أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد حاشوش - ادباء بصريون : (شواهد الاشياء لباسم الشريف... شواهد الماء)














المزيد.....

ادباء بصريون : (شواهد الاشياء لباسم الشريف... شواهد الماء)


سعيد حاشوش

الحوار المتمدن-العدد: 2834 - 2009 / 11 / 19 - 09:59
المحور: الادب والفن
    


حين تصبح اللغة موطدة المبنى بأخيلة وصور مجازية تخترق عندئذ السطوح الواقعية للحياة اليومية وتدخل في إيحاء شعري متجاوزة الأجناس الأدبية التي تضع حجاباً بين لغة القص والشعر وشعرنة السرد الصوفية بحب المكان المتجسد بالماء.
الماء هو الذي يوحد القصص مما يجعل النصوص قابلة للتأويلات مستمرة،تجليات وتأويلات تجل من الطفولة تجربة حية وحسب قول الرواقيين -طفولة الانسان هي التجربة الناضجة الوحيدة- وقد يبدو هذا القول لاول وهلة صحيحاً لكن شواهد الاشياء تشتغل على ثيمات اعمق من الكلمات التي نقرؤها،كلمات تحاول اسطرة الواقع لتنطلق من المحلية للعالم، من واقع مثيولوجي في اعماق حقيقته هكذا درسّنا المعلم الاول السياب ومن بعده محمد خضير ومجموعة طريدون لجابر خليفة جابر،ففي قصة (مقبرة الدوب) نقرأ الخاتمة ((تحف به الاصداء التي ما زالت تتجاذبه نحو الاعماق اذ تنادت عوامل القيعان عبر ايقاعات الزيران التي تصاعدت برتابة لها صدى الرنين المخنوق فاحت من الاعماق رائحة المخاض،كان ثمة شيء قابع هناك، ربما كان حبله السري الذي اودعته امه القاع إيفاء لنذرها)) ندرك أننا نقرا نصاً ملغزاً بإيحاءات ورموز،حين يأخذ الماء دلالة ذكورية ويوقظ الخصوبة في اعماق الارض،ولنتذكر قول السياب في نهر جيكور ((ان موتي انتصار حين يغرق في الماء وتجري الروح مع المد في (الشوائخ) والسواقي والجداول وتلقح الارض التي هي الام الكبرى في كل اساطير الطفولة البشرية ))ندرك بالضبط معنى جملة (ربما كان حبله السري الذي اودعته امه القاع) و(فاحت من الاعماق رائحة المخاض ) اذا غرقه في الماء يوحي بولادة جديدة او انتصار جديد حين يعود الانسان لامه الارض كي يلد من جديد وهكذا يصبح الماء الحاضن للاسطورة ففي جمل تتناثر عبر المجموعة القصصية (التربة الندية-الطحالب- لاوقات المد-وهل ستستحم في النهر؟- ترك ظله الموشوم على جسد المياه ارتعاشات قلقة) هذه جمل قصة تداعي الاشياء حين يأخذ الماء معنى مثيولوجياً طقوسياً آخر الا وهو التطهير من الدنس الارضي أذا ادركنا ان الماء يزيل قذارة الدنس في كل الاديان السماوية والارضية.
وبدراسة متأنية للمجموعة فأن القاص في قصصه الاولى مثل قصة (المسفن) التي يعبقها بثريا من شعر كريم ﭼخيور (اعترف الآن لكم/ على مهبط الماء/ ولدتني امي) وقصة (مقبرة الدوب )وثرية النص لمظفر النواب (وتفتح قلبي في الماء/ بكل المسك/ وأرسلت يدي الى الاعشاب المدفونة) ندرك ان القاص يرصد الوعي الوثني الفطري الاولي بالطبيعة والرائحة هي الوعاء لهذا الوعي البسيط، و يصبح الصوت وعاءاً بتكرار (وهو لو لو لو لو لو هو لو يالله) وهو نداء وغوث البحارة في نشيجهم الذي يبدأ (هو يا مال) سفر الروائح والاصوات (في قصة المسفن) في كل جملة وبإيحاء صوتي في اللغة عن طريق بناء الجمل الموسيقية (ايقاع الجمل صوتياً بإيحاء مشفر مثلما يقول د.طالب الاسدي )فهو لا يكل من رسم صور الطبيعة البصرية بل يوظف الكلمات الشعبية التي لها جذوراً فصيحة مثل (الشوائخ)(الحب بوك) بلغة حسية تنساب سلسة وينمو الحدث بدون تعقيد وبأسلوب التداعي الحسي للصور مبتعداً عن التجريد الذهني.
يدهشنا القاص في قصة (تداعي الاشياء )بالعزلة المفروضة على النازحين بسبب الحرب وبعزلتهم على نهر طيني (ولأن الانسان يعلم ان المكان المرتبط بالعزلة هو مكان خلاق )هكذا يتحدث جاستون باشيلار عن رجل في كوخ بمهب الريح في ليلة ممطرة،يصير المكان خلاقاً ويؤكد سيادة الانسان بشعور كوني حين يواجه امواج البحر او زخات المطر او ظلام السراديب، تؤيلاً آخر للنصوص وهو ان ابطال باسم الشريف هم نماذج اولية او اصلية حسب نظرية يونج يجسدون رموز الموت والانبعاث تارة الغوص في الماء وامتزاج صوفي مع الجزيئات وتارة يقدم الانسان روحه أضحية كمنقذ ومخلص ففي قصة تداعي الاشياء يقول الجد..
- من اين لنا بذاك الجني كي نمسك جميعاً بكلتا خصيتيه،ولا نطلب شيئاً سوى رد بيوتنا التي محيت
- لا احد يقوم بهذا الدور سوى الرجال
هكذا يجيب الراوي،اما في قصص (عوامل جنوبية)و(المد مرايا وانعكاسات)و( خيول أو سنابك المتقدات) واستبشار فأن الراوي يأمل بمنقذ هو (منتظر) وندخل عالم هذه القصص التي تثور على طبيعة القصص المحافظة في بداية المجموعة وندرك ان الواقع العراقي صار (موت واضرحة) وكأن القاص يروي لنا ما تركه لنا جابر خليفه جابر من فراغ فى رواية طريدون ها هي اللوحة وكابينة القيادة والمدينة المستباحة منذ فجر التاريخ وحتى الثورة الشعبانية وصمت العالم وتآمره عليها،لا اريد الا ان اقول ان التكرار في زمن توقف عن النمو ولا نسمع فيه الا صوت الرصاص ولا نرى الا آثار بساطيل الجنود حقيقة هو زمن تكراري،زمن توقف عن النمو ولنردد معاً ذلك التكرار في قصة( خيول أو سنابك المتقدات):
تتناهى اليه كل تلك الأصوات والمشاهد ببريق غريب ومتشبث. بدأ الزمن يتوقف كما لو كان الشاهد اللامرئي، يغمض عينيه بحبور، آنئذ تغدو الرؤى شبية بالدوامات، تسحبه آلاف الكلمات المتقدة والمليئة بالمضمرات الى قرارها. وحدها اللغة يهجسها تخب برأسه مثل قطعان من الخيول الجامحة.





