أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال المظفر - انكسار الذات في القص النسوي















المزيد.....

انكسار الذات في القص النسوي


جمال المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 2821 - 2009 / 11 / 6 - 00:52
المحور: الادب والفن
    



قراءة في مجموعة (انعكاسات امرأة) للقاصة ايناس البدران





تشكلُ مجموعة انعكاسات امرأة للقاصة ايناس البدران سيرة حياة لامرأة شرقية تدور في رحى ذكورية متسلطة مهيمنة تستلب الأشياء من الجنس الآخر ، قد تكون القاصة هي نفس الشخصية المحورية في جميع القصص الا في قصتين وهما (الجدار) و(الحلزون) والتي يكون ابطالهما رجالاً ، ولكن حتى ابطالهما مكسوري الجناح بذات مستلبة .. فالقاصة ايناس حتى عندما تكتب عن الشخصية المحورية فانها تكتب عنها بالصفة المستلبة والذات الذكورية المتسلطة ( الاعراف والتقاليد والسلطة السياسية والدينية ).
تبدأ القاصة مجموعتها القصصية برسالة مفادها (( تعلمت ان الانسان بلا قصة لاشيء .. لكنه حتما في القصة يصنع الاشياء)) هذه الرسالة تقودنا الى ان القاصة تصنع اشياءها وتبوح عما في داخلها كأنثى عبر صناعة النص بأسلوب قصصي خال من الاسفاف والترهل، لديها الانسان بلا قصة مجرد رقم في الخارطة الجينية، وبأمكان الانسان ان يصنع قصة له في الخيال وان يستنهض الاسطوري لشحذ الهمم وان يواجه ويتحدى ويكسر حتى لو كان هذا الاستنهاض في الخيال الواعي ..في قصتها الاولى التي حملت عنوان المجموعة ( انعكاسات امرأة ) تبوح القاصة بحالة الانكسار النفسي الذي تعانيه المرأة العربية بصورة عامة والعراقية بصورة خاصة ، الاضطهاد النفسي والجسدي والاجتماعي وسطوة الاخر ، الأب ، الاخ ، الزوج، العشيرة) التقاليد والاعراف الاجتماعية ، المد الديني ،الاضطهاد السياسي .. والخ، كما ان لتأثير عامل الزمن على التركيبة البيولوجية للأنثى دورا في هذا الانكسار ( منذ مدة ليست بالقصيرة يخالجها شعور بانها قارورة معرضة للكسر ترسب المرارة بقاعها، ويطفو على سطحها حزن مغلف بمرح ساخر) هذه المزاوجة في الطرح (الكسر -المرارة) تعكس مابداخل القاصة الانثى من انكسار ومرارة ومهما كان التشبيه فأنه يرد الى التراجع والانكسار الانثوي .. هذا البوح يعطي صورة واضحة على ان المرأة تهيء نفسها دائماً لانكسارات متتالية في ظل الهيمنة الذكورية على الذات الانثوية، كما ان الاديبات العربيات دائماً ما يكتبن بذات منكسرة ويضعن انفسهن في في خانة المرأة المضطهدة والمهمشة والمسكينة والمستلبة الحرية، اي انها لاتصنع شخصية قوية قريبة من الشخصية الذكورية المتملكة ،دائماً متراجعة محبطة ، تنظر الى تركيبتها كأنثى، ناعمة ، حساسة شاعرية ، عاشقة ، احساس بالانوثة المفرطة ولذلك ترى ان الجرأة توصلها الى الشخصية الذكورية وبالتالي تفقد انوثتها المرتبطة بالرقة والوداعة، كما ان المرأة لا تنسى انها اسيرة عامل الزمن، كلما تقدم العمر بالمرأة أحست بالاحباط النفسي والجسدي وتبحث عن اشياء تصلح ماافسده الدهر وهو ( المكياج) الذي يقف بموازاة التجاعيد، ففي مكان اخر تقول بطلتها ( أو كالمكياج الذي يخفي خلفه شحوب ايامنا دون ان ننسى زيفه وسرعة زواله ) هذا الاعتراف بتأثير التجاعيد على الانثى يولد احباطاً يضاف الى الاحباطات المتكررة النفسية والجسدية ، هناك خلط في الوصف مابين ( شحوب ،زيف) لم تقل شحوب وجوهنا وانما شحوب ايامنا، أي جفاف الأيام ونضوبها ومرارتها والتي لا يزيلها المكياج ، فالمكياج لا يصلح ما افسده الدهر ، كما ان التخفي خلف مزيل التجاعيد هو مراوغة وزيف سرعان ما ينتهي لمجرد رشقة ماء على الوجه ..