نحو اعلام كردستاني يواكب المرحلة الراهنة

صلاح بدرالدين

الحوار المتمدن-العدد: 859 - 2004 / 6 / 9 - 04:37
المحور: القضية الكردية
    

الصحوة الاعلامية التي تنتاب اصحاب الشأن والمعنيين في اقليم كردستان الفدرالي منذ عملية تحرير العراق من الدكتاتورية لايمكن اغفالها وفي الوقت ذاته يجب القول أن مواكبة مسيرة التقدم الاعلامي بجوانبها الصحافية والاذاعية والتلفزيونية والتقنية واولويات القضايا الواجبه طرحها ليست بالعملية السهلة بل تحتاج أولا الى اصحاب الخبرة والاطلاع والى خطط عملية موضوعية حسب مبدأ المهم والاهم والى كادر متقدم في مختلف المجالات والى اعلام مستند الى مؤسسات تقوم بدورها حسب مفهوم ديمقراطي وعمل جماعي ومهام موزعة حسب الاختصاص والدراية، ومحاسبة ومساءلة ونقد ذاتي وتشخيص الخطأ من الصواب وشفافية مالية الى اقصى الحدود.
ان أي اعلام كردستاني مستقبلي "ناهض" يجب أن لايغفل المستجدات العراقية والكردية كما ذكرنا وان يتفاعل مع نتائج الزلزال العراقي والآمال المعقودة على نجاح تجربة التغيير الديمقراطي ليس بخصوص تحقيق طموحات شعب العراق بمكوناته المختلفة في الحرية والحياة السعيدة فحسب بل بشأن مواصلة التغيير على صعيد بلدان منطقة الشرق الاوسط وتحرر وخلاص شعوبها المقهورة جراء تسلط وقمع الانظمة الشمولية والشوفينية والتيوقراطية بل والاسهام في انجاز مهام هذه المرحلة وتحقيق النتائج المرجوة والخوض في تفاصيل مايجري من حولنا لاننا جزء لايتجزأ من الشان الاقليمي ونتاثر به سلباً وايجابا ونؤثر فيه ايضاً خاصة على صعيد العمق الكردستاني لاقليمنا الفدرالي.
في مسيرة "اليقظة" الاعلامية هذه التي تشهدها كردستان تبرز مهمة الاحاطة بدور شعب كردستان وقيادتها السياسية في العملية الديمقراطية الجارية في العراق وفي اعادة البناء وصياغة الدستور وتوفير مستلزمات نقل السلطة من قوى التحالف الى حكومة عراقية سيادية شرعية وتطبيع العلاقة مع قوات التحالف وخاصة حكومتى الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما التي قدمت الدعم للشعب العراقي والمزيد من التضحيات في سبيل تحرير العراق. وكذلك ايجاد ارضية مشتركة لجميع مكونات العراق وشراكة عادلة بين الكرد والعرب كقوميتين رئيسيتين على قاعدة تقسيم السلطة والثروة وحسب التوافق والتضامن والشعور بالمسؤولية لحماية المكتسبات، والتعاون في مواجهة الارهاب المستشري والمنتشر باسم الدين أو القومية أو الطائفة.
لاشك أن اكثر المهام قيمة وحيوية التي تواجه اعلامنا" الناهض" هي مسألة التصدي لاستحقاقات كردستان في العراق الحر الديمقراطي المنشود والمتعلقة أساسا بقضية ترتيب البيت الكردي فلا يكفي مثلا أن يكتفي اعلامنا بمواكبة الدور العراقي للكرد رغم اهميته البالغة خاصة عندما نتابع المساهمة الرائده والبناءة والفاعلة للرئيس مسعود البارزاني في الشان العراقي والاجماع العام في تقدير واحترام مصداقيته والقبول بحكمة قيادته، أقول ان مهمة ترتيب البيت الخاص هي استكمال ومنطلق في آن واحد لدور القيادة الكردية على صعيد العراق ككل، لذلك فان مهمة الاعلام الكردستاني تخرج من نطاق شعارات ومنطلقات المرحلة الماضية بكل سلبياتها وشرورها واقتتالها وحروبها الباردة