أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق إطيمش - ضجيج المنائر ... ولغو المنابر















المزيد.....

ضجيج المنائر ... ولغو المنابر


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 2846 - 2009 / 12 / 2 - 15:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أصبح قرار إستفتاء الشعب السويسري برفض بناء المنائر على الجوامع في سويسرا موضوع جدل ونقاش بين مختلف الإتجاهات المؤيدة والرافضة لهذا القرار الذي أصبح يشكل قاعدة دستورية لا مجال لتجاوزها في الحياة اليومية السويسرية . وجمهرة الجبهتين من الرافضين للمنائر والمؤيدين لها تضم أجناساً مختلفة من جميع الأديان ، لم يجمعها الدين على الرفض والتأييد بقدر ما جمعتها الناحية الدستورية أو الناحية المتعلقة بالحريات بما فيها الحرية الدينية أو ما يتعلق بحقوق الإنسان ، لقرار مثل هذا . إلا أن المثير في الأمر في مثل هذه الحالات هو توظيف القضية برمتها واستغلالها من قبل الإسلام السياسي . وفي هذه الحالة أيضاً حاول قادة هذا التيار جعل موقف غالبية الشعب السويسري برفض بناء المنائر وكأنه موقف معادٍ للدين الإسلامي برمته ، بالرغم من وجود ما يقارب النصف مليون مسلم في سويسرا يعيشون بأمان مطلق ويمارسون نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات السياسية والإجتماعية في بلد يعتبر مناراً من منارات الديمقراطية في عالم اليوم .
ينطلق قادة هذا التيار السياديني ، وكعادتهم في كل مرة ، من موقع التأليب ونشر روح العداء والبغضاء بين المسلمين وبين المجتمعات التي يتواجد فيها المسلمون كأقليات ، إلا أنهم يمارسون قناعاتهم الدينية بكل حرية ويتلقون كل الدعم والحماية من قبل حكومات الدول المتواجدين فيها . وهذه المواقف التي يتخذها قادة الإسلام السياسي في أوربا ، إضافة إلى التوجهات التي تنم عن ممارسة العنف وحتى الإرهاب في هذه المجتمعات هي التي أعطت إنطباعاً سلبياً لدى الكثير من السكان في أوربا أو أمريكا أو أية بقعة من العالم يتواجد فيها المسلمون على شكل أقلية قومية ودينية عن الدين الإسلامي وعن مَن يعتنقون هذا الدين أيضاً . لا يسعنا المجال إلى التطرق إلى كل هذه التصرفات هنا ، حيث أنها تفوق التصور في كثرتها وأساليبها بدءً من الإحتيال على مؤسسات المساعدات الإجتماعية للحصول على أكثر ما يمكن من الأموال من هذه المؤسسات ، مروراً بشرعنة السرقات من المحلات التجارية في هذه الدول إنطلاقاً من فتاواهم التي تعتبر أموال ونساء الدول التي تسكن فيها هذه الأقلية من المسلمين مشاعة لهم حيث أنها من أموال الجزية التي يستحقها المسلمون على هؤلاء ، كما ان نساءهم من الغنائم التي ينبغي أن يحصل عليها المسلمون من هؤلاء " الكفرة " ويتصرفون بها كيفما شاءوا ، وانتهاءً بإخراج الفتاوى التي تعمق الكراهية والحقد في المجتمع وتدعو إلى إستعمال العنف ضد مجتمعات آوت هؤلاء المسلمين وعوائلهم لعشرات من السنين . إلا أن ما نرغب التطرق إليه اليوم هو إستغلال دهاقنة الإسلام السياسي في أوربا لأصغر الصغائر كي يجعلوا من ذلك ، ومن خلال خطابهم المفلوج المغالط والبعيد كل البعد عن القيم الدينية الحقة ، مادة للعداء والتنافر الذي يريدون تفعيله إلى آخر الحدود كي يبلوروا أفكارهم العدوانية الشريرة على الواقع العملي على شكل عنف وإرهاب ضد المجتمع الذي آواهم ، غير ناسين رفع مصاحف عمر بن العاص في كل مناسبة من مناسبات نعيقهم هذا.
لقد لجأوا إلى هذا الأسلوب في كيفية التعاطي مع هذه المشكلة التي تبلورت مؤخراً في سويسرا . وبالرغم من أن المسؤول الديني الأكبرعن التجمعات الإسلامية في سويسرا سبق وأن دعا بعد ظهور نتائج الإستفتاء مباشرة إلى الخلود إلى الهدوء وتبني الطرق الديمقراطية في معالجة الموضوع ، إلا أن الإنتهازين المنتفعين من الجرائم من قادة الإسلام السياسي داخل أوربا وخارجها في المجتمعات الإسلامية لم يرق لهم هذا النداء الذي لم يلب طموحاتهم في نشر الجريمة في المجتمع وذلك من خلال تبني أساليب العنف في مواجهة أمر كهذا .
لقد إعتبروا هذا الإجراء عداءً وتنكراً للدين الإسلامي . وهم إذ ينشرون مزاعمهم هذه بين الناس لا يكلفون أنفسهم إفهام الناس بحقيقة الأمر وذلك لسببين . السبب الأول هو أنهم يعلمون تماماً بأنهم لا يملكون الحجة الدينية الكافية التي يستطيعون إقناع الناس بها ، والسبب الثاني هو إنتهاز أية فرصة ، حتى وإن كانت غير مؤآتية ، لتطبيق ما يجول بافكارهم السوداء التي جُبلت على العنف والحقد وكره الآخر وإلغائه .
