أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاهر أحمد نصر - المبدعون الروس والنبي العربي















المزيد.....



المبدعون الروس والنبي العربي


شاهر أحمد نصر

الحوار المتمدن-العدد: 2868 - 2009 / 12 / 25 - 17:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تتبادر إلى ذهن الكثيرين تساؤلاتٌ جمة ذات دلالات، وأشكال متنوعة، حول سبب، ومغزى، وجدوى البحث في علاقة العباقرة والمبدعين الروس ـ الذين يطيب للنقاد والمثقفين الروس وصفهم بالأنبياء ـ بالنبي العربي. وقد يتبادر إلى ذهن البعض أنّ هذا البحث ناجم عن التأثر بالانتشار الواسع للأفكار الدينية محلياً وعالمياً، خاصة بعد انهيار المعسكر الاشتراكي، والصدمة التي تلقاها أتباع الفكر الماركسي والعلماني في نهاية القرن العشرين... من هنا تأتي، أولاً، ضرورة تبيان الأسس التي ننطلق منها في هذا البحث، وغاياته، التي يمكن تلخيصها فيما يلي:

ـ نعتمد المنطق، والمنهج العلمي في بحثنا، ونجهد معتمدين على الأسس العلمية الموضوعية قاصدين المعرفة والبحث عن بعض جذور العلاقات المعرفية والروحية بين الحضارتين العربية والروسية، وبين الدول العربية والدولة الروسية التي نرى أنّ العلمانية هي الأساس السليم لبنائها، محاولين الإجابة عن سؤال إن كانت توجد أسس متجذرة في وعي الشعبين تأسس لصداقة بينهما مبنية على أسس تفوق المصالح الاقتصادية المباشرة، وتتغلغل في وعي وروح الشعوب.

ـ الصداقة بين البشر والشعوب من أهم أسس الحياة الإنسانية، والشعوب العربية في حاجة ماسة إلى أصدقاء أقوياء متنورين صدوقين تقوم على مرتكزات حضارية متينة تعزز لغة المصالح والمنافع المشتركة، ولقد مرّت علاقاتنا مع الغرب القوي بمراحل متنوعة واتخذت أشكالاً مختلفة، عمل الغرب على بنائها لتلبي مصالحه بالدرجة الأولى، فهلاّ حاولنا إقامة علاقات إستراتيجية مع الشرق المتنامي على أسس جديدة راسخة؟ مع الاحتفاظ بعلاقاتنا المفيدة مع الغرب!



إن وجود نقاط مشتركة في وعي مبدعي الشعوب المختلفة يدل على متانة أواصر العلاقة في وعي ولا شعور هذه الشعوب. وتعدّ هذه أرضية متينة لتعزيز الصداقة والعلاقات المثمرة بين هذه الشعوب. وسنسعى في بحثنا هذا لتبيان النقاط التي أثرّت فيها الثقافة العربية والنبي العربي محمد على المبدعين الروس، والنقاط المشتركة التي تجمعهم، والبحث في أسباب وسر ولع الأنبياء الروس بالنبي العربي.

وقبل أن نبحث في المسائل التي جذبت اهتمام المبدعين الروس، وخاصة منهم بوشكين، وتلستوي، ودوستيفسكي، وليرمنتوف، وبونين من الضروري تسليط الضوء على بعض الجوانب المميزة لهؤلاء المبدعين، وللنبي العربي، والبحث عن المزايا الأخلاقية والشخصية التي امتازوا بها، والتي تجمعهم ولكي لا نتهم بالعاطفية سنورد آراء بعض أهم المفكرين والمبدعين في العالم حول شخصية النبي العربي محمد بن عبد الله(1)

يقول مهاتما غاندي:

" أردت أن أعرف صفات الرجل الذي يمتلك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت مقتنعاً كل الاقتناع، أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع دقته وصدقه في الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربّه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق ، وتخطت المصاعب وليس السيف.

ويقول المفکر الفرنسي لامرتين: "... حتى صلاة النبي الدائمة ومناجاته لربّه ووفاته وانتصاره حتى بعد موته، كل ذلك لا يدل على الغش والخداع، بل يدل على اليقين الصادق، الذي أعطى النبي الطاقة والقوة لإرساء عقيدته"...

أما برناردشو فيقول: "إنّ العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد... إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، و نتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، و توصلت إلى أنّه لم يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمّى منقذ البشرية..."

ويقول السير موير الإنكليزي في كتابه تاريخ محمد: "إن محمداً نبي المسلمين لقب بالأمين منذ الصغر بإجماع أهل بلده لشرف أخلاقه وحسن سلوكه ".

ويقول مايكل هارت في كتابه "مائة رجل من التاريخ": "إن اختياري محمداً ، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله، الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني و الدنيوي.

... و لأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحّد القبائل في شعـب، و الشعوب في أمة، و وضع لها كل أسس حياتها، و رسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم..."



