أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاهر أحمد نصر - صداقة الشعب الروسي في صالح العرب والروس معاً!















المزيد.....


صداقة الشعب الروسي في صالح العرب والروس معاً!


شاهر أحمد نصر

الحوار المتمدن-العدد: 2420 - 2008 / 9 / 30 - 09:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يتساءل الكثيرون عن الجدوى من الدعوة إلى إحياء، وتعزيز الصداقة مع الشعب الروسي. ويرجع آخرون هذه الدعوة إلى الأوهام الساذجة المتجذرة في ذهن من يدعو إليها حول عودة الاتحاد السوفيتي.
يوجد سلفيون في جميع التيارات الفكرية، بما فيها التقدمية والشيوعية؛ مثلما يوجد من لا يلاحظ أية شائبة في الحبيب. ويبقى النقد أهم أداة معرفية في البحث عن الحقيقة الموضوعية، فلا توجد مراحل تاريخية، ولا شخصيات مهما كانت حبيبة، ومهما بدت سامية أسمى من النقد. كما أنّ البشرية لم، ولن تعرف عودة أية مرحلة تاريخية كما هي، فالعهد السوفيتي مثله مثل كثير من المراحل التاريخية حمل في طياته كثيراً من الإيجابيات، كما حمل سلبيات ساهمت، مع عوامل خارجية في نهايته المأساوية... والشعب الروسي الذي أسس الاتحاد السوفيتي وساهمت بعض فئاته في تفكيكه، يحمل كثيراً من تلك الخصال.. مع التأكيد على أن الأحداث التاريخية وخاصة أحداث القرن العشرين في الانتصار على سرطان الفاشية، وغزو الفضاء، وإيقاظ ومساندة الشعوب المضطهدة أثبتت عظمة هذا الشعب، وجبروته، مع عدم نفي وجود ظواهر سلبية في طياته...
بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وظهور جمهورية روسيا الفيدرالية دولة مستقلة، أخذت القوى الجديدة المتشكلة في تلك البلاد، والتي أنتجت بعضها عملية خصخصة وبيع منشآت الاتحاد السوفيتي العامة للقطاع الخاص مع التدخل الأجنبي، تتصارع فيما بينها، ومع الإرادة العامة للمجتمع لتثبيت نهج جديد يحكم روسيا. أرادت بعض القوى الاستمرار في تفكيك روسيا وإنهاكها، لم تكن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بمنأى عنها... استغلت مرحلة الفراغ الناجمة عن غياب الحزب (قائد الدولة والمجتمع ـ كما نصت إحدى مواد الدستور السوفيتي، وهذا ناقوس خطر للأنظمة التي تتبنى في دساتيرها هذه المادة المأخوذة من الدستور السوفيتي)، وعملت على تشكيل نخبة سياسية مرتبطة بها تمتلك مصادر القوة من رأسمال ومعلومات، وإفقار للآخرين، دافعة إلى (ومستغلة) وجود تشوبايس في رئاسة لجنة خصخصة القطاع العام السوفيتي، التي باعت المنشآت، والمؤسسات العامة العملاقة بأبخس الأثمان، مما ساعد في ظهور نخب فاسدة أفصحت عن نفسها، على سبيل المثال، في ظاهرة بيرزوفسكي المقرب من عائلة يلتسين، الذي أصبح بين عشية وضحاها من أصحاب المليارات، معلناً أنّه هو من يشكل الحكومات، بل ومن يعين رئيس روسيا... وأخذت تخرج من روسيا رساميل تضاعف في حجمها تلك الرساميل التي أخذ الغرب يضخها إلى روسيا بزعم إعادة بنائها، واستمر الاقتصاد الروسي بالتدهور، وأخذت سمعة وهيبة روسيا تنوس وتضمحل... واستغلت الولايات المتحدة