أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر كمال - تداعيات التنوع الإبداعي العراقي في مواطن الغربة















المزيد.....



تداعيات التنوع الإبداعي العراقي في مواطن الغربة


جعفر كمال
شاعر وقاص وناقد

(تôôèô‏ ؤôéôم)


الحوار المتمدن-العدد: 2815 - 2009 / 10 / 30 - 14:49
المحور: الادب والفن
    


 
لا شك أن الأدب العراقي المهاجر في مواطن الغربة، قد أسسَ لمعطيات ايجابية، تنوعت في ممارسة العمل الإبداعي والمهني الأكاديمي بانطلاقة حرة، فمنهم من عمل في وزارات التربية والتعليم في مواطن الغربة، ومنهم من عمل في دور الطبع، والإعلام، ورؤساء للصفحات الثقافية في الصحافة العربية، ومنهم من أسس لأعمال مسرحية عظيمة، وترأس الأندية الثقافية، والعلمية، ومنهم من ترأس مؤسسات إنسانية، وصناعية، وثقافية، على مدار سجالٍ أدبي منوع وجديد في مختلف ترحالاته حول العالم، واستخدامه تقنيات أدبية جديدة أهلت اختلافه، إلى طفرات إبداعية تركز على الأساليب التنويرية، واهتم اهتماماً واسعاً في العلوم والبلاغة، سواء في مجاله الكتابي، أو في المجالات الاجتماعية والسياسية والأكاديمية الأخرى، فكان لكل ذلك انعكاس ايجابي على ثقافته وتفاعله مع المحسوس اليومي، مما دعاه أن يكتشف فضاءات إبداعية مضافة، تنوع في خلقها، وفصل ظروفها اللغوية، وأجاد فنونها، ووسع من مدركاتها الحداثية، بعيدا عن النظم والهواجس التدوينية، التي تصادر حرية الفكر والتعبير والخلق، وحرية الاجتماع والتنظيم.
ولهذا فقد توسعت ثقافات الأديب العراقي بعد أن ذاق طعم الحرية، فوجد نفسه أمام باب مفتوح على فضاءٍ جدلي واسع، في ما يختص بمعطيات جاذبية مشيئة الخلق الانفعالي، لمعطيات الجديد المكاني، والتشكيل المغاير في تجديد ثورة ما ذهب إليه الشعراء من حداثة تراتبية الموازنة، وسبر أنظمة الدلالة، وتفعيل معادلات الرمز، ومركباته التبادلية في تناسب السياقات وبنيتها، وآليات أدواتها التي تؤدي إلى متقابلات الحركة الداخلية للسمات الإبداعية الراقية، وتلازمها مع الواقعي وأنساقه، وانسجامه مع ديمومة المشهد الثقافي، عبر مكونات الأشكال الجديدة في أنماط الروابط الحرة في اختيارها لأنظمة البرهان، والجدل القائم بين الحداثة والتراث في الفضاء التحديثي المؤثر في معطيات الرؤى والأنساق الأدبية، لأن قوة الحقائق تكمن في أثر المنتج الإبداعي وتركيبة مفهومة إشراقه، وتدخله في لعبة خلق الإيماءة، وإفضاء بوح ثمرة الصورة بكل تجلياتها.
وعلى هذا المنحى الخلاق. ومن أجل معالجة أنماط الأساليب النقدية القديمة بشخصية جديدة، عمد الأديب العراقي المغترب على التفاعل مع المعطيات الإبداعية المعاصرة، في البلدان التي توطن فيها، من حيت تقنيات الصوت والاشارة واللون، في كل الفنون، ومنها مجال الرسم ومشتقاته، وخاصة عند الفنانين: ضياء العزاوي، وفيصل لعيبي، ويوسف الناصر، وكاظم خليفه، وعلاء السريح، وآخرين كثر، وفي مجال الموسيقى كما هو الحال عند منير بشير، وكاظم الساهر، والموسيقي المجدد في بنية العود نصير شمه، وأحمد مختار، وفي مجال المسرح تنوع المخرج المسرحي جواد الأسدي، إذ نقل المسرح العراقي من المحلية إلى العالمية، كما هو الحال مع الممثل المبدع والمخرج المتميز رسول الصغير، حيث شارك في أعمال مسرحية عظيمة على المسرح الهولندي، وذلك باجادة خلق الحافز التنويري الإدراكي لمعطيات التجديد، لأن كل مطلق إبداعي ممكن، إذا لم يخضع لعملية التكرار والتدوين الاتباعي. فيكون النص صافياً من الشوائب والأحكام والقوالب الأكاديمية، والمنهجية التي لا تقيم للأديب توازنه الاستقلالي، وبهذا يشكل الوعي التجديدي المستقل فهماً متطوراً للفنية الإبداعية، خارجاً عن أسلوب التصلب، والأنوية الحادة، والتقليدية للسلف الوضعي، الذي من شأنه أن لا يعيد التفاصيل، والمسالك، والبواعث ذاتها.
ومنذ ظهور هيدغر وفوكو، وهيغل، وماركس، بدأت اللغة الفلسفية تحدد القيمة الفنية لحركة المجتمع التي أخذت تتضح، في معالمها، وحواسها، وحتى إشكالات التأمل معها، اعتباراً من إلغاء مؤثرات الوسيط الروحي، في أوروبا، وحتى التغيير الحاصل في المفاهيم التي كانت سائدة في الوعي المغلق، كالخوف من الغيب وتقديسه، والأيمان المطلق بالرب، والجنة والآخرة، والمعالجة من الأمراض بدخول الأضرحة "المقدسة" عند الدول الإسلامية وهلمجراً. وخروجاً على كل هذه الأقاليم الاتباعية السائدة، توصل المثقف العراقي في المنفى، إلى خلق حالة نقدية تعتمد الاختصار السردي، وتكثف معطيات الإحساس بالنص المطلوب تناوله بالنقد والتأويل بخصوصية عراقية مختلفة، وبهذا فقد تميزت أحادية الأديب العراقي في خلق مساحات أوسع لجدلية المطابقة ونقيضها، عبر مؤديات الرؤيا الأوسع للجدلية الإبداعية، أمثال: الناقد فالح عبد الجبار، والناقد ياسين النصير، والباحث هادي العلوي، والناقدة فاطمة المحسن، والروائي والناقد سلام عبود، والشعراء، والقصاصين، ومن اتخذ للثقافة حضارة يأوي إليها.
صحيح أن بعض الشعراء الذاتيين، وشعراء الإنشاء الموسميين، وشعراء التأليف، منهم من وجد ضالته في التجديد "قصيدة النثر" من وحي إرهاصات تعبر عن قدراته الإنشائية الذاتية التي تؤدي إلى التلفيق والتكرار بدلا من الإبداع والابتكار، فجاءت كتاباتهم أقرب إلى السطحية الخالية من معالجة الأفكار المشخصة للأشياء، وقد عجز هؤلاء في البحث عن المفاهيم الناجعة الدالة على المحسوس التفاعلي مع ثقافات الشعوب ومستجداتها الفكرية المعاصرة، وقد وجد هؤلاء ضالتهم بنشر نصوصهم الفارغة جداً على صفحات المجلات الالكترونية ذات المنابع الركيكة والفاشلة، والتي أخذت تمنح الجوائز ذات الأسماء الكبيرة لمن هب ودب، ومع كل هذا الإرباك فقد برز من بين هؤلاء من برع في خلق صلة بين المدهش العاطفي للشاعر، وبين مألوف المعاصرة من منظور تجديدي يعبر عن مشروعيته، وإن كان يتسع بقدر كبير على الفوضى، لأنه تعبير لا ينم عن منتج حقائقه التعبيرية الداخلية، التي تؤسس للإحساس منابعه الإبداعية المؤثرة على الساحة الأدبية، عبر كل الأجناس الأدبية الخالصة. ومع هذا تبقى هذه الجماعة القليلة محدودة ومهمشة.
وفي منفى الأديب العراقي توسعت إمكاناته، فتعددت أساليب الكتابة وتنوعت، وصار يشار إلى هذا المبدع أو ذاك بالمتعدد المواهب، مستفيدا مما منح له من إمكانيات جديدة تبدلت معها علاقات التنوير المعرفي، في مجالات مجتمعية حياتية عدة، فأخذ يحث نشاطه الفكري بطريقة خلاقة، تعامل مع الفلسفة بوصفها تأسيساً انفعالياً لإنتاج تطور وتغيّر الصيرورة المنتجة للفعل الإبداعي، بمعطيات الجدل المادي المنطقي، وذلك في حث المفاهيم للبحث عن الماورائي في لغة الأدب وميتافيزيقيا الحياة والتكوين، متجاوزاً المفاهيم الجامدة، التي حاولت مطابقة رسالات المشيئة الظرفية المرتبطة بالتعاليم الغيبية، ومحاولة فرضها لمفاهيم حياة النعيم المحض في الحياة المؤجلة، على أن الحياة الدنيا، ما هي إلا تأسيس صناعي للفردوس المعني بعد قضاء الأجل، أي الحياة الأخرى كما يسمونها، وهذا الاتجاه الفكري لا يختلف كثيراً عن سياسات حزب البعث الإرهابي، ولكنْ كل يدلو بدلوه، فكلاهما سياستان متطرفتان تقمعان الحريات العامة، وتصادران حقوق الناس، وتمنعان إقامة منظومة علاقات حضارية، على أساس لغة أفكارهم وميولهم.
 
