أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مديح الصادق - شرهان والشيخ { ماهود } أبو الخرز















المزيد.....

شرهان والشيخ { ماهود } أبو الخرز


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 2758 - 2009 / 9 / 3 - 12:32
المحور: كتابات ساخرة
    



سيداتي , سادتي الكرام , طاب مساؤكم , وسعدت لديكم الاوقات

كعادته في قض مضجعي , آخر الليل , عاود الاتصال بي شرهان

لكن المرة هذه ليست كالسابقات , بالهاتف , فقد بشَّرني بأنه أجاد استخدام ثمار ثورة المعلومات , وهاهو يكتب ما يريد , ويوصله لمن يريد , عبر الكمبيوتر , والإنترنت , رحم الله الإنترنت , والذين اخترعوه , فخلصوني من مشاكسات شرهان , في عزّ النوم



بدأ الرسالة - مثل جده أبي إسحق الصابي - بالشكر والتحميد , والدعاء , وحسن الابتداء بتعداد مناقب المخاطبين , وحسن صفاتهم , بعيدا عن النفاق , والرياء , ليستدرج قارئ خطابه , فلا يجد نفسه إلا منغمسا في متابعة المكتوب على اللوح حتى آخر حرف فيه متلهفا , إما لمزيد , أو للعودة من حيث ابتلع الطعم





واصلت القراءة حتى قوله : رحم الله والدي , كان معلمي في الحياة , ومرشدي بعد الموت , ما أن تفتحت بصيرتي حتى انهال على بسيل
من الوصايا , والدروس , يطعمني إياها كل يوم , صباح مساء , قبل النوم , وبعد أن أستفيق , مرَّة بأسلوب خبري , خال من المؤكدات , وأخرى إخبارا طلبيا , أو إنكاريا , مما أدركتُه بلاغيا بعد حين , ومرَّة يوظف في درره أساليب الإنشاء , استفهاما , أمرا , نهيا , تمنيا , وغير ذلك من رصيده في مفردات اللغة , أو أصول الكلام



الوصية التي كانت وما تزال ترن في أذني كانت نهيا قد خرج إلى النصح والإرشاد : إيَّاك والغرور , فإنه قاتل مجهول , لا تكن مثل

الشيخ { ماهود أبي الخرز } . يرددها على مسمعي كل يوم عدة مرات , لكنني لم أكن في سن تؤهلني لمقاطعة الكبار , والاستفسار عمَّن هو { ماهود } الذي حفظته أكثر مما حفظت من مبادئ الصلاة التي لم أفهم منها شيئا , إلا جملا شربتها عن ظهر قلب من جدتي , فهي مسكينة , مثلي , تردد ما سمعته من رجل الدين الذي لا يقوى على فك حرف من الكتاب المخطوط باليد , الملفوف بأكثر من قطعة قماش , المقبوض عليه بكلتا يديه , كأنه أثمن كنز


صبرت - والصبر سلاح الشجاع - حتى اختط قليلا شارباي , وأحسست أن الخشونة في صوتي بدأت تلفت الانتباه , خصوصا عندما أجد نفسي بين مجمع للنساء , إذ يسارعن - وما كنَّ كذلك من قبل - إلى إخفاء ما لم يُولينَّه أهمية , أحاضرا كنت , أم غادرت ؟

استجمعت قواي وطالبت والدي أن يُطلعني على حقيقة { ماهود } الذي بات بالنسبة لي كما تفعل المقبلات قبل الأكل , فانفرجت أساريره , وأشرق محيَّاه , سارع إلى تغيير هيئته , كما يفعل عندما

يغادر إلى مقهى المحلة كل يوم , أنيقا , ذواقا في اختيار , وتجانس

ألوان الملابس , على بساطتها , المسبحة الكهرب , علبة التبغ واللفافات , قداحة الغاز , الغترة الحمراء , والعقال المرعزي المائل

قليلا إلى اليسار , مع خصلة شعر على الجبين , علامة الشباب الطامعين باصطياد معشوقة جديدة , تحفزه على الإبداع أكثر عند انتدابه للغناء في حفلات الزواج , وأطوار المحمداوي , الردة الساعدية , والبستات , على سطوح المنازل , أو عندما تكون الزفة

صفا من الزوارق تنساب ومجرى النهر



بإشارة منه فهمت القصد , رافقته , متلهفا لكشف حقيقة كنت أحسبها ضربا من الأمثال التي تختلط فيها الحقيقة والخيال , أو على الأقل يلحقها شيء من المبالغة والتفخيم , لكن الأمر مختلف أدركته من لهجة والدي في الحديث وإصراره على أن أرى , بأم عيني , ذلك النموذج السيء الذي حذرني من سلوكه طول العمر

لم أفقه كلمة مما حدثني به فقد ذهبت في خيالي إلى عوالم أخرى , كيف لي ان أشاهد { ماهودا أبا الخرز } ؟ أيكون فتَّاح فأل يضرب