#سعيد_حاشوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (أصوات أجنحة جيم ) لجابر خليفة جابر....رفيف الأجنحة الراحلة
- كتاب ( طريدون ) القصصي ...رواية حديثة
- قراءة في مجموعة علاء شاكر رجل في عقل ذبابة : تطويع اللغة ومر ...
- لاأحد يشبه المسيح
- أدباء بصريون.... ناصر قوطي .. العمق المنفرد
- ادباء بصريون...عبد الحسين العامر في مرزوك ...الإيقاعات الضائ ...
- أدباء بصريون...حارس المزرعة لنبيل جميل .... عبثية الإنسان ال ...
- أنفلونزا الصمت..للقطراني قصص قصيرة جدا
- أدباء بصريون ... لعنة ماركيز لضياء الجبيلي .. رواية عجائبية
- أدباء بصريون... قراءة في رواية - علي عباس خفيف - (عندما خرجت ...
- أدباء بصريون .... محمد خضير بين التشيؤ والمثيولوجيا
- مكنسة الجنة لمرتضى ﮔزار...رواية ذاتية التوالد
- رصد مدفعي
- مذكرات بائع جوال في إحدى صباحات الدولفين
- اضغط على الزر واشعر بالقوة
- صورتي الرائعة
- الوجهاء
- قوس قزح أبيض...قصة قصيرة
- نحن الحطب بعد شتاء أكلتنا الأرضة
- اليحامير


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد حاشوش - ادباء بصريون : (شواهد الاشياء لباسم الشريف... شواهد الماء)