أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - مستويات هابطة















المزيد.....

مستويات هابطة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2891 - 2010 / 1 / 17 - 21:13
المحور: كتابات ساخرة
    


بدأت أنا وهو وبعض الأصدقاء مشوارنا الأدبي والكتابي فمنهم من مات في ظروف عادية ومنهم من انتحر ومنهم مازال ينتظرُ مصيره , ومنهم من باع قضاياه بكرسي وطاولة وسلة أوراق ومروحه يابانية أو صينية ومنهم من تزوج عاهرة لتنفق عليه ومنهم من استبدل الثقافة بسجادة مسجد مقابل 200دينار أردني في كل شهر , ومنهم من ترك البلد إلى غير رجعة ومنهم من ترك الكتابة مقابل وظيفة رئيس ديوان في إحدى الدوائر الحكومية , ومنهم من أصبح بلا ذاكرة ومنهم من أصبح كله عبارة عن ذاكرة نشيطةفأصيب بالسكتة القلبية.

صدقوني هذا صديقي ويعرف أنني أكتب هذا المقال عنه وهو يعترف بمستواه الهابط الذي أوصله لأعلى المستويات ,وقد كان يدرك أن مستواي الثقافي الكبير سيوصلني إلى أقل وأهبط المستويات الاجتماعية , ولكن لشدة غبائي أدركتُ ذلك متأخراً.

كنا أنا وهو والشاعر سلامه شطناوي أصدقاء , وكان سلامه شطناوي شاعراً مميزاً لا يشقُ له غبار ولكنه مات منتحراً سنة 1998م أو مات في حادث عرضي كما قال أهله وأنا وقتها كنتُ قد فصلت من عملي ...إلخ وصديقنا الأخير كان يكتب كل أنواع الأجناس الأدبية دون جدوى فهو يعترف لي فقط أنه لا يستطيع الكتابة وكان يطلعني أنا والمرحوم سلامه شطناوي أولاً بأول على كل نتاجاته الأدبية من شعر وقصة قصيرة وكنتُ أموتُ من الضحك عليه وعلى كتاباته , ولكن الغريب في الموضوع أنه كان مبسوط جداً من مستواه الهابط في الكتابة وكنتُ في كل مرة أشير إليه بمستواه الهابط وأقول له : إنت شو بدك بالأدب شو فلك شغله ثانيه أحسن ليك , فكان يقول بالعكس المستقبل لي أنا مش ليك,وكان يفرح وكنتُ أعجبُ من ذلك الفرح ولم أكن أعرفُ وقتها أن المستويات الهابطة في بلدي عليها طلب كثير ومحبوبة ولها شعبية واسعة وكان يرفض أن يحسن من مستواه الأدبي في الكتابة وكان يقول لي (العبقرية والفلسفه خليتها ليك) وكنتُ أعتقد وقتها أنني سأصبح أكبر كاتب في الشرق الأوسط بل وفي العالم وفي البداية كنتُ أعتقد ُ أنني سأصبح أكبر كاتب أردني وهو سيصبح أستاذ مدرسة أو موظف بسيط أو كبير في إحدى الدوائر الحكومية وكنت بصراحه ماخذ في حالي مقلب كبير .

دخل ذلك الرجل في إحدى المرات غرفة مكتبه وأراد أن يكتب مقالاً فوضع الأوراق على المكتب ومن ثم أمسك بقلم حبر سائل نوع (ريشه) ووضع رأس القلم فوق الورقة ليكتب شيئاً فلم يجد ما يكتبه وغرفة المكتب مجهزةٌ بأحدث التقنيات والوسائل والأدوات القرطاسية رغم أن حياة الناس مليئة بالأحداث والأخبار السياسية تملأ الصحف والمجلات ولكن الكاتب لم يجد شيئاً ليكتبه ومن ثم راودته الشكوك بأنه لا يستطيع الكتابة ولكنه لم يستسلم فأراد أن يكتب مقالاً يهزُ فيه العالم وحين يئس من مقال يهزُ فيه العالم فكر بمقالٍ يهزُ فيه بلده وموطنه ولكنه أيضاً لم يجد ففكر في مقالٍ يهزُ فيه الحارة التي يسكنُ فيها فلم يجد أو لم يستطع الكتابة ومن ثم قال يجب على الأقل أن أجد مقالاً أهزُ فيه (أبو أحمد الحداد) الذي يملكُ محل لصنع الأبواب والشبابيك الحديدية في حارتهم ومع ذلك لم يستطع أن يجد مقالاً يهزُ فيه صانع الأبواب والشبابيك الحديدية أو صاحب المخبز(الفرن) , إن للكتابة أصول وموهبة لا يمتلكها ولكنه رغم كل ذلك مصر على أنه كاتب جيد ويستطيع الكتابة أو التأليف .

