أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ضمد كاظم وسمي - نقد الثقافة العربية















المزيد.....

نقد الثقافة العربية


ضمد كاظم وسمي

الحوار المتمدن-العدد: 2895 - 2010 / 1 / 21 - 08:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نقد الثقافة العربية
العقل المتمحور حول المقدس .. وإشتراطات الواقع
الثقافة الثابتة
تقع الشعوب الشرقية ولاسيما العربية والإسلامية منها فريسة صراع مرير بين ثقافتين كان يمكن جعلهما متوازيتين بدل تقاطعهما ألا وهما : الثقافة الثابتة – ثقافة الإيمان بالغيب – والإيمان (( هو التسليم والقبول والتصديق بموضوعات لا تخضع للدرس والنظر العقلي أو التجريبي ، فهو تسليم بغيب أخبر عنه صاحب الدعوة ، وهذا التصديق يعد مقياساً للإلتزام بالديانة من عدمه ، وصلاح الإيمان من فساده ، ونموذج ذلك في الإسلام ما أخبر عنه القرآن الكريم ، أو ما ورد في شكل أحاديث منسوبة للنبي محمد ( ص ) )) . ومن هذه الغيبيات الإيمان بالله سبحانه وتعالى كإله كامل مفارق للمادة أزلي وسرمدي ، والإيمان بالرسالات السابقة وبمعجزات الأنبياء (( كدلالة صدق تكسر قوانين الطبيعة لانها لا تخضع لنواميس العقل ومنظومته وقواعده )) .. كالإيمان بالملائكة وقتالها مع النبي .. والإيمان بوجود الجن من المردة ومن المؤمنين ... الخ ومثل هذه الغيبيات ترد في جميع الكتب المقدسة كالتوراة والإنجيل والقرآن .. وهذا الذي يؤمن به أتباع تلك الديانات والذي يعتقدون بصلاحه لكل زمان وفي كل مكان .. لأنه الثابت والموحى به من الخالق سبحانه . وقد جرى في أوربا والبلدان الغربية عملية درس ونقد الكتب المقدسة .. من حيث البعد التاريخي للنصوص وجذورها السياسية والإجتماعية والإقتصادية .
أما الثقافة الأخرى المقابلة والتي هي نتاج التطور التاريخي بمحتواه الإجتماعي والسياسي والإقتصادي والفكري .. التي إنتهت الى التقدم العلمي الهائل والذي أوجد مشكلة عويصة .. إذ كيف يمكن أن نوفق بين ثقافة ثابتة تستوعب كل المتغيرات المتسارعة تقوم على الغيب وتصلح لكل زمان وفي كل مكان .. وبين ثقافة تلاحق ما يحدث في الواقع تقوم على مفاهيم العلم وشروطه وتنتج من تفعيل وحراك قوانين العقل ومنظومته .. وأزاء ذلك كله إنصاع اللاهوتيون أهل الثبات على تسجيل تراجعات كبيرة حيال التقدم العلمي الهائل .. بعد أن تخلوا تماماً عن أسلوب المواجهة العنفية التي كانت سمتهم قديماً .. وصارت الثقافة الثابتة تنحصر في مجالات مخصوصة ( إيمانية قلبية عبادية كنسية ) .. وأخيراً ساهم رجال الكنيسة في توطيد هذا المنحى لترسيخ قيم الحرية والسلام الأهلي والثقافي .. لتسير الثقافتان الثابتة والأخرى المتغيرة في خطوط متوازية الأولى في الخط الكنسي والإيماني والثانية في الواقع وتغيراته وتطوره العلمي والتقني والإجتماعي .
