أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مديح الصادق - موال زهيري بطور الصبي















المزيد.....

موال زهيري بطور الصبي


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 2769 - 2009 / 9 / 14 - 13:37
المحور: كتابات ساخرة
    



دنياك هالفاينة لا أقبلها ولا أحبها
من حيث لَن الظلم والجور لا ح بها
أم العَلا دنِّكت { للنذل } والنذل لا حبها
صبَّح { غضنفر } وراسه للثريا وصل
ولابس من { الماهود } ستة وسبعة وصل
والله لو كطعوني بشفرات الهنادي وصل
ما أدنِّك على أيد { النذل } لا والله ولا أحبها

على الرغم من اهتمامي باللغة العربية الفصحى إلى درجة استخدامها في تعاملي اليومي الاعتيادي , أحيانا ؛ ذلك لأنها غنية بالمفردات الجميلة التي لا يستغني عنها أي باحث عن الصور الجميلة للأفكار الهادفة النبيلة , ناهيك عن أسباب كثيرة أخرى , منها أنني - مثل غيري - أفضل الابتعاد عن حوشي الكلام باختيار الألفاظ النظيفة
مهما كان المعني بالخطاب , ومهما كانت درجة رقيه الإنساني , أو انحطاطه , وأيا كان موقفه معي , حميما مخلصا , أم غادرا مُقنَّعا
فهذا لا يعني عدم اهتمامي بما يسمى { بالأدب الشعبي } الذي سجل
مفاخر لا تزال تدور على ألسنة الصغار , والكبار , وعبَّر عن قضايا الإنسان الكادح , ومعاناته , ودوره في مقارعة الظلم , والاستعباد , وترجم عواطفه النبيلة , والأمثلة كثيرة في هذا المجال لا تسعها سطور أو صفحات , وخير دليل على تقديري لهذا الموروث المليء بالحكمة استشهادي بالموال { الزهيري } الذي ابتدأت به مقالي هذا اليوم , انطلاقا من المقولة الشعبية : { لكل حديث ربَّاط } , وإلا فهو كذلك الذي { يذري التبن } طامعا في حبات قمح , أو تلك التي { لا حظت برجيلها , ولا خذت سيد علي } وأنتم سيداتي , سادتي , خير العارفين بما قصدت إليه

قصة هذا الموال - كما رواها والدي رحمه الله - إذ كان يغنِّيه بصوته العذب صباح مساء , ما أكَّد لي أنه متأثر بمغزاه العميق , ويسعى إلى إيصاله للمحيطين به : إبَّان الاحتلال العثماني للعراق سعى المحتلون إلى فرض نظام الإقطاع على أغلب المساحات الزراعية , قاصدين السيطرة التامة على نظام الضرائب بواسطة الإقطاعيين من جهة , والحد من كل نشاط وطني أو فكري من شأنه توعية الناس على مساوئ الاستعمار وأعوانه , وقد اختاروا لهذه المهام بعض شيوخ العشائر القساة على أبناء جلدتهم , وزودوهم بكل الصلاحيات التي جرَّدت الفلاحين من كل الصفات الإنسانية , دون مبالاة لأدنى معايير الأخلاق , والدين

أما { شرهان المختار } فقد كان شيخ قبيلة , محبوبا لدى الجميع , يصلح ذات البين , يعدل عند الحكم , يتفقد الذين أوصى بهم رب العباد , يواسي من تبعث في نفسه الآمال المواساة , يوصي دائما بالحكمة , والرأي السديد , يغض الطرف عن الجارات , لا يأكل إلا
عند تشابك الأكف , مطابخه سود القدور , والمواقد عنده بلا رماد , يقارع الاحتلال والمحتلين , ويكره الخائنين

أثار الحسد ذلك , والغيرة لدى ضعاف النفوس من أبناء القبيلة بدفع , وتشجيع من الحكام الأتراك الذين لا يخدمهم شيخ بهذه المواصفات فخططوا لتدبير { فخ } للتخلص منه بلا رجعة , وتنصيب بديل يلبي ما وجهوا البلاد إليه من ذل , واستعباد , وجهل
وقع اختيارهم على أحد أتباعه المقربين إليه , وهو ابن عم له , ويحظى عنده بمنزلة فريدة , فهو مطرب ذو صوت ريفي شجي , سريع البديهة , حاضر النكته , فصيح اللسان وذلك اكتسبه من ملازمته دوما لمجالس ابن عمه الشيخ { شرهان} وإصغائه لحكمته , والمجالس مدارس كما يُقال , الشيخ لم يرفض طلبا له قط

دبَّر { ماهود } المكيدة بكل تأن , وإتقان , إذ كرر كل يوم , وأثناء انعقاد المجلس في مضيف الشيخ { شرهان } كررطلبا بلهجة المزاح بأن يتنازل له الشيخ عن { زعامة القبيلة } ليوم واحد فقط , ولما كان صنف { الشراهين } طيبي القلوب , وسرعان ما يخدعون من قبل الخبثاء , فقد استجاب لطلب ابن عمه { اللئيم } , بل زاد في ذلك أن أعلن أمام القوم بأنه { أي الشيخ } خلال ذلك اليوم سيصبح واحدا من أتباع { ماهود } دون أن ينبئه العراف أن الماء يجري من تحته دون دراية منه , وأنه على نهايته باصمٌ بالأصابع العشرين

