أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام عبد العزيز المعموري - أطفالنا والتفكير الابداعي















المزيد.....

أطفالنا والتفكير الابداعي


عصام عبد العزيز المعموري

الحوار المتمدن-العدد: 2878 - 2010 / 1 / 4 - 00:56
المحور: الادب والفن
    



يرى الكثير من المختصين في التربية وعلم النفس أن الأطفال يولدون ولديهم القدرة على الإبداع ، وبعد ذلك يترك الدور للكبار لدعم أو إخماد هذه القدرة ، وانه من الخطأ تقسيم الأفراد إلى فئتين ، مبدعين وغير مبدعين ، لأن الاختلاف بين الأفراد كمي وليس نوعيا" ، فالجميع مبدعون والتفاوت بينهم كمي .
يحدد د0 علي راشد التربوي المصري سمات المناخ الأسري التي تساعد على تنمية القدرات الإبداعية لدى الطفل فيما قبل المدرسة بنقاط يمكن إيجازها كالآتي :
1- لاينبغي أن يدخل الطفل في قالب معين يريده الوالدان ، انه كائن حي يعيش آلاف التجارب ويمر بظروف ومواقف مختلفة ، ومحاولة إكراهه على انتهاج طريق معين دون إقناع سيسبب له الفشل والإحباط وللوالدين الإرهاق العصبي . وأفضل مايستطيع الوالدان عمله هنا ، هو إشعار الطفل بالأمن والاطمئنان وترك الحرية له بالاختيار 0
2- تخلص المناخ الأسري من الأساليب غير السوية في تنشئة الطفل مثل القسوة واستخدام أساليب الضغط والتهديد والتوبيخ والسخرية والعقاب البدني في معاقبة الطفل ومطالبته بمطالب وسلوكيات يعجز عن تحقيقها وهذا يؤدي إلى ضعف ثقته بنفسه وميله إلى الانطواء والخضوع للسلطة أو التمرد عليها والخوف منها ، وان التدليل والحماية الزائدة للطفل من قبل احد الوالدين أو كليهما يؤدي إلى جعل الطفل اتكاليا" وأنانيا" مفرط الحساسية ، غير قادر على تكوين علاقة اجتماعية سوية ، وهذا يجعل منه طفلا" معاقا" نفسيا" ، إضافة إلى أن التفرقة بين الأبناء في المعاملة وتذبذب سلوك الآباء تجاه الطفل وعدم ثبات هذا السلوك واستقراره كلها مجتمعة تخمد قدرات الطفل الإبداعية 0
3- إن تعويد الطفل على التفكير الإبداعي يمكن أن يتم من خلال لعب الطفل وخاصة الأدوات التي تحتاج إلى الفك والتركيب وانجاز المهارات والقدرات الفنية في الرسم والمهارات الحركية المتنوعة ، فكل هذا يعمل على تنمية القدرات الإبداعية لدى الطفل
4- ينبغي على الوالدين احترام محاولات الطفل التي تصدر منه لمعرفة مايدور حوله ، واحترام أسئلته وتشجيعه على الاستفسار ، واستغلال حبه للاستطلاع وميله للاستفسار وتوجيه الأسئلة بأن يجعلا هذه الأسئلة أداة تحفزه على التفكير وللاستفسار مع مراعاة عدم اللجوء في جميع الأحوال إلى تقديم الإجابات أو الحلول بصورة مباشرة وهذا تحد هادف لقدرات الطفل العقلية لتنمية هذه القدرات ومنها القدرات الإبداعية .
5- تحلي الآباء بالصفات والقدرات الإبداعية ، إذ يشجع هذا أطفالهم على أن يقلدوا ويتوحدوا مع آبائهم في هذه القدرات ، فالآباء الذين يهمهم تنمية قدرات الإبداع عند أطفالهم غالبا" ماينسون أنه يمكنهم أن يكونوا نماذج في هذا المضمار ، فالقدرات الإبداعية يمكن نقلها عن طريق القدوة الحسنة .
يصنف المنظر التربوي الأمريكي بلوم Bloom المستويات المعرفية إلى ستة مستويات عقلية ويشبهها بهرم أسماه هرم المستويات المعرفية حيث وضع فيه ستة مستويات هي : التذكر والاستيعاب والتطبيق والتحليل والتركيب والتقويم ، حيث نرى أننا نعمل فقط في مناهجنا الدراسية على تنمية المستويات العقلية الدنيا المتمثلة بالتذكر والاستيعاب ولا نرتقي بالمتعلم إلى مستويات عقلية عليا كالتحليل والتركيب والتقويم حيث ثرى أننا نعمل فقط في الجوانب الأكاديمية ضيقة النطاق وهذا يؤدي إلى إعاقة التعبير عن المواهب الإبداعية لأن المطلوب من الطالب هو حفظ وترديد ماهو موجود في المقررات الدراسية فقط ، ولو تتبعنا السيرة الذاتية لبعض المبدعين لوجدنا أن الكثير منهم قد فشل في المدرسة أو طرد منها أو لم ينتظم فيها أو أنهى تعليمه مبكرا" أو وصفه معلموه بالفشل أو الإهمال ، فها هو العالم الفيزيائي الشهير وواضع النظرية النسبية ( ألبرت اينشتاين ) ، فقد أبلغ مدير المدرسة الثانوية والده بأن (ألبرت ) لن ينجح أبدا" في أي شيء ، وقد طرد من المدرسة مع تحذيره بأن وجوده في الصف مشتت لانتباه زملائه . أما الفنان والشاعر الانجليزي ( ف. سكوت فتزجرا لد ) الذي فشل في دراسته ولم يتجاوز تقديره فيها مستوى ( مقبول ) أبدا" ، فقد وجد نفسه يوجه خطابا" إلى مدير مدرسته يقول فيه : ( لقد اكتشفت أنني أنفقت سنوات طويلة من عمري أحاول أن أتواءم مع منهج اعد أولا" وقبل كل شيء للطالب العادي أو المتوسط ) .
