أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضمد كاظم وسمي - نزيف الصمت














المزيد.....

نزيف الصمت


ضمد كاظم وسمي

الحوار المتمدن-العدد: 2541 - 2009 / 1 / 29 - 04:22
المحور: الادب والفن
    



تنفس الصعداء بعد ان غرب عنه ذلك الوجه الشائه انحدرت من عينيه دمعة حارة كجمرة صارت تكبر كلما تدحرجت ككرة ثلج ، ولهبها يلفح ويحرق ولايحفل بشيء كنار شبت في هشيم .. حتى تعملقت دمعته وتفاقم حجمها بشكل مهول كعفريت وحسب انها صارت بحرا مسجورا لأواره ألْسنة من لهب تلحس صفحة السماء . جفل بعد ان تناهى الى اذنيه المرهفتين صوت نحنحة غليظة .. فسارع يندس في فراشه المتهرىء كثوبه الذي ازدان بالرقع الفاقعة .. التي يتندر بها اترابه كلما حاول ان يلعب معهم في الزقاق .. لذلك كان يؤثر الانزواء ويخلد الى الانطواء فان الوحدة تكبله بقيودها الثقيلة رغم ما يحيط به من وجوه كثيرة .. فما كان يرى سوى المسخ منها وجوه مطهمة تحدد النظر صوبه فترمض وجهه بفحيحيها وتدمي اعطافه بوخزها .. لايمكنه اتقائها الا بان يتلذذ بعلقم المها وينتشي بنخب عبوديتها .. وجوه اخرى مستطيلة وبعيون عمودية ترعبه حتى يتمزق اهابه من فرط القشعريرة التي تنتابه من رؤيتها وجوه اخرى عيونها في قفاها .. امرها مريج فتضله الحيرة ويتوه في حيص بيص اينظر الى الوجوه ام الى العيون ؟ ينتابه الدوار ويتلبسه الخور ويتهاوى مترنحا كجمل طعين فيركله اصحاب تلك الوجوه مجتمعين وبضربة واحدة ليحلق باتجاه السماء كصاروخ ويستقر في نقطة بين السماء والارض يتحسس وجهه المواجه للارض فلم يعثر على عينيه .. تلمس قفا راسه فاذا بعينين تنظران الى السماء ... وان ثمة شعاعا يمتد منها الى السماء يمنعه من العودة ثانية الى الارض .. وجوه اخرى طروب مقهقهة تغمزه من قناة تفكهها تصطنعه كملهاة ليومها تقلبه ليتمرغ رأسه في الثرى البليل بلعابها .. فيما كانت رجلاه تفحصان بالثريا فتسقط تلك الوجوه على قفاها من هوس ضحكها بينما كان جسده كمهماز لايستقر .. يهتز كالطير المذبوح ..
انبجست عيناه وهو يشرق باهة ملتاعة وينفث صرخة وؤودة لكن الصمت الذي طوقوه به حتى ذاب فيه ما كان له ان يجثم على حياته لولا ذلك اليوم المشؤوم عندما انتزعوه من حضن امه التي اخبلتها الواقعة .. وهي تطلق صرخات ذعر تنزف ضراعة وتوسلا بكل مقدس وغير مقدس حتى اذا ياست صاحت بهم ..
_ ويحكم من أي تراب انتم ؟
فركلها بعنف طليقها وقهقه عاليا وهو يقول :
_ لا لسنا من تراب بل نحن من ................. !
اشدهه فزع الواقعة لم يستطع ان ينبس ببنت شفة اشاعوا انه مصاب بالبكم فيما راه اخرون مكمم الفم كانت الكمامة من القساوة مما افقده القدرة على النطق لاحقا .. منذ ذلك اليوم صار يخشى ان ترتطم عيناه بوجه ابيه الذي لم يمنحه ولو كسرة من طمأنينة لطالما حاول الا يستذكر ذلك الوجه لكنه لم يستطع منه فراراً .. كان وجها متصفحا متجهما افرق الاسنان احول العينين كالحجاج اذا دارت احدى عينيه سكنت الاخرى .. ومن عجيب امرهما انهما اذا تدابرتا بلغتا اقصى العينين كخط مستقيم واذا تلاقتا تعانقتا ادنى العينين حتى تتلاشيا تماما ..
