|
نُثار ( 4 )
يحيى علوان
الحوار المتمدن-العدد: 2858 - 2009 / 12 / 14 - 19:50
المحور:
الادب والفن
أبجديات المعرفة
من الخُلد تعلمنا بناء الأنفاق . من القُندُس(كلب الماء) بناء السدود . ومن الطيور بناء المنازل . ومن العناكب الحياكة . ومن تدحرُج جذوع الأشجار صنعنا العجلة . ومن الخشب الطافي تعلّمنا بناء السفن . ومن الريح تعلمنا صناعة الأشرعة. تُرى من علّمنا عاداتنا السيئة ؟ مَن علّمنا الجحود وإستعباد الآخرين وإذلالهم ؟!
عولمة حتى ...
أميرةٌ إنكليزية مع صديقها المصري ، بسيارة ألمانية ، يقودها سائق بلجيكي ، عَبَّ كمية من الويسكي الأسكتلندي ، يموتان في نفق فرنسي ، يلاحقهما صيّاد فضائح مصوَّرٌ إيطالي ، يمتطي درّاجة بخارية من صنع ياباني . طبيبٌ أمريكي يُجري لهما الأسعافات الأولية في محاولة لأنقاذهما ويعطيهما أدوية من صناعة برازيلية لأحتكارٍ مملوك من قِبَلِ سويسره... توصّل الى هذا صحفيان كندي وألماني ، وكتباه على كومبيوتر أمريكي ، بشاشة كورية وتشب تايواني وطابعةٍ هندية ، تم نقلها في شاحنة يقودها سائق بورمي، الى ميناءٍ بماليزيا ، حيث تم شحنها على ظهر باخرة لبنانية . وقام عُمال مكسيكيون مهاجرون بشكل سري بافراغ الحمولة في ميناءٍ أمريكي لصالح تاجرٍ كنديٍ من أصلٍ صيني ...!!
لِيَـــو
شَعَرَ هاينر أن ساعة الحقيقة قد أزِفَت . " تعالَ يا لِيَو ، يجب أن نتحد ث بكل صراحة " . مَشَيَا سوية ، عَبَرا الشارع بأتجاه البحيرة الصغيرة وسط الحي السكني . دارا حول البحيرة صامتين . ليو تأخر كعادته ، عن صاحبه خطوةً أو إثنتين ، ثم عاود يسرع الخطو ليلحق بهاينر، الذي إعتاد أن يُقاربَ بين حاجبيه ويدفن يديه في جيوبه أثناء المشي . جلسا على مصطبة . راح هاينر يبلع ريقه ، الذي جفّ، إستعداداً لبدء الحديث . غالبَ حَرَجَه فأخذ رأس لِيو بين يديه وحدّقَ في عينيه :"إسمعني يا ليو ، سامحني على ما سأقوله لك ، لأنه أمرٌ هام جداً..أنت لست أخي .. أي أنك لست إبن أمي وأبي . لاتغضب ، فمن مصلحتك أن تعرف الحقيقة يا ليو. لقد وجدوك في الشارع ! " أطلق زفرة حرّى ، ثم أستأنف :" لم أستطع إخفاء هذه الحقيقة عنك أكثر مما مضى ...!" عُثرَ على ليو حديث الولادة في القمامة ، لكن هاينر لم يذكر هذا التفصيل مراعاة لشعور صاحبه . بعد ذلك توجها الى البيت. هاينر يصفر، وقد أزاح عن صدره غِمَّةً . ليو كعادته يتوقف عند الأشجار المحببة لديه ، يحيّي الجيران هازاً ذيله ، وينبح مجنوناً إن رأى مجرد ظل لقِطّة .