حق الاختلاف
أما في العالم العربي والإسلامي .. إذ حاول النبي (( ص )) مع ظهور الإسلام أن يؤسس للتعدد في الثقافة ، حينما فرّق بين ثقافة الثبات المخصوصة في المجالات العبادية .. والثقافة المتغيرة التي تتعاطى مع الواقع وتطوره عندما قال (( ص )) : (( أنتم أعلم بأمور دنياكم )) وقد حاول الإمام علي ( ع ) تكريس هذا الفهم القائم على قبول الآخر وتعددية الفهم بقوله (( القرآن حمّال أوجه )) .. وللسير بالثقافة العربية بهذا الإتجاه الرحب .. ظهر علم جديد هو (( علم الكلام )) .. الذي كان أبطاله بحق من خريجي مدرسة الإعتزال .. التي فتحت أبواب الإجتهاد على مصراعيها (( حتى إنتهت مدرسة المعتزلة الى ترجيح حكم العقل إذا تعارض أو إختلف مع نص )) .. ناهيك عن ظهور فلاسفة كبار كالكندي والفارابي وإبن سينا والرازي وإبن رشد .. تأكيداً لهذا الإتجاه الذي هو حق الإختلاف حول أمور الدين .. ورفض فهم واحد للنص وسادت بحق حرية البحث وحرية الإعتقاد .. حتى أن هؤلاء الأفذاذ ناقشوا ليس فقط المنظومة الحقوقية للمجتمعات وتطورها وهو الجانب المتغير حسب الزمان والمكان .. بل تجاوزوا ذلك الى موضوعات الإيمان الغيبية مثل : الذات الإلهية وصفاتها ، خلق القرآن وحدوثه ... الخ (( لكن ذلك كان زمن القوة والإقتدار ، زمن العزة والوثوق بالذات ، عندما كانت الأمة عفية صبية قوية لا تخشى على ذاتها من حرية البحث ، بل وحرية الإعتقاد )) ، إلا أن الذين أتوا بعد ذلك حولوا تلك التعددية الى رؤى تتأصل ضمن فكرة تأسيسية ذات رؤية منهجية واحدة صحيحة بالمطلق تقوم على قاعدة (( العقل المتمحور حول المقدس )) .. لتنهي جميع تلك الرؤى التي تحولت الى مذاهب عند حقيقة مرجعية ثابتة هي (( النص )) .. الذي أنقضى على زمنه وظروفه التي أفرزته مئات السنين وفي جغرافية محددة . بخلاف دعوات هذا الزمان الرافضة لأسلافنا من أهل العقل والفلسفة والدعوة للتمسك بأسلاف آخرين .. (( ونرى مواقف آنيّة تشير الى حالة مستعصية من الخصاء الذهني المشتّبك مع ذهان عقلي واضح تسفك بموجبها دماء بريئة بأسم الدين والقرآن ويحاكم الناس على رأي أو قول ، بل ويحاكمون في الأغلب على ضميرهم ونواياهم . ويصدر الأمر بالتنفيذ ! )) .. وذلك يجيء بعد حالة الإنحطاط والتردي التي بلغتها أمتنا من دون الأمم الأخرى .. فإستعاضت عن عدم قدرتها على التقدم التاريخي بالتمسك الشديد بالذات التاريخية بشقها الأكثر تخلفاً وتعسفاً وطغياناً ..
القبيلة الدينية
و بعد فشل الدولة الوطنية في خلق وطن يحترم أبناءه .. إستبدل هؤلاء المواطنون هويتهم الوطنية بالدينية لتتحول الهوية من الوطن الى الدين الذي يعطي دفعة عاطفية ومعنوية أكبر فضلاً عن تحشيده الملايين من خارج أسوار الوطن .. ليتداخل الدين مع المفهوم القبلي القديم – بشر بلا وطن – هذه القبيلة الدينية لها قوانينها الصارمة والقاسية .. لأن الخروج عليها يشكل هتكاً وإضعافاً لها .. لذلك فإن مصير الخارجين سيكون التصفية الفكرية والجسدية .. ضمن أجندات التكييف التعصبي الأحادي الفهم لقوانين القبيلة الدينية !!! ليتم إلغاء دور الإنسان وفاعليته وشل عقله وتعطيل نواميس الطبيعة في صياغة أي مأثور ، وهكذا تحال الثقافة كلها الى عالم غيبي مفارق .. ويساق المسلم في عملية دربة نشطة الى الإفراط في تقديس رموز الماضي وذيولها الحاضرة التي تصبح مطاعة .. طاعة المقدس .. وتكرس القداسة في أمور الدين كلها وفي كل ما يرتبط بها حتى اللغة العربية التي جرى تثبيتها عند زمن تواتر النص .. وحورب حراكها وكبح تطورها .
