أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - لجنة الحقيقة والمصالحة : ضمان حقوق الضحايا دستوريا واستثناء صدام وكبار معاونيه من العفو والمصالحة . - الجزء الخامس والأخير















المزيد.....

لجنة الحقيقة والمصالحة : ضمان حقوق الضحايا دستوريا واستثناء صدام وكبار معاونيه من العفو والمصالحة . - الجزء الخامس والأخير


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 865 - 2004 / 6 / 15 - 06:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لذكرى نبيل اليسار العراقي وصديق الأممية الرابعة / التروتسكية الشهيد نبيل نديم !

...وعلى العكس من صراحة وصدق اعترافات كرستوف نل ، كشفت الجلسة المتعلقة بطلب جفري بنـزيين، وهو عضو سابق في الشعبة الأمنية للشرطة عن تناقض شديد في موقف ضحاياه السابقين، الذي شككوا في النهاية بأنه كشف بالكامل المعلومات ذات الصلة بالدفاع عن مطالبته بالصفح عنه. ومن ناحية شكلت أقوال جفري بنـزيين أمام لجنة العفو اعترافاً صريحاً بشكل مذهل بالممارسة الروتينية للتعذيب ضد أي شخص يشتبه في قيامه بأنشطة "إرهابية" نيابة عن المؤتمر الوطني الأفريقي في أواخر الثمانينيات. وأكدت شهادته وشهادة الشاهد المؤيد له اللواء المتقاعد جوهانيز غريبناو، وهو ضابط كبير سابق في الشعبة الأمنية للشرطة، أن سلوكه كان يحظى بالتأييد على أرفع مستوى سياسي. وفي إحدى مراحل الجلسة، وبناء على طلب طوني بنغيني أحد ضحاياه السابقين، مثَّل جفري بنـزيين على متطوع، أمام اللجنة والجمهور وآلات التصوير التلفزيونية أسلوبه الشهير في التعذيب بالاختناق المعروف باسم "الكيس المبلل" والذي اعتبره المراقبون شكلاً من أشكال "التشهير العلني به". ورغم هذا فإن استجوابه المتواصل من جانب ضحاياه في الجلسة غالباً ما فضح تقاعسه عن الاعتراف بالأشكال الأخرى من سوء المعاملة وكشف أسماء رجال شرطة آخرين شاركوا في جلسات التعذيب.
وعند التوصل إلى قرارها بشأن طلب جفري بنـزيين، لم تفكر لجنة العفو، كما فعلت بشكل مألوف في أحكام أخرى، في مدى إدلاء مقدم الطلب باعتراف كامل. ومع ذلك منحته عفواً عن الاعتداء بهدف التسبب بأذى جسدي شديد لسبعة معتقلين ذُكرت أسماؤهم. وعقلت اللجنة ببساطة على الأدلة المقدمة لها قائلة إن "الجرائم التي يطلب مقدم الطلب الصفح عنه بشأنها ارتُكبت خلال النـزاعات التي جرت في الماضي بين الدولة وحركة التحرير ونجمت عنها".
وفي قضية ستانزا بوباب الذي أجرت عائلته تحقيقاً نشطاً في "اختفائه" الذي حدث في يونيو/حزيران 1988، قبلت اللجنة، بشيء من عدم الارتياح، مزاعم 10 رجال سابقين في الشعبة الأمنية، بينهم رئيس الشعبة في حينه، بأنهم قتلوه بصورة غير قانونية (نتيجة صعقه بالصدمات الكهربائية) وتخلصوا من الجثة واختلقوا رواية متقنة لإخفاء معالم الجريمة. وفي تأمل مقلق حول قضية "التناسب"، لاحظت اللجنة أن
"الأساليب التي استُخدمت في استجواب الراحل كانت بغيضة وغير قانونية. لكننا بعد دراسة متأنية، نرى أن استخدامهم لجهاز الصعق بالصدمات الكهربائية في الاستجواب لم يكن غير متناسب مع الهدف الذي كانوا ينشدونه. وبالنسبة إليهم كان استخدام أجهزة الصعق الكهربائية في الاستجواب ممارسة شائعة … وتصوروا أنها وسيلة فعالة وملائمة لإجبار الضحية على التعاون معهم ولم يتوقعوا أو يشكوا في أن تترتب على استخدامها عواقب مميتة."
وأكملت لجنة العفو جلساتها وأصدرت أحكامها النهائية بحلول يونيو/حزيران 2001 ولم يبق أمام لجنة الحقيقة والمصالحة إلا إعداد تقريرها النهائي، الذي سيُدرج الوقائع التي توصلت إليها لجنة العفو في التقرير السابق للجنة الذي نُشر في أكتوبر/تشرين الأول 1998، ويتضمن توصيات إضافية حول تقديم تعويضات إلى ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان الذين تعرَّفت عليهم لجنة العفو. ولم يكن ذلك التقرير الذي ينبغي رفعه إلى رئيس جنوب أفريقيا قد أُعد في مطلع العام 2002.
الخلاصة :
وضع عمل لجنة الحقيقة والمصالحة حداً لإنكار المسؤولين الرسميين والأحزاب السياسية طوال سنوات حدوث تعذيب منهجي وإفلات ممارسيه من العقاب في عهد الفصل العنصري. كما أنه أتاح للعديد من الضحايا الفرصة للتحدث عن التجارب التي مروا بها في جلسات علنية ومنح البعض فرصة لتحدي ممارسي التعذيب ضده وجهاً لوجه.
لكن لم يكن الجميع مرتاحاً للنتائج التي توصلت إليها اللجنة، وتجسد الثمن الذي دفعوه باسم المصلحة الوطنية المتصورة في تقاعس الحكومة عن تقديم تعويضات بسرعة وأريحية إلى الضحايا الذين ذُكرت أسماؤهم. وعلاوة على ذلك، لم تُبدِ الحكومة وسواها من الأحزاب السياسية في البرلمان اهتماماً يُذكر بدراسة توصيات اللجنة التي وردت في تقريرها الصادر في العام 1998، لمنع تكرار ضروب مشابهة لانتهاكات حقوق الإنسان التي ساعدت اللجنة على فضحها وتعريتها.
تنتهي هنا قراءتنا في وثائق لجنة الحقيقة والمصالحة كما رصتها منظمة العفو الدولية وسوف نحاول الآن أن نقدم تصورنا لكيفية استلهام هذه التجربة في ضوء خصوصيات الحالة العراقية .
