أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ضمد كاظم وسمي - أسرار المواهب














المزيد.....

أسرار المواهب


ضمد كاظم وسمي

الحوار المتمدن-العدد: 2531 - 2009 / 1 / 19 - 07:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان متعدد المواهب ، لكنه كان يطارد مواهبه ويحاول جاهدا ان يدجّنها ويبحث لها عن ملاذات امنة ظناً منه انها تبيض ذهباً بعد ان صنع لها سلة عوسج جنيّة .. ولا يكترث ان يرمي بها في اقفاص محابسه ليملك عليها انفاسها ولايدعها تتنفس الاّ من رئته هو لا رئتها هي ، ويريد لها طريقاً ان تسلك الحد الفاصل بين الرغبة والرهبة ، وان تتقي الغوائل بغيرها وان اقتنت البِدَر وحدها.
ولكن ماذا عليه لوطاردته مواهبه واستفزته ليطلق ساقيه للريح التي لا تتوانى كعادتها وفي هكذا حال ان ترفعه على بساطها الخلاق . لكن انّى لمواهبه ذلك ؟ وهي تمتطي البراذين المجهدة بعد ان اوجس خيفة من ان تشامم الجياد الحسان والخيل المسومة لئلا تجنح بذاتها وتتعرى من اثقالها وتعرّج ببراقها في فضاءات اثيرها اللامتناهي.. فيسقط لجامها من يده وتتكسر اعواد عواسجها ويستحيل بيضها كتاكيت عبق وثراء فكر وتبرعرس ولجين جبين وقرط براءة وخال خد تقشر الابدان من رؤيته ويدعو الشفاه للثمه .
لأمرما يحتوش سراً ، البوح به دونه خرط القتاد صار الاديب جلاداً يستمرىء جلد مواهبه ... لكنه يستجدي معاشرتها فاذا دنا منها استحيت وان لامسها جفلت حتى اذا اراد وطأها قرّت واستكانت وهمدت من دون شبق والق! ماهكذا ياسعد تورد الابل .. متى يورق الحب بين الجلاد وضحيته ؟ فهو يريدها رقّاً وهي تطلبه عتقاً ، والامر يومئذ للخيال، فان سرحت ومرحت المواهب في مراعيه صارت مكتنزة بالابداع بضة تسر الناظرين من اهل الابداع والمتلقين ، وصار ماء الحياة يتدفق الى رحمها من يعسوبها - الاديب المتحرر لا الجلاد - يعبوباً زاخراً بعبقرية الانسان وعطاء الطبيعة .
وان ران صدأ الواقع على هاتيك المواهب واسّرها جلادها في شرنقة امبريقيته ، صكت وجهها وانكمشت على ذاتها من فرط صقيع ذلك الواقع . فالواقع حالة فجة وممجوجة يقاضيها الاديب المتحرر بالخيال فيما يكون الاديب المحافظ جزءاً من ذلك الواقع ولا يميل الى مقاضاته البته !! .
وان موقف الاخير هذا من اسرار الكون والغاز الحياة يشبه موقف ذلك الطفل الذي وصفه نيوتن قائلا : (( ان الانسان يشبه طفلا يلعب على ساحل بحر واسع ، وان كل ما عمله حتى الان هو التقاط بعض الحصى وبعض الاصداف ... )) . وبخلاف ذلك فان المبدع يمارس سلطته على الطبيعة - كموقف من اسرار الكون والغاز الحياة - من خلال الخيال ، وغيره يمارس ذات السلطة من خلال الآلة.. فالخيال هو الحاضنة المتفردة للعبقرية .. التي ديدنها تحرير العقل الزاخر بالتجريد ، واعادة تشكيل الواقع الموبوء بالابتذال . بهذا الروح العرفاني .. وبهذا الوجدان الصوفي العارم يجعل الفنان مواهبه صادقة دافئة تنبعث الى النفوس حولها فتحرك فيها نزعات انسانية كامنة املاً في ترقيق وجه الحياة القاطب وتدرير ضرع الواقع الضامر .. (( ان اجمل انفعال يمكن ان تهتز له نفوسنا هو الانفعال الصوفي ، فهو اصل كل فن وكل حق ، فمن ينعدم فيه هذا الشعور ، ولاتجد الدهشة سبيلاً الى نفسه ويحيا هلوعاً جزوعاً ... ان هذا ميت والسلام )) .. فالاديب الحق من شكّل ادبه حالة حضور وتجلي ، عندما يتحد فيه الحقيقي والمتخيل والعرفاني .. وتترك كلماته واثاره في نفوس الناس وقلوبهم من فعل واستجابة ما تعجز عنه كلمات الاخرين ودعواتهم الكثيرة !! . فهذا السيبياد يخاطب سقراط قائلاً : (( ان كلماتك تسيل الدموع من عيني ! ولست الوحيد في ذلك ، بل انني ارى عدداً كبيراً من الناس يشعرون بنفس الانفعال الذي اشعر به ! )). ومن الغريب والطريف معاً على حد وصف جورج جرداق ان يحدثنا المحدثون ان مثل هذا التاثير على الناس كان لابن ابي طالب . فهذا كميل بن زياد يقول انه كان يسال علياً فيجيبه ، فسرعان ما تنهل الدموع من عينيه حتى تبلّل قميصه ، وهذا الكاتب المصري عبد الفتاح عبدالمقصود الذي كتب عن علي بحميمية كبيرة قال في ما معناه : تعلمت حب علي بن ابي طالب من أبي فانه ماذٍُكر في بيتنا علي قط الا وفاضت عيناه بالدموع . ان من يقرأ علياً وسقراط واشباههما قراءة منصفة تبتغي وجه الحق لا يملك الا ان يغمره جمال انفعال صوفي تهتز له نفسه توقاً الى الانسانية المؤمنة بالانسان المبدع ، وقيم الحياة الجليلة ، وخير الوجود الشامل ، فهذه الذوات العبقرية تجسد كل ذلك عندما تتحد افكارهم وعواطفهم واعمالهم واقوالهم فاذا هي بوتقة واحدة فيها الصدق كله والحياة بأجلى مباهجها والانسان بأقصى مواهبه . ولكن كل ذلك معفّر باحزان الخيرّين ومآسيهم !!! .



