أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - زيارة السفير الإسرائيلي‮.. ‬بداية أم نهاية؟‮!‬















المزيد.....


زيارة السفير الإسرائيلي‮.. ‬بداية أم نهاية؟‮!‬


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2780 - 2009 / 9 / 25 - 17:56
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


ما فعلته الدكتورة هالة مصطفي‮ ‬خطير جدا‮.‬ ولا تتمثل هذه الخطورة فقط في‮ ‬لقاء صحفية مصرية بالسفير الإسرائيلي‮ ‬في‮ ‬مكتبها بمؤسسة‮ »‬الأهرام‮« ‬القومية بالمخالفة لقرار الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين المصريين بالامتناع عن أي‮ ‬موقف‮ ‬يكون من شأنه‮ »‬تطبيع‮« ‬العلاقات مع إسرائيل‮..‬ وإنما تتمثل في‮ ‬أن هذا اللقاء كشف‮ »‬المستخبي‮« ‬والمستور،‮ ‬الذي‮ ‬هو أخطر من مجرد جلوس‮ »‬فرد‮« ‬من الجماعة الصحفية مع مسئول إسرائيلي‮.‬ ففي‮ ‬معرض تبريرها لما فعلته قالت الدكتورة هالة مصطفي‮ ‬كلاما مهماً‮ ‬ينبغي‮ ‬أن نتوقف أمامه‮:‬ أولاً‮ ‬ـ إن ما فعلته‮ »‬هالة‮« ‬ليس سابقة خاصة،‮ ‬فهي‮ ‬ليست أول ولا آخر من قابل السفير الإسرائيلي‮ ‬من الجماعة الصحفية المصرية أو من‮ »‬الأهرام‮«‬،‮ ‬وهو ما عبرت عنه بقولها أن‮ »‬هناك كتاب مقالات ومسئولين في‮ ‬مؤسسة الأهرام فعلوها قبلي،‮ ‬بل وزاروا إسرائيل نفسها،‮ ‬والأستاذ أنيس منصور‮ ‬يجاهر بهذا ولا‮ ‬ينكره،‮ ‬والأستاذ صلاح منتصر‮«. ‬بل إن السفير الإسرائيلي‮ ‬شالوم كوهين عرض علي‮ ‬هالة مصطفي‮ ‬الإعلان عن قائمة تضم جميع الأسماء التي‮ ‬سبق لها التعامل معه واستقباله بمكاتبهم بالأهرام‮.‬ نحن إذن أمام‮ »‬قائمة‮« ‬وليس مجرد حالات فردية‮!‬ ثانياً‮ ‬ـ أن هذه ليست المرة الأولي‮ ‬التي‮ ‬يدخل فيها السفير الإسرائيلي‮ ‬مؤسسة صحفية قومية‮. ‬بل إن هذا أمر حدث قبل ذلك مرارا وتكرارا،‮ ‬وبنص تصريحات هالة مصطفي‮ ‬للزميلة نشوي‮ ‬الحوفي‮ ‬فان‮ »‬مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية،‮ ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يرأسه الدكتور عبدالمنعم سعيد،‮ ‬كثيرا ما أقام ندوات حضرها مسئولون وباحثون إسرائيليون‮.. ‬كما أنه من المعروف أن الدكتور عبدالمنعم سعيد كان‮ ‬يستقبل السفيرين الإسرائيليين السابق والحالي‮ ‬في‮ ‬مكتبه قبل توليه منصب رئيس مجلس إدارة الأهرام‮«.‬ كما أن‮ »‬السفير الإسرائيلي‮ ‬جاء أكثر من مرة،‮ ‬واستقبله الدكتور عبدالمنعم سعيد دون إبلاغ‮ ‬مسئولي‮ ‬الأهرام ولكنها كانت زيارات‮ ‬غير معلنة‮«.‬ كما كشفت‮ »‬هالة‮« ‬النقاب عن أن السفير الإسرائيلي‮ ‬زار صحيفة‮ »‬قومية‮« ‬قبل‮ »‬الأهرام‮« ‬بيوم واحد،‮ ‬ولكنها كانت زيارة سرية‮.‬ ثالثا ـ أن زيارة السفير الإسرائيلي‮ ‬للدكتورة هالة في‮ ‬مكتبها بالأهرام لم تكن مجرد مبادرة من‮ »‬هالة‮« ‬وإنما تمت بعلم وتشجيع وزارة الخارجية المصرية،‮ ‬وهو ما عبرت عنه الدكتورة هالة بقولها‮ "‬إن المناقشة مع السفير الإسرائيلي‮ ‬دارت حول فكرته الخاصة بعقد ندوة،‮ ‬وكان أهم نقاط النقاش المقترحة مبدأ التطبيع مع المنطقة العربية وإمكانية تحقيقه،‮ ‬وفرص السلام المتاحة،‮ ‬ومدي‮ ‬إمكانية إجراء تعديلات علي‮ ‬المبادرة العربية‮. ‬وكان من المفترض أن‮ ‬يشارك بالندوة مصريون وإسرائيليون‮. ‬وكان الاتفاق مع الخارجية أن أدرس الأمر مع السفير الإسرائيلي‮ ‬ثم أقوم برفعه للدكتور عبدالمنعم سعيد‮. ‬وهو ما‮ ‬يعني‮ ‬أن وزارة الخارجية كانت علي‮ ‬علم بزيارة السفير الإسرائيلي‮ ‬لي‮ ‬بالأهرام‮«.‬ لكن هذا لا‮ ‬يعني‮ ‬فقط أن الخارجية المصرية كانت علي‮ ‬علم بالزيارة بل لعلها كانت أيضا المحركة لها،‮ ‬مما‮ ‬يطرح تساؤلات حول ازدواجية خطاب الخارجية المصرية التي‮ ‬أعلن وزيرها أحمد أبو الغيط من قبل أن مصر ترفض معادلة التطبيع مقابل تجميد الاستيطان،‮ ‬بينما‮ ‬يقوم في‮ ‬الوقت نفسه بالزج بالصحافة المصرية‮ »‬القومية‮« ‬الي‮ ‬مستنقع التطبيع‮.‬ إذن فان خطورة‮ »‬فعلة‮« ‬الدكتورة هالة مصطفي‮ ‬تتمثل في‮ ‬أنها‮ »‬كاشفة‮« ‬لما هو أخطر منها هي‮ ‬ذاتها‮. ‬ولعل ميزة الدكتورة هالة هي‮ ‬أنها‮ »‬صريحة وتفعل كل شئ في‮ ‬العلن‮«‬،‮ ‬ولهذا فانها علي‮ ‬حق عندما تقول انها ستطالب بالتساوي‮ ‬مع الجميع أمام القانون‮. ‬فلا‮ ‬يصح أن تكيل نقابة الصحفيين بمكيالين،‮ ‬وأنها لن تذهب الي‮ ‬أي‮ ‬تحقيق في‮ ‬النقابة إلا إذا تم استدعاء كل من التقوا مسئولين إسرائيليين‮ ‬غيرها،‮ ‬أو زاروا إسرائيل،‮ ‬وأبدت استعدادها للاعتذار في‮ ‬حالة تطبيق القاعدة علي‮ ‬الجميع‮.‬ صحيح أن الإعلان عن التورط في‮ ‬خطيئة التطبيع مع العدو الإسرائيلي‮ ‬ليس في‮ ‬حد ذاته‮ »‬فضيلة‮« ‬تستحق المباهاة بها،‮ ‬إلا أنه لا‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون هناك‮ »‬خيار وفاقوس‮« ‬في‮ ‬إدانة التطبيع والمطبعين‮.‬ وهذا مأزق حقيقي‮ ‬لا تحسد عليه نقابة الصحفيين التي‮ ‬يجب أن تنأي‮ ‬بنفسها عن الوقوع في‮ ‬فخ ازدواجية المعايير‮.. ‬وهالة مصطفي‮ ‬عندها حق في‮ ‬المطالبة بألا تقف وحدها في‮ ‬قفص الاتهام طالما أن‮ ‬غيرها فعل نفس ما فعلت‮. ‬فإذا أراد مجلس النقابة أن‮ ‬يستدعيها للتحقيق فإن النزاهة تقتضي‮ ‬منه أن‮ ‬يستدعي‮ ‬قبلها‮ »‬كل‮« ‬الذين تحوم حولهم شبهة التطبيع،‮ ‬فما بالك بأن بعضهم‮ ‬يعترف بهذا الاتهام بل‮ ‬يعتبره‮ »‬شرفا‮« ‬يستحق التفاخر‮!!‬ لكن الأهم من هذا الموقف‮ »‬الإداري‮« ‬هو الموقف‮ »‬الفكري‮«‬،‮ ‬فلعل هذه الأحداث المتكررة ـ الظاهر منها والمستخبي‮ ‬ـ تلفت النظر إلي‮ ‬ضرورة مراجعة قضية التطبيع بعيدا عن المزايدات والمناقصات والتشنج والغوغائية واتهامات التخوين،‮ ‬فليس هناك من‮ ‬يستطيع أن‮ ‬ينتحل لنفسه حق منح شهادات الوطنية أو سحبها من خلق الله‮.‬ فمنذ أن أصدرت الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين قرارها الخاص بالتطبيع في‮ ‬أعقاب توقيع اتفاقات كامب ديفيد ومعاهدة الصلح مع إسرائيل في‮ ‬أواخر سبعينيات القرن الماضي،‮ ‬جرت في‮ ‬النهر مياه كثيرة،‮ ‬أصبح‮ ‬يتعين معها إعادة تعريف التطبيع في‮ ‬المجال الصحفي‮ ‬حتي‮ ‬لا‮ ‬يتحول من سلاح بأيدينا ضد إسرائيل الي‮ ‬سلاح نضرب به أنفسنا‮.‬ ولعل أهم المتغيرات التي‮ ‬طرأت،‮ ‬والتي‮ ‬تستوجب هذه المراجعة الفكرية،‮ ‬هي‮ ‬قيام سلطة الحكم الذاتي‮ ‬في‮ ‬الضفة الغربية وقطاع‮ ‬غزة،‮ ‬ثم التناحر المقرف بين‮ »‬فتح‮« ‬و»حماس‮« ‬الذي‮ ‬جعل حلم الدولة الفلسطنية‮ ‬يتبخر في‮ ‬ظل كابوس تكريس سلطتين لدولتين وهميتين ليس فيهما من مقومات السلطة سوي‮ ‬بناء سجنين كبيرين في‮ ‬الضفة والقطاع للنزلاء الفلسطينيين بالطبع‮!‬ وهناك أيضا ما ترافق مع ذلك من تصفية فعلية للقضية الفلسطينية التي‮ ‬وقعت علي‮ ‬قرني‮ ‬الاحراج‮: ‬الاستسلام أو الانتحار‮.‬ أما المقاومة بمعناها النضالي‮ ‬والتراكمي‮ ‬والابداعي‮ ‬فقد أصبحت عملة ممنوعة من التداول في‮ ‬سوق تتنافس فيه توكيلات الفساد السياسي‮ ‬والمتاجرة بالدين‮.