أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - رحيل آخر الشعراء الصعاليك














المزيد.....

رحيل آخر الشعراء الصعاليك


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 2863 - 2009 / 12 / 20 - 12:07
المحور: الادب والفن
    



قلت له دعني التقط معك بعض الصور لأني أرى ان هذه أيامك الأخيرة ، فلم يمانع فأخذت له أكثر من صورة، انه الشاعر صباح العزاوي الذي ودعنا في الخامس من تشرين الثاني بعد معاناة طويلة ومريرة مع المرض والذي ماكان يمنحه ساعة من الراحة الجسدية . العزاوي يُعتبر اخر الشعراء الصعاليك حيث عاش متشرداً يسكن الارصفة ويجلس المقاهي ، لا اذكر انه دخل مطعماً محترماً واكل ماتشتهيه نفسه من الأكلات الشهية الباهضة التكاليف ، والسبب ان جيبه دائماً تعصف فيه الرياح ، لكنه كان مدمناً على قراءة الكتب فلم أشاهده مرة او اجلس معه على طاولة واحدة الا و أجده يصطحب كتابا ادبيا او فكرياً يطالعه ، كان العزاوي نهماً وشغوفاً بقراءة كل ما يقع تحت يديه إضافة الى انه كان منكتاً ويهجو ويسخر من كثير من الشخصيات السياسية ، ويكتب اغلب قصائده في المقهى .
الشاعر قد عانى وذاق الامرين، في عهد النظام السابق سجن وعذب ويعد معارضاً سياسياً ، لأنه كان يهجو ذلك النظام ويسخر منه حتى حقن بحقنة أفقدته بعض عقله حيث كانت نية النظام ان يقتلوه ليتخلصوا من سلاطة لسانه وهجوه للنظام ، لكنه ظل يواصل مسيرة الابداع متحديا ً المرض . دخل المشفى أكثر من مرة وخرج بوصايا الأطباء : ان ينتبه الى حالته الصحية ويتغذى وينام جيداً ويترك همومه جانباً وبعكسه سوف يموت ولم يستمر طويلاً كما أشار الأطباء ، لكن كيف للشاعر ان يوفر او توفر له هذه الأشياء من الراحة والأكل الجيد وبانتظام والنوم على سرير مديح تداعب عيونه أحلام المستقبل ، وأين هذا المستقبل ، انه كالسراب الذي يتصوره الظمأن ماءً.
في الزمن الحالي ظن الشاعر انه سوف يغادر الزمن المر وان حياته سوف تصبح وردية وأحلامه بنفسجية ومستقبلية زاهر ، ظن الشاعر كل ذلك كما تظن سواه من المثقفين والمبدعين والكتاب ، لكن الوضع كان بعكس ماظن الجميع لم تتلطف أي وزارة او جهة ثقافية من انتشال العزاوي من وضعه المرير وتعتني به او تصرف له مكافئة مالية يستعين على تقلبات دهره وسكاكين زمانه، او حتى تدخله إحدى المستشفيات لغرض العلاج وعودة صحته الى سالف عهدها ابداً لا هذا ولا ذاك ، بل ظل الشاعر يعاني ما يعانيه وحده وبمفرده الا الشعر والقراءة اللذين كانا سلوته اناء الليل وأطراف النهار .
كنت أراه صباح كل جمعة في شارع المتنبي فاسلم عليه واحياناً واحياناً يطلب مني حاجة فاقضيها له واحياناً اخرى انا الذي أبادره بالكلام وأسئلة هل يطلب شيئاً فيقول : لا .
غادرنا الشاعر وكلمة العتاب مرسومة على محياه ، كأنه غاضب علينا لأننا لم نقف بجانبه نواسيه ونشاطره آلامه ، بل قد هجرناه وأهملناه كما هملته المؤسسات الثقافية ، فرحل والحسرة تملأ فؤاده ، رحل ولم يسمع منا كلمة ( الوداع).



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب الطماطة
- العلمانية والدين/الحلقة الاولى
- واقع المرأة
- لغة علي الوردي
- مفهوم الثقافة
- تزوير الشهادات
- العمليات الارهابية
- النظا م الرئاسي هل يعني عودة الدكتاتورية ؟
- متى تبدأ فترة تعلق الطفل بأبويه ؟
- الأسباب التي صنعت المستبد
- الجنة والنار
- التسامح في القرآن 1/3
- التسامح في القرآن 2/3
- التسامح في القرآن3/3
- فايروس البطالة
- صدام والوليد بن يزيد
- الغربة في شعر محمد عودة
- المجتمع المدني وعلاقته بالدولة
- الحرية الثقافية
- الفساد الإداري واقع ملموس


المزيد.....




- جو بايدن يقتحم موقع تصوير مسلسل شهير أثناء مطاردة الشرطة (صو ...
- باللغة العربية.. موسكو وسان بطرسبورغ ترحبان بالوفد البحريني ...
- انهيار منزل الفنان نور الشريف في السيدة زينب.. وابنة تعلق! ( ...
- كيف أعاد شفيق البيطار بادية بني سعد إلى البيوت بلغة عربية فص ...
- قتلى أو شهداء أو ضحايا؟ عن مفهوم التضحية ما بين اللغة والفلس ...
- الرواية بين المحلية والعالمية.. علامات من الرواية الأردنية
- خامنئي يبث رسالة باللغة العربية: لن نساوم الصهاينة أبدا ويجب ...
- خامنئي يبث رسالة باللغة العربية: لن نساوم الصهاينة أبدا ويجب ...
- حضور لافت للسينما العراقية في مهرجان عمان السينمائي
- إستذكار الفنان طالب مكي ..تجربة فنية فريدة تتجاوز كل التحديا ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - رحيل آخر الشعراء الصعاليك