الأمريكية هذه اللحظة التاريخية لتحل محل روسيا في البلطيق، وأوربا الشرقية، ولتفكك تشيكوسلوفاكيا ويوغسلافيا، إمعاناً في عزلة روسيا وإضعافها، معلنة بدء مرحلة هيمنة القطب الأمريكي الأوحد.. وترافق ذلك مع تغلغل الاحتكارات الرأسمالية المقربة من الولايات المتحدة الأمريكية في الاقتصاد الروسي، لتحقيق مجموعة من الأهداف، أهمهما ضرب المجمع الصناعي العسكري الروسي، وضرب الصناعات الروسية الكبرى، والإيحاء إلى الروس بأن بلادهم بلاد زراعية، نفطية فحسب، لا جدوى من تطوير صناعتها الضخمة فيها، بالتالي ربط الاقتصاد الروسي بالاقتصاد الغربي وجعله تابعاً له... وإعطاء الأولوية للشركات النفطية الأمريكية، والغربية لاستثمار النفط، والغاز الروسيين بحجة ضعف الاستثمارات في روسيا، والتقنية المتخلفة فيها... وبدأ استنزاف النفط والغاز الروسيين من قبل الغرب، ونمت الظواهر الطفيلية الفاسدة في مختلف القطاعات، بما فيها ظاهرة بيع تشرنوميردن لملايين الأطنان من البلوتونيوم الروسي إلى أمريكا بأبخس الأثمان، وظاهرة خديروفسكي، الذي كان يمتلك شركة يوكوس النفطية، والذي أجرى اتصالات سرية مع الإدارة الأمريكية لإقامة شراكة بين شركته، والشركات النفطية الأمريكية وفق أسس تجعل الحكومة الروسية عاجزة قانونياً عن ملاحقتها، فضلاً عن فرض هيمنة الشركات الأجنبية على النفط الروسي، واستغلال عائدات النفط لشراء نواب مجلس الدوما وأصوات الناخبين، ومن ثم وضع التشريعات (الديموقراطية التي تؤمن هيمنة الغرب على روسيا)... وهيمن تشيرنوميردن وتشوبايس على إدارة شركة غاز بروم المسيطرة على إنتاج الغاز في روسيا... وتدهور المستوى المعاشي والصحي للشعب الروسي، فازدادت نسبة الوفيات، وتراجعت نسبة الولادات، وأخذ عدد السكان الروس بالتناقص، وأخذت تظهر الدراسات حول زمن تفوق تعداد الشعوب الأخرى على الشعب الروسي في روسيا نفسها، وحلم بعضهم بل عمل على تقريب تاريخ انقراض هذا الشعب العظيم...
وترافق ذلك مع ضعف اهتمام الشعب الروسي بالسياسة، تلك الحالة الناجمة عن هيمنة الحزب الواحد لعقود طويلة، ذلك الحزب الذي لعب دور التفكير، واتخاذ القرارات نيابة عن الشعب، فقد بين مركز الأبحاث المستقل (رومير) في آب 1999 في بحث خاص مكرس للأحزاب السياسية الأساسية الموجودة في روسيا، وجود نسبة عالية من غير المهتمين بالسياسة. فأعلن 13.2% من الذين تم استفتاؤهم عن عدم رغبتهم في المشاركة في الانتخابات. ويجد 15% صعوبة في تحديد أفضليتهم السياسية. كما اعترف 58.9% من الروس، أنهم إما يتابعون الحالة السياسية في روسيا لماماً، أو لا يكترثون بها على الإطلاق. ومع انتقال السلطة إلى قيادة وطنية جديدة بعد حكم يلتسين أخذ ينشط العمل السياسي، فسجل لخوض الانتخابات في عام 2003 عدداً من الأحزاب والكتل السياسية وصل إلى 23 حزباً وكتلة سياسية، هي:
1 ـ حزب "يدينينيي ـ الوحدة" 2 ـ اتحاد القوى اليمينية. 3 ـ الكتلة الانتخابية "الحزب الروسي للمتقاعدين وحزب العدالة الاجتماعية" 4 ـ "الحزب الديموقراطي الروسي "يابلوكو". 5 ـ حزب "في سبيل روسيا المقدسة". 6 ـ الحزب الوحدوي الروسي "روس". 7 ـ الكتلة الانتخابية "النهج الجديد ـ روسيا الآلية".8 ـ "حزب روسيا الشعبي ـ الجمهوري" 9 ـ الحزب الروسي البيئي "الخضر" .10 ـ الحزب الزراعي الروسي. 11 ـ حزب "مناضلو روسيا الأوفياء". 12 ـالحزب الشعبي في روسيا الفيدرالية. 13 ـ حزب روسيا الديموقراطي. 14 ـ حزب "روسيا العظمى ـ الاتحاد الأوروآسيوي". 15 ـ حزب الفيلة. 16 ـ الكتلة الانتخابية "رودينا (اتحاد وطني شعبي)". 17 ـ حزب السلام والوحدة. 18 ـ الحزب الليبرالي الديموقراطي الروسي. 19 ـ حزب بعث روسيا ـ الحزب الروسي للحياة. 20 ـ حزب "روسيا الموحدة"". 21 ـ الحزب الروسي الدستوري ـ الديموقراطي. 22 ـ حزب "تطوير مشاريع رجال الأعمال". 23 ـ الحزب الشيوعي في روسيا الفيدرالية.
وأخذت تنضج قوى وظواهر وطنية جديدة في مختلف مفاصل المجتمع تمخضت عن ظهور سلطة وطنية غيورة في روسيا، بدأت تتصارع مع القوى الطفيلية، والمرتبطة بالاحتكارات الرأسمالية الأمريكية.
اعتمدت هذه السلطة نهجاً اقتصادياً سياسياً رأسمالياً ليبرالياً وطنياً، محاولة إحياء عناصر القوة في المجتمع الروسي، محافظة على التعددية السياسية، وفصل السلطة السياسية نسبياً عن الاحتكارات الاقتصادية الرأسمالية، فالسلطة التشريعية والتنفيذية ليست حكراً على أصحاب الشركات الرأسمالية الكبرى، من نفط وغاز وغيرها، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، فضلاً عن اعتماد نهج اقتصادي مستقل عن الاحتكارات الأمريكية؛ فانتقلت شركة غازبروم إلى عهدة الدولة، وأخذت الاستثمارات الوطنية تنشط في مجال استثمار النفط، وتم ربط مختلف بقاع العالم من شرق آسيا إلى غرب أوربا بأنابيب النفط والغاز التي تشرف عليها الحكومة الروسية، وأنهيت عقود بعض الشركات الأجنبية التي لا تلبي متطلبات وزارة البيئة الروسية.. مما تسبب في اصطدام السلطة الوطنية الجديدة، التي قادها بوتين، ومدفيدف ـ بوتين لاحقاً، مع القوى والظواهر الرأسمالية الطفيلية التي كانت تشكل حصان طروادة للاحتكارات الرأسمالية الأمريكية في قلب روسيا... فلجأ بيرزوفسكي إلى بريطانيا هرباً من الملاحقة القضائية، وأودع خدروفسكي السجن بتهمة التهرب عن تسديد ضرائب تعادل مليارت الدولارات (فما بالك دخل شركته)... ومع ازدياد أسعار النفط سددت روسيا ديونها، وديون الاتحاد السوفيتي السابق، وتوفر لديها وفراً، ودخلاً وطنياً متميزاً أخذت تستثمر جلّه في صالح شعبها الذي بدأ مستوى معيشته يتحسن، كما أخذ مستوى الولادات يتفوق على الوفيات... وظهرت حالة دولية جديدة مبنية على القوة الاقتصادية الجديدة في روسيا والشعور الوطني وتحالف روسيا مع قوى عملاقة جديدة في العالم كالصين، وأهم دول الاتحاد السوفيتي السابق. وترافقت هذه الحالة مع عتو سياسة الإدارة الأمريكية، وتعاليها، وغطرستها في السياسة الدولية، وفي العلاقة مع روسيا، مما زاد من حدة التناقضات بين الطرفين... وأصبح جلياً لروسيا من التصرفات الأمريكية، وخاصة بعد دفع كوسوفو إلى الاستقلال، وتطويق روسيا بالقواعد