وإعمالاً للعض بالنواجذ على هويتنا مخافة تسربها بين خلايا ثقافة الآخر المتفوق في كل شيء .. وحتى لا تكون فريسة سهلة له .. صار التمسك بثقافتنا الثابتة وأضفاء القداسة عليها بصفتنا (( خير أمة أخرجت للناس )) .. هو سلاحنا الثابت القديم بوجه كل الأسلحة المتغيرة المتطورة . وبناء على أن العلم .. لا يخطو إلا من خلال التخطيط الذي هو التنبؤ بالمستقبل .. وما ترتب عليه من منتجات وكشوفات وإختراعات علمية وتكنولوجية مبهرة نقلت أعداءنا - بحسب فهم الثقافة الثابتة - الى مدراج التقدم وعصر الحداثة والحضارة الراقية .. وبخلاف ذلك فإن ثقافتنا الثابتة لا تؤمن بالتنبؤ بالمستقبل الذي هو من علوم الغيب المختصة بالله سبحانه ، وليس من مقدورات البشر لذلك كله بقينا بعيداً عن التخطيط والعلم والتطور الحضاري .. ولِمَ نفعل ذلك ونكد ونتعب كما فعل الغربيون كل ذلك ببلادة ؟!! .. إذ هم ينتجون ونحن نتمتع بهذه المنتجات لأن الله سبحانه حبانا بالحيض النفطي .. في (( محاولة إستيهامية مريضة تؤكد دوماً أنه حتى هذا العلم قد تمت معرفته لدينا قبلهم عبر معرفة ربنا بكل تلك العلوم قبل أن يكتشفها العلم الغربي ، وأنها محفوظة في كتاب الله من الأزل )) .. وثقافتنا الثابتة تتخذ من لحظة ما هي لحظة إلتقاء السماء بالأرض قبل أربعة عشر قرناً في مكان بدوي محدد تتخذ منها بعداً زمكانياً لإذابة الغابر واللاحق والحالي في بوتقه تفصح عن جغرافية التفوق الثابت !! .. لقد كانت تلك اللحظة بحق لحظة تفوق الإسلام في درس التغيّر الذي هو درسه الأول (( كان هذا هو درس الوحي الأول والأخطر والأكثر تمييزاً للدين الإسلامي عن بقية الأديان ، أنه مع التحرر ضد التسلط ، ومع التغير والحركة ضد الثبات والجمود ، ومع الإنسان وقوانين الواقع وشروط العقل ضد كل المستغلقات والأساطير والألغاز والأحاجي والخوارق ، وعندما كان يرد حديث الخوارق والمعجزات كان يأتي من باب ضرب المثل للترغيب والترهيب لقوم هكذا كان منهجهم في التفكير ، وهكذا كان مستواهم المعرفي )) .. كما يقول المفكر العربي د . سيد محمود القمني . ولقد إستوعب أسلافنا هذا الدرس الذي أقام للعرب ديناً ودولة ودنيا وإمبراطورية عظيمة .. لكن لا يمكن البقاء عاكفين على تلك اللحظة .. لأن ما حصل بعد ذلك ويحصل اليوم هو أن الدنيا تحركت وتتحرك تحركاً عظيماً وهائلاً .. لأن الوقوف عند تلك اللحظة يعني أننا نعيش في الماضي وننام في وهدة التخلف .. ولا نحيا روح العصر ولا نتعامل مع آلياته الحداثية .. ولا نملك والحال هذه في مواجهة ( أعدائنا ) الحضاريين – الثقافة الثابتة لاتقبل بالآخر وتعتبره دائماً العدو اللدود – إلا التمائم والتعاويذ والأدعية التي نواجه بها البوارج والقاذفات والأنترنت ووسائل الإتصال العجيبة .. وكلمال فعلنا ذلك إزداد تردينا وإنحطاطنا .. وزاد عدونا قوة ومضاءً .. فنبتدر الى المسبحة والتراتيل بإنتظار المعجزة – التي لم تأتِ أبداً – فيما يسدر عدونا في غيّه الشيطاني في إمتلاك نواصي العلم والمعرفة التي يحولها الى قوة وإقتدار يستعبدنا بعا ويذلنا .. وينهب خيراتنا .. ورغم أنفه ورغم كل ذلك فإننا (( نملك الحقيقة الكاملة والمطلقة الثابتة )) .. وأن كنا في العذاب المهين لابثين !! ..