لم تُشكل المنائر على الجوامع في يوم من الأيام ركناً من أركان الدين الإسلامي المعروفة للجميع والتي لا تشمل المنائر على الجوامع بأية حال من الأحوال . لقد جاء بناء المنائر في فترة متأخرة جداً من تاريخ فن المعمار الإسلامي . وإن دهاقنة الإسلام السياسي يناقضون أنفسهم في كل مرة حينما يدعون إلى جعل نمط الحياة مشابهاً لنمط الحياة في عهد النبي محمد (ص) ، إلا ان ممارسات حياتهم التي يريدون تشبيهها بحياة الرسول تتوقف حينما يتعلق الأمر بملذاتهم الشخصية التي لا يتوانون عن ممارستها وهي لم تكن معروفة لا في زمن الرسول ولا حتى بعد وقت طويل بعد وفاته . والأمثلة العملية على ذلك لا تعد ولا تحصى بدءً باستعمالهم لكل وسائل الراحة في حياة اليوم من تدفئة وتبريد والنقل في السيارات المرفهة وانتهاءً بكل المأكولات والمشروبات والملذات التي يمارسونها اليوم واعتمادهم على كل وسائل التقنية الحديثة في صنع مفخخاتهم وزرع قنابلهم وطرق توزيع الموت بأحدث الأساليب على مَن يخالفهم بالرأي ، ولا نريد أن نقول عدوهم . وفيما يتعلق بامناءر فإن بلال الحبشي لم يؤذن على منارة ، ومع ذلك فقد كان آذاناً إسلامياً باركه الرسول (ص) نفسه . كما أنه لم يستعمل مكبرات الصوت المزعجة فعلاً خاصة إذا ما وُضعت على هذه المنائر التي توَجَه من داخل الجامع وبأَعداد وقوة صوت تزعج المرضى وكبار السن والأطفال ، خاصة إذا ما أُستعملت لغير الأذان إعتباراً من منتصف الليل وحتى مطلع الفجر . إنه ضجيج لا مبرر له ولا يشكل واجباً دينياً ، بل انه يقع في نطاق المستحبات التي لا يوجد نص على التمسك بها والتي يمكن التخلي عنها حسب التفاسير الرصينة التي تُناقش الثوابت والمتغيرات في تعاليم الدين الإسلامي . ثم لو أن هناك قدسية حقة فعلاً للمنابر على الجوامع لما جرى إستخدامها من قبل نفس هؤلاء الإرهابيين، الذين يذرفون دموع التماسيح على منع بناءها في سويسرا، كمواقع للقناصة الذين تصدوا من خلالها لقتل أبناء جلدتهم من المسلمين ، كما حدث في العراق والسعودية وأفغانستان ولاصومال ، فجعلوها بذلك مركزاً لإرتكاب الجريمة ومرتعاً للمجرمين من أتباعهم . إن كلمة " منارة " لم تأت ولا مرة واحدة في القرآن الكريم ، كوصف لجزء من بيت الله الذي نصت عليه الآية 36 من سورة النور . وعلى هذا الأساس فإنها لا تقلل من قيمة بيت العبادة المخصص لذكر الله سواءً وُجدت فيه أم لم توجد . واستناداً إلى ذلك أيضاً فإن عدم السماح بوجودها لا يعني باي حال من الأحوال منع وجود رمز يعتبر مؤشراً لا يمكن الإستغناء عنه لممارسة الطقوس الدينية التي يمارسها المسلمون في كل دول أوربا بكل حرية وأمان .
إلا أن منابر الإسلام السياسي لا تفقه كل ذلك ولا تريد ان تفقهه حيث أن هذا الفقه سيؤدي بها إلى فقدان المادة التي تستطيع بها مواصلة اللغو والتبجح بدفاعها عن قيم الدين الإسلامي وثوابته ، وما لغوها في الحقيقة والواقع إلا تعبيراً عن أفكارها الشريرة ونوازعها الإجرامية للعنف ومحاولاتها الخبيثة لإشعال نار الفتنة في المجتمعات التي يتواجد فيها المسلمون الذين يتجهون لممارسة حياتهم الإعتيادية بعيداً عن لغو منابر الإسلام السياسي هذا ، إلا انهم يواجهون الكثير من تصدي منظمات الإسلام السياسي لتوجههم هذا ، واستعمال وسائل الترهيب والترغيب معهم بغية الإستجابة لعويل ولغو خطباء المنابر هؤلاء الذين لا تستوعب عقولهم المتحجرة غير أساليب التأليب والتهديد والعنف .
إننا ندعوا كافة المسلمين في أوربا والذين يسعون حقاً إلى تنقية الدين من أدران الإسلام السياسي وخطابه المفلوج وتصرفات مريديه المشينة أن يتوجهوا إلى الدفاع عن قيم دينهم التي يشوهها هؤلاء الذين يتسترون بالدين إلا أنهم يعملون على تقديم أقبح الصور عنه من خلال لجوءهم إلى الإرهاب والعنف وإلغاء الآخر، حتى وإن كان هذا الآخر مسلماً أيضاً إلا أنه لا يسير على خطاهم . وأن يعملو على حل مشاكلهم مع المجتمعات التي يعيشون فيها بنفس النداء الذي توجه به القرآن الكريم والداعي إلى سلوك طريق : " أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة زجادلهم بالتي هي أحسن ......" ( النحل 125 ) ، لا عن طريق الدجل والكذب والتهديد والوعيد .
الدكتور صادق إطيمش