يرى بعض التربويين أن الفرد المبدع ينبغي أن يكون متفوقا" في تحصيله الدراسي ، ولكن الكثير من الدراسات المعاصرة بدأت تكشف عن وجود تعارض بين الإبداع والتفوق الدراسي ، ففي دراسة أجراها فريمن Freeman عام 1991 على ( 169 ) طالبا" في بريطانيا ، وقد استغرقت الدراسة مدة ( 14 ) عاما" تم خلالها تتبع هؤلاء الأطفال من خلال المقابلات والبحث المعمق في مراحلهم الدراسية جميعها وفي بيوتهم وعوائلهم وقد بينت الدراسة كيف تغير عدد كبير من الأطفال من حالة العقل المتفتح وحب الاستطلاع إلى حالة الانغلاق العقلي والحزن وعدم الاكتراث بما يجري في العالم رغم حصولهم على علامات ممتازة في الامتحانات المدرسية . وفي المستوى الاجتماعي كشفت الدراسة أن المتفوقين دراسيا" يجدون صعوبات في التكيف الاجتماعي وفي تكوين الأصدقاء ، بينما نجد فئة المبدعين كانت أكثر أصدقاء وأكثر قدرة على التكيف العاطفي ، وفي اختبارات الذكاء حصلت الفئتان على درجات عالية ومتساوية تقريبا" .
وبالجملة فقد كشفت الدراسة عن الأثر السيئ الذي يتركه التفوق الدراسي على الإبداع ، حيث أن الضغط النفسي على بعض الموهوبين بضرورة التفوق الدراسي أدى إلى كبت مشاعرهم وأحاسيسهم الإبداعية وأعاق إنتاجهم الإبداعي ، وان هذا الضغط كان يأتيهم من جهة المدرسة ومن جهة البيت في آن واحد .
لقد كان للتفوق الأكاديمي المميز غالبا" ثمن باهض من الإبداع ، وكشفت الدراسة أن اسر المتفوقين دراسيا" تفضل التفوق الدراسي وبخاصة في مجال العلوم وتظهر إعجابها بالمتفوقين أكاديميا" . أما اسر المبدعين فقد كانت تفضل الأشياء الجمالية والفنية ، وكان أفراد الأسرة يصغون لبعضهم البعض في النقاشات العائلية .
يورد المنظر التربوي د0 إبراهيم أحمد مسلم ألحارثي عددا" من صفات المربي الذي يشجع الإبداع وينميه بما يلي :
1- يرى أن التعلم يحصل نتيجة لارتكاب الأخطاء .
2- يتحدى الأفكار ليجربوا أفكارهم 0
3- يصغي بانتباه 0
4- يؤكد على ضرورة الاستقلالية 0
5- يعطي الوقت الكافي للأطفال ليعبروا عن أفكارهم 0
6- يحترم الأفكار الإبداعية ويشجعها
7- يستخدم الأسئلة ذات النهايات المفتوحة .
أما المربي الذي يعيق الإبداع فانه :
1- يقاطع الأطفال
2- يحدد الوقت
3- يرفض الأفكار الجديدة
4- يسخر من سلوك الأطفال
5- ناقد أي ينتقد سلوك الأطفال باستمرار
6- متشائم
7- يستخدم سلطاته
8- غير مكترث أي لايعطي انتباهه للطفل .
هناك نوعان من العقول التي تتعامل مع الأطفال ، النوع الأول هو العقل المتلقي وهو النوع السائد الذي يسأل الأطفال أسئلة ذات إجابة محددة ( نعم أو لا ) ، فإذا أخطأ الطفل أعطي الجواب مباشرة ولم تتح له فرصة تحسن قدراته التفكيرية والتخيلية ، أما النوع الثاني فهو العقل المتفتح وهو نادر ولا يعمل به إلا العلماء والمتفتحون عقليا" ..فإذا سأل الطفل سؤالا" ..فانه لايسأل أسئلة ذات نهايات مغلقة أو إجابات محددة وإنما يعطى الطفل بدائل متعددة ويفتح أمام عقله خيارات كثيرة تجعله يفكر مليا" قبل إصدار الحكم على مشاهداته .
إن البيئة الغنية بالمثيرات المتنوعة تشجع الأطفال على الابتكار وتتمثل تلك المثيرات بتوفير عدد مناسب من اللعب المتنوعة ومشاهدة قصص الأطفال وزيارة المتاحف والمعارض والحدائق العامة وحدائق الحيوان وغيرها .
المصادر المعتمدة
1- د0 علي راشد ، تنمية قدرات الابتكار لدى الأطفال ، دار الفكر العربي ، 1999 م ، ص 12-15 .
2- د0 إبراهيم أحمد مسلم ألحارثي ، تعليم التفكير ، 1999م ، ص 42 -50 .


