أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالحميد البرنس - أسير العبارة (رواية)- 8















المزيد.....

أسير العبارة (رواية)- 8


عبدالحميد البرنس

الحوار المتمدن-العدد: 2872 - 2009 / 12 / 29 - 01:07
المحور: الادب والفن
    


Jack Armytage. Forward – an excellent player, a brilliant leader, and best remembered as the man who first organized a hockey in the City of Winnipeg on November 3, 1890 was the captain until retirement after 1897 season – one of his greatest games was on February 14, 1896 in a sudden death game for Stanley Cup when Armytage scored the winning goal in 2-0 victory over Montreal
تسع ساعات بالتمام. هي عمر الوردية. عايشت خلالها زوال ذلك الوجود لحظة لحظة. منذ البداية قلت لزميلي "رايان" الذي أوصلني بعربة الشركة إلى الموقع (هذا مكان ميت). أومأ برأسه موافقا. وسرنا في العتمة المطبقة نتفقد الحضور الأكثر ميتة للأشياء. كان ذلك مشهدا من الحياة الأخيرة لأستاد هوكي الجليد العتيق في المدينة. "مراقبة الموقع، هذا كل ما عليك فعله". أوضح لي "رايان" مهامي كحارس خلال تلك الوردية، وانصرف. كان قد مضى نحو العام منذ أن تعرّفت على "أماندا". كانت تلاعبني عبر الهاتف من حين لآخر. مرة، تفاجئني بزيارة صحبة صديقتها "جسكا". نغلق علينا باب غرفة النوم. تضع صدرها الوافر المكتنز فوق صدري. تسند ذقنها المستديرة على ظهر يديها المشبكتين. تتأملني بعينيين واسعتين لا تكادان تستقران طويلا على ملمح من ملامح وجهي. هكذا، دائما، يبدأ حوارنا الجسدي المحموم بلغة خالية تماما من قواعد النحو أوالأخطاء الإملائية. كنت أصعد وأهبط بين وديانها إلى درجة الغليان أوالتشظي. لكنها أبدا لم تمكني من رؤية النبع لثانية واحدة. أثناء ذلك، كانت "جسكا" تصل إلى ذروة السعادة وهي تلتهم آخر ما تبقى لي من طعام داخل الثلاجة وخارجها.
كانت قد تبقت أيام معدودة على وجود ملعب هوكي الجليد القديم. كانوا في سبيلهم إلى إزالة عصر كامل من حياة لُعبة. كنت أتحرك وحيدا في مساحة تسع لأكثر من خمسين ألف متفرج. أية أفراح، أية هزائم، أية مآلات، أية آمال مرت عبر هذا المكان؟. النُصب التذكارية لكبار اللاعبين، أسعار الوجبات والمشروبات على قوائم الكافتريا الداخلية تشير بخطوطها اليدوية البارعة إلى ما قبل سيادة الحاسوب الآلي، مقصورات علية القوم الخاصة، دورات المياه العامة، غرف تغيير الملابس، عربة تكسير الثلج على الميدان المحاط بشبكة من القوائم الإعلانية القديمة، مقاعد المتفرجين التي تراكمت عليها طبقات سميكة من الغبار، موقف عربة الإسعاف الداخلي، أبواب الطواريء المتآكلة، صدى آلاف صيحات الإعجاب بحركة حاذقة من لاعب أوآخر، خطط المدربين. كل ذلك، سيذهب بعد أيام قليلة، مرة واحدة، وإلى الأبد. هناك، مثل صفعة رقيقة حانية، صفعة أشبه بتأنيب الضمير في صدر عابد زاهد أسكره رحيق إمرأة عابرة، أخذ ينبعث من داخلي صوت خفيض ساخر ظننت أني تركته ورائي في مجتمع أولئك المنفيين في القاهرة:
حامد عثمان، يا صديقي العزيز، أكاد أتخيلكم، يا معشر اليسار، جالسين ذات مساء، في أحد أيام الآحاد، بين أحضان ذلك "الامبريالي القابع وراء المحيط"، موائدكم عامرة بخيرات "العم سام"، تدينون "نظام العسكر"، بينما تحتسون الكؤوس المترعة بنشوة النبيذ الأحمر المعتق والوايت والبلاك والريد ليبُل والشيفاز. تثملون ببطء. على الطريقة الحديثة طبعا. وحين يشتد بأحدكم حنينه الثوري، يقف على رؤوس الرفاق القدامى التي أحناها السُكر، مرددا كلمات ذلك الإنسان الصادق النبيل:
أبانا الذي في المباحث
كيف تموت
وأغنية الثورة الأبدية
ليست تموت؟.