‬ وليست الساحة الفلسطينية هي‮ ‬وحدها التي‮ ‬أصابها العطب النضالي‮ ‬وانما الساحة العربية كلها ظهرت عليها أعراض الكساح والشلل والعجز وفقدان الإرادة السياسية‮. ‬وفي‮ ‬ظل هذا الموت الاكلينيكي‮ ‬للنظام العربي‮ ‬الرسمي‮ ‬أصبحت مناهضة التطبيع نكتة سخيفة عندما ترد علي‮ ‬لسان أي‮ ‬مسئول عربي،‮ ‬سواء كان‮ ‬ينتمي‮ ‬الي‮ ‬معسكر‮ »‬الاعتدال‮« ‬أو معسكر‮ »‬الممانعة‮«‬،‮ ‬فلا المعتدلون معتدلين ولا الممانعون ممانعين‮.. ‬بل الكل‮ ‬يفعل في‮ ‬السر‮ ‬غير ما‮ ‬يقول في‮ ‬العلن،‮ ‬بحيث‮ ‬يمكن القول بأن طرق التطبيع بين الدولة اليهودية والعواصم العربية اصبحت سالكة تماما رغم الضجيج الأجوف الذي‮ ‬نسمعه في‮ ‬المناسبات‮.‬ ‮***‬ والمفارقة المخجلة أنه في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬ماتت فيه لجنة المقاطعة العربية بالسكتة الدماغية،‮ ‬تكتسب حركة المقاطعة الاقتصادية للكيان الصهيوني‮ ‬قوة دافعة في‮ ‬مناطق شتي‮ ‬من العالم،‮ ‬باستثناء العالم العربي‮!‬ وعلي‮ ‬سبيل المثال،‮ ‬نجد‮ »‬ويلي‮ ‬جاكسون‮« ‬يكتب مقالا مذهلا في‮ »‬لوموند ديبلوماتيك‮« ‬يخبرنا فيه أن‮ »‬جمعيات التضامن مع فلسطين،‮ ‬والعديد من المنظمات الأخري‮ ‬عبر العالم،‮ ‬شعرت بعد الحرب الإسرائيلية علي‮ ‬غزة من‮ ‬27‮ ‬ديسمبر‮ ‬2008‮ ‬الي‮ ‬18يناير‮ ‬2009،‮ ‬شعرت أن من واجبها الأخلاقي‮ ‬التحرك والتعويض عن تقاعس المجتمع الدولي‮.‬ ومن هذا المنطلق تشكلت حركة مدنية واسعة حول القضية الفلسطينية،‮ ‬تستخدم سلاح المقاطعة الذي‮ ‬ساهم فيما مضي‮ ‬بالقضاء علي‮ ‬التمييز العنصري‮ ‬في‮ ‬جنوب أفريقيا‮.. ‬وفي‮ ‬30‮ ‬مارس الماضي‮ ‬نظمت حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات‮ ‬يوما عالمياً،‮ ‬كان قد تقرر قبل ذلك ببضعة أسابيع خلال المنتدي‮ ‬الاجتماعي‮ ‬العالمي‮ ‬في‮ »‬بيليم‮« ‬بالبرازيل‮.‬ وحتي‮ ‬في‮ ‬إسرائيل ولدي‮ ‬الجماعات اليهودية ارتفعت أصوات تدعم هذا التحرك‮.‬ وهنا نفتح قوسا لجملة اعتراضية لنتساءل‮: ‬هل التعامل مع هذه الأصوات الإسرائيلية واليهودية التي‮ ‬تدعو الي‮ ‬مقاطعة إسرائيل وعقابها علي‮ ‬عدوانيتها‮ ‬يعتبر تطبيعا؟‮!‬ ونغلق قوس الجملة الاعتراضية لنعود إلي‮ ‬ويلي‮ ‬جاكسون وتقريره الخطير الذي‮ ‬يبين لنا أنه‮ »‬في‮ ‬شق المقاطعة‮.. ‬فان استراتيجية المقاومة السلمية هذه،‮ ‬قد حثت المستهلكين علي‮ ‬عدم شراء المنتجات المصنعة في‮ ‬إسرائيل‮.. ‬وتم نشر لائحة بالسلع‮.. ‬وشن حملات دعائية‮ - ‬خصوصا في‮ ‬أوروبا‮ - ‬وتبني‮ ‬مبادرات لمخاطبة المسئولين عن المحال التجارية لسحب المنتجات المعنية من الأرفف‮.. ‬وفي‮ ‬الوقت نفسه شنت عدة جمعيات حملة من أجل تعليق إتفاق الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي‮ ‬بسبب عدم الالتزام بمادته الثانية التي‮ ‬تفرض احترام حقوق الإنسان والمباديء الديمقراطية‮.