عِشقُ البحـر
) عروسةَ المُدُنِ على شاطيء المتوسط دونَ مُنازِع . Carthago( قرطاج كانت ، مقاتلوهـا وصلوا بوابات رومـا ، غريمتهـا وعدوّهـا . كانت ِفَيَلُتُهم وسنابُكِ خيولهم تهٌزُّ أسوار رومـا . بعد سنوات واتَتْ الأخيرة فرصةَ الإنتقام . أجبَرَتْ قرطـاج على نزعِ سلاحها وتسليمِ سُفُنها ، أَنْ ترضى بالمهانة وتدفعُ الجزية ! لكن عندما أمَرَتْ رومـا القرطاجيينَ بمغادرةِ السواحِلَ ليعيشوا فـي عُمقِ البلاد ، بعيداً عن البحـر ، لأنه كان سبباً في كبريائهم وجنونهم الخطير !! عندهـا قال القرطاجيون : لا ! ... كلاّ .. وألفُ كلاّ !
حينهـا نزَلَتْ على قرطاج نقمـةُ رومـا ، أرسلَتْ فيالقها ، لتُدَمِّـرَ المدينةَ العروس ، حاصروها بَرّاً وبحـراً ! دام الحصـارُ ثلاثَ سنواتٍ ، دونَ أن يتمكنوا منهـا .. قاوَمَ القرطاجيون حتى آخِـر حبّةِ قمـحٍ وذُرَة ... بعدَ أَن " إستهلكوا " قِرَدَةَ المعبد المقدّسة .. سقطَتْ قرطـاج عندما نَسَتها الآلهةُ ، فسكنَتها الأشباح . ظلَّتْ النيرانُ تَرعى بهـا ستة أيامٍ بلياليها . بعدها ، دخَـلَ عساكرُ روما ، نثروا الجمـرَ ، ورشّوا الحقولَ بالملحِ ، كي لا ينبُتَ زرعٌ يُغوي أحداً بالعودةِ إليها ..!!
) هي إبنةُ تلكَ ، التي دمَّرَهـا الرومان .Cartagena قرطاج على الساحلِ الأسباني ( وقد تبَيَّنَ أنَّ لها حفيدةً في أمريكا اللاتينية ، تحملُ نفسَ الإسم ) Cartagena de India( باحَتْ لي بسرِّهـا ، قبلَ فترة ، عبر البريد الألكتروني : "لو حاوَلَ أحَدٌ إبعـادي عن البحر ، لَفَضَّلتُ الموتَ وإنتحرتُ مثلَ جـدَّتي !!"
مـن دروس التأريـخ ...
تَزخَرُ الكُتُبُ والمقولات بنصوصٍ عن أهميةِ الذاكرةِ وتَراكمهـا في إنتاجِ معرفَةٍ جديـدةٍ ، بالتعلُّمِ من دروسِ التأريخ ِ ، حتى غدا الأمرُ مفروغـاً منه ، لا يحتاج نِقاشاً مطولا ً... بعدَ سقوطِ النازية في ألمانيا إثرَ نهايةِ الحرب العالمية الثانية ، جَرَتْ محاكمةُ رموزِ العهد البائد في ما عُرِفَ بـ"محكمة نورنبيرغ "...! لكن على أرض الواقع ، كما يُقال! ، جَرَتْ "إعادةُ تأهيلِ النازية ِ" من جديدٍ ، عبرَ " إستيعابِ " أعدادٍ منهم ضمنَ الأحزاب " الديمقراطية " ، فوصلَتْ أعدادٌ منهم - النازيون - إلى البرلمان وإلى وزارات الحكومة الفيديرالية ، ناهيكَ عن حكومات الأقاليم " الفيديرالية "! وعندما هَبَّ الرأي العام الحر محتجاً ، قُمِعَ بمقولةِ " لا يُمكنُ لإعادة البناء والنهوض من جديدٍ أنْ تَتُـمَّ دونَ إشراكِهم في العمليةِ السياسيةِ الجديدة !" .. وهكذا تمَّ تعيينُ قضاةٍ وتربويين ...إلـخ في الشرطة والجيش ، ومن بابٍ أَولى في اجهزةِ المُخابرات ، برعايةٍ وإشرافٍ أمريكييَّن ...