معركة الحضارة
لقد وصل عدونا الى أقصى مدارج التقدم والحضارة .. فقد ودع القرون الوسطى بما فيها من أساطير وشعوذات ولاهوتيات تمجد المعجزة والغيب .. ولا تؤمن بقوانين العقل .. وتكسر نواميس الطبيعة .. حتى دخل هذا العدو ( الكافر ) في عصر النهضة .. ليؤسس لفكر وعالم جديد يؤمن بالإنسان والعقل البشري ثم يتحول الى عصر الحداثة والأنوار القائم على العقلانية كأفق نهائي للحكم على الأشياء والأحداث .. فضلاً على تمجيد مبدأ (( الأنسنة )) الذي يعطي الإنسان دوراً مركزياً في الكون .. يواشج كل ذلك مع مبدأ الحرية الذي تجسد أخيراً في بناء النظام الديمقراطي التعددي التداولي ، ناهيك عن إعتماده على العلم الذي حوله من قوة الى قدرة عظيمة يمسك بمفاتيح التحكم بها ليسود العالم ويسوسه كيفما يشاء .. ثم جاء العصر التكنولوجي وأخيراً عصر العولمة القائم على المعلوماتية ورؤوس الأموال المتنقلة عبر الحدود .. والمباغتة لكل دول العالم وفي عقر دارها .. بل أن العولمة صارت تتدخل في حياة البشر جميعاً لا يمكن الفكاك من تأثيرتها من خلال المعلومة الذكية والفائقة والمستشرية عبر وسائل الإتصال المدهشة كالموبايل .. والأنترنت والفضائيات ... الخ . وهكذا حقق الغرب منجزات علمية لم تخطر على بال .. والقادم طوفان من المعرفة أعظم .
اما نحن العرب والمسلمين فلم نزل في نوم عميق تأسياً بأهل الكهف .. نجتر تراثنا ونعيد إنتاجه .. وفي الوقت الذي ينطلق عدونا بسرعة الصاروخ نحو المستقبل ، ننطلق نحن أيضاً بسرعة الصاروخ ولكن نحو الماضي !! وصار الكثير من لاهوتيينا يرددون .. إذا كان الله قد حبا عدونا بالعلم فإنه سبحانه وتعالى قد حبانا بالإيمان .. ويكفينا الإيمان شرفاً وتفوقاً وإنتصاراً على عدونا .. ومن ههنا أوتينا إذ صرنا لا نفرق بين الإيمان ومطالبه إذ (( نؤكد إيماننا الذي لا يهتز بكل ما أخبرنا به القرآن الكريم بالوحي الصادق )) .. وبين شروط العقل والعلم . فالإيمان تسليم وتصديق قلبي .. حتى وإن تعارض مع نواميس العقل والطبيعة ، لأن الإيمان محل إعتقاد يعتمد على أمر لا يمكن لبشر الحكم عليه .. أي يعتمد على مدى المقبولية من ضمير الإنسان فحسب . أما العقل الذي له شروطه المنطقية المعروفة بإستخدامه لآلة العلم للحكم على الأشياء وأن تعارضت مع التصديق القلبي فلا يوجب كفراً ولا مروقاً .. لأن لكل ميدانه وتصديقه ومجال عمله .. لذلك إنطلق عدونا في تطوره الحضاري من العقل والعلم بخلافنا حيث مكثنا في وهدة التخلف عاكفين على إيماننا فحسب .. يقول إيمانوئيل كانت (( حيثما تنتهي حدود العلم ، تبتدئ حدود الإيمان )) .
