أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي رشيد - شاكر حسن آل سعيد ...ذهنية التأويل وشمولية الخطاب الإبداعي














المزيد.....

شاكر حسن آل سعيد ...ذهنية التأويل وشمولية الخطاب الإبداعي


علي رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 872 - 2004 / 6 / 22 - 07:24
المحور: الادب والفن
    


الفنان التشكيلي العراقي الراحل شاكر حسن آل سعيد ، فنان الرعيل الأول ، ورائد مهم في الحركة التشكيلية العراقية ، بل والعربية ، ومؤسس هذه الحركة ، وفاعل أساسي في بناء كيان التشكيل العربي المعاصر ، ومغامر في رحلة تضيء العمل الفني باجتراحات الصوفي في تحقيق الباطن وقراءة المجرد وتكثيف التأمل لاستنباط العلاقة بين المكان وماهية الكامن فيه بصريا وفلسفيا .
فمنذ مطلع الأربيعينيات كان الفنان شاكر حسن آل سعيد مهتما بالتراث ، مستلهما مرجعيته البصرية وخزينه التشكيلي ، مستخلصا منه أبجدية العمل الفني وانتماءه المعرفي ، باسطا هوية اللوحة وثراء مدلولاتها البيئية والرمزية وبإحالات تاريخية . أما في الخمسينيات وبدءا بجماعة بغداد للفن الحديث والتي تشكلت عام 1951 على يد الفنان الخالد جواد سليم ، مارس الفنان شاكر حسن حضورا إبداعيا وتنظيريا ، خصوصا وأن المنطلق الأساس لجماعة بغداد كان هاجسا بحثيا يطلق مفهوم المغامرة في الفن ، ويبيح التجريب بما يسهم في اقتران الجمالي بالفلسفي ، وصياغة فضاء سيتسع لاحقا ليؤرخ لرؤية ابداعية تخيلية تحلق بالبحث عما يكسر رتابة المتعارف
( النمطي ) في تكوين العمل الفني إلى خطاب إبداعي يعيد بناء مضمون الفضاء التشكيلي على أساس اختزال المرئي وتكثيف المتخيل والخروج بوسائل ودلالات وعناصر جديدة لبناء العمل الفني .
وفي الستينيات استمر الفنان في البحث والتنظير وتأسيس رؤية تشكيلية تستلهم الحرف بخصوصية تجارب الفنان الحروفية المتمثلة باختزال الشكل وترميز الحرف العربي واستثمار انسيابيته وإحالاته الشكلية واللغوية ، حتى جاء بيانه التأملي وتأملاته للبعد الواحد والذي تأسس في معرض جماعي في 1971 ، كان الفنان آل سعيد أحد رواده ومنظريه .

شاكر حسن آل سعيد فنان متمرس ، يخوض في تحقيق الباطن وبقدرة أسلوبية تخيلية وبإحالات تسقط على سطح العمل حريته ، وتنسج معالجة تأويلية لا تتوقف عند حدود المرئي بل تتعداه لتخاطب ما لم تستزد منه العين بصريا لتحيله إلى ذهنية التأويل وشمولية الخطاب الإبداعي .

العمل لدى شاكر حسن بيان فلسفي وبصيرة صوفية ومنهاج اكتشاف ، العمل لدية تعميم حياتي ويومي للخروج بالفن من مناطقية الصالة الضيقة إلى فضاء المدينة ، حيث تتمازج عناصرها المؤسسة لملامح وتاريخ كيانها الحياتي أو عرفها الاجتماعي اليومي بكيان الفنان وعناصر البحث بل وحتى مادة البحث ونموذج التخيل لدى الفنان شاكر حسن.

كان الجدار وهو العنصر المهم من الكيان الشكلي للمدينة وبكل مايحمله من مدلولات حياتية وتفاعله مع الكائن اللائذ خلفة ، ربما ليستر فردانيته ، أو ليطلق وجع احتجاجه دون أن يثير فضول الآخر أو غضب النظام الشرس الذي يمسخ حرية الفرد وقدرته على التعبير والتي يمارسها هذا الفرد خلف ساتر الجدار وفعل الاحتكام منه وبه من صرامة وتيه انكساراته .

أحال الفنان شاكر حسن آل سعيد الجدار من كتله صماء مجردة إلى بصمة حياتية تبوح بالكامن وعلى مرآى حجر من البصيرة الحكيمة والفاعلة التي ستكتشف ملامح وصوت وفعل وهواجس الكائن المتلبسة بهيئة هذا الجدار .
وبهذا المعنى لم يكن جدار شاكر حسن مساحة أسمنتية أو طينية أو سطحا مؤسسا من حجر مرصوص ، بل الجدار هنا فاعل يومي وخزانة للتفاعلات الإنسانية ، وسطح مرسوم بملامح الناس وتأوهاتهم و طفولتهم ، وشاهد يختزل مشاعرهم ، ويفرد لبصماتهم مساحة الاحتجاج والتعبير على جسده ، ليوشم بما قد يتيح لفنان مثل شاكر حسن أن يقرأ فصول اليوم وتفاعل الزمن على ملامح الفرد المرموزة بملامح الجدار وهيئته .

إنه اجتهاد يمنح فضاء الجدار خصوبة التدوين وعبقرية التجسيد وحيوية البحث ، ليتشكل المشهد اللا متناهي من جزئية مندسة في ثقب صغير ومهمل ، أو شرخ غائر ينوء بفعل الزمن و متاهة العوز ، أو بمفردة ، أو دلالة شكلية ، أوشعار سياسي ، أو شكل قلب له دلالة الحب ولوعة الكتمان ، أو شخبطة طفولية عابثة تكتشف كيانها وعوالمها الأولى ، أو كلّ ماقد تخطه يد عجولة أو فعل تعرية على جسد هذا الجدار ، ليتشكل أخيرا بعفوية تشكيلية .
سينجز الفنان شاكر حسن آل سعيد خطابه الإبداعي والفلسفي ، ويحيل غموض وحيادية الدلالات والإشارات والملامح المنسوجة على سطح الجدار إلى دلالات معرفية بصرية ، وبصياغة تشكيلية تحث المتلقي على الغوص عميقا في اكتشاف وقراءة سعة التخيل فيما تحيطه من عناصر مبذولة ومتاحة ، عناصر مكتومة بوهجها البصري التشكيلي .

جعل الفنان شاكر حسن من الجدار مساحة تأملية زاخرة بالمتخيل ومارس دعوة بكر للتوقف عند هذا المشهد وإعادة صياغة قراءته كعمل فني وسعة بصرية تستبطن الدلالات التي تحقق المشهد الحياتي للفرد ، ولكنها في الوقت نفسه خزين للرموز والرؤى التي تشكل المشهد الجمالي وديمومته الإبداعية .

ولد الفنان الراحل شاكر حسن آل سعيد في مدينة السماوة عام 1925 ، وتخرج من دار المعلمين العالية ( ليسانس في العلوم ) ، وحصل على دبلوم في الرسم من معهد الفنون الجميلة بغداد ( الفسم المسائي ) ، ودرس الفن كذلك في البوزار في باريس ، أقام العديد من المعارض الفردية والمهمة وكذلك شارك في العديد من المعارض الجماعية والبيناليات ، وحاز على العديد من الجوائز منها الجائزة القومية في مهرجان كان سورمير في فرنسا ، كذلك تم تكريمه في عدة مهرجانات تشكيلية عربية كرائد من رواد الفن العربي المعاصر ، أثرى المكتبة التشكيلية العربية بالعديد من الدراسات . توفي ببغداد في 5-3-2004 .



#علي_رشيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سورة المحو
- متاهات الأمكنة
- سعيد جبار فرحان ..مفردة بكر تشذب التفاصيل.
- غصة السرد
- منير السعداوي ... قلق يرمم المعرفة ويعري الساكن
- خرائط مدبوغة بالذعر
- ناصر مؤنس.... توق يتخطى السائد
- حسن عبود الكائن عالم يؤرق المخيلة
- هامش الصورة
- زمن الوأد وجاهلية المرأة العورة
- تركي عبد الامير قراءة لقيم جمالية تتلمسها الرؤيا
- محمد مهر الدين دلالة الأغتراب وفاعليته
- محمد صبري أجندة لذهالة الوجوه
- حسني أبو المعالي ترنم يكسر حدة الأشكال
- جان دمو والصائغ حياة باسلة ... أم بسالة التزويق وتبييض السوا ...
- الحوار المتمدن ... قدسية المفردة ونصاعة البوح
- الى جان دمو في زمن الفجيعة
- أي زمن رديء هذا ...
- العهر الأخلاقي والثقافي 6
- العهر الأخلاقي والثقافي 5


المزيد.....




- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة
- -كذب أبيض- المغربي يفوز بجائزة مالمو للسينما العربية
- الوثائقي المغربي -كذب أبيض- يتوج بجائزة مهرجان مالمو للسينما ...
- لا تشمل الآثار العربية.. المتاحف الفرنسية تبحث إعادة قطع أثر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي رشيد - شاكر حسن آل سعيد ...ذهنية التأويل وشمولية الخطاب الإبداعي