‬ والخطير في‮ ‬هذا التقرير المثير أن المسألة لم تكن مجرد كلام وشعارات،‮ ‬بل إن‮ ‬21٪‮ ‬من المصدرين الإسرائيليين قد اضطروا لخفض أسعارهم بسبب هذه المقاطعة لأنهم خسروا جزءا كبيرا من أسواقهم خصوصا في‮ ‬بريطانيا والدول الاسكندنافية‮.‬ وإلي‮ ‬جانب هذه المقاطعة الاقتصادية التي‮ ‬تحرز نجاحا متصاعدا أبرزت مبادرات أخري‮ ‬باسم المقاطعة الثقافية والأكاديمية وحتي‮ ‬الرياضية لإسرائيل،‮ ‬وكان من نتائج ذلك‮ - ‬مثلا‮ - ‬تأجيل معرض السياحة الإسرائيلية الذي‮ ‬كان مقررا إقامته في‮ ‬باريس في‮ ‬15‮ ‬يناير الماضي،‮ ‬وسحب اللوحات السياحية الإعلانية الإسرائيلية من مترو أنفاق لندن في‮ ‬مايو‮ ‬2009،‮ ‬ورفض السويد المشاركة في‮ ‬مناورات جوية دولية بسبب اشتراك إسرائيل‮.‬ ‮***‬ هذه بعض الأمثلة لمقاطعة إسرائيل التي‮ ‬تجري‮ ‬في‮ ‬الدول الغربية بينما بعضنا في‮ ‬البلاد العربية‮ ‬يشكك في‮ ‬جدوي‮ ‬أي‮ ‬شكل من أشكال المقاومة للجبروت الإسرائيلي،‮ ‬ومن أضعفها سلاح التطبيع‮.‬ ولعل هذه الأمثلة الغربية تجعلنا نضع حصوة ملح في‮ ‬أعيننا لإعادة الاعتبار الي‮ ‬هذه المقاومة‮ - ‬بدلا من الاستسلام وبديلا عن الانتحار في‮ ‬آن واحد ـ وإذا كانت الدول المنضمة الي‮ ‬النظام العربي‮ ‬الرسمي‮ ‬مختلفة مع بعضها البعض في‮ ‬كل شئ،‮ ‬ولا نتفق إلا علي‮ ‬شيئين لا ثالث لهما‮: ‬الاستئساد علي‮ ‬شعوبها والحب من طرف واحد مع إسرائيل،‮ ‬فان‮ »‬ضرورات‮« ‬السياسة التي‮ ‬قد تبيح المحظورات حسب تبريراتها الشائعة لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل لا تلزم الشعوب العربية بالانزلاق الي‮ ‬هذا المستنقع‮. ‬بل إن نفس هذه الضرورات هي‮ ‬التي‮ ‬تسوغ‮ ‬الاستمرار في‮ ‬مقاومة التطبيع‮.. ‬وهذا أضعف الإيمان‮!‬ ونحن في‮ ‬نقابة الصحفيين الأولي‮ ‬بأن نفعل ذلك،‮ ‬بشرط أن‮ ‬يكون سلاح مقاومة التطبيع سلاحا بأيدينا وليس سلاحا ضدنا،‮ ‬مما‮ ‬يستلزم التمييز في‮ ‬استخدامه بحيث‮ ‬يكون موجها ضد قلب المؤسسة الصهيونية،‮ ‬لا طلقات طائشة قد تصيب حلفاء أقرب إلينا،‮ ‬وبما‮ ‬يستلزم أيضا التمييز بين حرية التفكير وحرية الرأي‮ ‬ـ فيما‮ ‬يتعلق بسبل حل الصراع العربي‮ ‬الإسرائيلي‮ ‬ـ وبين الترويج للأفكار الصهيونية،‮ ‬ومما‮ ‬يستلزم كذلك التمييز بين المتطلبات المهنية لنا كصحفيين ـ الأمر الذي‮ ‬قد‮ ‬يضطرنا مثلا لحضور مؤتمرات صحفية‮ ‬يحضرها صحفيون إسرائيليون أو تشارك فيها وفود إسرائيلية ـ وبين‮ »‬التعاون‮« ‬والنوم في‮ ‬سرير العدو‮.