الخرز والأحجار فيضحك على ذقون المغفلات , والمغفلين ؟ أم إنه

متكسب من بيعها { على باب الله } ؟ , وقد تخيلته مرة يلف أطواقا منها حول العنق , أو الخصر , أو يبيع المسابح على أقل تقدير



أفقت من تخيلاتي بوخزة من والدي حين أيقن أني لست بمصغٍ لما يقول , أشار بما يسمونه هنا { لغة الاجساد } غمز بحاجبه , ما الغريب في الأمر ؟ إنه نفس الرجل الذي أشاهده يتربع منفردا , كل يوم من بعيد , لا خرز , لا أطواق , لا أحجار , لا مُحدِّث , ولا أنيس

أجلسني بجانبه برفق , فهي المرة الأولى التي أدخل فيها المقهى , عيب , وقلة تأديب أن يدخلها مَن هم في سن لا يقبلها الكبار , والتمست العذر لنفسي أنني بصحبة الوالد , والأمر مُعوَّل عليه



ماهود هذا - ياولدي - كان شيخ قبيلة متغطرسا , متجبرا , يحيطه من كل صوب منافقون , مطبلون , مصفقون , يقلبون الخير شرا , ويلبسون الباطل بالحق , فلا يسلم من إفكهم شجاع أو شريف , ولا

تسلم من طعونهم المحصنات , هؤلاء مَن قال عنهم كرَّم الله وجهه الإمام { علي } : يميلون مع كل ريح , وينعقون مع الناعقين

غير مسموح لذي رأي أن يبدي رأيا في حضرة الشيخ { ماهود } إذ

لا خيار ثالثا لديه : الخنوع والذل , أو الرحيل عن القبيلة بلا رجوع

وكلما يخبره المنافقون برحيل واحد من الفرسان يقول لهم : { ضعوا خرزة بدلا منه } غير مبال بهذا الفراغ



في ليلة غبراء اغتنم الفرصة أعداء له وهم كثيرون , فأغاروا علي القبيلة , طامعين بالمال , والحلال , والنساء , فما كان أسرع في الهزيمة من المنافقين , وظل الشيخ بأعلى صوته يصرخ طالبا النجدة

ولا مجيب إلا عواء الكلاب , وتوسلات النساء بالأعداء

أين الرجال ؟ أين الرجال ؟ يا غانم , يا مبروك , أين أنتم ؟ أولاد العم ,

لم يبق في الدار من الحاشية سوى مبروك { العبد المملوك } , هاهم الرجال , ياعم , أقبل مبروك حاملا كيسا من الخرز , ألقى به في حضرة الشيخ { ماهود } : هاهم الرجال , ياشيخ , لقد حوَّلتهم إلى خرز , يا حضرة الشيخ , اليوم يوم الخرز , يا حكيم الحكماء ؟؟؟



لا أخفيكم سرا , فقد أبكتني , وأضحكتني حكاية قام بسردها شرهان

وكلي ثقة بأنكم تشاطرونني الرأي , { فماهود } هذا يعيش فينا منذ بدء الخليقة , في كل زمان , وفي كل مكان , في الحقل , وفي المقهى , في الشارع والزقاق , تحت التاج , وفوق العروش , في غرف النوم , أو مطارحات الغرام , خلف لوحات الدرس , في المصانع , أينما تولوا وجوهكم تجدوا { ماهودا } بالمرصاد , في أدق شعيرات الدم , وفي حصى الكِليات

آن الأوان لأن يُخرج كل منا { ماهوده } من تحت إبطيه , ويلقي به

إلى حيث تستحق أن يُلقى بها { المواهيد } لينظف الكون



مديح الصادق

الثالث من أيلول - 2009







#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحرِقوا الصريم .. قصة قصيرة
- ملائكة كونوا , أيها المندائيون .. بمناسبة عيد رأس المندائية ...
- مواضع كسر همزة { إنَّ } ومواضع فتح همزة { أنَّ }
- الذكرى الأربعون لاستشهاد المناضل ستار خضير الحيدر
- لغة العاشقين ..
- لغةُ العاشقينَ ..
- راحلة .. شعر
- قِصَّةُ مَجْنُونَينِ
- باقة ورد لأمي ..مهداة إلى كل نساء العالم , بعيدهن
- محكمة القرية المتحضرة ..جدا ..جدا .. شعر
- مبروك .. مبروك , فازت قائمة الشهداء
- الحب عبودية
- موعد على الجليد ...قصة قصيرة
- كفن الحرير الهندي ... قصة قصيرة
- غن ...يسقط هولاكو
- ألا شلت يمينك يازيدي ... فقد أهنت الحذاءا
- والله العظيم ...لإنه استعمار
- كلا الأخوين ضر ...ولكن شهاب الدين أضر ...من أخيه رجاءنشر هذا ...
- في كل عراقي..وجدت مندائيا


المزيد.....




- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مديح الصادق - شرهان والشيخ { ماهود } أبو الخرز