تحويل المادة الصلبة الى رموزتجريدية -1-

جمشيد ابراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 03:35
المحور: تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
    

اهم انجازت البشرية هي التخلص التدريجي من المادة الصلبة. المادة ثقيلة بطبيعتها و تحتاج الى مساحة تحتلها اضافة الى انها لايمكن تغيرها بسهولة لتناسب متطلبات المستقبل. فمثلا بدات الكتابة كصور على مادة مثل الطين و الحجر لتتحول الى صور مبسطة اي بكتوغرامات و من ثم الى كتابة على الورق و تقليص الاعتماد على المادة الصلبة تدريجيا الى ان جاء الكومبيوتر ليحول الكتابة الى رموز الكترونية رقمية دون الحاجة الى مادة الورق و الحبر. واليوم يتم تعويض المادة الصلبة في الكومبيوتر شيئا فشيئا الى برامج رمزية تجريدية. نقص وزن الكومبيوتر من اجهزة عملاقة ثقيلة تملأ مساحات كبيرة و لكن رغم ذلك ضعيفة بالفعالية والانتاج الى كومبيوترات اليوم الصغيرة بطاقاتها الانتاجية العالية.

عندما دخل الكومبيوتر حياتنا اليومية و اشتريت اول كومبيوتر تهيأ لي كيف اننا يمكن ان نتخلص من اجزاء كثيرة اخرى من هذا الجهاز السحري و تحويله الى رموز كهربائية الكترونية فقط. تهيأ لي اننا في حاجة فقط الى اطار او الواح تنتقل في داخلها اشعاعات ضوئية بعد ترجمة البرامج الى رموز كالذي يجري في العقل البشري ولكن دون الحاجة الى مادة مثل المخ.

تطورت لغة لانسان عندما انتقلت من الاشارة الى المادة اي كلمات تشير الى ما وجده الانسان حوله من المادة في الطبيعة مثل الحجر و الشجر.... كانت اللغة بدائية و بسيطة لا تساعد على التفكير الرياضي المعقد الا بعد اكتشاف المجاز و الاستعارة لتتحول اللغة من التفكير العيني الى التفكير التجريدي مثل لعبة الشطرنج التي نقلت الحرب على الساحة الى لوحة مقسمة على شكل مربعات. اضافة الى ذلك كان اكتشاف الارقام و الحساب و الهندسة طفرة كبيرة اخرى في طريق الفكر التجريدي و الرمزي و تقليص الاعتماد على المادة.

لقد قطع الانسان اشواطا بعيدة في طريقه من المادة الصلبة الى الرمزالتجريدي. اليوم يمكن الاستماع الى الراديو و مشاهدة التلفزيون او برمجة التلفونات النقالة لتقوم بوظائف متعددة مستندا فقط على برامج يمكن تغييرها و تطويرها بسهولة لتتكيف مع الخدمات العصرية و تلبي الاحتياجات الجديدة لانها تجريدية. تساعد الاجهزة الالكترونية اليوم و في المستقبل الصيدلة للتخلص من اجراء تجارب على الحيوانات عند انتاج الادوية و المساحيق للاطمئنان على سلامتها عن طريق سيناروهات رمزية تجريدية تجرى على اجهزة الكترونية.

لا استطيع التخيل اليوم فيما اذا كانت الاجهزة تفقد حجمها تدريجيا لتتحول يوم ما الى رموز داخل الجسم البشري. لا يمكن التصور اليوم كيف نستطيع التخلص من المادة كليا من ضمنها اجسامنا لاننا على الاقل بحاجة الى اطار او جسم يحمل و يحبس الرموز الالكترونية في داخله.

#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات