أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - هل يتساوى الشهيد الذى ضحى بحياته مع لاعب الكرة الذى سيتقاضى ستة ملايين جنيه فى »لعبة«؟















المزيد.....

هل يتساوى الشهيد الذى ضحى بحياته مع لاعب الكرة الذى سيتقاضى ستة ملايين جنيه فى »لعبة«؟


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2832 - 2009 / 11 / 17 - 07:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فرح المصريون بالفوز على المنتخب الجزائرى لكرة القدم أمس الأول، وتحول هذا الفرح إلى عيد حقيقى فى ربوع البلاد من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب دون تفرقة بين مدينة وقرية، أو بين حى الزمالك الراقى وحى الدويقة الشعبى.. ورفرف العلم المصرى فى كل مكان وتدفق آلاف المواطنين والمواطنات إلى الشوارع والميادين ــ رغم استمرار حالة الطوارئ التى تمنع المظاهرات دون تصريح مسبق ــ وسهرت مصر حتى الصباح احتفالا بهذا الفوز الكبير الذى جاء بعد مباراة ميلودرامية شهدت أحداثاً عجيبة ومفاجئة وتأرجحت فيها المشاعر بين الأمل واليأس مراراً وتكراراً، ولا أدل على ذلك من أن الهدف الثانى ــ الذى أبقى على أمل مصر فى التأهل إلى »المونديال« بعد مباراة فاصلة تجرى فى السودان بعد 48 ساعة ــ جاء فى الدقيقة الخامسة من الوقت بدل الضائع.. أى أن الأنوار كلها كانت ستنطفئ ويتم فض »المولد« إذا طاشت تلك الكرة التى دخلت المرمى فى الوقت القاتل كما يقول النقاد الرياضيون.. كما أن اللاعبين المصريين أضاعوا فرصاً سانحة للتهديف ومع كل فرصة منها وضع المتفرجون أياديهم على قلوبهم، كما أن اللاعبين الجزائرين أهدروا فرصاً مماثلة كانت واحدة منها فقط تكفى للإطاحة بأحلامنا.
الفرحة إذن ليست بلا سبب، بل إن مسوغاتها كثيرة، سواء من حيث مجريات المباراة ذاتها أو من حيث الملابسات التى جرت فى ظلها هذه المباراة أو من حيث ما يترتب على نتيجتها.
ومع ذلك.. فإن هناك الكثير من الأمور المزعجة التى تشوب هذه الفرحة التى يجب أن نلتفت إليها، وألا يعتبر البعض ذلك محاولة لإلقاء »كرسى فى الكلوب«، أو ينظر البعض إلى من يحاول التنبيه إلى تلك الأمور المزعجة كما لو كان »سارق الفرح«.
هذه الأمور المزعجة تقع تحت عنوانين رئيسيين هما: »التسييس« و»التديين«.
فنحن بصدد مباراة فى كرة القدم فى نهاية المطاف، أى بصدد مسألة رياضية بحتة ينبغى النظر إليها فى هذا الإطار دون زيادة أو نقصان.
أى أننا إزاء تنافس إنسانى برىء وشريف حول مهارات وجماليات وتكتيكات »لعبة« هدفها الترويح والامتاع وترقية المشاعر الإنسانية، لأن التسعين دقيقة التى تستغرقها مباراة كرة القدم تصهر الانفعالات البشرية وتوحد عواطف الناس وتزيل الفوارق الاجتماعية والدينية والعرقية والجنسية والثقافية بينهم أثناء مشاهدة وتشجيع فريقهم المحلى أو منتخبهم الوطنى.
لكن المسألة اختلفت كثيراً عن ذلك لدينا فى الفترة الأخيرة، وتجلت بصورة صارخة فى مباراة أمس الأول بين مصر والجزائر.. حيث شاهدنا فى وسائل الإعلام ــ من الجانبين ــ صورة غير رياضية على الاطلاق، ولا نبالغ إذا قلنا إنها صورة تتناقض مع الهدف الرئيسى للرياضة ذاتها، باعتبارها أداة لتعزيز الصداقة بين البشر، فإذا بها تتحول ــ فى حالتنا ــ إلى أداة لنشر الكراهية والبغضاء.
وفى ظل ثقافة الكراهية كان طبيعياً أن تأتى باقى »القيم« مشوهة وممسوخة، بما فى ذلك قيمة »الوطنية«، التى رأينا ابتذالا رخيصاً لها، وترويجاً لصورة عنصرية وشوفينية لها.. وأكرر أن ذلك حدث على الجانبين، الجانب الجزائرى والجانب المصرى على حد سواء حيث دأبت وسائل الإعلام بكل أشكالها، حكومية وأهلية، مرئية ومسموعة ومقروءة، قديمة وحديثة، صحف وبرامج ومدونات ومواقع على شبكة الإنترنت، فى أغلبها الأعم على تلويث وتسفيه الطرف الآخر، فى مشهد كريه، إن دل على شىء فإنما يدل على انحطاط »النخبة« وتدنى مستواها وتشوه وعيها بصورة لم يسبق لها مثيل.
