أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - رنا جعفر ياسين - القمعولوجي .. وكيَّة واحدة لا تكفي لأورامنا الخبيثة















المزيد.....

القمعولوجي .. وكيَّة واحدة لا تكفي لأورامنا الخبيثة


رنا جعفر ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 2875 - 2010 / 1 / 1 - 11:53
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


أي قدر من الحقيقة يستطيع عقل ان يتحمل ؟ و الى اي حد من الحقيقة يجرؤ عقل على المضي ؟
فريدريش نيتشه.

القمعولوجي , سيداتي سادتي هو علم كشف القمع , و في ثالوثنا التفاعلي المفترض ( المجتمع , الثقافة , الاعلام ) يلعب الاعلام دوراً فاعلا و ارتدادياً بين الفعل و رد الفعل , فمثلما يتاثر الاعلام بتفاصيل مجتمع ما و يعبر عنها , له ايضا القدرة على بث التقييمات الافتراضية المطلوب ترسيخها في تلك المجتمعات سواء انوجدت فيه ام رغبت عجلة التطور في ايجادها و تدعيمها من منطلق الحياة الافضل تحت لواء المدنية و الانسانية الحقة, و بارتباط وثيق جدا مع المحصلة النهائية لبلورة هذه المجتمعات و اقصد بها الثقافة.
يقول الشاعر محمد الماغوط : (فمي لاجئ على وجهي و لساني لاجئ على اسناني و قبعتي لاجئة على جبيني و ريشتي لاجئة على دفاتري و دفاتري لاجئة على حقيبتي و حقيبتي لاجئة على كتفي و كتفي لاجئ على اي جدار و ممنوع الدخول و الخروج لأي كان) . و ما هذه الصورة الشعرية المنسربة في جمل تتلاحق و تتنامى للارتطام بأي جدار او ممنوع غير قابل للنقاش او التدوال الا تأكيد منطقي على مدى تاثير واقع بيئة محمد الماغوط على منتجه الثقافي و بالتالي اعطت له صوته الاعلامي الصادح في محاربة احد اوجه القمع من وجهة نظره , و التي اكد معايشته لها في كل تفاصيل حياته ( بالسياط ازرع و بالسياط احصد و بالسياط آكل و بالسياط أشرب). فكان لاعلان رغباته الشعرية الممزوجة بشغف التحرر من سلطة الرقيب مداها عند الاخر ففتحت له ابواب القلوب النائمة على قارعات الالم مثلما فتحت له ابواب الزنزانات...
و لكن هل تغير شيء؟
منذ جيلنا الاول على الارض تحملنا ميراثا متناقضا من الخير و الشر , حملنا الفضيلة و الجريمة , و سرعان ما تأسست المجتمعات تراجيديا , غايتها الخير و الفضيلة و وسائلها لتحقيق ذلك سلطات تفرض بمسميات متنوعة تبيح للافراد قيادة تلك المجتمعات بالاقناع او البطش .. فظل الانسان خانعا خاضعا يعتمر في نفسه الشك و يتضارب ليبقى الرقيب واقفاً متأهبا على الدوام لسلب فكرة حرة او امنية حالمة متى ما ارادت فك القيود.
ظلت الحياة على خنوعها مروية بدم الاعتراض , تغذيها اسمدة الخضوع من تحلل الذات الحائرة , محكومة بسلطة السلطة. و ظل الصراع قائما بين الفكرة و الهراوات . و هكذا لم تتعافى اخبارهم و ما وصلنا في حقيقته سجل , جزؤه الاكبر انسحاق و استلاب.
و في مجتمعاتنا العربية ظلت المصلحة الشخصية طعنة عاطلة في جسد الذات تحركها وفقا لأهوائها و مكاسبها .. لهذا اضطربنا بوتيرة متزايدة و اعلنا نية القمع من اي كبير الى اي صغير.. من أي شخص الى أي متميز؟
نعم .. القمع عادة عربية, لنعترف بهذا.
هذبت البشرية سلوكياتها ناشدة الاصلاح و المثالية , لكن هذا التهذيب جاء بنسب متفاوتة في المجتمعات وفق متطلبات هيمنتها و ذكائها , و وفق معطيات التطور التي فطنوا اليها , و سرعان ما انقسم العالم الى مجتمعات متأدبة ناضجة تنشد ترسيخ الذات بعد المواجهة و اعمار العطب و مجتمعات مراهقة هشة متعصبة نشبهها كثيرا.
عفواً , هذا هو الواقع.
لم يسترح الانسان في حياته من القمع – قامعا ً أو مقموعاً_ الا عندما روض في نفسه النوايا السيئة و أخرس صوت غريزة البقاء للاقوى .. لم يكن هذا عفوياً , بل انبثق بقصد التهذيب, محتاجاً الى الجهد و اتقان المثابرة.
و بالعودة الى واقعنا العربي المكمم الرغبات , كان علينا مواجهة التنميط الذي قولبنا و كررنا للعالم بشكل درامي رخو , متضاربين في رغباتنا , منفتحين و منغلقين في آن واحد , خانغين لسطوة القبلية الفكرية, منحازين الى الدرجة الأولى على حساب الثانية , الى الرجل على حساب المرأة, متصارعين , آكلين لحوم بعضنا , هشين , تائهين عن العمق, مستبدلين السكين بصرامة الرفض و براعة الالغاء.
انعكس هذا التنميط و الاذعان –رغم بعض الصراخات الرافضة – على ثقافتنا الموسومة بالمزواجة بين سلطة القامع و سلطة المقموع الكامنة في ذواتنا, مما كرس للارباك في منجزنا الثقافي و اعطاه رخصة الرفض و الالغاء و التيه عن الهوية . اضافة الى اختلاط الصالح بالطالح.
و حتماً هيأ الاسماع للولاء لصوت واحد لا يعبر بالضرورة عن جودة الفكرة أو حقيقتها , اذ ان ما يحكم بالنزوات لا يستطيع المصالحة مع وجوه الحقيقة.
ما ينال من الثقافة يهدم في الاعلام , و هذا الاستحواذ الغرائزي المهيمن قادنا بدوره الى اعلام مشروخ , قامع للمرايا مقموعاً بالتابوات الحامية لمصلحة الاعلى , افراداً او جماعات, و مثلما قمع الحقيقة مقموعا ً بالسلطة , قمع المنحازين الى التغيير و مارس الرفض و الالغاء غالباً -الا من حمتهم الكفاءة عنوة أو حسن الحظ او الوساطة الخلاقة او الاثمان المدفوعة مسبقا ً- فاختلت اهداف الرسالة الاعلامية و سيرت وفق اجندات خاصة تختلف من وسيلة اعلامية الى اخرى و من منبر الى اخر.. فما نراه اليوم و ما نسمعه او نقرأه صوت واحد لما يراد ان يعلن عنه, اذ مازالت هناك خطوط حمراء لم نستطع عبورها , يحميها التخويف و الترهيب و الخوف من البطالة. فعلى الرغم من كم المنافذ الاعلامية المتاحة والتي تملأ قوائم التكنولوجيا الحديثة فيما هو مرئي و مسموع و مقروء الا انها محكومة بسيادة القمع بأوجهه السياسية و الدينية و الاجتماعية اضافة الى قمع البطالة.
هذا الرصد يمكننا من تصنيف القمع الى نوعين و ان اختلفت نسبتهما من منبر اعلامي الى اخر , قمع حرية الرأي و قمع الكفاءات , كما و يمكننا من تشخيص بعض الظواهر, فالارباك واضح و الاهداف معزولة بالضباب كما و ان المسافات تطول بين كفاءات حقيقية موجودة بالفعل وما يقابلها من انعدام الكفاءات و هي تشوش المشهد الاعلامي العربي عاكسة بذلك اصطراع الهوية و احتضارنا ببطئ.
علينا الاعتراف بعد كل هذا .. نحن قامعون بالفطرة , مقموعين بالغريزة
فسحقاً ايها القامعون
و طوبى للمقموعين
في ( التانترا ) احدى مدارس الفلسفة الهندية يعتقد اذا ما توحد الجسد المادي و الذات مع الهالة المحيطة تحقق الوجود و افترشت السكينة بلاط الروح . هذا الثالوث يشبه ثالوثنا التفاعلي القائم على جسد المجتمع و ذات الثقافة و هالة الاعلام .. فمتى سنحقق وجودنا ؟
لنثورَ على القمع , فينا و علينا
ارجوكم , لننوجد من الآن ..