:::::::::::::::::::::::
لئيمٌ ومن نَسـلِ تِلكَ الشجرة الخبيثةِ منْ يَرى في هذا غََمـزاً على الوضعِ الحاليِّ في العراقِ ومَنْ يتعاوَنُ مع المُحتَلِّ ..!!
الإعلامُ ومـا أدراكَ ما الإعلام !
عندما حَصَلَتْ ثورةُ 14 تموز (يوليو) 1958 في العراق ، كنتُ صبياً لا يفقه من أمور السياسة شيئاً يُذكر . لكنني أتَذكّر جيداً حَملات راديو " صوت العرب " وبخاصة أحمد سعيد ، الذي لا يُشقُّ له غبار في مكافحة تِنّين الشيوعية ، الذي حاول إفتراسَ أرض الرافدين ..! وُئِدَتْ الثورة اليافعة ، حصَلَتْ إنقلابات ، توالتْ عهودٌ وحكومات ... سالت أنهارٌ من الدم.. وغصّت السجونُ بالأحرار ...
على غيرِ موعدٍ ، إلتقيته أواسط السبعينات ... كان الأستاذ مهدي ، مُعلّمي في المدرسة الإبتدائية ، وفي الوقتِ نفسه صديقاً لوالدي ... كان طيباً ، رؤوفاً ، مستقيماً ، يحظى بأحترام حتى مَنْ لم يكن على هواه السياسي . عندما عَلِمَ أني أشتغلُ في جريدة " طريق الشعب"، أطلَقَ حسرةً حـرّى ، سألته عن السبب ، أجابني بسؤال " هل تعرفونَ حقّاً حجمكم أمامَ ماكنة الإعلام الآخـر ؟!" وأضافَ مُتأسياً :" ثورة تموز خسرناها على صعيد الإعلام أولاً ! فإذاعة - صوت العرب- دخَلَتْ كلَّ البيوت ، حتى بيوت الأميين . أما تتذكّر أم حسين ، الشغّالة عند بيت سلمان الأسوَد ؟! كانت المسكينة تسكن كوخاً في البستان ، خلفَ قصر بيت الأسوَد.. كانت تسمع - صوت العرب - وحملات أحمد سعيد ، التي يُحذّرُ فيها من الشيوعيين ، الذين يرفضون الملكية الخاصة ، التي حلّلَها الله...! فما كان من أم حسين - بعد أنْ سمِعتْ ذلك -إلاّ أنْ جَمَعَتْ أسمالها وأسمال أطفالها في كيسٍ بلاستيكيٍ ، حمَلَته في عتمةِ الليل ودفنته في البستان ، كـي لا يصادره الشيوعيون ...!! هل فهمتَ ما أريد ؟!"
#يحيى_علوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أَسئلةٌ حَيْرى
-
نُثار ( 3 )
-
نُثار ( 2 )
-
نُثار ( 1 )
-
...ومن العشقِ ما قَتَلْ
-
شذراتٌ من دفاترَ ضاعت / عفريتٌ من جنِّ سُليمان !
-
من دون عنوان
-
ما هو !
-
تهويمات
-
أهِيَ خطيئتي ؟!
-
بغداد
-
إنْ شاءَ الله !
-
قراءة مغايرة للاهوت حواء مشاكسة !
-
حكايا مخالفة للاهوت
-
ظِلٌ لَجوج
-
كَيْ لا تَهجُوكَ أُمُّكَ
-
رأيتُ البَلّور
-
هو الخريفُ يا صاحبي!
-
أَيتامُ الله !
-
حنين
المزيد.....
-
منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز
...
-
فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي
...
-
سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
-
وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي
...
-
-كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟
...
-
ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق
...
-
رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة
...
-
الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
-
صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
-
بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء
...
المزيد.....
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
المزيد.....
|