ومع هذه الكبوة التي أصابت المجتمع العراقي بطاعون الحاكم المعظم، إلا أن المثقف العراقي المتنور أزاح عن كاهله تلك الحتمية القاهرة للنفس، ولم يتعاط معها، بل تعامل معها على أساس الند، رافضاً كل تلك القوانين السادية المذلة، فأسهم في بناء ذاته، بعيدا عن عصا الجلاد الغبي، مما أتاح له القدرة على فض قوانين الحاكم الواحد الأوحد، فتنادى لأقامة منظومة علاقات متطورة تبدلت معها بنية التنوير الخلاق، الفاصل المادي بكل معطياته الايجابية، خاصة بعد أن بدأت الفلسفة الحياتية تأخذ مفاهيم وأشكالاً للوعي المختلف، في المجال الجدلي بين النسبي وايجابياته المادية، وبين المطلق وسلبياته المثالية. فأخذت بعض المنظومات الدكتاتورية بالانهيار والتلاشي، وحلت محلها في يومنا هذا، نظم اجتماعية متطورة، وخاصة في لبنان، والعراق، والجزائر، ودول شرق أوروبا. "الشيوعية منها سابقاً" كتلك التي بدأت في عصر النهضة الأوروبي، وقد تأثرت هذه الشعوب ايجابياً بالثورات التنويرية، ومنها إحياء الفلسفة الكنطية التي تعتبر واحدة من أهم الفلسفات التي تؤكد على تحرير العقل، منذ ظهورها أبان عام 1786 عصر الأقلام الواعدة الحرة في مفهوم النقد، وبهذا فقد أسس الفيلسوف عمانوئيل كانط، عبر نظرياته التي أصبحت تشكل آنذاك بحثاً قيمياً متوازناً في أصول الحداثة في كتابه: "نقد العقل المحض"، عن شروط كشف الحقيقة بتجاوز نقد المذاهب، والأفكار، وبناء علاقات حرة ومنفتحة على التجنيس البنيوي المعاصر خارج حدود نظريات السلف، وقد عبر عن مفاهيمه بحيادية لطبيعة منتجه الإبداعي، هذه هي لهجة كانط الجادة والرزينة والساخرة بآن، التي عودنا على قناعاته بها في كل مؤلفاته وبحوثه، وهو يطرح بثقة موصولة للقارئ أفكاره المعلنة، والتصرف بها على أن تكون مؤثرة وفاعلة. ولي أن أقول أن أفكار كانط بعكس ما عبرت عنه الشيوعية في زمن "الاتحاد السوفيتي" حين تعاملت مع الأفكار كأقاليم لاهوتية متحجرة، ولهذا جاء السقوط سريعاً كما هو الحال مع حزب البعث في العراق وطوباويته ذات النفس الدكتاتوري البشع. فالأدباء الذين شاركوا في تدمير العراق جنباً إلى جنب مع سلطة العائلة الواحدة أمثال: سامي مهدي، وطراد الكبيسي، وعبد الرحمن مجيد الربيعي، وساجدة الموسوي، وحميد سعيد، وغيرهم. فرغم أهمية هؤلاء الأدبية، إلا أنهم ساروا في ركب الدكتاتور، ولم يفلحوا في تقديم أعمال أدبية تضارع ما قدمه المبدعون العراقيون المعارضون لحزب البعث الفاشي، الذين اتخذوا من المنفى حماية لحياتهم من التصفيات الجسدية بكاتم الصوت، والتوابيت الدبلوماسية، وأحواض التيزاب، وطرق شنيعة أخرى، خوف المعارضة من أن هذا الحزب سيدمر العراق، وهذا ما حدث.
في حين أعلنت الثقافة العراقية في المنافي، عن هويتها العراقية الريادية، وقد تميزت بلونها، وبلاغتها بأولويتها الإبداعية، ومن بوح هذه الرؤية أسس الأدباء العراقيون المغتربون منتديات ثقافية، ودوراً للنشر، ومجلات وجرائد ثقافية وعلمية اهتمت بشؤون وثقافة المغترب العراقي. ولأجل هذه المؤثرات المكانية، تعامل المثقف بتفاعل وحيوية، وذلك بتطوير هذه العوامل الوجدانية المركبة من ثقافتين مهمتين هما: التراث الفكري والثقافي العربي، والحداثة الأوروبية المعاصرة، عن طريق سلامةَ وتحسين أدواته ومجازها، وكنياتها، ومحاكاة المكان وأثره الجمالي، إما بالاستعارة، أو بالمفاضلة، على كل متناول له تأثيره وفعله، يدرسه ويحاوره ويستمع إليه، فقد تكون هذه الأفكار تشكل في نظره حافزاً درامياً، تعبر عن المتعة والإثارة، فتأتي متممة ومحفزة للمكون الحسي الداخلي، المتفاعل مع بعض المكونات الحياتية.
ولهذا عندما يتحرر الأديب من الأفكار الموضوعة في قوالب متحجرة، تجده معنياً فقط بالإنتاج الموسوعي المؤسس لجمالية التعبير، المتعددة أذواقها الفنية، حيث تجده مطلقا في أساليبه التعبيرية، من خلال منظوره للحياة عبر ابتكاره المتجدد، وإبداعه المتنوع، مع تشذيب تقنية وسائط الاختلاف في البعد الكمي، والإحساس النوعي الايعازي بين هذا المشغل التنويري أو ذاك، على أساس لغة المعاصرة التي تكشف عن تحميل المفردة دلالاتها الشعرية، مع تداخل هيمنة اللغة الفنية الرصينة معها في المنتج الإلهامي الحسي الماورائي، في لغة الشاعر المهيمنة على مجسات خياله، لتكون الكتابة مُحكَمَةٍ بحريةٍ مطلقةٍ، وبتلقائية غايتها التحديث، غير المخطط له، متبرئاً من أي إحكام أكاديمي، وملتزماً بإشراقٍ تفكيكي مختلف، وفي الوقت ذاته تؤسس لحوارية مفردات المشغل الإبداعي التنويري، الذي يسهم في بناء نص مغاير بإرهاصات بنيته الرشيقة، وإيقاعاته المدورة، خارج شغلانية الذات، التي استخدمها المتصوفة في تطويق كتاباتهم بأفكار مغلقة، والغريب أن الكثير من أدباء عصرنا مازالوا يفكرون بالطريقة ذاتها، مع الاعتراف بأن: "طرائق الفنون لا زمن معينا لها". كما عبر عن ذلك أبن جني في "الخصائص". مع المصادقة على أن لكل زمن ذوقه وقارئه، هذا إذا اعتبرنا الإبداع هو المعبر الحقيقي عن جمال الموهبة، لأنه من المفترض أن لا يكون المبدع ناسخاً للأجناس الفنية التي سبقته، فيكون إتباعياً، ولهذا ومن أجله، يجب الابتعاد عن اللعب على أجنحة اللغة التي استحدثها واستخدمها ممن سبقوه، والإتيان بآليات وأدوات وأساليب جديدة تفجر الوسائط اللغوية والفنية، إلى معان ذات دلالات فيها من الحداثة ما هو متعلق بسلامة الألفاظ "ومعرفة أصلْيّها من زائدها، وصحيحها من عليلها،" كما عبر عن هذا الجرجاني في كتابه: "الإمام علي"، هذا كون الأساليب الصوفية كانت تجسد الباطن على أن هذا الشيء مكشوف عليهم ومرئي، وهذا خطاب يمتد إلى أنظمة الخوف ومؤسساتها الغيبية، وبهذا حتى لا نفقد هوية النص التجديدي الذي نشتغل عليه، وهو تنظيم العلاقة بين الكلمة وخصائصها الصوتية، خاصة ونحن أمام مد هائل من الحداثة الكبيرة والرائعة في صناعة المعاني وتركيبات ألفاظها، وتفجير إحساسات النص المبتكرة، والدراسات النقدية الشابة التي تحررت من مشغل المناهجية الأكاديمية، بعبارة أخرى أن تسفر لعبة أدواتنا عن تقديم إمكانات مغايرة تتميز بأسبقيتها الإبداعية.
البعض من "الأدباء" المروجين لسياسة حزب البعث الإجرامي في الزمن ألصدامي البشع، يعيبون على أدباء العراق في المهجر، أو ما سمي: "بأدباء الخارج"، الذين عارضوا تلك السياسة البعثية التي أصبحت في خبر كان، واتخذوا من مواطن الغربة القاسية مكانا آمناً للعيش، على أن هؤلاء لا يمكنهم الإسهام في بناء المنتج الأدبي العالمي، كونهم انسلخوا عن مواقعهم وأدواتهم الحقيقة التي هي منتج بيئتهم.
هذا كلام غير دقيق، لأن الإبداع لا يرتبط بالضرورة بمكان معين لكي يتفاعل ويجدد، إنما العكس هو الصحيح فالجديد المكاني يؤثر إيجابا على الأديب، ويجعله منشداً حسياً في الذوق والعاطفة مع السحرية المكانية، ومن هنا يأتي دور المبدع وآثاره التي يجب أن تكون واضحة على منتجه، الذي سيكون بالضرورة متغير الملامح والمضامين بهذا الفعل المكاني أو ذاك، سواء كان هذا المبدع شاعراً أو رساماً أو قاصاً أو مخرجاً مسرحياً أو روائياً أو حتى فيلسوفاً، وأراني أستشهد بكم هائل من الأدباء العالميين المغتربين أمثال: الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري، الشاعر والروائي اللبناني جبران خليل جبران ، والشاعر العراقي بدر شاكر السياب، والشاعر العراقي سعدي يوسف، والشاعر المثير للبهجة الراحل بلند الحيدري، والشاعر صادق الصائغ، والشاعر العراقي المجدد في القصيدة المدورة في إيقاعات الصوت عبد الكريم كاصد، والشاعر المتمرد على القوالب الجامدة حلمي سالم، والشاعر الثائر محمود درويش، والشاعر هاشم شفيق، والشاعر عواد ناصر: والعدد كثير من الأدباء العرب لا يحصى بهذه المساحة التي أحاول جاهدا أن أختصر فليعذروني أصدقائي الأدباء، ومن أوروبا الشاعر الفرنسي البلاغي رامبو/ عاش في اليمن، وناظم حكمت، وزايمو غلو/ تركيين وغيرهم كثر، الذين ازدادوا أنتاجا مميزا عن إنتاجهم في أوطانهم، ولا ننسى هجرة الأدباء والفنانين الألمان إلى هولندا، البلد المجاور، هروباً من المناخ النازي أبان الحرب العالمية الثانية، ومن ابرز هؤلاء: غيورغ هيرمان، وجوزيف روث، وارنست بوش، وغيرهم، وانطلاقاً من هذا الفهم أراني أتجاوز ما يسمى :" بالضرورة الخادعة" لنظرية أصول المكان، وخطابها المقيد، وأنانيتها الصارمة، كما أراد لها كارل ماركس في قوله المفتوح على جوانب فلسفية عديدة: "الإنسان ابن بيئته" التي تحتكم إلى وضع قوانين مشروطة وقاسية، ومقيدة للفكر والخيال المفتوح على بنيوية واسعة، وخاصة في المجال الشعري. حيث لا يتساوى الشعراء في التحليل والمعالجة في أخيلتهم فيما بينهم، التي تتأثر مباشرة بمنتجهم الشعري، الذي يشكله فضاؤه الخاص، منبثقاً من عين الشاعر لهذا الحس الداخلي، أو البصري، وهنا يتعرى خيال الشاعر العاطفي، فيكتب تجلياته وانسجامه وتوحده في صناعة النص، خارج القوانين الجامدة، والملازم التدريسية الصارمة، كما يحدث اليوم على ما ينشر في بعض المواقع من قصائد هزيلة، وتعليقات خالية من الجدية والصرامة من البعض، وهي أشبه بمجاملات غير مشخصة للنص الشعري، فتجد هذا المعلق أو ذاك في واد، والنص في واد آخر، مبتعداً عن واقعية التعليق متأبطاً انفجاراته العاطفية لهذه المرأة "الشاعرة" أو تلك، وكأنه يهم بذكورته لمغازلة هذه "الشاعرة" التي تكشف عن أعضاء حساسة من جسدها على بعض المواقع الهزيلة، كون المعلق الذي تشخصه الدوافع والحوافز الجنسية، لا يمكنه أن يلامس حساسية الملاقحة الفنية بين الشاعر والنص، وبين النص والمعلق، وللأسف البعض من هؤلاء "أدباء".
أما النص ذو البنية المكانية المتحركة عند الشعراء، الذين انسجمت ذاتيتهم وتكيفت، مع ثقافات شعوب اختلفت حضاراتها وعرفها وتقاليدها، وهو أن يحتفظ الأديب بالفعل المكاني الذي اعتاد عليه سابقاً، إلى التفاعل مع خصوصية مكانية جديدة نحو كونها أصبحت واقعاً، ينسجم مع تجربته التي أصبحت تميز مفهوم العلاقة بين المتغير والثابت، حسب تعاطي المنابع الجمالية عبر مؤثرات انزياح الرؤية الفنية، والهدف منها هو خلق الإيماءة وإحساساتها الملحة للكيفية التي يختار بها النص ولادته، لذا فتبصر قراءتنا التفكيكية للثقافة في تنوعها، وشموليتها لطبيعة الفنون، والتحولات الإدراكية للمنتج ما بعد الحداثي، هو التعاطي مع نصٍ له حقيقته ومنتجه من ايعازات الواقع المكاني الجديد.
من هنا تتوج نصوصنا بإقامة حوار ما بين ثقافتنا الخاصة، وثقافة الآخر في مواطن الغربة، وبقدر ما ننتج إبداعا تجديدياً، نجعل النص يستمتع بلذاته من روحانية توحده مع القارئ، هذا إذا كان الأديب يجعل النص راهناً يقيم علاقة حية متجددة تلعب رؤيتها على وجدانية الذات الخاصة، على سبيل المثال، في مقالة إدوارد سعيد المهمة والمستفيضة المسماة " انعكاسات على المنفى "، يقول: " المنفى يُجبر بشكل غريب على التفكير بشأنه ". وهي نظرة تجديدية تدخل في المجال الإبداعي أيضاً لما ننجزه وما نعمل على خلقه من رؤيتنا الخاصة، للشواهد من منتج نماذج الانفتاح على التجديد، ولنأخذ شاهداً معاصراً: الشاعر الكبير سعدي يوسف وقصائده التي تفاعلت مع إثارة الفعل المكاني، من مواقيت الحركة المدورة في بناء الجملة الشعرية، التي يقوم عليها المتغير بين نسبية الزمن المتحركة، وبين ماهية التعبير عن الأشياء، وربطها ربطاً إحداثيا بظواهر التعبير الوجداني، مع استمرار تدفق نبض الإيقاع المكاني بانتظام، وهو يولف الحس الشعري في المشهد التجديدي للبناء الداخلي في الجملة الشعرية وإثارة غاياتها، ومن منتج هذه الخاصية حقق الشاعر ما بلغ إليه المنجز التحديثي الأخير، لكونه في النهاية خلق إنتاجَ الروابط الحسية في النص الشعري، من نبض المشاهد الطبيعية، وتجاذب الروائع والآثار ذات الطفرة المعرفية وتمثيلها المعنوي، وهي تلامس تأبط حلاوة مشاعرها الفنية، في قوله:
 
في قرى جبال الابنين الإيطالية، حيث أقمتُ ما يقاربُ الشهرَ ( مُعْظَم أكتوبر2008 هذا)، كنتُ مستغرقاً الاستغراقَ كلّه، في ما حولي، وفي ما ينعكسُ ممّا حولي على ما في دواخلي. لقد أردتُ أن أُعطيَ المكانَ حقّه ما دامَ هذا المكانُ متاحاً. هل من غرابةٍ في هذا الأمرِ؟ ليس من غرابةٍ لو كنتُ في أرضي الأولى، مع المشهد الأوّل. لكني منذ أواسط الستينياتِ كنتُ: بعيداً عن السماء الأولى...
وما زلتُ .
إذاً أين المكانُ ؟
ليس من مكانٍ ، إنْ كان الأمرُ محدداً بالجغرافيا.
السماء الأولى إيّاها كانت ممنوعةً أو شِبْــهَ ممنوعةٍ. أتذكّرُ أنني أردتُ زيارة أبو الخصيب مودِّعاً وداعاً أخيراً، نهايةَ السبعينيات. استقللتُ سيارة أجرةٍ، وبلغتُ المكانَ، مقهىً عند مرآب السيارات. طلبتُ شاياً. لم أُتْمِمْ شُربَه. كان شرطيٌّ يقف بمواجهتي يسألُني لِمَ أنا هنا. ماذا أفعلُ في المكان. نصحَني بالعودة من حيث أتيتُ. وهذا ما حصلَ.
هل كان بإمكاني التأمُّلُ بأمواهِ دجلةَ؟
لم أعرف الفراتَ إلاّ حينَ سبحتُ في الرّقّةِ بأعالي سوريّا ، متنعِّــماً بمائه ، خيرِ ماءٍ .
سألتُ طالب عبد العزيز، الشاعر، مؤخراً، عن مدرسة المحمودية بأبي الخصيب حيث أتممتُ الابتدائية. قالَ: هُدِمَتْ.
إذاً ، أين المكانُ ؟
والآن؟
إنْ كانت أسبابُ الذكرى مُـنْــبَـتّـةً ، فعلى أيّ أرضٍ تتأسّسُ الذاكرةُ؟
العراقُ كان مُغَيَّباً عني.
وهو الآنَ ممعنٌ في الغياب.
لقد استولى عليه آخَرُ ثانٍ أو ثالثٌ بعد آخرَ ســالِفٍ.
هذا الآخَرُ سيظلُّ مستولياً، مُطْلقَ الزمانِ. والسببُ بسيطٌ: أنه إمبراطورية صناعيةٌ، وليسَ شخصاً.
العراقُ مُسِـخَ مســتعمَرةً .
هل أعتبرُ الأرضَ المغصوبةَ وطناً ؟
إنْ كانت الصلاةُ نفسُها لاتجوزُ في أرضٍ مغصوبةٍ ، فكيفَ الـخَـلْقُ ؟
أعليَّ أن أنتظرَ مُطْلَقَ الزمانِ، ابتغاءَ المكانِ ؟
جســدي، الواهنُ مع ماراثونِ العذابِ المديدِ ، لن يفعلَ ذلكَ حُكْماً.
إذاً، أين المكانُ ؟
مقطع من قصيدة " راحَ الوطنُ ، راحَ المنفى " ، الشعر خبزه اليومي كما عبر عنه سعدي بهذه الجلالة، والشعر محوره ودائرته التي تسع طبيعته المرحة، فهو في كل ظاهرة إبداعية تميزت بفنيتها وذائقتها ونكهتها، تجده فاعلاً بآثاره على الصفحة الشعرية العالمية. ففي هذا الإيقاع الشعري المدور جاء المكان مبتدئاً القصيدة، فاختار جبال الابنين الايطالية المكان المادي الذي هو الوجود الموضوعي، ومحور علاقة الشاعر بنصه المستمد منه، أي المرتبط به، فالوحي التشخيصي المرتبط بالرؤية الوجدانية جعلت من هذه القصيدة ذات النفس النثري، عفوية شفافة قريبة لمشاعر المتلقي، "أرضي الأولى" الزمكاني "السماء الأولى" ، العراق / ايطاليا، وكيف تميزت بنظر الشاعر، الحنين إلى السماء الأولى، والجمال إلى الثانية أي جمال الطبيعة، وموسوعة الحرية، إذن هي صورة الوفاء للوطن النابضة في تداعيات الروح، عبر متعة النظر في جبال الابنين الايطالية، وبعدها يبدأ التشريح مابين العالمين، في قوله: " إذا كان الأمر محدداً بالجغرافيا". وقوله: "أعليَّ أن أنتظرَ مُطْلَقَ الزمانِ، ابتغاءَ المكانِ ؟" هذه التقليبات الفنية التي تنظم العلاقة بين الصوت والكلمة، تقود الرؤية المكانية لأن تجعل من التفكيك العاطفي غاية في التركيب الشعري الدقيق، ومهارة كلماته باحتراف يجمع التشكيل النثري، مع خلق صورة شعرية تلبس أبهى ثيابها في حفل اسمه القصيدة المكانية، والمكان هنا كونه المحور الدلالي، يعوم شفافاً في خلجات الرهص الداخلي، بانسيابية محكمة ودقيقة في إيصال التعابير الحسية التي تحكم المعنى، وتبسط حرية منابع الألفاظ.
 