ولا أفهم ــ مثلاً ــ كيف سمح البعض لأنفسهم بأن يحولوا مباراة فى كرة القدم بين فريقين إلى معركة حربية بين بلدين، أياً كانت قيمة هذه المباراة أو قيمة نتيجتها؟
لا أفهم ــ مثلاً ــ أن يتفتق ذهن وسائل إعلامنا الخائبة عن فكرة سخيفة تستخدم الأناشيد المرتبطة فى الوجدان المصرى والعربى بحرب أكتوبر العظيمة فى مناسبة لقائنا الكروى مع الفريق الجزائرى؟!
ما هذه الخيبة الثقيلة التى تستهين بدماء الشهداء فى معارك التحرير إذ تشبههم بأحد عشر لاعب كرة قدم سيتقاضى الواحد منهم ستة ملايين من الجنيهات إذا حصلنا على تذكرة السفر إلى المونديال؟
لا أفهم ــ مثلاً ــ العمى السياسى والفكرى لدى هؤلاء الذين عملوا على »تسييس« مباراة كرة قدم، وهو على أى حال تسييس سخيف وغبى وخاطئ من كل الوجوه.
لا أفهم كذلك منطق أولئك الذين حاولوا ــ ويحاولون ــ باستماتة »تديين« مباراة كرة قدم.
هذا »التديين« شأنه شأن »التسييس« ينطوى على تسطيح الأمور وخلط الأوراق والترويج لسخافات لا حد لها.
فما هو دخل الدين فى مباراة كرة قدم؟
وما هو المنطق فى محاولة كل فريق أو حتى كل لاعب أن يجعل الذات الإلهية فى صفه، وكأن الآخرين محرومون من العناية الإلهية أصلاً.
وقد وصل الحال بالتليفزيون المصرى الرسمى فى أشهر برامجه »البيت بيتك« أن يذيع كلاما لأحد المشايخ المعتمدين يقول فيه إن الفوز على الجزائر جاء بسبب »الدعاء« واستتابة اللاعبين!
ولم يسأل هؤلاء أنفسهم ــ مثلاً ــ لماذا ينحاز الله رب العالمين إلى الأهلى ضد الزمالك مثلاً، ولماذا يمنح بركته لتسديدات لاعبى المنتخب الفلانى ويمنعها عن لاعبى المنتخب العلانى، وهل يقصرها على المسلمين دون غيرهم، وإذا ما التقى فريقان مسلمان ــ مثل المنتخب المصرى والمنتخب الجزائرى ــ فأيهما يكون أولى بالرعاية، ولماذا؟!
أليس كل هذا ابتذالاً للدين وإساءة استخدام له؟
وبين »التسييس« و»التديين« وما يطرحانه من تساؤلات، تطل برأسها أسئلة أخرى تبحث عن إجابة.
من بينها: لماذا هذه المبالغة الشديدة فى التعامل مع مباراة، طلعت أو نزلت، تظل »لعبة«؟
صحيح أن من حقنا أن نفرح للفوز.. واعترف أنا شخصياً بأن فرحتى بفوز منتخبنا الكروى أمس الأول كانت غامرة.. ولا أريد أن أخفى هذه الفرحة أو أقلل منها ناهيك عن أنه يصبح من قبيل الخبل الرسمى والمرض النفسى محاولة تحويل هذه الفرحة »المشروعة« إلى »مأتم«.
لكن كل شىء يجب أن يبقى فى حدوده. فنحن قد فزنا فى مباراة كرة قدم ولم نغز الفضاء.. نحن أحرزنا هدفين فى مرمى فريق الجزائر ولم نفتح عكا أو نحرر فلسطين والجولان. نحن اقتربنا من المشاركة فى كأس العالم لكرة القدم ولم نكسر قيود التخلف والفقر والأمية والفساد والاستبداد.
والمقصود بذلك أن يكون لكل حادث حديث وأن يكون لكل مقام مقال وأن تكون هناك موضوعية فى تناولنا للأمور.. فإذا كنا قد فرحنا كل هذا الفرح لفوزنا فى مباراة كرة فماذا عسانا أن نفعل إذا حققنا اختراقاً فى أحد الأمور الجدية المشار إليها؟
وإذا كنا على وشك أن نعطى ستة ملايين من الجنيهات إلى كل لاعب فى فريق كرة القدم فماذا عسانا نعطى لعالم جليل أو مفكر محترم أو مخترع مبدع.. أو شهيد فى سبيل الوطن؟!
قد يقول قائل: هل تستكثرون الفرحة على شعب نال نصيبه وأكثر من الهم والغم؟ بالطبع لا.. من حق الشعب أن يفرح، ومن حقنا أن نفرح معه، لكن دون مبالغة.. فحتى هذا الانفلات العاطفى يعنى أنه ينطوى على »تعويض« عن شعور دفين بالانكسار والاحتياج إلى انتصار حقيقى فى قضايا حقيقية.
ومبروك.. رغم كل شىء.