إن كانت تلك بعض الصفات التي امتاز بها النبي العربي، والتي أقرّ بها أبرز المفكرين الذين عرفتهم البشرية، فمن هم هؤلاء المبدعون الروس الذين يفتخر بهم شعبهم ويسميهم النقاد الروس بالأنبياء، وما سرّ ولعهم بالنبي العربي؟

بوشكين والنبي العربي(2)

يعدّ بوشكين أستاذ الفن العظيم الغني بالروعة والجمال. إنّه: "جد الأدب الروسي الكلاسيكي، مؤسس الواقعية الروسية، ومؤسس اللغة الروسية الأدبية: إنه بدعة حقيقية". كما يقول مكسيم غوركي. ويقول بوشكين عن نفسه في إحدى قصائده:

لن أموت أبداً ـ ستبقى روحي معلقة بقيثارتي ،

وستعود تنبض بعد تحلل رفاتي ،

...

* * *

سأبقى وفياً لشعبي ،

للعواطف الرقيقة التي أيقظها في نفسي،

لأمجد الحرية في عصري القاسي

وأدعو للرأفة بالضحايا والمساكين.

* * *

لن نفي بوشكين حقه إن قلنا إنّه شاعر الحبّ الخالد، فحسب. والحبّ في قصائده شعور عميق، نظيف أخلاقياً، رقيق حنون ناعم، متفان، يمتاز بالانفعالات التراجيدية، يرفع من قدر وشرف الإنسان وينظفه، إنه هبة الحياة، ويبدو للشاعر نموذجُ الحبيب "روعةً نظيفةً عبقرية".



كان بوشكين شاعراً موسوعياً فذاً، ناهض الظلم، وصور في قصته القصيرة "دوبروفسكي" علاقة الملاك والإقطاعيين الروس بالفلاحين، وعرّى سلوك بعض الإقطاعيين اللاإنساني. وكان نصيراً للمظلومين وللثائرين على الظلم والاستبداد؛ فكتب قصيدة "تحت سماء بلادنا الزرقاء .." التي عبّر فيها عن تأثره العميق نتيجة الإعدامات والنفي وذلك بعد أن علم بشنق خمسة ديكابريين. وكتب قصيدة "النبي" التي قال فيها:

"تمرّد ، تمّرد يا نبي روسيا "

ودعا أصدقاءه الديكابريين أن "يحافظوا على صبرهم الأبي". وعبّر عن ثقته بأن:

سلاسل القيود ستسقط ،

وينقشع الظلام ، وتهبّ الحرية

لتكسوا محياكم ...



ألا تدل مجمل هذه الصفات؛ من نبذ الظلم، والرأفة بالضحايا والمساكين، والحبّ الطاهر النظيف، وتبجيل العمل على وجود نقاط مشتركة في خصال العظماء من البشر من مختلف القوميات... وقد يتساءل البعض أين تأثر نبي روسيا هذا بالنبي العربي؟ وللإجابة على هذا السؤال من الضروري التعرف بعمق على مختلف القصائد والأعمال التي أبدعها بوشيكن حول الشرق مستلهماً الشرق وخاصة الثقافة والصور، والمفردات العربية، ومن الضروري والمفيد في هذا الخصوص العودة إلى كتاب الأستاذ مالك صقور، الهام "بوشكين والقرآن".

بوشكين والقرآن

قرأ بوشكين كل ما وقع بين يديه عن الشرق، وعن العرب، وعن الإسلام؛ ومنها: الرسائل الفارسية لمونتسكيو، والقصص الشرقية لفولتير، والحكايات السحرية لهاملتون، وقصائد بايرون الشرقية، كما وقع تحت تأثير "ألف ليلة وليلة" وسطوتها. واستمع بوشكين، خلال دراسته في "الليسية" (المدرسة العليا) إلى محاضرات البروفيسور كايدانوف، عن التاريخ القديم، وكانت النصيب الأكبر من هذه المحاضرات عن الجزيرة العربية، وعن الإسلام، وعن سيرة النبي العربي محمد.(3)

تعرف بوشكين في منفاه الأول إلى القوقاز في الجنوب ـ كعقوبة على أشعاره المنددة بالقيصر، والمناهضة للظلم والاستبداد والحكم المطلق ـ إلى الشعوب الإسلامية، والتقى، كما قال فيما بعد، بعالم الشرق الغرائبي، الذي كان من أهم مناهل الشعر الرومانسي الذي أبدعه. واهتم بوشكين ـ كما يقول الأستاذ مال صقور ـ بالقرآن، وأعجب به، بل شغف به شغفاً عظيماً. ومن فرط إعجابه به، تأثر بآياته، وبسيرة وشخصية النبي العربي محمد، كتب قصيدة من تسعة مقاطع مختلفة الطول، بعنوان "محاكاة القرآن".

وتعد قصيدة "النبي" كواحدة من أهم القصائد التي تعكس تأثر بوشكين بالقرآن، وبسيرة الرسول العربي العظيم محمد، يقول فيها:

عذبني عطش الروح

وأنا منبوذ في صحراء مقفرة

فجأة، ظهر الملاك ذو الأجنحة الستة

لي على القارعة

مسح على عيني

بأصابع خفيفة كما في الحلم

...