‬ باختصار‮.. ‬المسألة أكبر وأخطر من تبرئة أو إدانة الدكتورة هالة مصطفي،‮ ‬فنحن‮ - ‬في‮ ‬التحليل النهائي‮ - ‬لسنا إزاء‮ »‬حالة هالة‮« ‬فقط،‮ ‬وإنما نحن إزاء اختراقات بالجملة وبصورة‮ »‬مؤسسية‮« ‬أيضا،‮ ‬مرافقة لتشوش كبير في‮ ‬معالجة قضايا التحرر الوطني‮.‬ ولذلك فان المهمة الملقاة علي‮ ‬عاتق نقابة الصحفيين ليست التحقيق البيروقراطي‮ ‬مع هالة مصطفي،‮ ‬وإنما الانطلاق من ملابسات لقائها بالسفير الإسرائيلي‮ ‬في‮ ‬عقر دار أكبر مؤسسة صحفية قومية مصرية لمراجعة فلسفة مناهضة التطبيع مع دولة‮ ‬غير طبيعية،‮ ‬بما‮ ‬يخدم الأهداف الوطنية ويصون الأصول المهنية الصحفية،‮ ‬عبر قواعد تطبق علي‮ ‬الجميع دون انتقائية وبلا تمييز بين كبير وصغير‮.‬ ووضع هذه القواعد بصورة واضحة لا لبس فيها في‮ ‬مدونة سلوك تفصيلية تحظي‮ ‬بموافقة أغلبية الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين‮.‬ وإلا‮.. ‬فإننا سنكون مرشحين لجولة جديدة من الحرب الأهلية الصحفية والتلاسن والمزايدات والمناقصات التي‮ ‬لا‮ ‬يستفيد منها سوي‮ ‬خفافيش الظلام‮.‬




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم يتغير.. ونحن نائمون فى العسل!
- يا دكتور حاتم الجبلى.. تكلم!
- عندما يتحول -الوطن- إلى -شقة مفروشة-!
- الحياة.. بدون محمود عوض!
- الفتنة الصحفية.. الكبري!
- حسب الله الكفراوى يتحدي .. فهل من مبارز؟!
- العشوائيات .. بعيون غير عشوائية 2-2
- مبادرة -القلعة-.. هل من مزيد؟!
- في عام 2002 دق »تقرير التنمية الإنسانية العربية« نواقيس الخط ...
- أسماء .. الفلسطينية!
- العشوائيات .. بعيون غير عشوائية
- قراءة سريعة في تقرير مهم (3 3)
- وهم حوار الحضارات
- سيد القمني.. وجائزته الملغومة
- قراءة سريعة في تقرير مهم (2):
- وصمة عار وشعاع أمل:لبنى .. السودانية
- قراءة سريعة في تقرير محترم (1)التقرير السنوي السادس للتنافسي ...
- ما رأى بشير عقيل؟!حسنة وأنا سيدك!
- مروه.... -النوبية-
- أيها المصريون: اعقلوا قليلا!


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - زيارة السفير الإسرائيلي‮.. ‬بداية أم نهاية؟‮!‬