#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنها مجرد لعبة.. فلماذا كل هذا الصخب؟!
- قطار -الخصخصة- وصل إلى تاريخ الحركة الوطنية!
- كنيسة -الوطن-.. أم حائط مبكى -الطائفة-؟!
- نريدها دولة -طبيعية-.. هل هذا كثير؟!
- التهمة هي انتهاك الحق في الصحة والحق في الحياة
- مستقبل مصر: إلهام التاريخ وكوابح الحاضر
- تبرع يا مسلم لبناء إنسان
- لماذا يخاف 48 مليون مصرى من المستقبل؟!
- محمد السيد سعيد: وكل هذا الحب.. وأكثر
- موقعة ذات النقاب .. أهم من حرب 6 أكتوبر
- صحافة الفضائح .. وفضائح الصحافة
- حديث ليس فى الرياضة: الأولمبياد يسبح فى »نهر يناير« البرازيل ...
- اختفاء النصف السفلي لإنسان!
- نظرية -المؤامرة- فى تفسير -نكسة- موقعة اليونسكو!
- زيارة السفير الإسرائيلي‮.. ‬بداية أم نهاية؟̷ ...
- العالم يتغير.. ونحن نائمون فى العسل!
- يا دكتور حاتم الجبلى.. تكلم!
- عندما يتحول -الوطن- إلى -شقة مفروشة-!
- الحياة.. بدون محمود عوض!
- الفتنة الصحفية.. الكبري!


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - هل يتساوى الشهيد الذى ضحى بحياته مع لاعب الكرة الذى سيتقاضى ستة ملايين جنيه فى »لعبة«؟