أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ثائر الناشف - ساعات عصيبة في لبنان















المزيد.....

ساعات عصيبة في لبنان


ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)


الحوار المتمدن-العدد: 2867 - 2009 / 12 / 24 - 11:30
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


لا تعرف السياسة بين لبنان وسورية القطيعة النهائية، كما هو حال القطيعة بين المغرب والجزائر، أو كعلاقات العراق مع جواره العربي وغير العربي، إبان نظام صدام حسين، أو في عهد النظام السياسي الراهن.
فليس التاريخ وحده ما يبقي على الخيط الرفيع في علاقة لبنان بسورية أو العكس ، ولا الجغرافية السياسية أو الطبيعة ما تحتم استمرار التواصل والامتداد في كل الاتجاهات ، بل إنها الحالة النفسية المتداخلة بين شعبي البلدين ، كما هو لدى نظامهما السياسي – المدني والعسكري – الطائفي ، تلك المفردات الأربع يتبادلها البلدان بكل قلق وتوجس واطمئنان أحياناً ، لضمان الوقوف على الأرضية الصلبة .
لهذا فقد كانت السياسة السورية – سياسة النظام الحالي – ولازالت قطعيةً ، بمعنى القطع النهائي مع العراق ومنظمة التحرير الفلسطينية ، وغالباً ما كانت تبنى وفق الأهواء الشخصية ، حتى أنها قطعية مع نفسها ، لا تقبل الرجوع أو التقهقر قيد أنملة مع آل بيتها ، كالقطع الحاصل مثلاً مع الجنرال رفعت الأسد ، رغم أن الأخير لم ولن يشكل خطراً على سياسة النظام نفسه ، حتى لو أدعى مخاصمة سياسته ، مثلما خاصمها سابقاً الجنرال ميشال عون ، الذي لم يتوقع أحد عودته الدافئة إلى دمشق قبل غيره من اللبنانيين .
لا تستطيع السياسة السورية الآن أو بعد مئة عام ، أن تكون قطعية مع لبنان ، وهذا ما استوعبه بشار الأسد في تعاطيه المباشر مع المسألة اللبنانية ، عندما حاول بداية الإمساك بالعصا من الطرف الذي يريده ، لا بما يريده اللبنانيون ، فكان أمامنا خطأ التمديد لأميل لحود ، ثم عاد وأدرك أن ما بين لبنان سورية أكبر من قضية تمديد أو ترسيم حدود أو سفارات طارئة ، إنها قضية تاريخ وجغرافية لا ينفصلان عن بعض ، وهنا لا نردد أو نتبنى ما قاله حافظ الأسد قبل عقدين من الزمن ، عن وحدة وتلازم المسار والمصير بين البلدين .
معظم المراقبين السياسيين لم يتوقعوا قبل عام من الآن ، أن يطأ الشيخ سعد الحريري أرض الشام ، قبل أن يعرف الحقيقة باغتيال والده الراحل رفيق الحريري ، والتي أصبحت شعاراً للمرحلة القادمة ، لكن إحداثيات السياسة دائماً ما تتقاطع مع إحداثيات التاريخ ، إن تأثيراً أو نفوذاً ، وهي التي حتمت الزيارة في التوقيت المناسب ، فالحريري لم يقطع المسافات الطويلة في رحلته باتجاه دمشق ، فبقدر ما كانت بعيدة في الأمس ، بُعد السماء عن الأرض ، غدت اليوم أقرب من حبل الوريد ، الذي لا يمكن قطعه أو نحره بأي حال ، حتى لو تكررت أمامنا مشاهد اجتياح القوات العراقية لدولة الكويت ، والسبب كما يقال دائماً ، أولها شام وآخرها شام ، وبالتالي كيف سيصار إلى القطع ؟.
ولعل الساعات العصيبة التي أمضيتها في لبنان خلال العام 2007 ، في أوج الأزمة السياسية بين فريقي 14 آذار و8 آذار ، والاتهامات المتبادلة هنا وهناك ، كما كانت في عز المعارك الطاحنة بين الجيش اللبناني و تنظيم " فتح الإسلام " المشبوه في مخيم نهر البارد ، هذه الساعات ، ثبتت من الصور والمشاهد الملتقطة بعين الصحافي ، ما يصلح لقبلها وبعدها من أحداث ، بحيث يستحيل على أحد محوها من الذاكرة السياسية ، مهما حصل من تطورات وتبدلات على المشهد .
فلم أشعر يوماً خلال تلك الساعات العصيبة في لبنان ، أنني في بلد أخر غير سورية ، وليعذرني الأشقاء اللبنانيين على هذا البوح الذي حان وقته ، ففي لبنان لا يشعر السوري – وقد كنت أحدهم – بالغربة ، ربما الفارق الوحيد الذي لمسته في تلك الساعات ، نسمات الحرية السياسية والاجتماعية التي استنشقتها لحظة ولوجي لبنان ، وسرعان ما تتحول إلى نسمات ملؤها الخوف والقهر لحظة عودتي إلى سورية ، وعدا ذلك مجرد تفاصيل .
ليس هذا الوصف سببه التعقيب على زيارة الرئيس سعد الحريري إلى دمشق ، إنما هو محاولة لإزالة الغموض والإبهام الذي يلف المشهد ، ونقله نقلاً دقيقاً لا يشف إلى الخيال ، لدى اللبنانيين قبل السوريين ، وهذا ما حاولت فعله وتوضيحه صراحة ، رغم حالة العداء الظاهري في حينها ، عندما قصدت قبل عامين مقابلة الزميل في جريدة المستقبل نصير الأسعد ، لتبادل الآراء حول بعض المفاهيم المغلوطة في العلاقة اللبنانية – السورية ، فإذا بي اعتقل عند الحاجز الأمني للجريدة قبل أن أتمكن من دخولها ، ولحظة السؤال عن سبب الزيارة ، عرفوا بسوريتي ، فما كان أن ثارت ثائرة أحد الجنود اللبنانيين ، وكأنه أمام إسرائيلي وليس أمام سوري ، وحجة التوقيف ، أنني قدمت لهم البطاقة الشخصية وجواز السفر ، من دون أن أقدم قسيمة الدخول التي نسيتها في الفندق ، رغم أن الوثائق التي بحوزتي كافية لإثبات الشخصية ، لأجد نفسي بعدها مقيداً ومساقاً إلى فرع المعلومات ، تساءلت في قرارة نفسي كالتائه في رمال الصحراء ، ما الذي حصل ؟ ولماذا الاعتقال بدون ذنب ؟ ألست في لبنان الحرية الذي انبرى قلمي دفاعاً عن سيادته واستقلاله ؟ في تلك الساعة العصيبة تمنيت لو أني اعتقلت في سورية ، لصدقت نفسي على أقل تقدير .
والأشد غرابة ، أنني لم أجد في غرفة التوقيف في الفرع المذكور ، سوى عاملين سوريين مغلوب عليهم ، وأنا أصبحت ثالثهم ، حينها ازدادت تساؤلاتي ، أين اللبنانيون هنا ، هل هذا المكان لتوقيف السوريين فقط ؟.
طلب الرقيب بعد أن أزال القيد من يدي بالدخول إلى مكتب النقيب ، وإذا لم تخنِ الذاكرة ، كان الشهيد وسام عيد الذي قتلته يد الغدر والإجرام ، استقبلني النقيب بحفاوة وتقدير ، فما كان يدور في رأسه هو التأكد من هويتي واثبات صفتي النهائية قبل التفكير بإطلاق سراحي ، هل مَن يقف أمامه صحافي مستقل أم مخبر لجهة ما ؟ وسرعان ما بدد الشكوك من رأسه أحد الرقباء الذي قدم له تقريراً عن نشاطي الصحفي ، متضمناً كتاباتي في الصحف العربية ومنها هذه الصحيفة
"جريدة السياسة " .
ابتسم النقيب في ما يشبه الاعتذار ، وسألني عما إذا كنت معارضاً للنظام السوري ، أجبته أن المعارضة في سورية حق لا تعترف به السلطة ، كنت مطمئناً في جوابي ، لأن عهد الوصاية الأمنية السورية على الأجهزة اللبنانية قد انتهى ، وأن جميل السيد في قفص الاتهام .
رمقني النقيب ، وقد كان التعب والإرهاق بادياً على قسمات وجهي ، ليس بفعل التوقيف ، بل لأننا في منتصف شهر أغسطس ، وسألني أخيراً عن الغاية من زيارتي لجريدة المستقبل ، أجبته بلغة سياسية حاذقة ، وأسهبت في الحديث بلا انقطاع ، وكأنني في مقابلة تلفزيونية ، وعندما أنهيت حديثي ، أبدى إعجابه واندهاشه لما سمع ، وقال : " ما شاء الله عليك ، الله يحمي شبابك " شعرت هنا وكأن هذا النقيب الشاب ، يوصيني بشيء لأجل مستقبل لبنان وسورية قبل أن تنقطع هذه الساعات العصيبة .
قبل خروجي من الفرع، اعتذر الجميع على مضض، لكنهم أصروا على تسجيل بياناتي وحفظها في ملف إلى جانب ملفاتهم الأخرى رغم خطأ التوقيف والتوقيت، وهذه كانت بالنسبة لي أقسى من التوقيف والاعتقال.
خرجت بعدها ، بكيان مهزوز ، لا أصدق ما حدث ، فهل ما حدث معي فقط لكوني زائر سوري في لبنان ، أم أن ما بين لبنان وسورية يتجاوز وثائق السفر والحدود وحتى خصوصية الزائر في البلد المضيف ، ومن المسؤول عن هذا التشنج والتوتر في العلاقات ؟.
غادرت لبنان على الفور بلا تردد ، ولم أعد إليه ما حييت ، ليقيني أن الوقت لم يحن بعد ليعود لبنان إلى سورية ، ولتعود سورية إلى لبنان ، فلن تنتهي تلك الساعات العصيبة معي أو مع غيري ، قبل أن تتم تلك العودة على أسس ديمقراطية سليمة ، بعيدة عن الطائفية وحكم العسكر والميليشيات ، فالسياسة لا تلغي التاريخ .




#ثائر_الناشف (هاشتاغ)       Thaer_Alsalmou_Alnashef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديكتاتور 25 (انتقام الزعيم)
- قوننة الإسلام عن الهوى
- الديكتاتور 24 (الغرور)
- إصلاح العقل في الإسلام
- الديكتاتور 23 (مغامرات الوريث)
- هل الإرهاب ديدن الإسلام ؟
- الديكتاتور 22 ( مومس الوريث )
- الإصلاح وإشكالية الإسلام
- الديكتاتور 21 ( التوريث )
- الحوار المتمدن .. ورحلة البحث عن الحوار
- الديكتاتور 20 ( النجل )
- الإسلام والغرب : الترهيب المتبادل
- الديكتاتور 19 ( الإعدام )
- الديكتاتور 18 ( النفي )
- الديكتاتور 17 ( فرمانات)
- أهلة التطرف الإسلامي
- الديكتاتور 16 ( الشاهد )
- مأسسة الطائفية في سورية
- شيوخ الإرهاب في دمشق
- الديكتاتور 15 ( الحِداد )


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - ثائر الناشف - ساعات عصيبة في لبنان