#رنا_جعفر_ياسين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكشفولوجي .. علم كشف المخبوء
- رسالة مفتوحة إلى قتلة مجهولين يعدوننا – دائما ً- بالقصاص
- اطوار البهجة المسلوبة.. مِسكُ القيامة القريبة
- الاعظمية و صباح فواح برائحة القيمة و الهريسة
- فوبيا بغداد .. الموت على مشارف الحلم / الولادة خارج اطار الذ ...
- خاطفٌ أطلقني في وجه الرحيل
- جدارية
- جريمة ُشرف
- أطوار بهجت ... عزاء أبيض
- نصب الحرية
- رثاء الزهور
- رأسُ السنةِ الحربية
- هذيان يشبه الموت
- خديعة
- صناعات
- لعشق سيولد في بلاد الموت
- بعيداً عن طفولتهم .. قريباً من مسارات الغضب
- البطالة .. طريق معبد للارهاب
- الشرعية في التمثيل السياسي
- مُختنقينَ من تبديل ِ الوجوه


المزيد.....




- حرب غزة: لماذا يتعرض الفلسطينيون من طالبي المساعدات الإنساني ...
- -ما قمنا به في إيران كان رائعًا-.. ترامب: إذا نجحت سوريا في ...
- الاتحاد الدولي للسلة: إعلان هزيمة منتخب الأردن تحت 19 سنة أم ...
- ألمانيا... داء البيروقراطية حاجز بوجه العمالة من أفريقيا
- طهران تبدي -شكوكا جدية- بشأن احترام إسرائيل لوقف إطلاق النار ...
- الحكومة الفرنسية أمام اختبار سحب الثقة
- الموفد الأمريكي إلى سوريا: اتفاقات سلام مع إسرائيل أصبحت ضرو ...
- خبير عسكري: فقدان جيش الاحتلال قوات اختصاصية خسارة لا تعوض
- 40 عاما من الحكم.. الرئيس الأوغندي يترشح مجدّدا للرئاسة
- 47 شهيدا بغزة وعمليات نزوح كبيرة شمال القطاع


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - رنا جعفر ياسين - القمعولوجي .. وكيَّة واحدة لا تكفي لأورامنا الخبيثة