الخطوة الأولى قام { ماهود } باعتقال ابن عمه , وتوثيق يديه بالحبال , مجردا إياه من بدلته ذات القماش الفاخر المسمى الماهود } , وأشهر سيفه بوجهه طالبا منه بكل صلافة أن يُقبِّل كفَّيه وإلا فإن مصيرة سيكون قطع الرأس , أمهله يوما واحدا لتنفيذ الرغبة الشوهاء , وهو يعلم علم اليقين أن { شرهان } لن يحني القامة وإن كان الثمن الموت , وما عليه إلا أن يستعين بأشباهه الغادرين
لكمِّ الأفواه , وبث الرعب في صفوف القبيلة , والأعوان

حانت ساعة الصفر , تجمع القوم , وجوه كالحة , بعض أصحابها واقفون على الأبراج , ماسكين العصا من النصف , بانتظار لمن سترجح كفة الميزان , فيحلبون النياق بيسر , وهؤلاء لا موقف عندهم , ولا يستحقون الحياة , والبعض الآخر أعوان الباطل , الكارهين لكل مظهر من مظاهر الخير لإشباع أطماع وَعَدَهم بها الجاهل { ماهود } { وأغلبهم للحق كارهون
أما الباقون فهم قلة - كما تعلمون - وما من حيلة لنصرة الحق يملكون

جيء بالشيخ { شرهان } فكرر عليه الطلب الملعون , أنذره وأعاد على مسمع الجميع الإنذار : { قبِّل يدي وإلا فإن مصيرك الموت } لاذ الشيخ بالصمت قليلا , وضع السبابة بأذنه , لم يسبق له أن جرَّب الغناء , بطور { الصبِّي } أخرس الحضور , غنَّى الموال الزهيري الذي استشهدنا به أول المقال , حتى شطريه الأخيرين

والله لو كطعوني بشفرات الهنادي وصل
ما أدنك على أيد النذل , لا والله ولا أحبها

مع القفل الأخير تدحرج رأسه بين فخذيه ليترك درسا لكل شجاع آثر الموت على العيش بذلٍّ تحت ربقة العبودية للتافهين , وغدا موَّاله نشيدا , وشاهدا على الأثر الجليل

سيداتي , سادتي { لكل حديث ربَّاط } كما قلنا ولابد أن كلا منكم قد اهتدى إلى تحليله الخاص لتلك الحكاية الواقعة فعلا , إلا أنني لم يكن قصدي أن المستفيدين من احتلال العراق الحديث , المستعمرين سابقا
الإنكليز , الأمريكان , والإيرانيين , باستطاعتهم تصفية أي حاكم نظيف محب لشعبه , وطني مثل الشيخ { شرهان } بضغظة زر , أو إشارة خفية لأعوانهم المجندين - خصيصا - لتمزيق شعب الرافدين العريق , وتوزيع أشلائه على ضواريهم الأوباش , وهم لا يُبقون على حاكم إلا إذا كانوا واثقين من ولائه , وتنفيذه ما يبغون من مخططات , وأهداف

وما قصدت أن البائعين الذمم , التابعين الشياطين , موجودون , في كل زمان , وكل مكان , بإمكانهم تغيير الأسامي , والهويات , حتى الوجوه , يبيعون الدم , والكرامة , وماء الوجه من أجل أن يرضى عنهم السلطان , ألا تبا لهؤلاء , واسودَّت فيهم الجباه

تحايا مديح الصادق
14 - 9 - 2009



#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماهود { أبو الخرز } ينتقم من شرهان
- شرهان والشيخ { ماهود } أبو الخرز
- أحرِقوا الصريم .. قصة قصيرة
- ملائكة كونوا , أيها المندائيون .. بمناسبة عيد رأس المندائية ...
- مواضع كسر همزة { إنَّ } ومواضع فتح همزة { أنَّ }
- الذكرى الأربعون لاستشهاد المناضل ستار خضير الحيدر
- لغة العاشقين ..
- لغةُ العاشقينَ ..
- راحلة .. شعر
- قِصَّةُ مَجْنُونَينِ
- باقة ورد لأمي ..مهداة إلى كل نساء العالم , بعيدهن
- محكمة القرية المتحضرة ..جدا ..جدا .. شعر
- مبروك .. مبروك , فازت قائمة الشهداء
- الحب عبودية
- موعد على الجليد ...قصة قصيرة
- كفن الحرير الهندي ... قصة قصيرة
- غن ...يسقط هولاكو
- ألا شلت يمينك يازيدي ... فقد أهنت الحذاءا
- والله العظيم ...لإنه استعمار
- كلا الأخوين ضر ...ولكن شهاب الدين أضر ...من أخيه رجاءنشر هذا ...


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مديح الصادق - موال زهيري بطور الصبي