#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحملة الإنتخابية الجديدة ....ما العمل ؟
- لقطات من الوطن ....
- بصحتك يا وطن ... القسم الرابع
- بصحتك يا وطن .... القسم الثالث
- بصحتك يا وطن .....القسم الثاني -إشكالات علاقة الدين بالدولة
- جرثومة البعثفاشية تريد الإنقضاض عليكم مجدداً ....فكافحوها
- بصحتك يا وطن ..... القسم ألأول
- طارق حربي مناضل اسمى من أن ينال منه المتقولون
- مَن يُقيّم مَن ...؟
- صموئيل هنجنتون وانهيار نظرية السلفية الغربية
- وهل يمكن أن ننتظر غير ذلك من بعثفاشي كصالح المطلك.....؟
- في البدء كان الإرهاب أيضاً.....
- دكتاتورية ولاية الفقيه وأَعراب الكفر والنفاق ، بؤر الإرهاب ب ...
- نعيم التعددية وجحيم الأحادية القسم الثاني
- نعيم التعددية وجحيم الأحادية القسم ألأول
- لقطات من المهرجان الثقافي العراقي في برلين
- شموخ الثقافة العراقية في برلين
- أحزاب ألإسلام السياسي بالعراق .....قد فشلت وحان رحيلها
- هدية الشعب الكوردي إلى النائب البرلماني أسامة النجيفي
- واضربوهن....مرة أخرى / القسم الثاني


المزيد.....




- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق إطيمش - ضجيج المنائر ... ولغو المنابر