المكياج والتجاعيد حالتان متناقضتان المكياج لأصلاح عامل الزمن وتجميل ماانكسر بفعل الازمات ، والتجاعيد حالة طبيعية للتراجع الزمني الذي يشعر المرأة بالاحباط ، وفي موضع اخر من القصة ( كانت تروم حضور دورة تأهيل المرأة لقيادة منظمات القرن الحادي والعشرين ) هذا الخطاب مازال يشعرنا بأن المرأة لاتزال تحت تأثير التأهيل، اي انها ليست مؤهلة للمواصلة مع التطور او القيادة اسوة بالمرأة الغربية التي احتلت مراتب رفيعة في الحكومات واعمال المجتمع المدني ( أين هي وسط هذا الكم الهائل من البشر ؟ مجرد رقم فقد صوته فعاش بلا صدى ) الاحساس بالدونية من قبل الأنثى لأغبار عليه في المجتمعات الشرقية ، صفر على الشمال ليس له تأثير يذكر الا ماندر .. في قصتها ( عواء ذئب) تعكس القاصة العلاقة بين المرأة والرجل ، الأنثى والذئب ، خطاب مابين امرأة متخفية خلف زجاج شفاف في ليل شتائي بارد ورجل بهيئة ( ذئب) اي الرجل المستذئب سلوكياً هذه هي نظرة المرأة للرجل ..يبادر الذئب المرأة بالسؤال : ماذا تفعلين هنا ؟ ويرد :اتشعرين بالوحدة ؟ ترد: حدالبكاء ، هذا الحوار هو محاولة من قبل الرجل بسلوكية الذئب لاستلاب الانثى والسيطرة على مشاعرها عبر كلام معسول قد يغري لمجرد رغبات عابرة وينتهي بانتهائها . وهو ماتصل اليه القاصة في نهاية قصتها برؤية جميلة وتصوير بارع (ورأى السابلة وسط دهشتهم زوجا من الذئاب يحوم قرب البوابة المشرعة / قبل ان ينطلق على عجل الى قلب البرية )..وتعيد القاصة حالة الانكسار الانثوي في قصتها ( صورة من زيت وماء) عندما تخاطب موظف الهويات ( في النهاية مانحن الا مجموعة اوراق متسلسلة اذا ضاعت ضعنا معها ) فالمرأة المعنية قدمت مع اوراقها الثبوتية صورة قديمة أي في فترة شبابها كي لا يظهر عنصر التجاعيد مما يدفع بالموظف الى التشكيك في الصورة وترد هي بخجل :انها لها ؟ هذه القصة تعيدنا الى قصة ( انعكاسات امرأة) في التخفي خلف قناع المكياج والتراجع أمام العامل الزمني …قد لا تشكل التجاعيد للرجل شيئاً ولا يأخذ الشيب منه ماخذا ولكنه يعني الشيء الكثير للمرأة ، الشيخوخة المبكرة ، بلوغ سن اليأس ،العنوسة ، التراجع البدني والجسدي …
قصتان لا تحملان المعنى الدلالي للمجموعة وتبتعدان عن حالة الانكسار الانثوي / او بالاخرى الخطاب الانثوي الا وهما ( الجدار ) و(الحلزون) الاولى حوار الشخصية الواحدة المتمثلة في السجين الذي يحاكي الجدار اذ اعتمدت القاصة المنلوج الداخلي للشخصية ( اعتاد الجلوس بمواجهة الجدار وتأمله وفي كل مرة كان يكتشف فيه شيئاً جديداً يفتح له مغاليق الاسرار المحيطة به ويفك طلاسمها، حفظ مكان كل شق فيه وكل عبارة واشارة اخدود) القصة بكاملها محاكاة الذات ولكن هذه المرة الذات ذكورية وليست انثوية ربما رأت فيها القاصة عامل الانكسار والاضطهاد التي لازمتها في شخصياتها النسائية ، لكن تشابه هذه الحالة عكستها على السجين ، وكأنها ترى ان ذات الرجل هي نفس الذات الانثوية عندما تكون مستلبة …