لتلمس وقائع جديدة وحقائق واهداف مرحلية جديدة تقوم على تجاوز حدود المناطق وسلطة الاحزاب باتجاه الفضاء القومي الكردستاني الصافي والواسع المفعم بالامال الواعده، والتعامل ميدانيا مع مزاج الجماهير الشعبية الواسعة صاحبة القضية ووقودها الازلي والتي تترشح يوما بعد يوم للوصول الى درجة المشاركة في صنع القرار وتقرير المصير عبر منظماتها الاهلية وقواها السياسية والاجتماعية وتعبيراتها الثقافية واطيافها القومية والاثنية والدينية والمذهبية.
وفي هذا المجال بالذات يبرز مهمة التصدي الاعلامي لقضايا القوميات الكردستانية( تركمان –كلدان- آشورييون- عرب) وطرح حقوقهم ومواقفهم وتعميق علاقاتهم مع الكرد ونشر ثقافة التسامح والتفاهم والتعددية وقبول الآخر.
لاحاجة الى التذكير بالمسائل الاخرى التي ستبقى واجهة المهام والواجبات مثل حقوق المرأة وضرورة العمل على اطلاق حريتها ومشاركتها في العمل والقرار السياسي والانتاج الثقافي والابداع وازالة الغبن اللاحق بها تاريخيا والتوصل الى صياغة قانونية لوضع المرأة على ضوء واقع المرأه الكردستانية وتجارب العالم في هذا المجال والاستفادة بشكل خاص من التجربة المغربية الحديثة. وهكذا الحال فيما يتعلق بقضايا الجيل الشاب وطموحاته ومستقبله وسبل توفير مستلزمات احتياجاته الحياتية والعملية والمادية والروحية.
من واجب اعلامنا"الناهض" تجسيد الحالة الكردستانية بشكل موضوعي والقيام بدور المعبر الصادق عن ارادة شعب كردستان والناطق الامين باسم الحركة القومية الكردية والمدافع الثابت عن سياسة وانجازات حكومة اقليم كردستان بكل امانة موضوعية التي هي مبعث اعتزاز شعب كردستان في خطواتها وتقديماتها السياسية والقومية والوطنية والديمقراطية وكتجربة متقدمة نموذجية، وفي مجال دعم الثقافة وتنشيط الاعمار والبناء وتشجيع الاستثمار والعمران ودعم الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود وقطاع الاعلاميين والمثقفين وقطاع الخدمات والصحة وتوجهاتها العصرية من اجل تحقيق الرخاء الاقتصادي وتشييد البنية التحتية وتوفير فرص العمل وانتهاج طريق التخطيط العلمي.
أخيراً وليس آخراً فأن عملية التجديد الاعلامي الراهنة معنية مباشرة بنقل الصورة الناصعة لدور الكرد وحضارة كردستان وثقافة مجتمعنا المبنية على الاصالة والثوابت التاريخية والمستمدة جذورها من تراث شعبنا ومن ينابيع الفكر القومي وفي القلب منها نهج البارزاني الخالد، ان "الاخر الكردي" ورغم ما لاقاه من قمع وحرمان وتجاهل وتجاوز وتهديد بالابادة خلال القرن الماضي من " الهذا السائد المقابل" الا انه خرج من – القمقم- معافا نابضا بالحياة ليؤدي رسالته السلمية انطلاقا من وطنه كردستان مجسدا موقعه كمركز اشعاع من حيث رؤية حقوق الآخر ووجوده والتسامح والتعايش القومي والديني والحوار الثقافي والسياسي والسلام الاجتماعي والاهلي وتنمية المجتمع المدني والتعددي وحرية الاختيار الى جانب التمسك بثوابته وذلك وسط ظلام دامس يخيم على المنطقة من اقصاها الى اقصاها في اجواء عراقية تعج بالارهاب والاقتتال واستئصال الاخر وفي محيط اقليمي مليء بالاستبداد والتآمر والشوفينية والردة.

#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل