أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد هجرس - كنيسة -الوطن-.. أم حائط مبكى -الطائفة-؟!















المزيد.....

كنيسة -الوطن-.. أم حائط مبكى -الطائفة-؟!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2818 - 2009 / 11 / 2 - 18:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فجأة.. وفى تزامن عجيب ومدهش.. طرحت قضية "الخلافة" نفسها على الجبهات الثلاث الأكثر أهمية فى مصر.
فرغم أن الانتخابات الرئاسية لن تجرى قبل عام 2011 فإن الحديث عمن يكون الرئيس القادم لمصر أصبح حديث الساعة وموضوع الحوار المفضل فى المحافل العامة والخاصة على حد سواء.
ورغم أن الخلافة فى جماعة الأخوان المسلمين مسألة "باطنية" إلى حد بعيد، فإنها طفت على السطح مؤخرا بصورة لم تحدث من قبل وسط سحب دخان كثيفة ومساجلات علنية بين أقطاب مكتب الإرشاد عن الأحق بالجلوس فى مقعد المرشد الحالى محمد مهدى عاكف.
ورغم أن البابا شنودة الثالث مازال حياً ويمارس مهامه (أطال الله فى عمره) فإن قصصاً كثيرة، ومثيرة، تناقلتها وسائل الاعلام عن "التخطيط من جهة والرغبة الدفنية من جهة أخرى للقفز على كرسى بابا كنيسة الإسكندرية".
هذا التزامن المثير للدهشة طرح كثيراً من التساؤلات، مع أن كل حالة من الحالات الثلاث لها قانونها الخاص الذى لا ينطبق على الحالتين الثانية والثالثة، اللهم إلا اشتراك الثلاثة فى صفة واحدة هى تجاوز الثمانين متعهم الله جميعاً بالصحة والعافية والعمر المديد، وما يطرحه ذلك من إشكاليات متعلقة بـ "انتقال السلطة" إن آجلاً أو عاجلاً.
وهناك إسهامات فكرية وتحليلات إخبارية كثيرة إنبرت للتعامل مع هذه الإشكاليات على الجبهات الثلاث.
لكن أكثر مالفت نظرى فى هذه الاجتهادات وثيقة بالغة الأهمية عن كنيسة "الوطن" المصرية صدرت فى الشهر الماضى (أكتوبر 2009) لكنها لم تحظ بالاهتمام اللائق بها وبمستواها الراقى فى التحليل وباحساسها العالى بالمسئولية الوطنية.
وتنطلق هذه الوثيقة المحترمة من التأكيد على أن "ما حدث من وقائع فى الكنيسة الوطنية منذ أسابيع.. لا يمكن اعتبارها شأنا داخلياً.. لأن آثاره السلبية قد تجاوزت حدود الكيان الدينى إلى المجالين العام والسياسى.. وقد حدثت هذه الوقائع فى وقت تمر فيه مصرنا بمرحلة غاية فى الحساسية لاعتبارات كثيرة، لعل من أبرزها هو شعور المصريين بأن مصر تعيش نقطة فارقة من تاريخها. وعليه فمن الطبيعى أن يشعر كل وطنى مخلص بأنه فى مثل هذه اللحظات لاينبغى أن تتعرض مؤسساتنا الوطنية لأية أخطار من نوع. وتأتى فى مقدمة هذه المؤسسات أقدم مؤسسة مصرية مستمرة إلى يومنا هذا، ألا وهى الكنيسة المصرية التى نجحت لأن تكون بحق "كنيسة الوطن" لا "كنيسة الطائفة". بيد أن الاختلالات الداخلية التى كشفت عنها الأحداث نجدها وقد غلّبت "الكنيسة الطائفة" على "الكنيسة الوطن".
وهذه بلاشك نكسة خطيرة لأن الكنيسة المصرية تأسست من قبل الناس وليس بقرار من حاكم وهو ما جعلها تصبح كنيسة الوطن، وأن يكون تعبير الكنيسة الوطنية التى توصف به هو تعبير يعبر عن طبيعتها بحكم التأسيس والنشأة. وعبر مسارها التاريخى التزمت الموقف الوطنى.. وكان استقلال مصر وحماية المستضعفين هو همها الأولى وكانت الكنيسة من أوائل الداعمين لمشروع الدولة الحديثة وحرصت على أن تكون فى قلب المشهد الوطنى ومواكبة لأحداثه.
الآن أصبح الحال غير الحال.. وأصبحت "الطائفة" قبل "الوطن".
لماذا حدث هذا التحول السلبى؟
الوثيقة ترى أن الأساس الاجتماعى لهذه النكسة يبدأ بتزايد هيمنة الدولة على أدوات التغيير الاجتماعى والاقتصادى والسياسى والثقافى بعد ثورة يوليو 1952، وتوظيف الدين لتبرير الكثير من الخيارات الجديدة، مما أدى إلى أن بات الدين طرفاً فى النزاعات السياسة أكثر من أن يكون مرجعاً قيمياً عادلاً، بما ينطوى عليه ذلك من "انقطاع عن التقاليد المدنية التى كانت آخذة فى التبلور" قبيل ثورة يوليه.
لكن الأخطر هو التحالف بين الثروة والدين فى مطلع السبعينات كنتاج طبيعى لغياب النخبة المدنية رأسمالية الطابع ذات التوجهات الليبرالية التى كانت آخذة فى التبلور منذ النصف الأول من القرن العشرين، حيث استطاعت أن تؤسس لقيم منفتحة ثقافيا ساهمت فى أن تعرف مصر نمطاً منفتحا من التدين فى إطار مشروع الحداثة المصرية.
بيد أن الاقصاء الذى تم – وربما يكون متعمداً – للنخبة المدنية بطابعها الرأسمالى التعددى، أتاح الفرصة لنمو مشوه لرأسمالية نمت فى كنف الدولة، فى البدء، مالت إلى أنشطة ذات طابع تجارى وخدمى، تغذت من روافد نفطية، مما ساهم فى تشكل نمط تدين جديد وافد على مصر لا يحمل رحابتها، محافظ، وضيق الأفق، ويمثل بالأخير ردة على مشروع مصر الحديثة.
وعندما تخلت الدولة – لاحقا – عن بعض أدوارها الحيوية- فى الوقت الذى واكب ذلك صعود تيارات الاسلام السياسى التى باتت اللاعب الأكثر فاعلية فى مواجهة النظام السياسى، وتزايد انخراط الكنيسة فى المجال السياسى – تعمقت إشكالية الحضور الدينى فى ساحة الجدل العام.
.. فى هذا السياق يبدو أن "التديين" الذى أصاب المجال العام ودخول الكيانات الدينية طرفاً فيما هو خلافى فى دنيا السياسة، ..، مع غياب كتلة تاريخية مدنية كالتى شهدتها مصر المدنية فى مطلع القرن المنصرم، قد ارتد سلبا على التفاعلات الداخلية للكيانات الدينية.
هكذا قرأت الوثيقة ما جرى من تناحرات على خلافة البابا شنودة الثالث (أطال الله فى عمره) ونال بسبب منتفعين من هيبة ومكانة الكنيسة، فما حدث فى مجمله بعيداً عن التفاصيل إنما يعكس تحركات غامضة فى مساحة مغلقة لا تأخذ فى الاعتبار كل عناصر المعادلة السياسة والاقتصادية والاجتماعية الحالية، فغلبت فكرة الكنيسة الطائفة على فكرة الكنيسة الوطن التى مارستها عبر التاريخ واكتسبت من خلالها المصداقية والتقدير.
***
هذا التحليل العميق والحكيم ينتهى بدعوة إلى حوار وطنى عام فيما يتعلق بالاختلالات العامة والتى تتعلق بالكيانات الدينية التى باتت طرفاً فى المعادلة السياسية، لإرساء قواعد وضوابط حديثة تنظم انخراط الكيانات ذات الطابع الدينى فى المجالين العام والسياسى.
كما يدعو إلى حوار داخلى خاص بالكنيسة تشارك فيه كل الاعضاء بدون تمييز وبعيداً عن تحالفات السياسة.. حوار يقوم على المسئولية الوطنية والروحية ويعمل للتأسيس للمستقبل.