قاتَلَنا العدو بشروط العقل والعلم ومستحدثاته التكنولوجية الرهيبة وقاتلناه بسيوف صدئة تحدوها أحاديث الغنائم والسبي .. حتى صرنا نحن الغنائم والسبايا .. وتكسرت سيوفنا لقدمها .. وصرنا ببقايا نصالها المثلومة نقتل بعضنا البعض بعدما كفّرنا بعضنا البعض !! (( وهو الأمر الذي يدفع الى التساؤل عن مدى جدوى التعامل من على ذات الأرض ، لمنهج يستسهل دماء المخالف في الرأي ، بل يراه أمراً جميلاً وعظيماً وسبيلاً الى ملكوت الله )) . لقد بات البون شاسعاً بيننا وبين عدونا من حيث العلم والتقدم الحضاري .. حتى عزّ علينا مجرد التفكير في ردم هذه الهوة السحيقة أو تجسيرها ، ومع توالي الهزائم المنكرة التي ألحقها بنا .. ونحن لا نبرح العذاب المهين صار الفرق بيننا وبين عدونا لا حل له إلا بتدخل السماء .. إلا بالمعجزات .. إلا بخيول السماء .. وطير الأبابيل .. لذلك انّا ههنا قاعدون .. وللحل الرباني فقط منتظرون .. رغم أن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه الكريم : (( إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم )) أيها السادة - العرب – مالم نأخذ بأسباب العلم والمعرفة .. مالم نؤمن بالعقل وشروطه .. مالم نحرر الأسئلة دون تحريم أو خوف أمام العقل والعلم ، مالم نفصل المقدس عن تطور التاريخ الحضاري البشري لأن إحلال المقدس يحول التاريخ الى موقوف وغير فاعل ومالم نعنت ونكد ونبذل قصارى الجهد لا يمكننا أن نوفر الشروط اللازمة للإرتقاء الحضاري والتقدم العلمي .. أيها السادة إن العالم يخوض اليوم معركة أدواتها العلم .. في الوقت الذي نخوضها بأدوات الغيب!! إن المعركة الوحيدة والحقيقية هي معركة الحضارة القائمة على اساس العلم والحرية ، فهل نحاول ولوجها ؟ لعلّه وعسى .
الأسئلة الصادمة
قد يرى البعض إننا نطرح أسئلة مزعجة ، وصعبة وحرجة .. بل ومقلقة .. يخشى الكثير ملامسة تخومها .. لأنها تخوض في مجالات شديدة الخطورة وتقترب من مناطق الفتنة والبلبلة .. تلك المناطق التي يعمد النفعيون المتنفذون بغرض التعمية عليها .. ومنع الآخر من فضحها وتعريتها .. إن الأسئلة المزعجة التي تطرح اليوم إنما هي وليدة واقع مزعج حد النخاع .. فحاجاتنا الى الإزعاج في هكذا أجواء أصبحت مسيسة لأن ليست ثمة ما يمكن أن نخسره .. ونحن نرى شعبنا وهو يسير نحو قيامته ، ووطننا وهو في طريق الضياع من بين أيدينا !!! .