انحنى على فمي

اقتلع لساني الآثم

الماكر المعقود

وزرع الحكمة الحية

في فمي الظامئ

بيده اليمنى المضرجة

وبسيفه شق صدري

وانتزع قلبي المرتعش

ووضع في صدري المنشق

جذوة نار ملتهبة

وارتميت كالجثة في الصحراء

وجاءني صوت الربّ:

انهض، أيها النبي وأبصر

لبِّ إرادتي

وجُبِ البّر والبحر

وألهب بفعلك قلوب الناس"(4)

من الجلي أن بوشكين يستلهم سيرة النبي محمد من القرآن ومن اطلاعه على السيرة النبوية.

كما كتب بوشكين قصيدة قصيرة بعنوان "المغارة"، يقول فيها:

في المغارة السرية

في يوم الهروب

قرأت آيات القرآن الشاعرية

فجأة هدأت الملائكة روعي

وحملت إليّ التعاويذ والأدعية.(5)



وكتب بوشكين قصائد تحمل عنوان (محاكاة)، مثل: (محاكاة القديم)، و(محاكاة الإيطالي)، و(محاكاة العربي)، و(محاكاة القرآن).

يقول الدكتور محمد غنيمي هلال: "وعلاقة المتأثر أو المحاكي ـ في هذه الحالة ـ ليست علاقة التابع بالمتبوع، ولا علاقة الخاضع المسود بسيده، بل علاقة المهتدي بنماذج فنية أو فكرية يطبعها بطابعه، ويُضفي عليها صبغة قوميته".

كما يقول بول فاليري: "لا شيء أدعى إلى إبراز أصالة الكاتب وشخصيته من أن يتغذى بآراء الآخرين..."

لم يخجل بوشكين من تسمية قصيدته "محاكاة القرآن" كونه لا يقصد الإساءة إلى النص الأصلي، بل يقصد الإفادة والاقتباس، وأيضاً كي يغني نماذجه الفنية، وها هو يؤكد هذا بقوله: "العبقرية لا إرادية، ومحاكاتها لا تعني سرقة مخجلة، أو فقر للعقل، بل تعني حافزاً في اكتشاف فضاءات جديدة".



سنستعرض فقرة مما جاء في قصيدته "محاكاة القرآن" لنتعرف إلى القضايا التي أثارته في هذا الخصوص:

كن رجلاً شجاعاً

احتقر الغش والخداع

اتبع الحقيقة وبشر بها

أحبب اليتامى وقرآني

وبشر بالأفكار الثمينة".(6)

ويقدم الأديب مالك صقور مقارنة دقيقة بين كل فقرة من هذه القصيدة وآيات من القرآن، من المفيد الإطلاع عليها للتعرف على مدى تأثر بوشكين البالغ بالقرآن... ومن المفيد الإطلاع على آراء الناقد الروسي المشهور (بيلينسكي) حول قصيدة بوشكين "محاكاة القرآن"، حيث يقول: "لننظر إلى قصائده الممتازة... والتي يقلد فيها القرآن، والتي تجسد تماماً روح الإسلام، وجمال الشعر العربي ـ يا لها من درة رائعة تزين تاج بوشكين الشعري! إنّ قصائده: "دمي يحترق بنار الرغبة"، و"النبي" وقصيدته المطولة الغنية بالفكر والمسماة "مقطع"، ـ تمثل جمال شعر شرقي من طبيعة أخرى، وهي شعر سام ينتمي إلى أروع ما أبدعته عبقرية بوشكين الساحرة"(7).

ينتمي بوشكين إلى تلك الظواهر الخالدة الحية والنامية، التي لا تقف عند تلك النقطة آن يدركها الموت، لكنها تبقى تتطور مع وعي المجتمع .. كل عصر يجد فيها قدره، ويجد فيها جديده؛ كما يقول كتب بيلنسكي.

لم يكن نتاج بوشكين الفني ثمرة عبقريته، أو ثقافته العالية وتجربته الحياتية الغنية فقط، بل ونتيجة العمل والجهد العظيم الذي بذله. عرف بوشكين قيمة العمل الجاد، واحترمه احتراماً كبيراً، هذا العمل الذي لا يتحقق أي شيء عظيم من دونه، وبذل قسماً هاماً من هذا العمل في التعرف إلى الثقافة العربية وإلى القرآن والنبي العربي. " كلما كان الإلهام واضحاً، كان الجهد المبذول كبيراً. نقرأ عند بوشكين أشعاراً بسيطة، سهلة، تبدو لنا كأنها بدرت عنه ببساطة في هذه الصيغة، لكننا لا نرى مقدار ما بذل من الجهد لتخرج بهذه البساطة والسهولة"، كما يقول تولستوي.



تلستوي والنبي العربي:

من يتعرف إلى تلستوي يرى فيه إنساناً يسمو إلى الكمال روحاً وعقلاً، يجهد لسلوك سلوك الأنبياء عاكساً تناقضات الحياة معبراً عن تطلعات وآمال الإنسان في الحرية والانعتاق من قيود الظلم والاستعباد بكافة أشكالها مبجلاً المحبّة الصادقة الطاهرة... مجلاً الحقيقة منسجماً مع متطلباتها ومع نفسه، ناشداً الحرية الإنسانية والعودة إلى الطفولة الإنسانية الصادقة البريئة متحرراً من قيود الملكية والتملك، وخير مثال على ذلك توزيعه أراضيه على الفلاحين... كتب تلستوي عن بطل قصته "القوزاق" على غلاف الكتاب يقول: "إنّ بطل قصتي هذه، البطل الذي أعشقه بكل روحي، والذي حاولت أن أنقله بكل جماله، والذي كان رائعاً، وما يزال وسيظل إلى الأبد، هو: الحقيقة"...