قراءة سريعة لمجموعة القاصة ايناس البدران تحيلنا الى ان الكاتبة / الأنثى تكتب بذات مستلبة مهما بلغت من مكانة اجتماعية وادبية او سياسية فانها تقدم انوثتها على تلك المسميات ، فالانوثة تعني الرقة والوداعة والليونة والى كل معالم الانوثة الحقة كما ان القاصة وضعت لنفسها خطوطاً حمر تلك التي لا تتجاوزها اغلب الكاتبات العربيات كونها المنطقة المحرمة التي تنأى بنفسها عن ولوجها، هناك علاقات اجتماعية بينما تختفي العلاقات العاطفية الحميمية من بنية النص وكأن القاصة قد أسدلت الستار عند تلك المنطقة ..قصصها بضمير المتكلم ،حاولت ، اعدت ،ترجمت ،رأيت ، وكأن القاصة احدى الشخوص التي تتحرك في داخل النص وان لم تكن في داخله فانها تراقب شخوصها عن قرب عند حافة النص ، قد تكون قصصها أقرب الى ادب الحرب / فالافرازات التي رافقت واعقبت الاحتلال او عملية التغيير كما يحلو للبعض ان يسميها من قتل وتدمير واغتيالات كان لها تأثير مباشر على قصص الكاتبة ، ليس الحرب بمعناها العام والياتها من طائرات وصواريخ ودبابات وبنادق وجنود وانما بمخلفات الحرب من انهيار للبنى التحتية المدنية والاجتماعية والانكسار النفسي والانهيار المعنوي وغياب النظرة المستقبلية للأحداث ، ففي قصتها ( تحت المطر) تصف لحظة الانفجار ( برهة وانشقت الارض عن كوة من لهب واهتزت ارجاؤها لعصف دموي مزق ثوب الامان الناصع البياض ،غابت الرؤى امامها وهي تتلقى صفعة مدوية أدمت خدها بلحاء شجرة صفصاف فالتصقت بها مستغيثة في التحام جنيني) قصصها كتبت بفعل المؤثر اي المشاهد الاكثر دموية لايهم رؤية المشهد عن قرب كانفجار سيارة مفخخة وانما عبر مشهد منظور كالتلفاز مثلاً والذي يوظف العنف بالصورة في الخبر والتقرير الاخباري ..
قصص ايناس البدران تستند الى الواقع في حركة الشخوص وتسلسل الاحداث ورصدها للهموم اليومية للأنسان العراقي في ظل فوضى التغيير السياسي من النظام الشمولي الى النظام الديمقراطي كما انها تتحرك ضمن مجال الحوار او الصوت الثنائي / الزوج، الزوجة/ الأم / الأبن ..
في النهاية فأن القاصة تمتلك ادوات القص متمكنة في اختيارها للأحداث وتحريك شخوصها داخل النص والتعامل معها بحرفية ومهنية عالية وتلك النهايات المحكمة التي تشبه السقوط الحر.





#جمال_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حيلة الوالي التي انقلبت عليه
- انجازات استعراضية
- شكرا للاحتلال .. ولكن ليس باسم الشعب..!!
- قطاع الطرق
- فوضى سياسية عارمة
- ست سنوات .. والحبل عالجرار
- الدم العراقي ليس مسرحا للساسة
- فساد سياسي ام اخلاقي
- كل شئ ممكن .. الانتخابات قادمة
- ارحمونا يرحمكم الله
- حرب الفساد ... اعلامية
- انسحاب ام اعادة انتشار
- الشعراء يفعّلون الديمقراطية
- الى متى ينام التفاح على يديَ
- استعراضات مرورية ام بهلوانيات
- يطبخون اطفالنا في علب السردين
- اعيدوا للعراق هيبته
- عندما ينتهك المسؤول القانون
- درس محمد خضير
- الصحافة الحزبية ... إلى أين ؟


المزيد.....




- رسميًا.. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات ...
- بعد إصابتها بمرض عصبي نادر.. سيلين ديون: لا أعرف متى سأعود إ ...
- مصر.. الفنان أحمد عبد العزيز يفاجئ شابا بعد فيديو مثير للجدل ...
- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال المظفر - انكسار الذات في القص النسوي