أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مديح الصادق - مراهنات { مشحوت } أبي حصان














المزيد.....

مراهنات { مشحوت } أبي حصان


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 2828 - 2009 / 11 / 13 - 22:39
المحور: كتابات ساخرة
    


لبعض النساء في عشقهن غرائب تفوق حدود الخيال, وقد سمعنا وقرأنا عن ذلك الكثير, فليس شرطا أن يكون الرجل المغرم به فائق الجمال, أو ثريا, أو كليهما ليستحوذ على مشاعر امرأة جميلة, سليلة عائلة ذات موقع اجتماعي أو اقتصادي يعصى على أي كان التقرب منه, بأي شكل من الأشكال, فكم من جميلة أغرمت بمن لا يناسبها في الشكل والمظهر, وكم منهن من عاندت العشيرة والأهل واقترنت بفقير لا يملك قوت يومه, كتلك التي نسيت أنها ابنة شيخ العشيرة ووقعت في شباك فلاح لا يملك سوى { كلبه } وموقد النار, وصوتا شجيا تردده ضفاف النهر وهو ينهي مواله بعبارة { تدرين بس الجلب عدي } { أعبري يا زينة الماي دافي } { أتعبرين لو أملخ شعفتي } وقد عبرت المسكينة النهر, في أربعينية الشتاء, تاركة الجاه والخدم والجواهر لتلحق بمن أغرمت به ولم يتبعهما سوى كلبه الذي مثل صاحبه أهلكه الجوع



ولبعض الرجال أيضا غرائب في اختيارهم؛ بل لولعهم بمن يحبون

فذلك الذي أفنى عمره في انتظار حبيبة سمع عنها من الرواة القادمين من بلدتها, وآخر كان مولعا بمن لا تستحق أن تلفت انتباه الديوان, كما تقول جدتي, ولا يكف عن ترديد موَّاله : { كالوا صفيرة , كلت الزعفران أصفر } كما أن غيره يقضى النهار - على طوى - منتظرا, دون جدوى, أن تطل من الشباك ابنة السلطان, أو يكحل ناظريه بمشهد ثوبها حين تدلى على حبل الغسيل, ومن ذلك الكثير الكثير



أما { مشحوت } فقد كان عشقه من نوع خاص, لم يحجره عنه لسان زوجته السليط وقدرتها على افتعال المشاحنات مع الأهل والجيران مستعينة بكورة الزنابير اللائي درَّبتهن على خوض أعنف المصادمات ابتداء بنفش الشعر وانتهاء بالضرب بالعصي, مما أوقعه في اختياره الصعب الذي لم يُصغِ فيه للصديق المخلص, المحب بصدق له { شرهان } ناصحا إياه بأن يكف عن الجري خلف السراب, أو على الأقل ألا يسكب ما تبقى بقربته من ماء قبل أن

يُمسك بالمنال, والمضغ هو الذي يدلك على أن الذي التهمته { سمسم } أم غير



وقع { مشحوت } بحب التاجرة { بسماية } حبا ملك العقل منه والقلب, كل كيانه, هجر الدار, والزوجة, والصغار, تغمره السعادة حين تناديه وتأمره أن يكنس عتبة الدار, يملأ الجرار من ماء النهر, أو يحمل على ظهره ما تجلبه من بضاعة في سفراتها للمدينة

مقابل أن يسمع صوتها حين تناديه بغنج ودلال, أو يسترق السمع من خلف الباب عندما تغني لوحيدة خليل أو زهور حسين فتثور الثائرة عنده محاولا كسر مزلاج الباب واقتحامه على من فيه؛ لكن تخونه الشجاعة ولا يجرؤ على غضب الذين بهم أغرم, فلا هو قد قلَّد مشي الحمامة المتَّزن, ولا بمشيته احتفظ الغراب



لم يقف طموح مشحوت عند هذا الحد؛ بل تعداه إلى أنه جند نفسه

ليعمل { ملاحا } ودون مقابل في المركب النهري الذي تسافر فيه المعشوقة { بسماية } كل أسبوع للتبضع, إذ تنتظرها نساء الحي, والعرائس, { المحلب, طين الخاوة, الديرم, الحناء, الصابون