آمن ليف تلستوي بالله، واحترم الديانات السماوية إلاّ أنّه انتقد النظام الاجتماعي الظالم، ورأى أنّ بعض المؤسسات الدينية تقدم خدمات للسلطات الحاكمة أحياناً على حساب الفقراء والكادحين... انتقد في بحثه "مذكرات شتوية عن انطباعات صيفية" (1863) الكنيسة الإنجيلية التي رآها أثناء زيارته لبريطانيا، لأنّها برأيه تعبر عن مصالح الأغنياء... وانتقد الكنائس كلها بما في ذلك الكنيسة الأرثوذكسية لتضامنها مع الأغنياء ضد الفقراء، ولتعاطفها مع الحاكم ضد المحكوم. ويقول في قصته "المراهقة" التي صدرت في عام 1854: "وأستطيع أن أقول مؤكداً، بأنني خطوت الخطوة الأولى في مجال الشك الديني في شبابي"... رأى ليف تلستوي أن تعاليم الكنيسة حول الخطيئة الأصلية التي وقع بها آدم في الجنة غير صحيحة. وكتب في وصيته لأقاربه لكي لا يسمحوا لرجال الدين بالصلاة على جثمانه.(8) وتمثل عودة تلستوي إلى الفكر المسيحي عودته إلى فلسفة شرقية قديمة، وكأنّها عودة إلى طفولة البشرية، حيث كان الإخلاص والمحبّة التي لا تعرف الحدود... ويذكرنا جبران خليل جبران بتلستوي عندما وجّه نقده للنظام القائم على الظلم ولكل من يؤيد الظالمين والمستغلين، واقفاً في أدبه إلى جانب المقهورين والمذلين والمهانين مندداً بالاستغلال في قصته "يوحنا المجنون"، مخاطباً السيد المسيح: "ما هو السلام يا يسوع الحلو؟ هل هو في أعين الأطفال المتكئين على صدور الأمهات الجائعات في المنازل المظلمة الباردة؟..."

وعند حديث أي عربي أو مسلم عن تلستوي تتبادر إلى الذهن مباشرة رسائل محمد عبده إلى هذا الإنسان المبدع: يقول محمد عبده في رسالته إلى تلستوي في 18 أبريل 1904:

فكما كنت بقولك هادياً للعقول، كنت بعملك حاثاً للعزائم والهمم... وكما كان وجودك توبيخاً من الله للأغنياء، كان مدداً من عنايته للفقراء... ويقول في رسالة ثانية: أيها الروح الذكي، صدرت من المقام العلي إلى العالم الأرضي، وتجسدت فيما سموه بتلستوي، قوى فيك اتصال روحك بمبدئه، فلم تشغلك حاجات جسدك عما تسمو إليه نفسك، ولم تصب بما أصيب به الجمهور الأعظم من الناس من نسيان ما فصلوا عنه من عالم النور، فكنت لا تزال تنظر إليه النظرة بعد النظرة، وترجع إليه البصر الكرة، فوقفت بذلك على سر الفطرة، وأدركت أنّ الإنسان خلق ليتعلم فيعلم فيعمل، ولم يخلق ليجهل ويكسل ويهمل."

ويتبادر إلى الذهن سؤال: كيف استطاع المستغلون تسخير الدين والأنبياء في صالحهم، وسحبوهم من أيدي الفقراء؟ أيحصل ذلك نتيجة جهل الفقراء؟

يقول غوركي: "لكي تعيش بنقاء ضمير يجب أن تقتحم، أن تتعثر، أن تصارع، أن تقع في خطأ، أن تبدأ في أمر، وتتركه، ثم تبدأ من جديد، ثم تتركه مرة أخرى، وأن تكافح أبداً، وتعاني من الحرمان، أما الطمأنينة فهي: دناءة روحية". ينهي مكسيم غوركي مقالته بعنوان "ليف تلستوي"، قائلاً: "هذا الإنسان يشبه الإله".

المبدع لا يعرف الطمأنينة. وتلستوي أحد أولئك المبدعين الذين لم يعرفوا الطمأنينة. وامتاز بخصال جوهرها مناوئة الظلم والاستغلال والاضطهاد، داعياً إلى صون حرية وإنسانية الإنسان، وإلى سموه الأخلاقي والروحي... كانت ثقافته إنسانية عامة، والثقافة العربية إحدى محاورها: "عرف الحكايات العربية منذ طفولته. عرف حكاية "علاء الدين والمصباح السحري"، وقرأ "ألف ليلة وليلة"، وعرف حكاية: "علي بابا والأربعون حرامي"، وحكاية: "قمر الزمان بين الملك شهرمان... و"يرى النقاد السوفيت، ومنهم أ. شيفمن والناقدة ي. زايدنشنور أنّ تلستوي نشر حكايات عربية في السبعينات من القرن قبل الماضي بعد أن أعطاها طابعاً روسياً، مثلاً، غير الأسماء العربية بأسماء روسية، محتفظاً بالفكرة الأساسية وبالشكل الفني للحكاية وبأحداث الحكاية".(9) وترى الباحثة أولغا فرالوفا ـ رئيسة قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة لينينغراد الحكومية، أنّ رواية تولستوي "آنا كارينينا" التي كتبت ما بين عام 1873 وعام 1877 ذات طابع شرقي، وكأنّها كتبت بقلم كاتب شرقي. بقي فقط أن نبدل الأسماء، فالأحداث تجري في الرواية بحماسة وحرارة، وكأنّها تجري تحت سماء الشرق، وتستمد قلوب الأبطال حرارتها من شمس الشرق".

