جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 2903 - 2010 / 1 / 30 - 23:59
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الشعوب دليل حكامها
هل تحصل الشعوب على الحكام التي تستحقها؟ كثيرة هي الهجمات على الحكام و التعاطف مع الشعوب المظلمة في البلدان المبتلية بحكومات دكتاتورية وحكام ظلمة و كانما لم ينشأ او يتربى و يكبر هؤلاء الحكام في وسط هذه الشعوب و في احضان امهات بلدانها. ولكن الحقيقة المرة هي ان بروزهؤلاء الحكام هي نتيجة عقلية و سلوك و آداب واخلاق شعوبها وعقليتها في زمن و مكان معين. لم ينشأ لحد الان حاكم دكتاتوري او حاكم ظالم في الشرق او الغرب من فراغ. بل نقدر ان نقول باننا نستطيع ان نتبنأ بقدوم حاكم معين الى بلد معين بمجرد مراقبة وملاحظة شعوبها و تصرفاتها لفترة معينة من الزمن.
لا يستطيع حاكم مهما اوتي بشخصية قوية ان يحكم بلد معين اذا لم يستطع فهم نفسية و عقلية شعبه وكيفية اخضاعهم. لان السؤال هو: كيف يستطيع شخص واحد ان يلعب بمقدرات شعب كامل ؟ هناك شعوب تثور على حكامها و تطيح به دون الخوف وهناك شعوب تقاد كالقطيع و تخرج الى الشارع للهتاف بحياة حكامها. شعوب تصل بها الخوف لدرجة انها تعطي القائد مطلق الحرية لانتهاك حرمتها و حريتها و كرامتها. شعوب تصمد و تصبر تحت قساوة حاكم لمدة اكثر من ثلاثين سنة بل و تسمح لقدوم حاكم ظالم آخر بعده لتهدف بحياته ايضا. هل هذه الشعوب بطلة ام جبانة ام ساذجة تنقصها الثقافة؟
سرعان ما يطاح بهؤلاء الحكام او يتغيير الوضع يتحول الحاكم و الاب الى ظالم و مجرم و ينتقل الى مزبلة التأريخ. المفروض هنا تحليل نفسية الشعوب و العوامل التي ساعدت على صعود حاكم جاهل ظالم الى دفة الحكم بدل الهجوم الشرس المستمرعليه و ابراز اعماله الوحشية. ليست هناك مزبلة التأريخ لاننا كلنا نقع فيها. نعم يجب ان يكون هناك تأريخ يتم تسجيله بصدق و اخلاص بعيدا عن الانفعالات.
و لكنني مع ذلك لا ارتاح للتأريخ لان التأريخ في كثير من الاحيان غير موضوعي سجل وفق اهواء و مصالح جهات معينة لتنقل لنا صورة مزورة و مزيفة. كم من حاكم ظالم و غشاش و قاتل اصبح بفعل التأريخ رشيدا عادلا بل نبيا و مصلحا و منقذا و مسالما. كيف نستطيع ان نصدق التأريخ بدون ضمانات بان الاحداث دونت بامان و صدق؟ ام هل ان التأريخ ليس الا مزبلة يجب حرقها؟ و لكن لكل عملية حرق دخان اسود يصعد الى الاعلى يلوث الجو و الهواء الذي نستنشقه ليسممنا.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