|
التهمة هي انتهاك الحق في الصحة والحق في الحياة
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2812 - 2009 / 10 / 27 - 15:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نقدر انشغال الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة في الركض وراء فيروس الأنفلوانزا المراوغ الذي ما إن تسد في وجهه الباب حتي يقفز إليك من الشباك. لكن انشغاله وانشغال المجتمع كله بمكافحة، هذا الفيروس المخادع يجب ألا يمنعنا من متابعة شئون الصحة الأخري. فليس بانفلوانزا الخنازير فقط يموت الانسان أو تتعرض صحته وسلامته للتهديد، بل إن هناك أشياء أخري تعرض حياة المصريين للخطر. وليس شرطاً أن تكون هذه الأشياء المؤذية ميكروبات أو فيروسات أو أوبئة، بل يمكن أن تكون "سياسات" لا تقل فتكاً عن الأمراض. بعض هذه السياسات دفع منظمتين حقوقيتين إلي اقامة دعوي قضائية عاجلة أمام محاكمة القضاء الإداري للمطالبة بوقف تنفيذ قرار رئيس هيئة التأمين الصحي بفرض رسوم إضافية علي خدمات التأمين الصحي. المنظمتان اللتان أقامتا الدعوي ضد رئيس الوزراء ووزير الصحة ورئيس هيئة التأمين الصحي هما "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" و"المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، وقد طالبتا بوقف جميع الاجراءات والقرارات الحكومية التي من شأنها زيادة مدفوعات المواطنين مقابل خدمات التأمين الصحي قبل الإعلان عن مسودة وطرق تمويل قانون التأمين الصحي الجديد الذي أعلنت وزارتا الصحة والمالية عن الانتهاء من إعداده. وقال الدكتور علاء غنام، مدير برنامج الصحة وحقوق الإنسان في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومدير عام السياسات السابق بوزارة الصحة: "في الوقت الذي ترفض الحكومة فيه زيادة إنفاقها المتدني علي الصحة والذي لا يكاد يصل إلي 5% من الانفاق الحكومي ويتحمل فيه المواطنون أكثر من 60% من اجمالي الانفاق الصحي في مصر، فإن وزارة الصحة تزيد من مساهمات المواطنين في تكلفة الخدمة دون مراعاة لواجبها الدستوري والقانوني نحو كفالة الحق في الصحة لجميع المواطنين". وكان رئيس مجلس ادارة هيئة التأمين الصحي قد أصدر القرار رقم 769 لسنة 2009 (بشأن فرض بعض الرسوم الإضافية للمنتفعين بنظام العلاج التأميني) في 28 سبتمبر 2009. ويفرض القرار لأول مرة علي جميع فئات المنتفعين بالتأمين رسوماً للإقامة في المستشفيات بحد أقصي 50 جنيها. وينص القرار أيضاً علي تحمل طلاب المدارس والمواليد الجدد 10% من قيمة الأشعة والتحاليل بحد أقصي 20 جنيها. كما يفرض رسوماً جديدة علي كل من المواليد الجدد والعاملين في الحكومة والهيئات العامة عند تلقي الخدمة، تضاف إلي ما يدفعونه من اشتراكات تأمينية وتشمل رسوم كشف (تتراوح بين جنيه وخمسة جنيهات) ومساهمة في تكلفة الدواء (تتراوح بين جنيه ونصف الجنيه وخمسة جنيهات عن كل تذكرة). وقال خالد علي، المدير التنفيذي للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية: "تظن الحكومة أنها تستطيع خداع المواطنين عبر الحديث عن (رسوم زهيدة) لا تزيد علي خمسين جنيهاً، ولكن القرارات الحكومية تتوالي ومدفوعات المنتفعين تتصاعد، في الوقت نفسه الذي تقول الحكومة فيه إنها انتهت من إعداد قانون جديد للتأمين الصحي وترفض إطلاع المنتفعين عليه أو إعلامهم بالزيادات التي سينص عليها في اشتراكاتهم التأمينية وتساءل خالد علي: "إذا كانت الحكومة تقول إن مشروع القانون الجديد أمام مجلس الوزراء حالياً، وتطالب المواطنين بانتظام إقراره برلمانياً قبل أن تزيد من إنفاقها علي الصحة، فلماذا تلتف الحكومة علي البرلمان وتصدر قرارات إدارية بجباية المزيد من الأموال من المنتفعين الذين يعانون أصلا من ارتفاع تكلفة الخدمة وتدني مستواها"؟. وأضاف الدكتور علاء غنام: "إن القصد من أي مدفوعات إضافية يقدمها المواطنون بالإضافة إلي اشتراكاتهم التأمينية هو أن تكون رسوما رمزية لترشيد استخدام خدمات التأمين الصحي، ولكن هذه المدفوعات لا يجب بأي حال من الأحوال أن تتحول إلي مشاركة في تكلفة العلاج، أو أن يتم فرضها علي الإقامة في المستشفيات أو العلاج من الأمراض المزمنة، خاصة في حالة الفئات الأكثر احتياجا للخدمات الصحية كالمواليد الجدد والمسنين والمصابين بأمراض مزمنة". وتستند الدعوي المقيدة برقم 666 لسنة 64 قضائية إلي عدم أحقية رئيس هيئة التأمين الصحي في إلغاء قرارات وزارية سابقة صادرة عن وزير الصحة، وعدم جواز إدخال تعديلات بقرارات إدارية علي قانون التأمين الصحي لطلاب المدارس، فضلا عن انتهاك حق المواطنين في الصحة عبر زيادة مدفوعاتهم الإضافية عند تلقي الخدمة، وعدم وجود آلية لاعفاء الفئات غير القادرة علي دفع رسوم تلقي الخدمة. وطالبت المنظمتان الحقوقيتان الحكومة بالإعلان الفوري عن مسودة قانون التأمين الصحي الجديد وإجراء حوار مجتمعي مفتوح حوله مع جميع الأطراف وعلي رأسها المنتفعون من العلاج التأميني. كما جددت المنظمتان المطالبة بزيادة الانفاق الحكومي علي الصحة، والاستخدام الرشيد للموارد المتاحة. وبمناسبة مطالبة الحكومة بالإعلان الفوري عن مسودة قانون التأمين الصحي، أذكر أنني نقلت الطلب ذاته للدكتور حاتم الجبلي في لقاء نظمه مؤخرا المنتدي الاقتصادي برئاسة رجل الأعمال محمد شفيق جبر وكان رد الوزير حاسما وهو أن هذه المسودة تم إدارت أوسع حوار مجتمعي حولها، وأن القانون الجديد ـ في حالة إقراره ـ سيكون بمثابة نقطة تحول جوهرية في مسيرة التأمين الصحي في مصر. ويبدو أن المخاوف ليست من قرار رئيس هيئة التأمين الصحي المشار إليه فقط بل من مسودة القانون الجديد أيضا، وخصوصا فيما يتعلق بالتمويل، فرغم تأييد المسودة علي أن الدولة ستتولي دفع اشتراكات الفئات غير القادرة بدفع 15 جنيها شهريا عن كل فرد فإن مواد أخري تشير إلي مساهمة المؤمن عليه في ثمن الأدوية وتكلفة عناصر الخدمة الطبية الأخري بمالا يجاوز 30% من التكلفة خارج المستشفي و5% من التكلفة داخل المستشفي. كما أكد في نص آخر علي تحمل المؤمن علي فارق الإقامة عن الدرجة التأمينية إلي جانب سداده لرسم عند الكشف الطبي بحد أقصي خمسة جنيهات للممارس العام و7 جنيهات للأخصائي و10 جنيهات للاستشاري و20 جنيها للزيارة المنزلية، بالإضافة إلي تحملة خمسة جنيهات عن كل يوم إقامة بالمستشفي بحد أقصي خمسون جنيها وعشرون جنيها عن كل يوم مقابل استخدام حضانة الأطفال و30% من قيمة الدواء بخارج المستشفيات بحد أقصي 40 جنيها للمرة الواحدة باستثناء أصحاب الأمراض المزمنة. هذه النسب التي تبدو للوهلة الأولي هزيلة تكون بداية "رسمية" لانسحاب الدولة كلية وبالتدريج، من مجال الرعاية الصحية، بما يمثله ذلك من انتهاك للحق في الصحة والحق في الحياة.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مستقبل مصر: إلهام التاريخ وكوابح الحاضر
-
تبرع يا مسلم لبناء إنسان
-
لماذا يخاف 48 مليون مصرى من المستقبل؟!
-
محمد السيد سعيد: وكل هذا الحب.. وأكثر
-
موقعة ذات النقاب .. أهم من حرب 6 أكتوبر
-
صحافة الفضائح .. وفضائح الصحافة
-
حديث ليس فى الرياضة: الأولمبياد يسبح فى »نهر يناير« البرازيل
...
-
اختفاء النصف السفلي لإنسان!
-
نظرية -المؤامرة- فى تفسير -نكسة- موقعة اليونسكو!
-
زيارة السفير الإسرائيلي.. بداية أم نهاية؟̷
...
-
العالم يتغير.. ونحن نائمون فى العسل!
-
يا دكتور حاتم الجبلى.. تكلم!
-
عندما يتحول -الوطن- إلى -شقة مفروشة-!
-
الحياة.. بدون محمود عوض!
-
الفتنة الصحفية.. الكبري!
-
حسب الله الكفراوى يتحدي .. فهل من مبارز؟!
-
العشوائيات .. بعيون غير عشوائية 2-2
-
مبادرة -القلعة-.. هل من مزيد؟!
-
في عام 2002 دق »تقرير التنمية الإنسانية العربية« نواقيس الخط
...
-
أسماء .. الفلسطينية!
المزيد.....
-
++تغطية مباشرة للتصعيد العسكري بين الهند وباكستان++
-
رئيس الأركان الباكستاني: القوات الجوية الباكستانية أسقطت 5 م
...
-
-السندور- اسم مسحوق أحمر اختارته الهند لعمليتها العسكرية ضد
...
-
كيف دمرت الهند سلاح باكستان السري في عام 1971 ؟
-
ليبيا.. حبس وزير الصحة ومسؤولين كبار في حكومة الوحدة الوطنية
...
-
باكستان: الضربات الصاروخية الهندية أسفرت عن مقتل 8 أشخاص
-
وزير الخارجية الأمريكي: نراقب الوضع بين الهند وباكستان عن كث
...
-
تصعيد عسكري.. قصف هندي لباكستان وإسلام آباد تتوعد بالرد
-
رفض خليجي قاطع للمساس بسيادة الكويت في ملف ترسيم الحدود البح
...
-
الخارجية الباكستانية: أفعال الهند المتهورة قربت دولتين نوويت
...
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|