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - سلاماً أيُها الأَرَقُ