والسؤال هنا كيف للمكان قد أشتغل على صياغة المنتج الخيالي؟ وكيف تفاعل معه؟ في حين نجده قد ترك للزمن الخطابي عامل الربط بين المكانين، العراق/ أبو الخصيب. وايطاليا/ جبال الابنين. والحاضن في لغة التوقيت الدلالي هو: بنيوية جسدت الأمر المشترك الذي يجمع المحاكاة الممكنة للزمن، أن تتساوى في وحدة المعنى، في حضرة المقدس المكاني، ولكي نجيب نضع أمام أعيننا هذه المعادلة:
حدود الوعي عند الشاعر = أهمية المنتج.
الحواس، وأهمها البصر والخيال = تشكيل المنتج.
الخيال = طبيعة المكان.
اللغة = الانسجام البنائي للصوت الذي يحدد إيقاع الكلمة.
بتقديري المكان أولاً ثم الشاعر، وطبعا هذه المفاضلة تأتي بعد الولادة الشعرية، أي تقاطع الوعي الاحساسي في مكون الإدراك، عند هذا المبدع، بخلاف المبدع الآخر. فالمتنبي وامرؤ ألقيس قادتهما الطبيعة الصحراوية للروعة في بناء شعرهما عن الإطلال/ والفروسية/ والتغزل بالخيول/ وامتداد المدى المكشوف للناظر، والرحيل. وسعدي يوسف قادته خصوصيته المتفاعلة عبر وصفه التطويري عن جماليات الطبيعة، وقدرته المتواترة في الكشف عن خصوصية أسرار هذا المكان من ذاك، فأنتج شعراً حاور به السماء الثانية، بطبيعة ألوانها وخزينها الفكري والثقافي والانفتاحي الاجتماعي أي سلطة الطبيعة تلك. ومجانستها بالسماء الأولى، أي المكان الأول البصرة، وسلطة الشرطي، وتذمره من وجود الشاعر، الذي جاء يودع مسقط رأسه: قضاء أبي الخصيب، هو المكان السياحي النموذجي في بساتين محافظة البصرة. وطبيعة الشرطي ومهمته في البلدان الدكتاتورية القمعية يعني خنق الحريات، أي ممارسة هوية سلطة الاعتقال.
 
وعلى هذا فإنه من الناحية الفنية حقق المكان للشاعر طبيعة المُنتج، بأدوات الوعي أثناء الإلهام المجرد، وهذه الأدوات تختلف في خصائصها وجوهرها بين شاعر وآخر، وبين نص وآخر عند الشاعر ذاته، في بنية الموازين الاستحداثية لطبيعة النص، ولذلك فليس كل من كتب الشعر سميّ شاعراً، بل هناك المؤلف، والناسخ، والحافظ، وهؤلاء بإمكانهم بناء المكون الشعري الشكلي، لكنهم لم يبيحوا للضوء انتشاره في الأعماق المتحركة في جمالية بناء النص، هم يريدون فقط أن يشار على أنهم شعراء، وهي حالة مرضية، أشبه بصناعة الوهم للذات، إما لإثبات الوجود أو التحدي، أو أنه يزعم إنه يحمل هذه الموهبة التي منحتها الطبيعة للإنسان، لأن الموهبة هي العاطفة في أغلب تدفقاتها، والشعر مركب وجداني مجسي له نبضه الخاص في المتخيل العاطفي في الخيال، يتعامل تعاملا إيجابياً كهرومغناطيسيا مع حاسة النظر، وليس القلب كما تحدثوا، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فالشعر أرقى من يحمل صفة كمال المعرفة الحسية، المتصلة والمنفصلة، من مفاهيم وقيم ونظرة تتخذ مساراً مغايراً عند الشاعر، هذا لأنه يستقبل مجسات الموجودات واحتمالات مقاديرها، عبر الرؤيا التي تجمع حواس إرهاصاتها في اليقين المنتج، وهو النص. ولذلك فالشاعر الحقيقي هو الذي يقيم حالة المجاذبة، بين صفوة إحساساته وشاعرية المكان، متأثراً بذروة الحدث، المعبر الجمالي الكمي للمعاني، دون أن يعددها، كما عبر العقاد عن مآخذه على شوقي قائلاً: " أعلم أيها الشاعر العظيم، أن الشاعر من يشعر بجوهر الأشياء، لا من يعددّها ويحصي ألوانها وأشكالها، وبقوة الشعور وتيقظه وعمقه واتساع مداه ونفاذه إلى صميم الأشياء."
 