لقد أكدنا في تضاعيف هذه الدراسة أن ثمة فرقا كبيرا جدا واختلافا نوعيا لا يمكن طمسه أو القفز عليه بين الحالة الجنوب أفريقية والحالة العراقية ، وقد ذكَّرنا بأن قيادة النظام العنصري كان قد بادر إلى تفكيك نفسها وإنهاء نظام الميز العنصري عبر التفاوض المباشر مع القيادة الثورية الأفريقية مع أنه كان نظاما مسيطرا من الناحية الأمنية بقوة القمع وكان مسلحا بالسلاح التقليدي وبالسلاح النووي وقويا اقتصاديا رغم الحصار العالمي المفروض عليه ، أما النظام الشمولي في العراق فقد عاند ورفض أي نداء للقيام بإعادة السلطة إلى الشعب والاحتكام إلى صناديق الانتخابات وكابر وقاد البلد والشعب في طريق الخراب والحروب والمغامرات الفاشلة والمكلفة بشريا واقتصاديا وزاد فنظم حملة قمع وتصفيات شاملة ضد المواطنين العراقيين . لقد كانت مبادرة قيادة النظام العنصري إلى التنازل وتفكيك الحالة العنصرية الحاكمة عاملا مساعدا ودافعا كبيرا سهل انطلاق واستمرار عميلة البحث عن حقيقة ما حدث وتدشين عملية المصالحة على أساس العفو المشروط أما رفض نظام صدام لإعادة السلطة إلى الشعب واستمرار بالقمع حتى آخر أيامه فإنه سيكون عاملا مؤثرا جدا ولكن في الاتجاه المضاد . إن هذا الفارق النوعي بين الحالتين لا يمكن أن ينظر إليه كسبب يقفل الباب بوجه أية محاولة لاستلهام التجربة الجنوب أفريقية صحيح أنه سيجعل عملية الاستلهام والتمثل والمقاربة لها عملية صعبة جدا ولكن ليست عملية مستحيلة لأن القول باستحالتها سيعني الاندفاع في طريق العقلية الثأرية والتصفيات المتبادلة والغرق من ثم في بحر الحرب الأهلية . الخيار إذن هو في دراسة الحالة العراقية دراسة دقيقة والانطلاق في عملية واسعة النطاق للتبشير بها والضغط من أجل أن يصدر النظام الحاكم والشرعي في العراق قانونا رسميا يؤسس لتجربة جديدة لمعرفة حقيقية ما حدث خلال فترة حكم البعث والبدء بعملية إنصاف قانوني وقضائي للضحايا ومعاملة المسئولين الحكوميين والجلادين على أساس ما سوف يقدمونه من تعاون وحقائق واعتذار للشعب العراقي وللجسم الرسمي القضائي الذي سيتشكل رسميا .
إن خصوصيات الحالة العراقية توجب استثناء المسؤولين الكبار في نظام صدام الذين تلطخت أياديهم بدماء الشعب وفي مقدمتهم الطاغية صدام نفسه من أي عفو قانوني و تقديمه هو وأعوانه المسؤولين المباشرين عن القمع والتصفيات إلى محاكمة علنية عادلة يتم انتخاب هيئتها القضائية انتخابا مباشرا من قبل الشعب كما حدث في العديد من تجارب الثورات الشعبية في القرنين الماضيين .
كما توجب تلك الخصوصيات القيام بمسح شامل للمقابر الجماعية والأدلة الملموسة على أعمال القمع والتصفيات من قبل لجان رسمية متخصصة ومزودة بالخبراء والوسائل العلمية الحديثة والتعامل مع تلك المقابر بكل حيادية واحترام وتبجيل .
يمكن أيضا اعتبار جريمة مجزرة حلبجة حالة استثنائية خاصة وتقديم مرتكبيها إلى المحاكمة التي يجب أن تعقد على أرض حلبجة ذاتها مثلما يجب أن تنعقد المحاكمة الخاصة بالمقابر الجماعية في أكبرها أي في مقبرة "المحاويل " قرب مدينة الحلة بسبب فظاعة هاتين الجريمتين واستمرار معاناة بعض الضحايا وفقدان أي أثر للبعض الآخر .
لقد عانت التجربة الجنوب أفريقية من الكثير من السلبيات الواردة في خلاصات تقاريرها ومن ذلك إهمال موضوع التعويضات المادية والمعنوية لضحايا القمع وغير ذلك من سلبيات ، وهذه أمور ينبغي الاستفادة منها وتلافيها في التجربة العراقية وعدم تكرارها .
كما إن تلك التجربة لم تشترط لنيل العفو اعتذار مرتكب الجرم القمعي عن جرمه واستعداده الشخصي لتعويض المتضرر وتركت ذلك لرغبته الحرة وهذه نقطة ضعف كبرى يمكن أن تسيء لحقوق الضحايا الدستورية والقانونية والأخلاقية .
يمكن أيضا أن نقترح وجوب عدم المساواة بين جميع الأشخاص المتقدمين بطلب العفو والمعترفين بمساهمتهم في عمليات القمع والتصفيات وتقسيمهم من حيث أهمية ما ارتكبوه ومن حيث موقعهم في السلم الوظيفي في المؤسسات القمعية الحكومية والتعامل مع تلك الأقسام حسب الموقع الأهمية .
كما يمكن أن تؤخذ بنظر الاعتبار التقاليد والمواضعات الدينية والقبلية في المجتمع العراقي وإشراك ممثلين عن هذه الاعتبارات لتلافي ردود فعل مفاجئة و غير محسوبة لدواعي دينية أو قبلية ما زالت مؤثرة في المجتمع ولا يمكن لجمها بقوة القمع الرسمية وحدها لا سيما ونحن نتكلم عن مصالحة شاملة وبناء جديد لتجربة إنسانية ولا نريد أن نزيد النار اشتعالا أو نوجد أسبابا جديدة لاضطرابات أخرى .
تلك هي التجربة التي قدمها للتاريخ شعب جنوب أفريقيا هذا الشعب المنتصر مرتين : مرة على النظام العنصري الدموي النووي بدمه الأعزل ومرة ثانية على نفسه وبشريته وأحزانه وعلينا أن نذكي ونساعد على أن تكون مساهمة شعب الرافدين العظيم بذات القدر من البهاء الإنساني والجدة المعرفية والسمو الأخلاقي لنكون جديرين فعلا بالانتساب لمسلة حامورابي ونهج البلاغة وعذابات الحلاج ..



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجربة لجنة الحقيقة والمصالحة : نظام البعث استورد التعذيب الش ...
- تجربة لجنة الحقيقة والمصالحة : و معادلة العفو المشروط مقابل ...
- تجربة جنوب أفريقيا أكدت: تحقيق العدالة يؤدي إلى المصالحة ولي ...
- فضيحة الوزير الجلاد: التصفية العادلة لملفات القمع الشمولي وت ...
- المبسط في النحو والإملاء الدرس الثامن والأربعون / التمييز / ...
- توضيح ومناشدة : لتكف الأقلام العراقية الوطنية عن الاحتراب ال ...
- المبسط في النحو العربي والإملاء الدرس السابع و الأربعون : ال ...
- الزرقاوي أخطأ العنوان في كل مرة وليس هذه المرة فقط !:
- محاولة عقيمة أخرى لتكريس الجلبي زعيما طائفيا بعد تصفية الصدر ...
- قصة السيد العلوي والطبيب القواد .
- حين ينعت اليساري الكادحين في تيار الصدر بالرعاع !
- من رفض وثيقة السلام في النجف وكربلاء: السيد الصدر أم مهندس ا ...
- النفاق الطائفي بين قبة ضريح علي بن أبي طالب ومقر الجلبي !
- الفضائيات العربية تمارس تعتيما طائفيا على المقاومة في الجنوب ...
- الدرس السادس والأربعون : المستثنى وأسلوب الاستثناء
- المؤتمر التأسيسي ماله وما عليه
- بمقتل مقتدى سيسقط التشيع الفارسي وسيصعد التشيع العربي العراق ...
- المبسط في النحو والإملاء : الدرس الخامس والأربعون : أدوات نص ...
- المؤتمر التأسيسي العراقي القادم مخاطر ومحاذير : لكيلا تستبدل ...
- صدام في محكمة آل الجلبي تحت العلم الأزرق ؟


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - لجنة الحقيقة والمصالحة : ضمان حقوق الضحايا دستوريا واستثناء صدام وكبار معاونيه من العفو والمصالحة . - الجزء الخامس والأخير