#ضمد_كاظم_وسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الابداع/ تشفير النص .. ومفاتيح المتلقي
- التربية .. وآفاق المستقبل
- مستلهم الاوجاع وحكواتي الامتاع
- الثقافة العربية وكراهية الحداثة
- رهاب المرأة
- العرب والديمقراطية
- الدين والسياسة
- نحن والحداثة
- عين السمكة
- النقد الادبي واشكالية المعنى
- تصفية العلماء والكفاءات
- الابستمولوجيا بين الفلسفة والعلم
- الحداثة .. ومأتمية النهايات
- جدلية الادب والحياة
- قرن الهزائم العربية
- نقد الحداثة / آيديولوجيا النسق المغلق ودينامية التحكم المحاي ...
- اشكالية العقل المتمحور حول المقدس
- احتفالات الاعياد في ديالى
- الاستخراب الامريكي
- تقنية كتابة الرواية


المزيد.....




- روسيا توقع مع نيكاراغوا على إعلان حول التصدي للعقوبات غير ال ...
- وزير الزراعة اللبناني: أضرار الزراعة في الجنوب كبيرة ولكن أض ...
- الفيضانات تتسبب بدمار كبير في منطقة كورغان الروسية
- -ذعر- أممي بعد تقارير عن مقابر جماعية في مستشفيين بغزة
- -عندما تخسر كرامتك كيف يمكنك العيش؟-... سوريون في لبنان تضيق ...
- قمة الهلال-العين.. هل ينجح النادي السعودي في تعويض هزيمة الذ ...
- تحركات في مصر بعد زيادة السكان بشكل غير مسبوق خلال 70 يوما
- أردوغان: نتنياهو -هتلر العصر- وشركاؤه في الجريمة وحلفاء إسرا ...
- شويغو: قواتنا تمسك زمام المبادرة على كل المحاور وخسائر العدو ...
- وزير الخارجية الأوكراني يؤكد توقف الخدمات القنصلية بالخارج ل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ضمد كاظم وسمي - أسرار المواهب