إذن هذا رأى واحد من النقاد العرب المهمين، فلا بأس أن نعتبر قوله يتفق مع خاصيته النقدية، مع الأخذ بجلالية وأهمية شوقي العظيمة، مع أني اتفق معه على أن الشاعر يجب أن لا يعدد الأشياء بل يشعر بحوار شغفها الداخلي، وسعدي يوسف أدرك جوهر الإبداعية وكابدها تجربة شعورية صادقة، فجاءت نصوصه تمتاز بنغمة متفردة فيها ألم وشجن وخيبة أحياناً، وقد عودنا هذا الشاعر بتفرده بالجرأة وقوة الرأي دون مجاملة لأحد مهما كان، باستثناء بعض نصوصه المخيبة لآمال محبيه واصدقائه: خاصة في قصيدته الأخيرة عن الأرهابي "مرتضى الزيدي"، ومن خلال معرفتنا المحبة بالشاعر سعدي يوسف، كان أملنا أن لا ينحدر هذا الشاعر العظيم إلى مستوى هذا الفأر البعثي، لأن سعدي أكبر بكثير من حزب البعث نفسه بكل نظرياته وأعضائه.
 
وهكذا فالشاعر والمكان يوعزان للنص التلازم الذي يخلق مجساته الفنية، كونه المؤسس الإبداعي، والمؤرخ الزمني لطبيعة الفعل بالوقت ذاته، فالإبداع يتحد إيجاباً في المقام الأول مع المناخ الأدبي المتغير، وهو أيضا يشكل رد فعل وتمرد على ما هو سلفي متوارث، ولم يكن الشاعر يوماً اتباعيأ، لأن النظرية الاتباعية تتضاد بديهياً مع الإبداع، مع إنها أي الاتباعية كانت في الغرب مذهباً متبعاً في عصر النهضة الايطالي، في نهاية القرن السادس عشر، تلك الحقبة التاريخية التي أذنت بأفول العصر الإقطاعي، وظهور العهد الصناعي، وهكذا فإننا نرى اتساع دائرة أدب المهجر مع ظهور تعاظم الدكتاتورية، وخاصة في العراق بعد وصول الدموي صدام حسين إلى دفة الحكم، ومن نتائج وصول هذا الطاغية إلى كرسي الرئاسة بدأت هجرة العقول العبقرية المتميزة والمبدعة، ومنهم كبار الشعراء والسياسيين والأكاديميين، توزعوا في البدء على الدول العربية المجاورة، ثم انتقلوا بالتدريج إلى الدول الأوروبية.
ومن الشعراء من تغنت بهم جمالية الأنا المكانية، فكانت المؤدي إلى تجسيد متطلبات العامل الذهني والنفسي، المعبر الحقيقي عن الذات الزمنية عند سعدي يوسف، فآثرت وتأثرت بغنائياته، التي عكست المقاييس للتأكيد بأن الشعر هو تحرير العاطفة السجينة، في أعماق الذات الخصبة بنتاجها. يقول لامرتين في صراع جدلياته التنويرية التي قدسها الاوروييون.
" سيغدو الشعر ذاتياً، شخصياً، تأملياً، سيغدو صدى عميقاً، حقيقياً، صادقاً للانطباعات التي تظل أكثر سرية في النفس"
قد يصعب أن نضع للشعر تعريفاً جامعاً ودقيقاً، على الأخص في الإحساس، والبصيرة، والخواص، بيد أننا نستطيع أن نميز:
1- الفرق بين الإحساس الانفعالي المتوقد، من الإحساس الفاقد للحركة الداخلية، ومدى تأثير الإحساس الأول وانعكاسه على القاريء عند تحسس فاعلية النص عليه، ومدى شروق ملامسة النبض الخافق في أفراح الكلمات، وتجانس معانيها، وبسط حركتها الداخلية وتشاديها العميق مع القارئ. يقول الشاعر الانكليزي كيتس في الجانب المعبر عن الحس: "ليتني أظفر بحياة ملؤها الإحساس، فهي خير لي من حياة قوامها التفكير."
2- شخصية البناء الشعري البصري وأثره على المتلقي، من خلال موسوعته الإبداعية، وتفرده الذي يعكس قوة نشوء النص وحكمته، في أخذ مكانه بقوة بين الآداب العالمية.
3- التأكيد على أن الفطرة، والموهبة، اللتين تحاكيان الذات الشاعرة، هما المنبعان اللذان يحددان طرائق الخواص، ومدى تأثيرها على القارئ، من خلال تميز الشاعر لمنبعه الإبداعي، والخاصية في اختيار أدواته، التي تعبر عما هو أصلح للتعبير في تفرد أسلوبه، وقناعة التاريخ النقدي به، ابتداءً من القارئ الذي يمكنه أن يحل رموز الاستعارة، ومدى تآلفها مع الصورة الحسية، وضوابط السليقة، والخلق الإلهامي روحياً لوحدة القصيدة. يقول الشاعر الانكليزي "شيلي" : "أعترف بأني أحمل بين جوانحي شهوة عارمة لتغيير الشعر." وأنا الشاعر والقاص والناقد جعفر كمال أعترف بأني عندما اقرأ للشاعر سعدي يوسف، أحس بشعره يغطيني حتى هامتي، وكأني أغطس في زلال نهر شط العرب مغرماً.
وبهذا دعني أيها القارئ الكريم أن أبسط أمامك هذا التنويع البديع الذي تمناه الشاعر "شيلي" وحققه الشاعر العراقي سعدي يوسف:
كونشرتو للبيــانو والكْلارِيْـنَتْ
Concerto for Piano and Clarinet
 