كان ابوه يصفعه باليد التي تتحرك العين من جانبها .. فاذا تدابرت عيناه ضربه بكلتي يديه .. اما اذا تعانقتا فينطحه برأسه كالكبش .. ولو تعذر تحقق أي من الحالات السابقة فلا يملك الا ان يتفنن بركله بارجله كلاعب كرة ماهر .. فتدور الارض بالطفل وتصغر حتى تتدحرج بين يديه ككرة قدم .. لكن قدميه لا تقويان على ملامستها فيتكور على بعضه وتدور اشلاؤه على احشائه كانه يتقيء حياته ..
استسلم الى اغفاءة حبلى بترقب قلق .. رفسة رافقتها زعقة مقيتة جعلت الطفل اليافع ينتفض ويدعك عينيه فزعا هلعا .. زوجة ابيه تامره ان يلحق ابيه الى الحقل .. فانسرب كثعبان لا يلوي على شيء .. بعد ان تلمس خده المتورد المحتقن اخذ يركض هائما على وجهه الذي طفق يتشكل بانواع الوجوه المسخة .. اين حقل ابيه ؟ لم يحفل بالجواب ها ان الارض تميد به كسفينة في بحر متلاطم وان الاشجار تركض معه وتتطاول ثم تسيخ رؤوسها في الارض كأعجاز نخل خاوية تعددت الوجوه بتشكلاتها بل احس بوقع اقدام شخصياته المتكاثرة لا بل ظن انها اقدام مجهولة تطارده .. اقشعر بدنه توجسا وخيفة اذ طن في اذنيه صوت جدته وهي تحكي له عن الجنيات فأكتظت الارض بكل اشكال و انواع الانس والجن والحيوان والنبات والجماد وكلها تجري به او معه حتى ظن انه يوم المحشر .. اصطدم بصخرة صماء فتملص منها بانهاك : اليك عني ما اشبهك بوجه ابي ! قطعت طريقه شجرة شوك واخزة .. راودته رغبة لسحقها بحافره المدمى :..
_ لعنك الله يا ذات الوجه الشائه .
وعندما انهكه التعب وتمكن منه النصب اقعى على مقربة من مغارة قفز منها وحش كاسر والطفل يحدج فيه مطمئن البال .. ليس في قلبه نامة من خوف تقدم نحوه الوحش وقد كشر عن انيابه تذكر وجه ابيه وراحت تجتمع حوله كل الوجوه المسخ وهي تصفق للوحش وتحضه على التهام الطفل .. زعق الوحش صك اذنيه صوت زوجة ابيه ذات الوجه الشائه .. كاد يصاب بالصمم من جلبة الغوغاء ونباح الشغب .. قبض الوحش على الطفل من كتفيه لينيمه في بطنه .. عندها تذكر امه وهي تهدهده وهو يرقد في حضنها قرير العين .. نطق الطفل بطلاقة : لاول مرة سأخلد الى نوم عميق دون منغصات .



#ضمد_كاظم_وسمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسرار المواهب
- الابداع/ تشفير النص .. ومفاتيح المتلقي
- التربية .. وآفاق المستقبل
- مستلهم الاوجاع وحكواتي الامتاع
- الثقافة العربية وكراهية الحداثة
- رهاب المرأة
- العرب والديمقراطية
- الدين والسياسة
- نحن والحداثة
- عين السمكة
- النقد الادبي واشكالية المعنى
- تصفية العلماء والكفاءات
- الابستمولوجيا بين الفلسفة والعلم
- الحداثة .. ومأتمية النهايات
- جدلية الادب والحياة
- قرن الهزائم العربية
- نقد الحداثة / آيديولوجيا النسق المغلق ودينامية التحكم المحاي ...
- اشكالية العقل المتمحور حول المقدس
- احتفالات الاعياد في ديالى
- الاستخراب الامريكي


المزيد.....




- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ضمد كاظم وسمي - نزيف الصمت