العسكرية، ونشر الدرع الصاروخي، وزحف حلف الناتو إلى تخوم روسيا، والعمل على خلق إسرائيل جديدة في جورجيا في خاصرة روسيا، والسعي الدؤوب لتمديد خطوط نقل الطاقة من بحر قزوين خارج الأراضي الروسية، والمماطلة في قبول روسيا في منظمة التجارة العالمية، (أصبح جلياً لروسيا) وزاد في قناعة السلطة الروسية الجديدة، وأغلب الكتل السياسية الروسية أن السياسة الأمريكية تقوم على الهيمنة وعلى إضعاف روسيا ومحاصرتها، وأثبت موقف إدارة الولايات المتحدة الأمريكية الأخير من الأحداث في القوقاز في 8/8/ 2008 بما لا يدعو إلى الشك حقيقة السياسة الأمريكية، وحقيقة دعوتها إلى الديموقراطية وحقوق الإنسان، حيث وقفت إلى جانب السلطة الجورجية المعتدية على الشعب الأوسيتي (الذي تعده من شعوبها)، فغضت الطرف عن جرائم تدمير القرى، والمدن، وقتل المدنيين الأبرياء من الأوسيتيين والروس، وألقت بمبادئ حقوق الإنسان في سلة المهملات، وصورت السلطة الجورجية المعتدية، وكأنّها هي الضحية، وروسيا هي المعتدية، وأخذت تقدم إلى السلطة الجورجية المساعدات التي صورتها بأنها إنسانية، وما هي إلا أسلحة جديدة، دون أن تفكر في مساعدة الشعب الأوسيتي، أو حتى تأسف لضحاياه من شيوخ، ونساء، وأطفال، لسبب واحد هو أن رئيس السلطة الجورجية خريج جامعاتها، وإداراتها، ويتبع سياستها منفذاً تعليماتها بإقامة قواعد عسكرية أمريكية لمحاصرة روسيا، ومساعدة إسرائيل في ضرب إيران...
جاءت أحداث 8/8/2008 في القوقاز مع نمو القدرات الروسية، وبعد تراكمات طويلة تحدثنا عنها سابقاً في العلاقات الأمريكية الروسية، بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير، فأعلنت السلطات الروسية، ومجمل القوى والفعاليات السياسية الوطنية الروسية أن هذا التاريخ هو نقطة مفصلية في السياسة الدولية، معلنة بدء مرحلة جديدة في هذه العلاقات تسعى روسيا لإعادة بنائها على أسس الشرعية الدولية، وإنهاء حالة هيمنة القطب الواحد، وإزدواجية المعايير...
إن التمعن في حالة المجتمع الروسي، وفي الوضع الذي دفعته الاحتكارات الرأسمالية العالمية إليه، يبين وجود نقاط تقاطع كثيرة بين الشعبين الروسي والعربي:
*روسيا بلد كبير مترامي الأطراف يشغل نسبة كبيرة من الكرة الأرضية في مناطق غنية بمختلف الموارد الطبيعية، إذ لا توجد مادة طبيعية إلا وروسيا تمتلكها بوفرة غنى، والسوق الروسية سوق كبيرة تستهلك أغلب ما تنتجه روسيا، ولا تحتاج روسيا إلى استيراد مواد خام لتشغيل صناعاتها، بالتالي لا توجد مبررات اقتصادية لتحول روسيا، كغيرها من الدول الرأسمالية، إلى دولة استعمارية تحتل الدول الأخرى لتأمين موارد الطاقة، وغيرها من المواد الخام... وروسيا من وجهة النظر الاقتصادية هذه بلد يسعى إلى المنافسة والمشاركة والعلاقات المتبادلة، وليس إلى الاحتلال والهيمنة، إذ لا حاجة لروسيا أن تتحول اقتصادياً إلى بلد استعماري محتل... بل لقد تبين أن الدول الأخرى تطمح إلى احتلال روسيا، بهذا الشكل أو ذاك، وتحت هذه اليافطة من الاستثمارات الاقتصادية، أو تلك...