وذات يوم اعتقد انه كاتب قصة قصيرة فكتب أكثر من 15 قصة قصيرة يستطيع القارئ بعد قراءتها أن يطلق عليها ما شاء من أسماء ومن أنواع وأجناس أدبية غير أن القارئ لا يستطيع القول بأنها قصة , وكذلك حين يكتب الشعر فيستطيع القارىْ أن يقول عن شعره كل شيء ما عدى أنه شعر فلا أحد يقرأ أشعاره وهو مصدق أن هذا الذي يقرأه شعر , وهو اليوم يستعد لكتابة رواية ولكنه لم يرسل لي بنسخة إهداء وقد سمعتُ من أحد الأصدقاء أن روايته نزلت السوق ولكنه رفض أن يرسل لي بنسخة إهداء معللاً ذلك بأنني لا أجيد قراءة الرواية والسيناريوهات العظيمة التي في قلب الرواية .
وما زال حتى هذه اللحظة يحاول ويحاول وهذه المرة حاول أن يكتب قصيدة شاعرية وقد سمع من الناس أن الشعراء يسكرون ويشربون مشروبات روحية فملأ غرفته بالمشروبات وبالدخان و ملأ رأسه ومعدته بالخمرة وجلس في غرفة مكتبه ونظر في سقف الغرفة وأحرق أكثر من 3 باكيتات من السجائر ولم ينزل عليه وحي الشعر , ثم فكر في طريقة أخرى تجعل منه أديباً فحاول أن يعشق وأن يعاني مرارة العشق فقد سمع من الناس أن الشعراء الناجحون هم أولئك الذين يعشقون ويحبون ويسهرون ويعانون مرارة وآلام الهوى فجرب كل أنواع الهوى ,الغربي والشرقي والشمالي والجنوبي ولم تفلح كل تلك السحب والغيوم بأن تجعل منه كاتباً أو شاعراً .

ثم قال يبدو أن التشرد والحياة القاسية هما من يصنع من الكُتّابِ كُتاباً , ولكن كيف لهذا الرجل أن يقاسي وأن يعاني وهو في رخاء مستمر .

منذُ 1000عام ظهرت أرخص وأهبط القصائد الأدبية على يديه , ومنذ 1000عم ظهرت أهبط أنواع المقالات الاجتماعية على يديه وكتب أنواع وأجناس أدبية هابطة كانت أهبط أنواع وأجناس الأدب العربي منذ أن تأسست دار الحكمة في بغداد حتى اليوم , وكانت كل أجناسه الأدبية هابطة المستوى ومنخفضة وتعتبر كتاباته منخفضة جداً أكثر من مياه البحر الميت الذي ينخفض تحت مستوى سطح البحر ب 207 أمتار , ومع كل ذلك يعملُ هذا الشخص الآن رئيس تحرير جريدة (..) ومحرر في مجلة (...) ومدقق لغوي في مجلة (....) وعضو هيئة تحرير لمجلة (....) ودخله الشهري من مقالاته وكتاباته الهابطة يعادل دخل أعظم كاتب في صحيفة (نيورك تايمز).

واليوم مطلوب مستويات هابطة في الفن التشكيلي فعلى من يرى في فنه مستوى هابطاً فليتقدم بنتاجاته , ومطلوب في الوطن العربي مستويات رياضية هابطة جداً مثل ألعاب القوى وكرة القدم والسباحة والملاكمة , ومطلوب ممثلين من أهبط أنواع الممثلين ومطلوب مهندسين من أهبط أنواع المهندسين ومطلوب مدراء شركات بلا خبرات ومطلوب فنيين من أهبط أنواع الفنيين ومهنيين من أهبط أنواع المهنيين ومطلوب رسامين من أهبط أنواع الرسامين , والمطلوب هو فن هابط وتمثيل هابط وكتابة هابطة ومسرح هابط ودوائر حكوميه هابطه وإنتاج تلفزيوني هابط .




#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كانت أمي2
- وزارة الثقافة الأردنية دون بيان الأسباب
- كانت أمي1
- لو تعتنق أوروبا الإسلام
- كان أبي
- سيرة أمي المرضية
- أمي على مائدة الطعام
- اللغة السريانية والمسجد الأقصى
- الخلفيه الثقافيه
- الحياة العامة في الأردن3
- العلاج بالقرآن الكريم
- من نوادر البخلاء
- بيت الكرم1
- كيف أصبحت الأنثى امرأة؟
- وجه الشبه بين زوجتي والحكومة الأردنية 2
- مثقف أردني يحكي قصة اضطهاده2
- مثقف أردني يتحدث عن نفسه2
- ضك الجينز
- المرأة مصنع الرجال
- المخلوق العجيب


المزيد.....




- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - مستويات هابطة