أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاهر أحمد نصر - في -السور والعتبات- علم الدين عبد اللطيف يعرف ماذا يريد















المزيد.....

في -السور والعتبات- علم الدين عبد اللطيف يعرف ماذا يريد


شاهر أحمد نصر

الحوار المتمدن-العدد: 2429 - 2008 / 10 / 9 - 07:20
المحور: الادب والفن
    


"الحرية لا تمارس في الهواء الطلق يا صديقي... تمارس في مناخاتها التي تتطلب اجتراح الحريات... ربما في مناخها المضاد..." "الحرية تكتسب قيمتها من هنا (يقول شهيد لنفسه داخل السجن) ... من مثل هذه الأمكنة التي تصدم الوعي... هل تمكنت الحرية أن تقيم مؤسستها في ساحة وعينا فعلاً قبل أن نزور هكذا أمكنة؟ هل يمكن أن تصبح حراً دون أن تمتلك وعياً بالعالم... بكل ما يحيط بك؟.." مقولة يطرقها الأديب علم الدين عبد اللطيف مع العديد من المقولات الوجودية الكبرى في روايته الجديدة "السور والعتبات"، التي تشي بقدر الهواجس والخيبات والآمال المتراكمة في ذاكرة هذا الإنسان الجميل.
يعالج الكاتب في هذه الرواية قضايا متعددة متشعبة يجمعها الهم الوطني في مرحلة خصبة ومصيرية من تاريخ سوريا، هي المرحلة التي أعقبت الاستقلال مباشرة، ومرحلة تدشين الانقلابات تحت تأثير الفعل الخارجي... محاولاً تقديم لوحة شاملة عن مجمل الأحداث التي عصفت بالبلاد في تلك المرحلة، والتيارات الفكرية المختلفة التي تصارعت.. فهاهو الحوراني يرسل برقية "إلى مجلس النواب يعلن فيها أن القتال في فلسطين أكثر أهمية من الخدمة في مجلس النواب".ص15 ويسترجع الكاتب حرب عام 1947 في فلسطين ص154... كما أنّه لم يغفل قضية لواء اسكندرون، مبحراً في معاني هواجس وآمال فكرة العودة عند الإنسان إلى مسقط رأسه. مفنداً بشكل خفي وغير مباشر كثيراً من الأفكار المتنوعة والمختلفة التي حاول مفكرو تلك المرحلة إقحامها في الوعي الاجتماعي: "نحن لا نظلم أحداً، الرفيق عفلق يقول إن القومية كالدين تنبع من القلب ومن إرادة الله، وهما يسيران يداً بيد، تدعم إحداهما الأخرى، خاصة عندما يمثل الدين عبقرية الأمة وينسجم مع طبيعتها... ما معنى هذا الكلام؟ أليس نوعاً من الدوغما؟ص18 الكلمة عنده هي الفكرة، وهي الأسبق في الوجود، وبها يتم الخلق والإبداع، وفيها تتجسد الثقافة، وقد تعيد تشكيل الإنسان وحتى خلقه، وهي مضمون التاريخ ومغزاه".ص19 وفي رده على لسان شخصيات الرواية على التيارات التي تدعو لبناء المستقبل وفق أسس السلف، ومن بينها الحركات الأصولية يؤكد على أنّه يجب أن "تتم المحاكمة بمقاييس اللحظة... ما كان يخضع للتمحيص والمساءلة... يصبح بفعل تاريخيته فعلاً استذكارياً.. أقرب إلى الحلم".ص120
نعيش جميع هذه الأحداث والصراعات في أجواء رواية تزخر بعبق صور فنية جميلة: "امرأة شهية إلى حد الألم... جميلة إلى حد البكاء... هل أرضعتها عشتار من حليبها؟... ووقفت زمناً تسكب نبيذ الفجر في شفتيها، ورحيق أزهارها في جسدها؟..." ص40 رواية تغني أحداثها المنولوجات الذاتية التي ينقلنا بواسطتها الكاتب إلى ذهن الإنسان وهو يعالج تناقضات وجودية جمة، كالمونولوج الداخلي الذي عاشه عادل المغرم بإلفت وهو في طريقه لمعاقرة عفاف زوجة صديقه الذي قتل في حضوره، يطرح من خلاله تناقضات متعددة تعشش في ذهن الإنسان في مثل هذه اللحظات، من بينها تساؤل رجولي: هل حب امرأتين خطأ؟.. وهل ما يقوم به خيانة لحبيبته إلفت، وما معنى الخيانة؟... ص40 ـ ص60 ولا يغفل الكاتب عن تصوير موقف المرأة من هذه العلاقة: "هل يمكن أن تنشأ بيننا علاقة تنتهي بالزواج؟.. لماذا تلح على إقامة علاقة معي؟.. لا أريد حباً يذلني... تعتبروننا أيها الرجال مجرد دمى صنعت خصيصاً للعبكم".ص58 وعلى الرغم من هذا الموقف الواضح والصارم، تجدها تعطي الرجل مفتاح بيتها...
