أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - المرأة مصنع الرجال















المزيد.....

المرأة مصنع الرجال


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2866 - 2009 / 12 / 23 - 11:40
المحور: حقوق الانسان
    


أكبر وأضخم مصنع هو معدة الكائن الحي , والأكبر والأضخم من ذلك هو رحم المرأة الذي يقوم بصناعة الأولاد.

هذا المصنع لا ينتج الأولاد لوحدهم بل أيضاً ينتج الحليب الذي يغذيهم ويعتني بمظاهر الحياة العامة وهذا المصنع لم يكن يربي الأولاد فقط لا غير وإنما كان يقوم بتربية الأبقار والمواشي والدجاج ويبيع بيض المائدة , وكان في السنين القاحلة يتحول للعمل في بيوت الجيران وحقولهم حتى أصبح صاحب المصنع يملك أكبر قدر من المواشي والأولاد وكان يفرح وينبسط ويسطهج من زوجته إذا انجبت له ذكراً كما ينبسط ويسطهج من البقرة التي تلد له عجلاً, وكان يحترم القط الذي تلدُه قطةً وكان يحترم الحنيش ذكر الحية (الأفعى) وكان يحب الأسود والنمور والتيوس والثيران , والثيران كان يعتبرها رمز الحياة ورمزه العائلي فكل عائلته كانت وما زالت تحترم الذكورة الجامحة, ولكنه وكان يدري أن كل هذه الأشياء ينتجها المصنع الأنثوي, ولكنه مع مرور الزمن فقد احترامه للأنثى ليحترم ما تلده من ذكور ومع مرور الزمن نسي الأنثى نهائيا.

حين تقدم لخطبتها لم يكن يملكُ في جيبه إلا بعض القروش , ولكنه كان يعلمُ أنها مصنع كبير ستدرُ عليه دخلاً كبيراً ,وكانت القروش التي في جيبه يوم خطبها لا تكفي لتوصله من بيته إلى بيت أقرب مأذون و كانت هي تعرفُ كل هذا عنه ولم تكن تأبه بمثل تلك الشكليات التي تهتمُ فيها معظم نساء البلدة لأنها تعلم أنها مصنع سوف يعمل على تكرير الأولاد والأجبان وكانت تقول : كل الناس بتكون حياتهم هيج(هيك) وبكره الله برزقنا وحتى وإن كانت تعرفُ غير ذلك فالأمر والموضوع لم يكن بيدها بل كان بيد ولي أمرها الذي اتفق مع أب الزوج على كل شيء قبل أن يشاور العروس أو أم العروس فقد كانت هي آخر من يعلم فأول شخص شاوره وأخذ برأيه كان ابن عمها ثم ابن عمها الثاني ثم ابن عمها الثالث وفي النهاية قال لها :

-يوم الجمعه اللي جاي علينا على خير وسلامه وهداة بال بدنا نعمل عرسكوا انت و....
ثم غاب في العتمة وتوارى عن الأنظار,وتزوجته على سنة الله ورسوله وكانت تكافح معه لوحدها وإن صح التعبير كانت تكافح من أجله ومن أجل بيته وألاده ,وكانت تقول في كل عام : بكره برتاح بس يِكوّن الزلمه نفسه.

وكانت هي صاحبة ورائدة المصنع وكل شيء فهي أول من غرس ال 100شجرة زيتون حتى أصبح لزوجها مصنع زيت بلدي خلف بيته وكانت تغرسها في يوم محدد من أيام السنة من كل عام في يوم لم يكن فيه العمال يحتفلون في عيدهم بل في يوم كانت هي تحتفلُ فيه بعيد الشقاء والتعب .
ومن ناحية جمالها كل أو كافة بنات القرى جميلات ولكن طبيعة النشأة والتكوين تعملان على خلق ندوبات في الوجه وتجاعيد تبدأ على أطراف العينين من شدة التعب والإرهاق في سن مبكرة والزوجات الفلاحات أصلاً يعملن ويتعبن أكثر من الأزواج لذلك يحتفظ رجال القرى بنظارة وجوههم بينما تكبر النساء في سن مبكرة بسبب أعمال المصنع .
وحين تزوجها كان وزنها لا يتعدى ال 50 كيلو غرام ولكن مع كل حمل لها كان يزداد وزنها ولأنها كانت تضع بيضها عفواً أقصد حملها ,نعم, فحين كانت تضع حملها في كل سنة كان الشحم يزداد كثافة في الردفين والفخذين ومع مرور الأيام ازدادت المرأة اتساعاً في شكل جسمها العرضي مع ازدياد المصنع في شكله وحجمه مما يلفت النظر بأنها قصيرة وبدينة , أما بالنسبة للزوج فمع ازدياد نسبة البيض أقصد نسبة المواليد كان يزيد ثراءه وجاهه حيث كان الأولاد بمثابة العمال والشغيلة في مصنعه والذين سينضمون في كل عام لقائمة الحراثين والمزارعين ,كل هذا على حساب المصنع الكبير.

اللهجة الثقيلة التي تتحدث فيها بنات القرى والأرياف تجعلُ شكل فم المرأة يميلُ نحو اليمين أو اليسار على حسب الجهة التي تلوي فيها الحروف الصادرة من فمها وهذا الشيء يثبت للأزواج أن زوجاتهم لا يتمتعن بالنعومة التي تتمتع فيها بنات المدن اللواتي تخرج حروفهن خفيفة وناعمة مما يؤدي على مدى الزمن الطويل بزيادة خفة الفم ولطافته بعكس الفلاحات.

تلك السنين التي قد خلت لم تكن محسوبة من عمر زوجها , فبعد أكثر من عشرين سنة من الزواج فيها اكتشف أنه رجلٌ وسيم وأنه كان مظلوماً مع امرأة ثيابها تتسخُ يومياً وفمها أعوج وكتفها الأيمن يرتفع عن الأيسر واكتشف أيضاً أن في عامودها الفقري انحراف بسيط نحو اليمن وتمشي بشكل مُحدب وهي تعمل داخل المصنع أو المنزل وكانت معظم الروائح التي يكره شمها تصدرُ من ملابسها مثل الثوم والبصل ورائحة أدوية الغسيل,وروائح الطبخ.

ولم تكن الزوجة تشعرُ بذلك بل كانت تهبُ نفسها لبيتها وأولادها كما يهبُ العُباد والنسّاك أرواحهم للإله أو كما يهبُ الجنود أرواحهم للموت في سبيل أوطانهم , وهذا إن دل على شيء فإنما يدلُ على أن الزوجة كانت أوفى من الكلاب لزوجها وأوفى من الجنود لزوجها وأخلص من النسّاك والعبّاد لزوجها وبيتها وأولادها .
أكثر من ربع قرنٍ على العمل المضني والمتعب في البيت وخارجه أحياناً أدت هذه الأعمال على خلق تشوهات خلقية في جسم المرأة , فكثرة العمل داخل البيت أدى إلى ظهور دسك كبير أو انزلاق غضروفي كبير بين الفقرتين الرابعة والخامسة وأيضاً ألم كبير في العجزية الأولى والعجزية الأخيرة من آخر مفصل من مفاصل العمود الفقري , وهذا طبعاً كان وما زال يؤثر على جماليات مشيتها والتي أثبتت للزوج أنه رجل قد ظلم مع هذه المرأة التي لا تستحقه وأثبتت التجارب له مع طول الأيام أنه يستحقُ امرأة أجمل منها بكثير فهو يستحق امرأة من ذوات الغنج والدلال فهذه المرأة التي تنامُ معه في الفراش ما هي إلا حشرة النوم التي ترافق الإنسان أثناء النوم وتشاركه غطاءه.

وكان يخجل أحياناً من القول أنه يريد زوجة جميلة بل كان يقول: الله..الله .....والله بشفق على زوجتي تعبت وكبرت وبدي أجيب وحدها اتريحها وتخدمني وتخدمها وإذا انها متضايقه ما بدي اياها تخدمها خلص بخليها تخدمني أنا وحدي , انا قصدي إنها ترتاح وتستريح ..الله يعطيها العافيه, وقد أصبح يزعجه صوت زوجته وصوت المصنع فالأبقار والماشية لم تعد تليق بمستواه وقد انزعج هذا اليوم وصارت روحه في مناخيره (أنفه).

-شوهاظا؟؟شوهاظا..

-مالك يا زلمه شوفيه؟

-أي روحي عني انت الثانيه ريحتك كلهاوسخ.

-شو؟؟؟هسع قرفان مني؟

-إيه شو هذا !!.

-مالك يا زلمه واقفلي على زقره.

-أنا الحق عليّ.

-لا اتصيح ..إذا انك شايف شوفه الله ومحمد معك .

-انا يوم ما تزوجتك ما كنت في كامل قواي العقليه.

-وانا كنت قاصر.
هنالك من يعمل من أجل نفسه يركضُ ليلاً ونهارا هنا وهناك ويعمل بيديه ورجليه من أجل تحقيق الذات .
هنالك من يعمل من أجل بطن وكرش سيده تماماً كالكلب الذي يركضُ خلف طريدة سيده من أجل بطن وكرش سيده وليس من أجل ذاته.

وبعض النساء يعملن من أجل أبنائهن وبعضهن من أجل أزواجهن أما هذه السيدة فقد كانت تعملُ طوال حياتها من أجل أن توفر منزلاً جميلاً لسيدة أخرى ستأتي في القريب العاجل لتأخذ مكانها ودورها.
خدمت في بيت الزوجية مدة أكثر من ربع قرن صنعت خلالها مزرعة وبيتاً ورجالاً أشداء أقوياء وقفت خلفهم وإلى جانبهم حتى أصبحوا من أشهر رجال البلدة , كانت تموت في كل يوم ليعيش أبناءها , وكانت تنتحر كل يوم في العمل من أجل أن يعيش أولاد البقر والحمير والديكة والكلاب مثلها مثل أي امرأة تعيش دون أن يذكر اسمها , فالأولاد اليوم يحملون اسم الأب والجد وجد الأب وجد الجد , ولا يحملون اسم المصنع الذي أنتجهم.

لقد أثبتت التجارب والأيام بما لا يدعُ مجالاً للشك أن كثرة العمل للمرأة داخل المنزل يعمل بالنسبة لها على توفير الحياة الكريمة لها ولأولادها , فهي التي تقومُ بكل شيء أثناء حضور الزوج وأثناء غيابه , وعمل الزوج بفائض إنتاج المصنع محلاً تجارياً يبعده عن العمل داخل المنزل وقام بتوظيف ثلاث (بنات) فرافير –سنافر-للترفيه عنه فكانت في كل يوم تقوم بالعملية واحدة منهن على حسب مزاجه وحين يزهق منهن كان يقوم بتسريحهن من العمل بحجة ضعف إيرادات محله لكي يتسنى له التسلية بثلاث بنات فرافير جدد وهكذا دواليك.
.





#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخلوق العجيب
- تحديد النسل من وجهة نظر سياسية
- أسئلة الأطفال
- نقاش عام عن المرأة
- الملابس الإسلامية
- الشخصية المثقفة والشخصية العادية
- الاسلام لا يصلحُ لكل زمانٍ ومكان
- اعصابي هادئة
- طز يا حمد
- هيغل1
- ضمانات البنوك الإسلاميه
- على قد السمع
- رسالة إلى المفكر الكبير طارق حجي
- حقيقة المناضلين ضد الاستعمار
- حين أكتب1
- الأبوة الروحية المسيحية
- كيف فقد الإنسان الفردوس الدائم؟
- نساء متمردات1
- أوهام
- الإنسان في العقيدة الدينية


المزيد.....




- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...
- إعادة اعتقال أحد أكثر المجرمين المطلوبين في الإكوادور
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جهاد علاونه - المرأة مصنع الرجال