ينظر مترجم موجز رواية "آنا كاريننا" التي نشرت في دار الهلال عام 1951 إلى الكاتب الروسي وكأنّه نبي، فالأنبياء منذ طفولتهم يعلّمون من كان أكبر منهم سناً. فتلستوي برأي المترجم منذ طفولته يعرف الحقائق التي نادى بها في كهولته.(10)

وكتب تلستوي قصة "الحاج مراد" ما بين عامي 1896 – 1905 ولا نستطيع القول إنّ هناك تأثيراً للأدب العربي. ولكننا نتحسس تعاطف تلستوي مع الحاج مراد وتفهمه لشخصيته، ونقرأ أسماء عربية مثل مراد، شامل، محمد، أحمد، سعدو، ونقرأ عبارات عربية مثل السلام عليكم، ولا إله إلاّ الله..

لقد كتب ليف تلستوي في عام 1854 في قصته "المراهقة": "وبصورة طبيعية وبتأثير نيخليدوف، وبصورة لا إرادية استوعبت مذهبه، الذي يتضمن عبادة عمل الخير للآخرين، الاعتقاد بأنّ قدر الإنسان هو أن يحاول دائماً تصعيد إمكانياته. وآنذاك يمكن القضاء على كلّ عيوب الإنسانية ومصائبها، وهو عمل سهل جداً، وفقط يجب أن يقوم كلّ فرد بالقضاء على عيوبه، وأن يعمل الخير، فيصبح سعيداً".

ونقرأ الفكرة ذاتها في قصة "السعادة الزوجية" (1859) فالسعادة لا شك تتلخص في أن يحيا الإنسان من أجل أخيه الإنسان ومن أجل الآخرين.(11)

هل تختلف هذه الخصال عن خصال الأنبياء؟

دفعت هذه الخصال الروحية والإنسانية العميقة بتلستوي للتعرف إلى النبي العربي محمد، وهو لم يكتف بالتعرف إليه، بل ترجم حكمه إلى الروسية ليطلع أبناء شعبه عليها ويستفيدوا منها، وهذا دليل على التقدير الكبير الذي حمله ليف تلستوي في حناياه للنبي العربي.



لقد كان أحد أسباب نشر تلستوي لكتاب حكم النبي محمد هو نصرته للحق، وشعوره بضرورة إنصاف النبي العربي في وجه تحامل جمعيات المبشرين في قازان من أعمال رويت على الدين الإسلامي ونسبتها إلى صاحب الشريعة الإسلامية، ونشرها أموراً تنافي الحقيقة... فهزته الغيرة على الحق ـ كما يقول سليم قبعين ـ إلى وضع رسالة صغيرة اختار فيها عدة أحاديث من أحاديث النبي محمد... وقال هذه تعاليم صاحب الشريعة، وهي عبارة عن حكم عالية ومواعظ سامية تقود الإنسان إلى سواء السبيل، ولا تقل في شيء عن تعاليم الديانة المسيحية... ويقول تلسوي: "والإنسان يتأثر تأثراً شديداً تهتز له أعصابه لدى مطالعته تلك الترهات والمثالب والمطاعن التي كان يتناشدها مغنو وشعراء الرومان الساذجون وينادي بها النساك ورجال الدين في المعابد، والمجتمعات العامة والبراري يصفون فيها شخص وتعليم سائق الجمال الذي أطلقوا عليه اسم "النبي العربي الكاذب"(انظر تاريخ الآداب الفرنسية والآداب البيزنطية ضد الإسلام تأليف جمعية المبشرين في قازان، ويتابع قائلاً: محمد... هو ذلك المصلح العظيم الذي هزّ العالم بتعاليمه ومبادئه وأفكاره السامية، وأنّه وضع أساس تعليمه ليس لأنّه كان كاردينالاً ولم يفز بوظيفة البابوية بل لأنّ فؤاده كان يلتهب غيرة على الحق... ثم إن النبي أدرك تعاليم عيسى كما هي وجاءت الديانة المحمدية مطابقة لها ونفت جميع المعتقدات الباطلة التي دخلت عليها وشوهت جوهرها وورد في أمكنة كثيرة من القرآن ما مؤداه وإني جئت لإثبات تعاليم عيسى الحقيقي. (راجع ترجمة القرآن لسابلوجوف.) ل.تلستوي. كان محمد ذا فكر نير وبصيرة وقادة واشتهر بدماثة الأخلاق ولين العريكة والتواضع وحسن المعاملة للناس واشتهر بميله للأبحاث الدينية حتى إنّه كان يناقش اليهود والنصارى... وأهل مدينته يحترمونه احتراماً عظيماً لما هو عليه من المبادئ القويمة والأخلاق الكريمة وشرف النفس والنزاهة، وكانت ثروة زوجته تكفيه مؤونة الكدح للمعاش، فعاش عيشة رخاء وهناء، ولكن من جهة أخرى كانت في نفسه عواطف دينية قوية تدفعه للقيام بعمل عظيم ألا وهو إخراج أمته ومواطنيه من دياجير الجهل وظلمات الخرافات الدينية. إن النبي محمد قام بعمل عظيم وانقلاب كبير في العالم.. مما لا ريب فيه أنّ النبي محمداً من عظام الرجال المصلحين الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمة جليلة ويكفيه فخراً أنّه أهدى أمة برمتها إلى نور الحق وجعلها تجنح للسكينة والسلام وتفضل عيشة الزهد ومنعها عن سفك الدماء وتقديم الضحايا البشرية وفتح لها طريق الرقي والمدنية وهو عمل عظيم لا يقوم به إلاّ شخص أوتي قوة، ورجل مثل هذا جدير بالاحترام والإكرام".(12)

