أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - الأسباب التي صنعت المستبد














المزيد.....

الأسباب التي صنعت المستبد


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 2681 - 2009 / 6 / 18 - 10:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الاستبداد غالباً ما يأتي من روح شريرة متمرسة في الاجرام، وتحب التسلط والاعتداء والقفز على اكتاف الاخرين، لغرض الغلبة وارتقاء المناصب العليا وحب الظهور والجلوس على ارائك السياسة والمستبد يبذل كل ما يملك في سبيل الوصول الى الهدف المرسوم، وان كان ذلك على حساب الدين والقيم والمبادئ الاخرى، وهو لا يهمه ذلك بقدر ما يهمه المطلب الذي ينشده ويروم الوصول اليه، مهما كانت النتائج.
وتاريخ المستبدين حافل بالاجرام والقتل وسحق المبادئ الانسانية، والاستهزاء بالانسان نفسه ومحاولة طمس حقوقه والاعتداء على كرامته، وهناك حوادث كثيرة ذكرها لنا التاريخ، لا يسمح المجال هنا لسردها.
ففي الوقت الحديث كلنا قد رأى ما فعله صدام بالشعب العراقي، وصدام مثال صارخ للمستبد الظالم الذي تجاوز حد الظلم
وفاز على اقرانه من الظالمين قديماً وحديثاً.
من الناحية النفسية فان المستبد يشعر بالقلق والاضطراب، والشعور بالخوف، الخوف من كل شيء، الناس، المحيط، المجتمع اضافة الى انه لاينام الا قليلاً فنديمه الارق والشعور بالملل، ولا يثق باقرب الناس اليه، ويشعر بان الكل يريدون التخلص منه والافلات من قبضته، فهو ينظر اليهم بشزر ويطيل النظر اليهم بحقد وكراهية، وعدم الرضا، وهو بتعبير اخر اشبه بالمجنون المصاب في عقله فيميل الى الهذيان، ويحب الخلوة الى نفسه ومراجعة ذاته، واقتناص الفرصة للبكاء لشعوره بالاثم، لكنه عندما يصحو يعود الى سالف عهده فيمارس الظلم والاضطهاد، وينام على انين المظلوم الواقع تحت سياط قبضته، حيث العذاب الذي لا يطاق والذي يمارس ضده.
وغالباً ما يكون المستبد اقصر عمراً من سواه، وذلك بسبب الامراض النفسية التي يعانيها، هذه الامراض تنعكس سلباً على حياته فيتولد اضطراب يفضي بالتالي الى امراض عضوية خطيرة تؤدي بالنهاية الى الوفاة مبكراً وهو في شرخ الشباب ومقتبل العمر.
فالمستبد لا يمكن ان نصفه بالانسان السوي العاقل اذ ان العقل يرفض الاجرام ويميل دائماً الى الدعة والسكون والميل الى الراحة والاطمئنان، ويكره الظلم وافعال الجريمة والدوافع الشريرة الاخرى والعقلاء بصورة عامة نراهم يميلون الى حب القراءة ولا سيما الفلسفة والادب والاستماع الى الموسيقى، وممارسة الهوايات الاخرى مثل الرياضة والرسم والنحت والفنون التشكيلية الاخرى وقطعاً فان المستبد يكره كل هذه الامور التي اشرنا اليها، بل ويحاربها بكل ما اوتي من قوة وهذا تاريخ المستبدين بين ظهرانينا فلم نجد فيه ان هناك مستبداً كان فيلسوفاً او شاعراً كبيراً يشار اليه بالبنان او موسيقياً مثل (موزارت) او (بيتهوفن)او روائياً مثل دستويفسكي او نجيب محفوظ، بل رأينا ظالمين مثل الحجاج بن يوسف الثقفي واتاتورك وهتلر وصدام حسين.
التاريخ يذكر المستبدين فيلعنهم اشد لعنة، بينما يذكر العلماء والفلاسفة وارباب الفكر فيمجدهم ويثني عليهم، ولا يذكرهم بسوء ويستعرض نتاجهم العلمي والفكري وينقله بأمانه الى الاجيال لغرض الاطلاع عليه وزجه في سلوكهم العلمي والادبي والحضاري، وما هذه العلوم والتكنولوجيا الا فيض من نتاج الذين سبقونا وافاضوا علينا بينابيع العلم الذي لا زلنا نأخذ من معينه العذب كل بحسب ميوله وتوجهه الفكري والعلمي والفلسفي والادبي.
ولو اردنا ان نبحث وننقب في ارث المستبدين، ماذا نجد وماذا نرى؟ سوى القتل والدمار والاعتداء الآثم على مقدرات الشعوب، واجهاض الفكر العلمي والاصلاحي، ومحاولة طمس الهوية الانسانية لتلك الشعوب بحيث جعلوا منهم ان يأكل بعضهم بعضاً ويقتل بعضهم بعضاً، لغرض العيش على حساب الاخرين برفاهية مفرطة، وهو فعلاً ماقد حصل لكثير من الشعوب والامم الاخرى.
يقال ان المستبدين لم يصنعوا انفسهم بانفسهم، وانما الشعوب هي التي صنعتهم وافضت عليهم هذه الهالة من القداسة، ومجدتهم التمجيد الزائف، وحاولت التقرب اليهم والجلوس الى موائدهم المستديمة والمستبد لا يستطيع ان يصنع مجده، وهو جبان ورعديد ولا يستطيع ان يتخذ قرارات صعبة وصائبة، لكنه قد وجد العقل الذي يحركه ويشير عليه ويحاول ان يشحذ من همته ويقوي ارادته، وبانه الفذ البطل الذي لا تلين عريكته، والفارس المغوار الذي تهابه الابطال وتفزع من صولته الاسود...وهكذا نفخوا في اوداجه حتى كشر عن انيابه، واخذ يلتهم كل من حوله، فصار الكل يهابه ويتقي سطوته، ويحاول الابتعاد عنه قدر المستطاع.
فلا عجب، اذا رأينا المستبد يقتل ويظلم ويعتدي على الاخرين، بعد ان كان شخصاً غير محترم وليس له مكانة في المجتمع، وهو منبوذ من قبل الجميع ولا يحترمه الجميع، بل يرون ان مكانه غير هذا الذي يشغله.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجنة والنار
- التسامح في القرآن 1/3
- التسامح في القرآن 2/3
- التسامح في القرآن3/3
- فايروس البطالة
- صدام والوليد بن يزيد
- الغربة في شعر محمد عودة
- المجتمع المدني وعلاقته بالدولة
- الحرية الثقافية
- الفساد الإداري واقع ملموس
- القطار السريع
- مسلسل الارهاب
- ظاهرة بيع الادوية
- الفساد الاداري.. جذوره وطرق معالجته
- ولادة الطائفية
- فلسفة الحوار وحاجتنا اليها
- كيف واجه الإنسان الفقر
- من مبادئ الديمقراطية
- الاعلام والفضائيات
- الاشاعة


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - الأسباب التي صنعت المستبد