* روسيا بلد متعدد القوميات، والأديان، كما أنّه أصبح بلد التعددية السياسية، كما بينا أعلاه، وهذه التعددية تزيد من المجتمع غنى، وتجعل أسس التعاون مع فئاته المختلفة أكثر إمكانية من التعاون مع لون واحد، وتمتاز البلدان العربية أيضاً بالتعددية، وهي بحاجة إلى حالة ديموقراطية حقيقية متطورة للاستفادة من غنى التعددية، كما توجد قوة روحية إنسانية عظيمة لدى الشعبين الروسي والعربي تراكمت على مر عصور وأجيال، فتجد في أعماق الشعبين نقاط مشتركة في المحبة الصادقة، وحب الخير، ولهفة المظلوم... فضلاً عن وجود علاقات تاريخية بين الكنيسة الروسية والكنائس المسيحية في العالم العربي، وعلاقة محبة بين أتباع الدين المسيحي والدين الإسلامي، وغيرها من الخصال الإنسانية النبيلة الداعية إلى المحبة ونبذ العنف والاستغلال والاضطهاد، يضاف إليها علاقة تاريخية بين العديد من القوى، والمنظمات، والأحزاب في البلدان العربية، وقوى وأحزاب روسية كالحزب الشيوعي والقوى الوطنية الروسية الأخرى... وتخرج الآلاف من الكوادر الوطنية العربية من المعاهد والجامعات الروسية، وظهرت علاقات قربى جديدة... مما يساهم في جعل هذين الشعبين متقاربين وليسا متنافرين... هذا لا ينفي وجود ظواهر سلبية عند فئات مختلفة من أبناء الشعبين...
* يعاني الشعب الروسي، كما الشعوب العربية من الظلم والتجني من قبل قوى مستغلة وحاقدة تعمل على إنهاكهما، ولا تسمح بظهور أية بوادر قوة لديهما (أذكر حديثاً لأحدهم التقى مصادفة في التسعينيات ـ في أوج البيرسترويكا، وتسليم الاتحاد السوفيتي جميع قواه إلى الغرب ـ، بامرأة أيرلندية وسألها عن انطباعها حول العلاقة المستقبلية مع الروس الذين يسعون لإقامة علاقات طبيعية مع الغرب، أجابت بشكل صارم: "هل تصدقهم، نحن لا نثق إطلاقاً بالروس"... هذه بنية فكرية ظالمة لا يمكن إعادة بنائها بسهولة... ويرى كثيرون من النخبة الغربية أن عودة روسيا قوية تهدد الغرب، كما رأى ويرى أسلافهم ومساندو إسرائيل أن توحد العرب وتطورهم يهددهم... أجل توجد نظرة ظلم وتجني متشابهة إلى العرب، وإلى الروس عند تلك القوى المستغلة الظالمة والحاقدة...
* إن روسيا والشعب الروسي متضرران، كما الشعوب العربية، من هيمنة القطب الواحد، ومن ازدواجية المعايير في العلاقات الدولية، ومن غياب الشرعة الدولية، وهيمنة شريعة الغاب من قبل القطب الواحد... كما أن روسيا والشعب الروسي متضرران، كما الشعوب العربية، من خطط الصهيونية المتحالفة مع الاحتكارات الرأسمالية العالمية لإنهاكهما، وما نشاط الشخصيات، والظواهر الفاسدة التي بيناها أعلاه في روسيا، والتي يقودها بنى، وشخصيات (أغلبها من أصل يهودي، ويرتبط بإسرائيل) إلا خير مثال على ذلك، وجاء التعاون الجورجي الإسرائيلي المعادي لروسيا، ولإيران والبلاد العربية خير إثبات على ذلك... فأعداء الروس والعرب مشتركون، إن لم يكونوا متنطابقين... ومن المؤسف ألا يرى العرب والمسلمون ذلك، كما أن عدم وضوح رؤيتهم، وضبابية مواقفهم تجعلهم، في كثير من الأحيان، يقفون في صفوف أعدائهم...
من كل ما تقدم يتبين أن نقاط التلاقي، والصداقة، والمصالح المشتركة كثيرة، ومتعددة بين العرب والروس...
قد يعارضنا البعض قائلاً الدول تحكمها المصالح وليس العواطف... ومع تأييدنا لهذا الرأي، نجد مفيداً تبيان حقيقة أن الصراع على روسيا لم ينته، والقوى المتصارعة باقية سواء داخل روسيا أم خارجها، مع انحسار قوة القوى الداخلية المعادية لروسيا لصالح القوى الوطنية... إن موقع روسيا، وإمكانياتها تجعلها دولة محورية في الساحة الدولية، وبالتالي ستحافظ على علاقاتها مع جميع الدول، بما في ذلك علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل... إن بعض الظواهر الداخلية في روسيا تدل على أنّ الصراع مازال مستمراً، واللوحة ليست على هذا النحو من الصفاء، والوردية الجميلة؛ فها هو تشوبايس يعود لترأس أهم هيئة في التصنيع الروسي المستقبلي (نانوتكنولوجيا)، وها هي على سبيل المثال، آليات روسية تحطم بشكل همجي حاقد رموز الصناعة السوفيتية متمثلة بطائرة تو 154 في معرض ف.د.ن خا.، وها هو القضاء الروسي يلاحق جرائم في المجتمع الروسي ترتكب من قبل مراهقين على خلفية عرقية وعنصرية، ولا يخفي الفاشيون الجدد رؤوسهم، وها هي الحكومة الروسية تلغي نظام التأشرة (الفيزا) بين إسرائيل وروسيا... وغيرها من الظواهر ذات الدلالات المقلقة، والمخيفة.. من الظواهر التي تدل على أن حصان طروادة مازال موجوداً... لكن القوى الوطنية الخيرة في روسيا هي الغالبة، يدل على ذلك النظرة الشاملة والعميقة في بنية وتركيبة القوى السياسية والاجتماعية والروحية الفاعلة في المجتمع الروسي، التي كنا قد عددنا بعض رموزها وقواها...
من الضروري أن يعلم الجميع أن عودة العلاقات الطبيعية بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية أمر حتمي، والصداقة مع الشعب الروسي لا تبنى على خلفية سوء علاقته مع هذه الدولة أو تلك... وليس في صالح شعوب العالم تصعيد المواجهة بين الطرفين الروسي والأمريكي، بل في صالح العالم إقامة علاقات ندية بينهما، تجعلهما قوة مؤثرة في حل النزاعات العالمية، ومواجهة التحديات التي تواجه البشرية، لكن على أسس الندية والشرعية الدولية، وليس التبعية وتلبية مصالح قطب واحد على حساب البشرية... وعودة هذه العلاقات لا تؤثر على صداقة شعوبنا مع الشعب الروسي، التي من المفيد أن تبنى على أسس راسخة وصادقة من المصالح المتبادلة...
تتطلب إقامة هذه الصداقة على أسس سليمة مجموعة من العوامل؛ أولها: أن تبنى بنيتنا الوطنية بشكل سليم، وأساس البنيان السليم هو الديموقراطية التي تتبنى التعددية، والتداولية، على أسس قانونية صحيحة، وثانيها: وجود رؤية إستراتيجية واضحة، وفهم الآخر، ومعرفة مع من نتعامل، وآلية التعامل والتعاون، وكيف نحقق مصالح شعوبنا معاً... نحن لا نتعامل مع جمعية خيرية، بل مع دولة لها مصالحها، مع بلد يحكمه التوجه الليبرالي الرأسمالي، مع وجود قوى فاعلة في المجتمع وليست بعيدة عن مواقع اتخاذ القرار تدفع بقرارات الحكومة نحو العدالة الاجتماعية داخل المجتمع... أجل العلاقات بين الدول تقوم على المصالح، ومن هنا نستغرب كيف لا يتفهم البعض حصول روسيا على "استثمارات سياحية واقتصادية"، مع الاتفاقيات العسكرية، واتهامهم من يدعو للوقوف إلى جانب روسيا في دعوتها لإنهاء حالة القطب الواحد وازدواجية المعايير وسيادة القوانين والشرعية الدولية، بدعوى وجود مشكلة تكمن فيما يسميه شعور فئة قومية لا تفرق بين روسيا القيصرية، وتلك البلشفية، وروسيا الليبرالية الحديثة الآن... بل إن البعض يشكك في المواقف الروسية ويعتبرها تكتيكية، قد تتراجع عنها إذا تمت تلبية مصالحها من قبل الآخر... إنّ دعوتنا للوقوف إلى جانب صرخة روسيا الصادقة عالمياً لبناء السياسة الدولية والعلاقات الدولية على أسس الشرعية الدولية، ودعوتنا للصداقة مع الشعب الروسي، نابعة من مصالح شعوبنا، ومن تحليل الأسس البنيوية لآليات الصراع الدولية، ولجوهر وروح الشعوب، التي ترجح التلاقي والتعاون على التنافر والمجابهة، خاصة مع البلدان التي لا توجد لديها مطامع استعمارية مبيتة. إن الخصال الجوهرية العامة للشعب الروسي العظيم، والأسس الروحية المشتركة بين شعوبنا، التي عددنا بعض أوجهها أعلاه، والمصالح المادية الموضوعية المشتركة بين شعوبنا تجعل الصداقة مع الشعب الروسي في صالح العرب والروس معاً.



#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب الروسي يستحق المحبة والمساندة
- شعاع قبل الفجر مذكرات أحمد نهاد السياف
- الجواب الاشتراكي على العولمة الليبرالية
- ثمن الحماقة الاحتلال.. والثمن الذي تدفعه إسرائيل
- نصوص من وراء الجدران تداعيات عقل وقلب مضنيين قراءة في رواية ...
- السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
- معرفة -الجمالي والفني- ضرورة لكل مبدع
- التوازن الاستراتيجي المفقود في القرن الواحد والعشرين
- أجنة الديموقراطية في سورية في النصف الأول من القرن العشرين
- -النهضة والأطراف- مسألة تثير النقاش
- دعوة للتمسك بمكارم الأخلاق ، وليست دعوة للحجاب بالقسر، ولا ل ...
- إذا أردتم تحرير المرأة فابنوا مجتمعات على أسس متحضرة
- -ماذا يفعل النسر في السماء؟- قراءة في رواية -أوقات برية-
- في عيد العمال العالمي: للطبقة العاملة دور جوهري في إيجاد مخر ...
- عماد شيحة يجدد أسلوبه النضالي
- أدباء ومثقفو طرطوس يحيون ذكرى الملوحي
- من أدب السجناء السياسيين -غبار الطلع- رواية
- إصدارات هامة في دمشق
- حول -اقتصاد الحرب هل سمع شيوعيو -النور- ب -روزا لوكسمبورغ-؟
- فريديريك انجلس والاقتصاد السياسي


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاهر أحمد نصر - صداقة الشعب الروسي في صالح العرب والروس معاً!