ألا تحمل عبارات تلستوي هذه دلالات كبيرة على عمق احترامه للنبي العربي، ولقيم الحق التي نادى بها؟ أليس مفيداً نشرها في العالم لتبيان أواصر العلاقة المعرفية العميقة بين مبدعي العالم والنبي العربي!



ليرمنتوف والنبي العربي(13)

يتبوأ ليرمنتوف المرتبة الثانية بعد بوشكين على عرش مجد الشعر الروسي، لقد أمضى طفولته في المدن والضواحي وعالج مشقة المنفى بسبب أشعاره المناوئة للاستبداد في الجنوب الروسي فتعرف على الطبيعة العذراء بين حقول شاسعة المدى تخترقها الوديان التي تظللها الأدغال، وقد كان لهذه النشأة دور في ارتباط الشاعر بعالم الطبيعة والبراءة وعالم الفلاحين ودفاعه عن المظلومين، وتعرفه إلى الثقافة الشرقية... فكتب قصائد مستوحاة من الشرق العربي، تعكس تأثره ورغبته في التقرب من النبي العربي. يقول في قصيدة "فاليريك" عام 1840:

ربما قربتني سماء الشرق

بلا إرادة من تعاليم نبيهم

ويقسم في قصيدة "الشركسي 1828 بمحمد:

إنني مستعد للموت!

والآن أقسم بمحمد

أقسم، أقسم بالعالم كله

فقد حلت الساعة التي لا مفر منها.

ويبدي ليرمنتوف إعجابه بالقرآن في قصيدة "هبات التركي" 1839، فالهدية القيمة التي يقدمها التركي إلى الشيخ كتبت عليها:

"آية مقدسة من القرآن

مخطوطة بالذهب"



ويظهر تأثر ليرمنتوف بالقرآن في قصيدته "ثلاث نخلات" 1839... وعندما أحس بنفسه شخصاً مضطهداً تتعقبه السلطة وتطارده بسبب أشعاره المنددة بالاستبداد، كتب قصيدة "النبي" مقتفياً في لاوعيه سبيل النبي العربي إبان هجرته من مكة إلى المدينة:

ها أنذا أنادي بالمحبّة

وفق التعاليم الطاهرة

والأقربون يقابلونني بالحجارة





دوستيفسكي والنبي العربي:

عند الحديث عن الأنبياء الروس لا بد من ذكر دوستيفسكي، الذي وعلى الرغم من التصاق روحه بتراب وطنه، فقد عالج مسائل ذات طابع إنساني عام، طارحاً مسألة الفقر، ومدافعاً عن الفقراء، فحملت روايته الأولى عنوان "الفقراء" (1846)، وحملت رواية أخرى من رواياته عنوان "المذلون والمهانون"، واستمر في الدفاع عن الطبقات المظلومة إلى آخر حياته، وهذا واضح في روايته الأخيرة "الأخوة كارامازوف"... فنجد في رواياته ظالماً، مظلوماًً، وتوجد قوة ثالثة تشهر سلاحها بوجه الظالم مدافعةً عن المظلوم... قول النقاد: إنّ دوستيفسكي كتب الرواية المأساوية، لأنّ بعض أبطاله يتبنون نظريات خاطئة، تنتهي حتماً بالفشل، وأحياناً بالجريمة والقتل والسرقة والنهب... محاولاً تنفير القارئ من الجريمة، بتصويره بشاعتها وعواقبها مثل الأعمال الشاقة والنفي إلى سيبيريا والسجن... ولا بدّ من تبيان حقيقة أنّ هذا الكاتب المبدع وقف مواقف احترام وتقدير للنبي العربي؛ ففي "الأخوة كارامازوف" يقول الأب زوسميا لسيدة إقطاعية: كلما ازددت حبّاً كلما ازددت اقتناعاً بوجود الله". وفي "الجريمة والعقاب" يقول راسكولنيكوف: "لا أعد نفسي لا مثل محمد، ولا مثل نابليون... فإنني لا أستطيع أن أقدم جواباً مرضياً فأقول لك، ما الذي يمكن أن أفعله". وبعد ذلك يقارن نفسه بالنبي العربي قائلاً: إلا أنني لأفهم أعمق الفهم ذلك النبي، الممتطي جواده، شاهراً سيفه، قائلاً: الله يريد هذا فأطع واخضع أيها المخلوق المرتعش".(14)