***
هذه الوثيقة الرائعة التى تعالج قضية خلافة البابا شنودة الثالث فى إطار الجماعة الوطنية المصرية كانت تستحق الاحتفاء وتسليط الأضواء، لأنها لاتتعلق فقط بمؤسسة وطنية تهمنا جميعاً – مسلمين وأقباط – هى الكنيسة المصرية، وإنما تتعلق أيضاً بإعادة هذه المؤسسات إلى مكانتها السامية كمؤسسات لـ "الوطن" وليس لهذه "الطائفة أو تلك.
وهذا المنهج ليس غريباً عن الفرسان الذين صاغوا هذه الوثيقة، وهم سمير مرقس وسامح فوزى ونبيل مرقس ومنير عياد وحنا جريس وجورج إسحق.
وهم جميعاً من الشخصيات الوطنية المعروفة التى لا تحتاج إلى تعريف لكن أود أن أذكر القارئ برؤيتهم لأنفسهم لدى إصدارهم الوثيقة التأسيسة لجماعة "مواطنون فى وطن واحد" عام 2007 حيث قالوا "نحن مجموعة من المصريين، الحريصون على وحدة وتماسك الجماعة الوطنية ودعم نهوضها من خلال استكمال بناء الدولة المدنية الحديثة فى مصر بكل مؤسساتها التى تقوم على الديموقراطية وإعمال القانون والعدالة الاجتماعية من خلال استكمال بناء الدولة الحديثة فى مصر بكل مؤسساتها التى تقوم على الديموقراطية وإعمال القانون والعدالة الاجتماعية من خلال تجديد مسيرة الحركة الوطنية المصرية الجامعة لكل التيارات والاتجاهات والتأكيد على حق المواطنة وتفعيل المشاركة فى صنع مستقبل هذا الوطن للجميع دون تمييز"، ورغم أنهم من مشارب فكرية وجيلية وتخصصية مختلفة فإنهم يتفقون على التأكيد على أن الشأن القبطى هم وطن عام وأن مشاكل الاقباط يجب أن توضع فى إطار مشاكل عموم المصريين، والتأكيد كذلك على التزام الحوار الداخلى لهموم الاقباط ورفض أى حوار خارج الاطار الوطنى، ورفض التدخل الخارجى، والنضال من أجل مواجهة العوامل الداخلية التى تعوق تحقق المواطنة".
***
صحيح أن الأوضاع الراهنة فى مصر تدعو إلى القلق الشديد.. لكن لا خوف على وطن فيه عقول راجحة وضمائر وطنية مستنيرة مثل مؤسسى منبر "مواطنون فى وطن واحد".



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نريدها دولة -طبيعية-.. هل هذا كثير؟!
- التهمة هي انتهاك الحق في الصحة والحق في الحياة
- مستقبل مصر: إلهام التاريخ وكوابح الحاضر
- تبرع يا مسلم لبناء إنسان
- لماذا يخاف 48 مليون مصرى من المستقبل؟!
- محمد السيد سعيد: وكل هذا الحب.. وأكثر
- موقعة ذات النقاب .. أهم من حرب 6 أكتوبر
- صحافة الفضائح .. وفضائح الصحافة
- حديث ليس فى الرياضة: الأولمبياد يسبح فى »نهر يناير« البرازيل ...
- اختفاء النصف السفلي لإنسان!
- نظرية -المؤامرة- فى تفسير -نكسة- موقعة اليونسكو!
- زيارة السفير الإسرائيلي‮.. ‬بداية أم نهاية؟̷ ...
- العالم يتغير.. ونحن نائمون فى العسل!
- يا دكتور حاتم الجبلى.. تكلم!
- عندما يتحول -الوطن- إلى -شقة مفروشة-!
- الحياة.. بدون محمود عوض!
- الفتنة الصحفية.. الكبري!
- حسب الله الكفراوى يتحدي .. فهل من مبارز؟!
- العشوائيات .. بعيون غير عشوائية 2-2
- مبادرة -القلعة-.. هل من مزيد؟!


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد هجرس - كنيسة -الوطن-.. أم حائط مبكى -الطائفة-؟!