( نشرت في جريدة الصباح العدد 360 في يوم الثلاثاء 14 أيلول 2004 م الموافق 29 رجب 1425 هجري ، صفحة زهرة المجتمع ، صفحة رقم 6 )



#عصام_عبد_العزيز_المعموري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أغرب أساليب الغش الامتحاني
- سلسلة حوارات مع أكاديميي ومثقفقي محافظة ديالى -حوار مع الدكت ...
- (لايوجد أكثر جدية من الطفل في لعبه ) فريدريك نيتشه- أطفالنا ...
- سلسلة حوارات مع أكاديميي ومثقفي محافظة ديالى- الاستاذ الدكتو ...
- لكي لا يكون التعليم مهنة من لا مهنة له
- الخرس الزوجي في بيوتنا
- كيف تكون قارئا- مرنا- ؟ How To Be Flexible Reader
- تنمية التفكير في غرفة الصف
- المبدعون والتوفيق بين المتعارضات
- الأديبة ( مي زيادة ) وسيكولوجية الابداع
- من أجل شيخوخة بلا هموم
- من أعلام العراق00 د0 نوري جعفر : التفكير حق مشاع لكل الناس
- كيف تلقي محاضرة فعالة ؟
- التفكير.. هل يمكن تعليمه ؟
- حوار مع الدكتور فاضل عبود التميمي
- لماذا ترتدي المرأة العراقية الحجاب؟؟
- المبدعون وغرابة الأطوار
- حوار مع الكاتب والقاص(ضمد كاظم وسمي)/بعقوبة_العراق
- ماذا يقرأ اكاديميو ومثقفو بعقوبة؟
- القطيعة بين الاكاديميين والابداع.... كيف نفسرها؟


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصام عبد العزيز المعموري - أطفالنا والتفكير الابداعي