ها نحن نرى العرش السلطاني يستقوي بمنطق القداسة .. هذا المنطق الذي لم نجن منه سوى المليشيات الباطشة .. والتكفير الذباح .؟. والسؤال الملح هنا يشير الى ضبابية منطق القداسة فهل أن هذا المنطق يعمل على (( لفط )) الوطن ؟ .. أم يعمل على تغييب مفهوم الوطن وسحق مفهوم المواطنة ليتحول الوطن الى جيوب عرقية وطائفية مشبعة بروح التعصب البدوية والجاهلية وتتحول المواطنة الى علاقة عنفية إجتثاثية إقصائية تطهيرية .. سياسياً وطائفياً وعرقياً ومناطقياً ... الخ . ؟
تجذير الأسئلة ودفعها الى الغرين الوعر .. وان كان صادماً لم نعتاده ولكنه أمر في غاية الضرورة والأهمية لأن ادارة البلاد منذ 9/4/2003 جاءت بأعتى أعدائنا المحتلين ليدخلوا بيوتنا ويكشفوا عوراتنا لأننا صرنا لانملك كسلفنا (( أبن العاص )) .. الا عوراتنا نتقي بها المنون .. وكم يصدق علينا قول الشاعر أبي فراس الحمداني :
ولاخير في دفع الردى بمذلة كما ردها يوماً بسوءته عمرو
وصرنا لانقاتل اعداءنا إلابسوءاتنا كما قال من قبل ابن المنير :
بطـل بسـوءتـه يقاتـل لابـصـارمـه الـذكـر
ان ما رافق كل ذلك من أدلجة موجهة تنطلق من بؤر المقدس ( الدين ) لتخترق المنظومة الشعبية ووعيها البريء من خلال تركيزها على توظيف القلب وتدريبه على القبول والطاعة المطلقة مقابل تعطيل العقل أو قولبته آيديولوجياً لصناعة مجاميع بشرية مراهقة ومؤدلجة على أهبة الاستعداد للقيام بمهام أنتحارية لتصفية الأخر المخالف لمنظومة الأول الشمولية .. وهكذا كان منطق القداسة يؤسس للقواعد التي تناصب مفهوم الحرية الأنسانية عداءاً سافراً (( فكان أن خسر شبابنا حريتهم وتحولوا الى ألات تنفيذية مصمتة ، تعتدي على حريات الناس وحرماتهم وأفكارهم وعقائدهم )) .
ومع وهن الدولة وهزالتها بعد تفكيكها على يد المحتلين والمتصدين للسلطة بعد سقوط النظام الدكتاتوري صار (( الجامع أو المسجد أو الحسينية )) أخطر أجهزة التثقيف التي تروج للفكر الطائفي الألغائي بل كان الميدان الأكبر لتقاسم النفوذ في البلد بين السلطة ومليشياتها والمعارضة ومسلحيها حتى أن ما يجري في البلد يمكن تسميته بحرب الجوامع بعد أن صار الجهاد حمل البندقية والأنطلاق بها من جامع ما لضرب الأخر في جامع أخر ناهيك عن تدمير الجوامع والمزارات المتبادلة .. أما مواجهة المحتل فمتروكة لمعجزات السماء !!! .



#ضمد_كاظم_وسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عطر القرنفلة
- آيديولوجيا العولمة / من التوحيد التقني الى التشظي الثقافي
- نقد المنطق التحويلي
- ينام في الهوى قلبي
- شيم الملاح
- أبابيل شوق
- الأمن المائي
- تنهيدة العذر
- موقد الاحلام
- بوح
- عيادات ايقاف التدخين
- طائر الشوق
- الصمت الخافق
- السلطان محك الانسان
- الاسلاموفوبيا
- الديمقراطية في العصور القديمة
- نزيف الصمت
- أسرار المواهب
- الابداع/ تشفير النص .. ومفاتيح المتلقي
- التربية .. وآفاق المستقبل


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ضمد كاظم وسمي - نقد الثقافة العربية