إنها مجرد لعبة.. فلماذا كل هذا الصخب؟!

سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2829 - 2009 / 11 / 14 - 14:25
المحور: عالم الرياضة
    

اليوم.. سنشاهد مباراة كرة القدم بين المنتخب المصري ونظيره الجزائري للتأهل للمشاركة في مباريات كأس العالم.
وهي بهذا النحو مباراة مهمة، بل وحاسمة، لأن نتيجتها هي التي تمنح أيا من المنتخبين تذكرة الذهاب إلي جنوب أفريقيا حيث سيجري "المونديال" الذي يخلب ألباب مليارات من البشر. ومع ذلك فأنها تبقي في النهاية مجرد مباراة، ومجرد لعبة، هدفها الأول والأخير "الترويج" والاستمتاع بالتنافس الشريف بين اللاعبين ومهاراتهم الفردية والجماعية في ظل الروح الرياضية.
لكن ما يجري لدينا يتجاوز ذلك، بل ويتجاوز كل الحدود العاقلة والمعقولة. فلا أفهم سببا منطقيا يسوغ هذا الشحن الرهيب للجماهير، وتصوير وسائل الأعلام المباراة كما لو كانت "معركة" حربية، بل واستخدام الأناشيد الوطنية الخاصة بحرب 6 أكتوبر 1973 في هذه المناسبة، مع استبدال صور ومشاهد المقاتلين المحاربين الأبطال الذين عبروا قناة السويس وخط بارليف بصورة لاعبي الكرة المصريين!
هل هذا معقول؟!
ولماذا هذه المبالغات الرهيبة التي تخلق التعصب والتطرف، وتخلق طبعة رديئة من "الوطنية" الساذجة التي لا تظهر إلا في مدرجات ملاعب الكرة وتختفي أو تتلاشي أو تتراجع في مجالاتها الحقيقية.. والتي ليست كرة القدم واحدة منها بكل تأكيد؟!
وليس تشويه "الوطنية" هو المأخذ الوحيد علي هذه المبالغات غير الموضوعية، وإنما هناك ايضا تشويه "الدين" وإساءة استخدامه.
حيث نجد الكثير من البرامج التليفزيونية، والكثير من المقالات والتقارير الصحفية حتي في أكبر الصحف القومية وأكثرها رصانة- تزف إلينا بشري أن المساجد والكنائس المصرية تدعو لمنتخبنا الوطني بالنصر.
أليس هذا هو العبث بعينه؟! فما دخل الدين بلعبة كرة القدم، وهل الدين حكر لنا نحن المصريين، وليس للجزائريين أو غير الجزائريين نصيب منه؟ وهل تصل إساءة استخدام الدين إلي حد جعل الذات الإلهية أهلاوية أو زملكاوية، مشجعة لهذا المنتخب أو ذاك؟!
لقد تحولت مصر من أقصي الشمال إلي أقصي الجنوب إلي "مولد" كروي، تتفشي فيه الهستريا العبثية التي تتعلق فيها أنظار الملايين في النهاية- بكرة تتقاذفها أرجل 22 شاباً صغيراً.
وأيا كان النتيجة التي ستخرج بها هذه المباراة اليوم فانه لن يكون من بين آثارها تحرير الأرض العربية المحتلة، أو تخفيف معاناة ملايين الفقراء العرب والمصريين الرازحين تحت نير التخلف والأمية والأمراض، أو إبعاد شبح التغيرات المناخية التي تهدد الدول النامية وفي مقدمتها مصر- بمخاطر رهيبة تفوق الخيال، أو تحديات الاحتباس الديمقراطي التي تنافس تحديات الاحتباس الحراري.
فلماذا هذه الشحن الهستيري الذي لا يؤذي فقط علاقتنا بأشقائنا الجزائريين وإنما يؤذي في الأساس علاقتنا بأنفسنا ونظرتنا إلي أحوالنا وكيفية التعامل مع ترتيب أولوياتنا.

#سعد_هجرس (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل