|
الديكتاتور 15 ( الحِداد )
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2830 - 2009 / 11 / 15 - 14:56
المحور:
الادب والفن
المشهد الخامس عشر ( الحِداد ) ( يجلس ثلاثة رجال في المقهى المطل على شارع الأمة ) الرجل الأول ( ينقل البيدق على رقعة الشطرنج ) : كش ملك . الرجل الثاني ( ساخراً ) : أي ملك تقصد ؟. الرجل الأول : كل الملوك بلا استثناء . الرجل الثالث ( ينفث دخاناً ) : إن اللعب مع الملوك أخطر من اللعب مع النار . الرجل الأول ( هازئاً ) : هذا لا يعنيني بشيء ، ما يعنيني أن أبقى أكسب في لعبتي هذه . الرجل الثاني ( يطوي رقعة الشطرنج) : تستطيع أن تربح ، وقد ربحت فعلاً ، لكن إياك ثم إياك ، أن تهزم مليكنا ثانية . الرجل الثالث : اخفضوا أصواتكم ، لئلا يسمعنا أحد ، فالعيون والآذان في هذا البلد لا ترحم ، ألا يكفي ما جرى لزملائنا في منتدى العدالة . الرجل الأول ( باستخفاف ) : ومن الذي سيسمعنا في هذه الجلبة ، ألا يكفينا ما نحن فيه من حداد . الرجل الثاني ( بصوت منخفض ) : الجدران وما حولها تسمعنا . الرجل الثالث ( يشير إلى الرجل الأول ) : حقاً ، كما قلت ، ألا يكفينا ما نحن فيه من حداد . الرجل الأول : إذا مرض الزعيم ، فعلى الشعب أن يمرض ، وإذا حزن الزعيم عليه أن يحزن ، ومَن ضاق ذرعاً فلينفي نفسه من هذا البلد ، قبل أن ينفى رأسه . الرجل الثاني ( مقاطعاً ) : يا ترى ماذا حل بأخيه رعد ؟ سمعت أنه غادر البلاد إلى غير رجعة . الرجل الثالث : ثمة غموض مريب لما يحصل في داخل قصر الزعيم ، فمرة يقال إن الزعيم توفى ، وتارةً أن أخيه قاد انقلاباً من دون أن نعرف كيف قضى ولده صقر ، وكأننا ندور في دوامة لا نعرف فيها البداية من النهاية . الرجل الثاني ( حانقاً ) : إنهم يعبثون بمصيرنا وكأننا خراف مساقة إلى مذبح غيهم ولهوهم . الرجل الأول : وإلى بطشهم وقمعهم . ( يدخل أبو منتصر ومعه ثلاثة عناصر ) العنصر الأول ( يتلو بياناً ) : انتباه .. انتباه ، بأمر فخامة الزعيم ، نعلن أن غداً الأربعاء عطلة رسمية . النادل (يهتف ) : عاش الزعيم .. عاش . العنصر الثاني (عابساً ) دعه يكمل . العنصر الأول : وبهذه المناسبة أنتم مدعوون جميعاً ، للمشاركة الطوعية في مسيرة الشموع حداداً على روح فقيد الشعب ، الزعيم ابن الزعيم صقر . العنصر الثاني ( مهدداً ) : وقد اعذر من انذر ( يخرجان ) . (يجول أبو منتصر بنظره في أرجاء المقهى ، متفرساً وجوه الحاضرين ثم يخرج ) الرجل الثالث ( مندهشاً ) : يا إلهي ، حتى الموت صاروا يسيرون له القوافل ، ويضيئون له الشموع . الرجل الأول : وهل ستحضرون غداً ؟. الرجل الثاني : ومَن الذي لا يستطيع الحضور ؟. الرجل الثالث : أي تناقض هذا ، مسيرة طوعية ، وفي نفس الوقت ينذرون من لا يشارك بالويل والثبور وعظائم الأمور . الرجل الأول ( ساخراً ) : يا ترى هل نحن مَن يجب أن يُحضر الشموع ، أم تراهم يحضروها لنا ؟. الرجل الثالث ( حانقاً ): ما هذه الأسئلة البالية ، أتراك جننت ؟. الرجل الثاني ( يربت على كتفيهما ) : مهلاً يا رجال .. مهلاً ، لا تنسوا أن للجدران آذان تسمع . الرجل الأول : أرجو المعذرة ، إذا ما أسأت الظن . الرجل الثاني (يشد على يد الرجل الأول ) : معك حق يا صديقي ، فلو حسبنا عدد الشموع التي سنذيبها حزناً على حياة البطل المقدام والفارس المغوار ، لأنارت قرية مظلمة لا تصلها الكهرباء . الرجل الثالث : أجل ، ولو حسبنا ثمنها ، لأطعمنا كل الجياع الذين يتسكعون في الشوارع والطرقات . الرجل الأول ( متحسراً ): ليتنا نستطيع أن نشعل شمعة واحدة تنير قلوبنا الواجفة وعقولنا الموصدة . الرجل الثاني ( متحسراً ): فما نيل المطالب بالتمني . الرجل الثالث : كيف لنا أن ننالها ، وأيدينا مغلولة وأعيننا معصوبة ؟. الرجل الأول : أحياناً اشعر أننا نتحرك في هذا البلد كما لو أننا بيادق على رقعة الشطرنج ، ولا بد أن يأتي اليوم الذي سنقول فيه كلمتنا . الرجل الثالث : وما عساها أن تكون كلمتنا ؟ . الرجل الثاني : مَن يدري ، فقد نطيح بمليكنا يوماً ( يحمل ملك الشطرنج بيده ) مثلما نطيح بهذا الملك ( يرميه أرضاً بعنف ) . ( يدخل عنصر أمن بزي فلاح ) الرجل الأول ( متوجساً ) : هيا لنكش من هنا يا رجال ، قبل أن يكشونا إلى جهنم . الرجل الثاني : ماذا في الأمر ؟. الرجل الأول ( يشير إلى أقصى المقهى) : لقد حضر أحدهم في زي فلاح . الرجل الثالث ( مندهشاً ) : وهل تعرفه ؟. الرجل الأول : أعرفه كما أعرفك الآن ( يحدق بالعنصر ) إن هذا العنصر المتلطي بزي فلاح سبق أن جندت معه في ذات الثكنة قبل عشرة أعوام . الرجل الثاني ( مرتبكاً ) : وما الذي أتى به إلى المقهى ؟. الرجل الأول ( محتداً ) : إذا طرشت الجدران عن سماعنا ، فإن آذانهم اليقظة ، تسمع الجنين وهو في بطن أمه ، هيا بنا ( يقف ) . ( يخرج الرجال الثلاثة ) * * *
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديكتاتور 14 ( الانقلاب )
-
الديكتاتور 13 (صحوة الزعيم)
-
نقد رعاعية النظام السوري
-
الديكتاتور 12 (معسكر الجيش)
-
هيثم المالح ... الحق لا يوهن الأمة
-
الديكتاتور 11 (المؤامرة)
-
الإسلام بين الاستبداد والديمقراطية
-
الديكتاتور 10 (مرض الزعيم)
-
الديكتاتور 9 ( المواجهة )
-
النظام السوري : القمع خبز الثورة
-
الديكتاتور 8 (الاستعداد للمواجهة)
-
إخوانية حماس : عبث الإسلام السياسي
-
الديكتاتور 7 ( المعارضة )
-
الديكتاتور6 ( القصر- مكتب الزعيم )
-
الديكتاتور 5 ( منتدى العدالة )
-
ماركس والاعتراف بمحمد
-
الديكتاتور 4 ( قمع الصحافة )
-
الديكتاتور 3 (مقهى المدينة)
-
هل وفاء سلطان علمانية ؟
-
الديكتاتور 2 ( قاعة السجن )
المزيد.....
-
رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات
...
-
بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ
...
-
مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل
...
-
الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع
...
-
ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع
...
-
في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
-
-يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا
...
-
“أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن
...
-
“أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على
...
-
افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|