يكتنز النص بحكم وآراء تلهمها الحياة، وبعضها يرد على لسان الشيخ بصير الذي يضفي على النص طابع البراءة الطفولية: "أنتم ترون ما وراء الحجب... أنا أرى ببصيرتي.." آراء تجذب القارئ وتدعوه للتساؤل وللتمعن، سواء أتفق مع الكاتب أم لم يتفق: "من ليس له أخطاء وحماقات ليس سوياً... إذا جعت، فليكن لقضية... ليس أكفر من جوع بلا قضية.. أسعد الناس الذين لا يعرفون لماذا هم سعداء... الصحيح والغلط أمران يحددهما عموم الناس... ما يفعله العموم هو الصحيح... من يتذاكى على الآخرين يكون ناقص الذكاء... إذا خرجت الأمور من يدك... ولم تعد تستطيع السيطرة عليها.. التأثير فيها، اطرح التفكير جانباً، حاول أن تبتسم ببلاهة من وفد إلى هذا العالم منذ دقائق."
ولبعض شخصيات الرواية موقف إشكالي من السياسة، والدعوة للابتعاد عنها: "إنها لعبة القطط في الظلام... لا تندفع كثيراً.." الأحزاب لا ينتمي إليها سوى الانتهازيين..ص76 "هل يجب أن أحتمل التعذيب والإهانة إلى أن ينجزوا ثورتهم ويقيموا مجتمع العدل والاشتراكية؟... لكن عصفوراً صغيراً بدأ يزقو في داخلك، الدنيا واسعة وابن آدم سباح، يجب أن تكتشف هنا وهناك، مرة بالنهر، ومرة بالبحر، ومرة بالمحيط."ص85 التحزب يحمل في ماهيته معنى ما للتطرف... شيئاً من الزعم بامتلاك الحقيقة..
ولعل الكاتب الذي وفق في تشخيص حالة التطرف، وأهمية للابتعاد عنها: "الناس عادة يسيرون في منتصف الطريق... من يمش على الطرف يعزل نفسه بإرادته عن طابور الناس الذين يشكلون الواقع والموضوع..ص127" فإنّه سيجد نقداً علته إقحام الآراء السياسية في النص إقحاماً عن طريق سرد آراء المتحاورين، واستخدام الحروف كرموز للدلالة عى الشخصيات (ش. م. ع. ح. إ. س. ن)ص36-38 فضلاً على بعض الآراء التي تثير أسئلة كثيرة وكبيرة، ملخصها إن كانت تلك الشخصيات تعرف ماذا تريد؟ فهي تعيش في مرحلة اندماج الهموم الشخصية مع الهموم السياسية والوطنية، مما يجعلها تعيش وتتنفس سياسة، وفي الوقت نفسه ندعوها للابتعاد عن السياسة؟! في رواية سياسية بامتياز. أراد الكاتب من خلالها أن يضع اليد على الجرح. فالانقلاب الأول على الديموقراطية في سوريا تم تحت ضغط القوى الخارجية التي تدعي تبنيها للديموقراطية: "اسمعاني جيداً... تذكرا كلامي... ستحكم على ذلك قضيتا تدعيم الليرة مع فرنسا، وقضية التيبلاين مع أمريكا، اللتان يرفض المجلس النيابي المصادقة عليهما. ص161 أنا أرى أن التجربة البرلمانية في البلد لا تناسب القوى الغربية تحديداً... قد تعطل مصالحهم... هم يريدون مصالحهم ولا يريدون ديموقراطيتنا...ص204
جهة خارجية زينت لأحدهم الانقلاب على الحكومة... وعلى الرغم من حسم الموقف وتدشين مرحلة الانقلابات التي تتناقض مع مسألة الديمقراطية يبقى العقلاء يأملون بـ "إمكانية الاستفادة من الانقلاب ذاته للاصلاح والتقدم... وأن يعمل رجال السياسة متضامنين لتجنب المزيد من توريط الجيش في السياسة... أنا أعرف أنّ كل هذا كلام... لن نقول أكثر ما قالته الكمان للريح..." لكن نتيجة الانقلابات أصبحت واضحة للعيان فقد أصابت المجتمع بالشلل، والكاتب موفق في تصوير هذه الحالة على لسان عادل: "أصبح كثيرون مثلي ضحايا... لا يستطيعون الحراك... الاتيان بأي فعل... الموت بطريقة واحدة دوماً هو تجاهل لضخامة الحياة... ليست الحسرة في الموت... الحسرة على اتيان فعل نبيل كان يمكن تحقيقه..."ص234
قدم الأديب علم الدين عبد اللطيف في "السور والعتبات" رواية غنية بالأحداث، والفكر والمواقف التي امتازت بتسلسل مقنع للأحداث، وصور تتهادى، وتمكن جيد في إدارة الحوار، ولغة خطاب سلسة وحبكة جذابة، وسرد ممتع مستخدماً جميلة بسيطة تنساب مع الأحداث بسلاسة، وفق أسلوب رشيق، جذاب وممتع يشد القارئ.. يدعوه للتمعن والتفكير: قوى خفية... أشباح... توجهنا وتقودنا...ص134 حبذا لو أغنيت بوصف حميمي للمكان.. إنّها رواية حدث، بل أحداث. لكل شخصية دورها الأساسي. تبدأ بجدارة وتنتهي بجدارة، وكأن لسان حال الأديب علم الدين عبد اللطيف يقول في الختام إنّه لم يتعب من الكتابة بعد.. ونحن نقول له حبذا لو يعالج قضايا الحاضر والمستقبل، طالما لم يتعب بعد.
صدرت الرواية عن: دار الحوار للنشر والتوزيع
سورية ـ اللاذقية ص.ب: 1018 ـ الطبعة الأولى: 2008



#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صداقة الشعب الروسي في صالح العرب والروس معاً!
- الشعب الروسي يستحق المحبة والمساندة
- شعاع قبل الفجر مذكرات أحمد نهاد السياف
- الجواب الاشتراكي على العولمة الليبرالية
- ثمن الحماقة الاحتلال.. والثمن الذي تدفعه إسرائيل
- نصوص من وراء الجدران تداعيات عقل وقلب مضنيين قراءة في رواية ...
- السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
- معرفة -الجمالي والفني- ضرورة لكل مبدع
- التوازن الاستراتيجي المفقود في القرن الواحد والعشرين
- أجنة الديموقراطية في سورية في النصف الأول من القرن العشرين
- -النهضة والأطراف- مسألة تثير النقاش
- دعوة للتمسك بمكارم الأخلاق ، وليست دعوة للحجاب بالقسر، ولا ل ...
- إذا أردتم تحرير المرأة فابنوا مجتمعات على أسس متحضرة
- -ماذا يفعل النسر في السماء؟- قراءة في رواية -أوقات برية-
- في عيد العمال العالمي: للطبقة العاملة دور جوهري في إيجاد مخر ...
- عماد شيحة يجدد أسلوبه النضالي
- أدباء ومثقفو طرطوس يحيون ذكرى الملوحي
- من أدب السجناء السياسيين -غبار الطلع- رواية
- إصدارات هامة في دمشق
- حول -اقتصاد الحرب هل سمع شيوعيو -النور- ب -روزا لوكسمبورغ-؟


المزيد.....




- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاهر أحمد نصر - في -السور والعتبات- علم الدين عبد اللطيف يعرف ماذا يريد