ولعل أصدق وأنبل كلمات قالها دوستيفسكي عن القرآن، والنبي العربي جاءت في كلمته الشهيرة التي ألقاها عام 1880 حول إبداع بوشكين، إذ قال بتجرد وموضوعية وصدق: "عندما نقرأ قصيدة الكسندر بوشكين "محاكاة القرآن" نشعر بأنّ الذي نظمها شاعر مسلم، لأننا نتحسس روح القرآن بكبريائه وبساطته وسيف الحق المشرع على الباطل وقوة الإيمان".

بونين

ومن الشعراء والأدباء الروس الذين تأثروا بالشرق العربي، الشاعر المعروف بونين، الذي كان من الأدباء الرافضين لثورة أكتوبر عام 1917 الاشتراكية، فغادر وطنه مهاجراً إلى فرنسا، وحصل على جائزة نوبل للأدب عام 1933، ومن قصائده التي تبين تأثره بالنبي العربي قصيدة: (محمد مطارداً) 1906، يقول فيها:

حلقت الأرواح فوق الصحراء

في الغسق فوق الوادي الحجري

ودوت كلماته ...الجزعة

مثل ينبوع نسيه الله.





أتوجد خصال إنسانية مشتركة بين المبدعين؟

ما الذي دفع بالأنبياء الروس بوشكين وتلستوي ودوستيفسكي إلى الدفاع عن النبي العربي؟ أليست خصال الإبداع؟ فـ "الرجل العظيم يحترم الرجل العظيم، والنفوس الفياضة تصبو إلى نظرائها"، كما يقول سليم قبعين في مقدمة ترجمته لكتاب "حكم النبي محمد لتلستوي"، ااذي نشره في القاهرة عام 1912، وأعاد عبد المغين الملوح طباعته في دمشق. وكم نحن بحاجة لتلاقي النفوس الفياضة لنشر قيم الصداقة والمحبّة بين الشعوب، وهل يوجد أعظم من التقارب الروحي بين الشعوب لتلاقيها ونبذها الظلم والاستغلال والاضطهاد، وما يولده ذلك الظلم والاستغلال والاستعمار والاضطهاد من إرهاب...

يحبُّ الروسُ من يحبُّ أنبياؤهمُ!

ونظراً للمكانة السامية التي يتبوأها المبدعون الروس لدى مختلف الشعوب، وفي الوعي الإنساني ككل، وفي محاولة لكسب محبّة وعطف الشعب الروسي يجهد بعض المتعصبين الصهاينة لإلباسهم ثوب اليهودية... فها هو الصهيوني المتزمت والمتعصب ليبرمان يزعم أن الكسندر بوشكين يهودي، ويدعو حكومة الصهاينة أن تكرمه وتقيم الاحتفالات بمناسبة مولده وموته لأنّه موضع افتخار من أهل عقيدته، ولا يتورع ليبرمان عن الدعوة المسمومة: لتخليص بوشكين من روسيته، وإعادة نسبه اليهودي المزعوم إليه، ومحو أي ذكر عن تاريخه الروسي، وأن يشمل التصحيح سيرة الشاعر ونسبه في الموسوعات الأدبية ليخلصه من التاريخ الروسي ويعيد إليه بريقه "اليهودي"، وفق هوس الاستحواذ والإلحاق الثقافي. لا أعتقد أنّ بوشكين يحتاج للدفاع عن أصله الروسي العريق، وبعده الشاسع عن كثير من التقاليد اليهودية، ومحبته الصادقة والممزوجة بالاحترام والتقدير للثقافة العربية ولنبي العرب والمسلمين... أجل يحاول العنصريون الصهاينة أن ينسبوا كل ماهو عظيم، ومتميز، ورائع في تاريخ الثقافة والادب الروسي والعالمي الى اليهود، ولصق ، كل الشرور والمساويء والخزي بالعرب والروس وبالشعوب الأخرى. لا يكتفون بتشويه تاريخ أرض كنعان والسعي الى القضاء على أبناء شعبها، أو إبعادهم خارج حدودها؛ بل يشوهون تاريخ المبدعين بمن فيهم الروس ويخرجونه من تاريخ الابداع الروسي... ويذكرني تصريح ليبرمان هذا بحادث تناقلته في حينه وسائل الإعلام العالمية نجم عن تبجح رئيس وزرائهم أمام الرئيس الصيني، عندما قال له: "نحن الإسرائيليون أمة عظيمة، كأمتكم!"، فما كان من الرئيس الصيني إلاّ أن ضحك مستغرباً، ومستهجناً هذا القول؛ فاستدرك رئيس الوزراء قائلاً: "أمتنا أنجبت ماركس"! متناسياً أن ماركس كان عدواً لدوداً للفكر الصهيوني العنصري المتعصب، داعياً لحل المسألة اليهودية، إحدى مفرزات الرأسمالية في إطار معالجة أمراض الرأسمالية.

يعلم هؤلاء المتعصبون أن تصريحاتهم تثير الشفقة والاشمئزاز في آن معاً، وعلى الرغم من ذلك لا يتوانون عن الإدلاء بها جاهدين لخلق حالة من التعاطف وجذب الرأي العام العالمي إلى جانبهم... أما نحن فمما يدعو للشفقة على حالنا أننا نملك كثيراً من الإمكانيات، ومن بينها المواقف المشرفة من قبل عظام المبدعين في العالم من ثقافتنا، ولا نحسن الاستفادة منها، بل يسيء البعض استخدامها.

أجل، يحبُّ الروسُ من يحبُّ أنبياؤهمُ!

من هنا، وإن كنا نبغي صداقة حقيقة مع الشعب الروسي، وكسب وده الحقيقي المبني على أسس أخلاقية وروحية واعية، من الضروري نشر الكتب والأبحاث التي يتحدث فيها المبدعون الروس عن العرب والثقافة العربية عامة وعن النبي العربي محمد بن عبد الله خاصة، باللغتين الروسية والعربية، ونشر الكتب والأبحاث التي تعالج مقاربة أولئك المبدعين الروس للثقافة العربية، وتأثرهم بالنبي العربي، باللغتين الروسية والعربية أيضاً، لتبيان مدى محبة الأنبياء الروس للعرب، لتعزز من محبّة وصداقة الشعوب العربية والروسية...

وأتمنى من السادة المترجمين العرب، ومن اتحاد الكتاب العرب، أن يضعوا مثل هذه المشاريع نصب أعينهم، لإنتاج أعمال تغني الثقافة وتعزز أواصر علاقات الصداقة بين الشعوب، وتبنيها على أسس روحية واعية، آملاً في تطوير هذا البحث علّه يقدم فائدة في هذا المجال.

طرطوس 1 – 12 – 2009 شاهر أحمد نصر

[email protected]

المصادر :

1 ـ شبكة الانترنت الدولية.

2 ـ من أجمل ما كتب بوشكين ـ ترجمة ـ شاهر أحمد نصر ـ مطبعة النورس ـ طرطوس 1993

3 ـ 4 ـ 5 ـ 6 ـ مالك صقور ـ بوشكين والقرآن ـ دار الحارث ـ دمشق ـ 2000 (ص48 ـ ص77 ـ ص82 ـ ص93)

7 ـ بيلينسكي ـ الممارسة النقدية ـ ترجمة: د. فؤاد مرعي ـ أ. مالك صقور . دار الحداثة ـ بيروت ـ 1982

8 ـ 9 ـ 10 ـ 14 ـ تلستوي ودوستيفسكي في الأدب العربي ـ الدكتور ممدوح أبو الوي ـ اتحاد الكتاب العرب – 1999

11 ـ 12 ـ حكم النبي محمد ـ ليف تلستوي ـ ترجمة سليم قبعين ـ تقديم وتعليق عبد المعين الملوحي ـ دار الملوحي للطباعة والنشر ـ دمشق سوريا ـ الطبعة الثانية ـ 1997 ـ ص22 ـ ص64

13 ـ عالم المعرفة ـ 155 ـ مؤثرات عربية إسلامية في الأدب الروسي ـ د. مكارم الغمري ـ نوفمبر

14 ـ تلستوي ودوستيفسكي في الأدب العربي ـ الدكتور ممدوح أبو الوي ـ اتحاد الكتاب العرب – 1999 ـ ص243





#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية إلى الصديق الأديب مالك صقور في يوم تكريمه
- سعد الله ونوس مبدع مسرح المستقبل
- رواية: (على صدري) تحية لحماة، وللحبّ، والحياة
- أفضل خمسين كتاباً روسياً في القرن العشرين
- ضرورة إدخال المبادئ الاشتراكية ضمن شرائع الأمم المتحدة
- في -السور والعتبات- علم الدين عبد اللطيف يعرف ماذا يريد
- صداقة الشعب الروسي في صالح العرب والروس معاً!
- الشعب الروسي يستحق المحبة والمساندة
- شعاع قبل الفجر مذكرات أحمد نهاد السياف
- الجواب الاشتراكي على العولمة الليبرالية
- ثمن الحماقة الاحتلال.. والثمن الذي تدفعه إسرائيل
- نصوص من وراء الجدران تداعيات عقل وقلب مضنيين قراءة في رواية ...
- السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
- معرفة -الجمالي والفني- ضرورة لكل مبدع
- التوازن الاستراتيجي المفقود في القرن الواحد والعشرين
- أجنة الديموقراطية في سورية في النصف الأول من القرن العشرين
- -النهضة والأطراف- مسألة تثير النقاش
- دعوة للتمسك بمكارم الأخلاق ، وليست دعوة للحجاب بالقسر، ولا ل ...
- إذا أردتم تحرير المرأة فابنوا مجتمعات على أسس متحضرة
- -ماذا يفعل النسر في السماء؟- قراءة في رواية -أوقات برية-


المزيد.....




- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاهر أحمد نصر - المبدعون الروس والنبي العربي