الفوط والجراغد, أمشاط الخشب }, وغير ذلك مما لا تجرؤ النساء على الإفصاح في طلبه من البائعين الرجال, ومشحوت جاهز في الخدمة لا يميل الطرف عنها, يملأ الجيوب بالقطع الصغيرة من قناني الزجاج إذ تحدث { الخرخشة } حين التقرب منها فيوهمها بأنها نقود, يطلق النكات القوية التي تهتز لها أبدان الحاضرين طامعا في التفاتة منها فتزيح الخمار الذي تغطي به وجهها صباح مساء, لعله يحظى بفرصة لرؤية وجهها الذي بات كابوسا يسرق من جفنيه النوم



استنفذ { مشحوت } كل الحيل, والألاعيب كي يستدرج بسماية فتكشف عن وجهها ولو لمح بصر فيطمئن على أن اختياره في محله , وأنه قد كسب الرهان الذي باع من أجله { الأهل والأصدقاء } وأضاع فيه جهد الليل والنهار, هاجرا البيت والزوج والصغار, عار عليه إن لم يكسب الرهان, وينعم بالجاه والسمعة والمال

مَنْ رامَ وصلَ الشمسِ حاكَ خيوطَها حبلا لآمالِه وتعلَّقا

وأية خيوط في جعبة { مشحوت } ؟ كمٌّ هائل من النكات التي لم يُجد لها نفع, رداء مقطع الأوصال, أرغفة من خبزالشعير, كيس من تمر الزهدي الذي يُحدِث ما يحدثه في البطن من غازات, وعليه أن يُشهر آخر أسلحته - والأمر لله - فهاهو { الحصان } في كرشه قد تهيَّأ للانطلاق بكل عنفوان, والنتيجة معلومة لمن خبِر التقاليد في الديوان, يُكسَر فنجانه, لا مكان له بين الجلاس, العار يلحق الأولاد والأحفاد, وتسمى الذرية { أولاد أبي حصان } والزوجة تعزف عن مجالس النساء تحاشيا لما تواجهه من سخرية وازدراء



إنه لصعب جدا الاختيار في مثل هذا المقام قد يوازي الانتحار؛ لكن الرجل { مشحوت } حسم القرار, أمسك جرة الماء, فتح الغطاء, بخطى وئيدة مدّها إلى { بسماية } تمطّى خلفا, ضغط الإبهام على السرة, انطلق { الحصان } مدوِّيا, وواحد آخر, والثالث أعقب, انفجرت { بسماية } ضحكا, رددت قهقهاتها ضفاف النهر, هاهو الفارس { مشحوت } يراقبها, مالت جانبا, انزاح الخمار, انكشف السر خلفه, انهار هلعا ذلك المسكين { أبو الحصان } ولم ينطق إلا بجملة : { أنا غلام أبوى, ما تسوين حصاني } وعاد خائبا, باكيا, مرتميا في أحضان الحكيم { شرهان } بكل مرارة نعى نفسه, خسر, الرهان, ولم يفز إلا باللقب الذي أورثه الاولاد والأحفاد, أبو حصان



إياك, إياك أن تراهن بأغلى ما عندك مقابل وهم مستتر خلف القناع

فكم من قناع أخفى الثمين من الجواهر ؛ لكنَّ الكثير منه ما تقنّعت به

الحرباء , والشوهاء , والدجال , والمحتال

قطعة تلك علقتها على صدري طامعا أن ينسخها عني الصديق المحب , أو عابر السبيل , أو الباحث عن حكمة بها يستنير



مديح الصادق

13 - 11 - 2009









#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواضع الهمزة المتوسطة والهمزة المتطرفة
- شرهان يبحث عن رتاَّق الفتوق
- موال زهيري بطور الصبي
- ماهود { أبو الخرز } ينتقم من شرهان
- شرهان والشيخ { ماهود } أبو الخرز
- أحرِقوا الصريم .. قصة قصيرة
- ملائكة كونوا , أيها المندائيون .. بمناسبة عيد رأس المندائية ...
- مواضع كسر همزة { إنَّ } ومواضع فتح همزة { أنَّ }
- الذكرى الأربعون لاستشهاد المناضل ستار خضير الحيدر
- لغة العاشقين ..
- لغةُ العاشقينَ ..
- راحلة .. شعر
- قِصَّةُ مَجْنُونَينِ
- باقة ورد لأمي ..مهداة إلى كل نساء العالم , بعيدهن
- محكمة القرية المتحضرة ..جدا ..جدا .. شعر
- مبروك .. مبروك , فازت قائمة الشهداء
- الحب عبودية
- موعد على الجليد ...قصة قصيرة
- كفن الحرير الهندي ... قصة قصيرة
- غن ...يسقط هولاكو


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مديح الصادق - مراهنات { مشحوت } أبي حصان