- "المجد قمة جبلية باردة، يا مستر هميد".
- "وكيف ذلك، ياجيف"؟.
- "كلما صعدت إلى أعلى تتساقط من حولك شبكة العلاقات الحميمة".
- "كالصداقة مثلا"؟.
- "ربما!، أتدري؟، أحيانا أتخيل العباقرة كمقامرين عظام، باعوا حاضرهم مقابل آتٍ مجهول، ولكن ما معنى أن تبيع اللحظة الراهنة مقابل شيء لم يولد بعد"؟.
كان ذلك بعض حوارات "جيف" المتقطعة معي. حارس من نوع غريب. أطلق عليه في سري أحيانا لقب "رجل التساؤلات المستحيلة". بعض الزملاء مثل "وين" الرئيس ظل يتعامل معه تعامله مع آلة يمكن الوثوق بها حين يتعلق الأمر بتنفيذ الأوامر بدقة. آخرون مثل "ليليان" كانوا ينظرون إليه نظرتهم إلى مرآة سحرية ما فتئوا يطالعون عبرها كل ما هو غريب الأطوار وغامض. كان "جيري" كلما رآه يرسم على جبينه شعور من يريد دخول الحمام على عجل. وهو لم يكن يكترث كثيرا. كنت تراه حين تكون الأوضاع في الموقع هادئة يطالع في كتب تحمل عناوين ظلت تدفع "ليليان" في أحيان كثيرة إلى مشاكسته بجدية تخفي الكثير من الخبث: "مستر جيف، بحق السماء، كم دفعت ثمنا (أعذرني) لهذا الهراء"؟.
ظل طلب "جيف" يشغلني طوال الأيام الماضية. ما إن أعبر سؤالا حتى أجد أمامي سؤالا آخر كبحر لا ساحل له. ما معنى أن أذهب إلى تقاطع شارعين أتخذ فيهما صورة وأرسلها له بعد ذلك. صديق قال حين أخبرته بطلب صاحبنا من دون أن أذكر له هويته إن ذلك طلب وراءه شخص عبيط ولابد. أدركت من إجابته برغم إهانته لشخص لا يعرفه أن المكان الذي أشار إليه "جيف" غير مهم إلى هذه الدرجة. لكني حين قلبت الطلب مرة أخرى تبين لي أن أحد الشارعين يحمل إسم عائلة "جيف". هكذا، أراد "جيف" أن يجعلني بعد تفكير عميق أن أبحث في تاريخ الشارع، لأتبين على نحو ما أنه من عائلة أحدثت أمرا هاما في التاريخ الكندي، وما وضعه الحالي كحارس بائس سوى خلل حدث فجأة في مسار جينات عبقرية. ومع ذلك، وكيما تكتمل الصورة في ذهني، تلزمني زيارة ميدانية في القريب إلى الموقع الذي أشار إليه "جيف" بغموض شديد.

أمس أصيلا، أجريت مكالمة هاتفية، أمكنني خلالها سماع صوت" جيري" الطيب المحب، بعد أيام من شقاء متصل بين مكاتب بيروقراطية عليك أن تجيب على أسئلتها المرهقة كشرط واجب للعبور نحو أية محطة تالية بوضوح ودقة، حتى أنني رأيت في المنام قبل يومين، وقد سألتني موظفة عجوز بمكر عن عدد الشعرات المكونة لفروة النمر الهندي في البنجاب على وجه الخصوص، قلت لها أن في جسد الإنسان مليون شعرة وقلب واحد، قالت أعرف تلك الحقيقة العلمية، لكنك لم تجب على سؤالي حول عدد الأقدام البحرية ما بين سدني وجزر القمر، عندها صحوت من نومي مكتظا بإرادة غامضة لمهاتفة "جيري" خلال اليوم بأية وسيلة. وقد كان.
كان "جيري" سعيدا وهو يلمس جدوى النصائح التي أسداها لي كصديق، بينما أحزنه أني لم أنصت جيدا لنصحه حول النظافة المطلقة لشوارع "أتاوا"، عندما علم أنهم فرضوا عليَّ غرامة لحظة أن وقع من جيبي منديل ورقي سهوا، وعلى أية حال تلك كذبة كان لابد منها لترسيخ الصورة الزاهية المتكونة في ذهنه عن المدينة منذ عقدين أويزيد، ولو أن "جيري" كان خبيثا لسألني عن قيمة تلك الغرامة، لكنه ظل على عهدي به مهذبا حتى النهاية. "جيري" عادة لا يتحدث عن الناس بخير أوشر، ربما لذلك آثرت ألا أسأله عن أحوال الناس هناك، خاصة ما حدث للعزيزة "ليليان" من تطورات في غيابي.




#عبدالحميد_البرنس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسير العبارة (رواية)- 9
- أسير العبارة (رواية)- 10
- أسير العبارة (رواية)- 11
- أسير العبارة (رواية)- 12
- أسير العبارة (رواية)- 13
- أسير العبارة (رواية)- 1
- مرثية للطيب صالح
- إني لأجد ريح نهلة
- وداع في صباح باهت بعيد
- ملف داخل كومبيوتر محمول
- لغة
- نصّان
- زاوية لرجل وحيد في بناية


المزيد.....




- ماذا قالت الممثلة الإباحية ستورمي دانيالز بشهادتها ضد ترامب؟ ...
- فيلم وندوة عن القضية الفلسطينية
- شجرة زيتون المهراس المعمر.. سفير جديد للأردن بانتظار الانضما ...
- -نبض الريشة-.. -رواق عالية للفنون- بسلطنة عمان يستضيف معرضا ...
- فيديو.. الممثل ستيفن سيغال في استقبال ضيوف حفل تنصيب بوتين
- من هي ستورمي دانيلز ممثلة الأفلام الإباحية التي ستدلي بشهادت ...
- تابِع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 23 مترجمة على قناة الف ...
- قيامة عثمان 159 .. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 159 مترجمة تابع ...
- -روائع الموسيقى الروسية-.. حفل موسيقي روسي في مالي
- تكريم مكتب قناة RT العربية في الجزائر


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالحميد البرنس - أسير العبارة (رواية)- 8