متدافِعٌ قصَبُ الـبُـحَــيرةِ               طائرٌ يختفي في ســماءٍ ســماويّــةٍ
                                               طائرٌ يختفي في سماء
                                               طائرٌ يختفي
                                                طائرٌ
 
متدافعٌ قصبُ البُـحيرةِ
أهيَ ريحٌ من وراءِ البحرِ تدفعُــهُ
أَم السمَكُ الذي في القاعِ  ؟                   هذهِ سِــدْرةُ الـمُـنتـهى ، البيتُ
                                                هل سِـدْرةُ المنتهى البيتُ ؟
                                                هل  سِـدْرةُ الـمنتهى ؟
                                                سِــدرةُ الـ …
 
متدافعٌ قصبُ الـبُـحَـيرةِ
كانت الشمسُ الخفيفةُ أرسلتْ منديلَـها
ليدورَ  في الـــماءِ                                           نحن أولادُ بيتِ القصَبْ
                                                         نحن أولادُ غُصنِ الذّهَبْ
                                                         نحنُ أولادُ معبودةٍ خائبــةْ
                                                         نحنُ مَنْ؟ نحنُ مَن؟ نحنُ مَنْ ؟
 
متدافعٌ قصبُ البحيرةِ
في السقيفةِ زورقُ الصيّـادِ
يُطْـلى ، مِـثلَـنا ، بالقارِ
يُطلى ، مثلَنا ، بالنار                             خَـلِّــني أغترِفْ ملءَ كَـفَّـيَّ
                                                   من مائكَ الـمستحيــل
                                                  خَـلِّـني أغترِفْ منكَ نارَ السبيل
                                                   خَـلِّـني أختـلِجْ
                                                  خَـلِّـني أبتهِجْ بالقليل …
لندن 9/6/2005
النص إلى اليمين يعتمد الكاملَ وزناً ،  كما هو واضحٌ  ، وهــو للبيانـــو .
  والنصّ إلى اليسار يعتمد المتدارَك وزناً ، وهو للكلارِيـنَـت .
• قراءةُ النصّ الشعريّ يمكن لها أن تكون متداخلةً ، أو متناوبةً   ، أو بأيّ طريقةٍ يختارها القارئ.
                                                               س. ي
هذه القصيدة من ديوان: "حفيد امرؤ ألقيس" ضمن القصائد الخمسين التي يحتويها الديوان كتبت في المنفى، وأغلبها في عام 2005 ، وهي تحمل معالجات منوعة في جديتها وأهميتها، ولأبدأ من الإشارة إلى الهامش الذي وضعه الشاعر لتبيان بناء قصيدته ذات المزيج ما بين الأوزان والتفاعيل الصوتية المعبرة عن الانسجام الذاتي للنص، حيث يدلنا: إلى أن العنوان الذي جاء باللغة الانكليزية، وهو من المفروض أن يكتب هكذا، لأنه إذا ترجم يكتب باسم العلم، كما تكتب الأسماء، فا Concerto الكورنشيرتو تعني: لحن. أي العزف على آلة منفردة وهو للبيانو، أو أكثر. ولكن الشاعر أرادها للبيانو. أما الاسم الثاني المرادف لتمام العنوان والذي هو: Clarinto كلارينت: هي آلة موسيقية تسمى المزمار، وتعزف من الفم وهو المتعارف عليه، ولكن العراقيون طوروا العزف فأصبح يعزف على المزمار من الفم والأنف، كما فعل به العازف العراقي البصري الشهير تومان.
أصبح واضحا أمامنا طريقة البناء الأسلوبي الأكثر معاصرة في القصيدة المدورة، والذي لجأ الشاعر بها إلى الوصف التطويري لبنية الكلمة، والتي أدت بالتالي إلى وحدة المصاهرة بين الصوت والمدلول، ولذا يفضل أن يقرأ النص متلاحقاً من اليمين إلى اليسار أفقياً، وتابعياً عمودياً على نفس الإيقاع، لأن الصور التي على اليسار تبين وتكشف عن ايعازات مضامين الصور التي على اليمين، وهي: "متدافعٌ قصبُ البحيرةِ"، كون التجانس الصوتي في مفردة "متدافعٌ" التيمة ذات الدلالات والمضامين الحسية المتعددة في بناء الجملة الشعرية، شكلت الحس المرتل نغمياً عبر تواصل المناجاة الروحية، معللاً إيقاعات سلطة الشريكين المتممين للإحاطة بإشراق وزني، وحبكة الألفاظ المنتقاة بدقة وحرص، فالظاهر والباطن هنا متناغمان لإتمام اليقين بين الشاعر وقارئه، وهو على تنوعه جاء أشبه باتفاق اللفظين في وجه من الوجوه، مع إشباع معانيهما بالوظيفة الإبلاغية، وهنا ننسب إلى الشاعر قوة محاكاته للأشياء، وظواهرها، وحركاتها، ولغتها المتحركة، وكأن شيئية الشعر تطلبت معماراً خاصاً متجانساً في محاكاة واحدة، لإظهار جمالية الصورة، ودقة بلاغة إيماءاتها، فالنداء الذي قادنا إليه الشاعر هو مستنبط من المكان، والمفردات التي تشكل المقطع الأول كلها مكانية:
البحيرة: مكان القصب.
سماء: هجرة الطائر في المكان المتحرك، ولو قال الشاعر الفضاء لكان اللفظ معبراً أكثر، وأصح معنى ودلالة، لأنه في العرف العلمي لا توجد سماء، فالسماء كما هو معروف مجموعة من الغازات، لكل غاز لونه، فاللون الأزرق هو الأقوى في الألوان عامة، ولذلك أصبح البساط الذي فوق رؤوسنا بساطاً أزرقَ، والسماء مفهوماً قرآنيا، يميل إلى مفهوم الذات، والخوف، والآخرة.
وهنا تشكلت الصورة الشعرية مفتوحة على ضياع، ولكنها محسوسة بصرياً في المستعار الظاهر أي السماء، بدون الإشارة للزمن "طائر يختفي في سماء". وهنا ابتعد الشاعر عن المباشرة والتقريرية، فالاتصال بين السماء والطائر هو الاختفاء، إذ جاء الاستخدام كما لو أن الشاعر أراد لثيمة "الضياع"، أن يجعلها مفهوماً حسياً للدلالة، وهو أن تتفق الكلمتان "طائر، والسماء." في الوزن، والحركات، والسكنات، ولا يقع الاختلاف في المعاني، أما التحليل الدقيق لاستخدام ثيمة الطائر هي الذات التي ترمز لكينونتها بفعل الطيران، وهنا هل هذا الطائر اختفى في سماء ظلماء أم في الضياء؟ الجواب :الضياء. صيرورة الشاعر هي علاقة البحيرة بالطائر؟ والجواب: العودة إلى المكان، فالماء هو الحياة، كما عبر عن هذا الطوارق في ترحالاتهم الموسمية، حيث أن الشعور الواعي هنا لعب دوراً فسيولوجياً، وهي العودة الطبيعية للبحيرة، ولهذا نجد الشاعر قد بيّنَ المعرفة بوجودية الأشياء وأحداثها؟ في قوله: "أم السمك الذي في القاع؟" والعلاقة هنا مجازية بين الصورتين الشعريتين: "أهيَ ريحٌ من وراءِ البحرِ تدفعُــهُ؟ " الريح تدفع الطائر من وراء البحر، الصورة هنا دقيقة ومحكمة، لأنه أستخدم: "وراء: ولم يقل فوق، فالصورة أدت حكمتها، في هذا التشكيل الفني المحسوس، الذي أراد له الشاعر تأسيساً لتطور النمو الجيني للبذرة الإبداعية، كما أراد لها أيضاً أن تتآلف الكلمات بمعطيات الصوت لحناً على البيانو، وتنسجم إيقاعاً مع الناي، ليكون البناء عنده بمقدار، أي علاقة الكم بالبعد، فتميل الكتابة هنا ميلاً خاصاً إلى الكشف عن بينات التجنيس في المركب الداخلي، ومن جانب آخر، وفي نفس الصورة، نجده متنقلاً بالشعور الكلي إلى إيفاء عنصر المفاجأة في: "أهيَ ريحٌ من وراءِ البحرِ تدفعُــهُ". والسؤال افتراضي دال على بيان الكناية، لماذا؟ لأنه لا يذكره باللفظ المبني على الجناس، إنما يأتي بتاليه ألانسجامي، أما البيت الشعري هذا، فهو يدخل تحت باب المعرفة الجزئية، والمفاجئ فيه أراد له الشاعر التصنيف البحثي، لأنه خارج عن الكم المكاني والبصري: وهو الريح، أما البحر فهو تصنيف للأفعال، وآثارها على الحركة التصويرية لا غير، أما المجسم الذي يلي هذه الصورة الشعرية فقد تنوع في تملكه الذاتي، فاتحد ضمنا بالإيقاع التفسيري للمنجز الفني. أي كمال المعرفة بالشيء، وهو على الأغلب الأعم إنجاز الماهية الشعرية المجددة للأسلوب البنائي، الذي يميز سعدي يوسف عن غيره من شعراء العرب مثل أدو نيس، وشوقي أبي شقرا، وسميح القاسم. في سماته الإبداعية التي ابتعدت عن المنهجية، والوضعية، التي تقوم على لسان منشئها أي الشاعر، كما عبر عن هذا "أوغست كونت" فتكون اتباعية، أما المسوغ الجمالي في نبض القصيدة لم يكن: أما؟ أو! بقدر ما تلاقح لفظه طربا وإيعازا في وحدة البناء، ودقة الانسجام، وتدفقات الجزئيات الفنية في الملمس الشعري المحاور الذكي للقيمة الإدراكية للحس النوعي في تقليبات النظر، الذي يعكس حاضر الوعي المحسوس في الكم الإبداعي للصورة الشعرية، ويتجلى ذلك في أن المكان ليس السر العضوي المغلق، إنما هو التنوع الجمالي المفتوح على الحقيقة المجسمة في تنوع واقع الحال.
" الشمس الخفيفةُ أرسلت منديلها"
الشعر هو روعة الحسن اللفظي، وهو "الرسم بالكلمات" وهذه الصورة المكيفة بالذائقة الحسية أشاعت دورتها من خلال صلة الشاعر بالطبيعة، والتي أدت تقنية الأساليب الفنية المتعددة، التي يتخذها الشاعر للتعبير عن تجربته، ولي أن أقول أن هذه القصيدة بارعة الذكاء، وحالمة في دائرتها المتحركة، حتى أنني قرأتها مرات عديدة، والسؤال "نحن من؟" يتكرر ثلاثة مرات عن، من هم "نحن أولاد.” والتعليل هنا: "كانت الشمس الخفيفة أرسلت منديلها". الشمس الخفيفة استعارة، للضحى، أو العصر، أي قبل الغروب بقليل، إذن الشمس أرسلت منديلها إلى الماء ليدور في تساؤلاته "نحن أولاد.." "نحن من؟" والأسئلة لا تدور عن شعب بعينه، إنما عن الكائن الطبيعي، الذي سبق وأن بينه "بالضياع" وبه قد استخدم عناصر الطبيعة رموزاً ناطقة، وناشدها مطابقاً فكرة الذات على المشاهدة الموحية، التي تمنح حواسه انطباعات دلالية تكون شكوى حيناً، وحيناً أملاً في قوله:
خَـلِّــني أغترِفْ ملءَ كَـفَّـيَّ
من مائكَ الـمستحيــل
خلني أغترف منك نار السبيل
خلني أختلج
خلني ابتهج بالقليل.
وهكذا فهو يرضى أن يبتهج بالأمل القليل، ويتصافى مع أمنياته الشعرية النابعة من عصارة النفس، كونها دالة على ما وضع لها من أصل إحكام أزرار ألفاظها، والميل بها إلى إدراك طبيعة المكان الحسي. فالشاعرية تنبع من حساسية النظرة إلى المكون الجمالي لطبيعة المكان، ولهذا نجده تصافى مع التحريك العاطفي الهائل لعناصر التصاهر المشاعري مع تلك النظرة، فكانت: "نار السبيل" لنقل عابر سبيل، أو يطلب السبيل، أو يجلس على باب السبيل، كل هذه المعاني تؤدي إلى منفى الروح في ضياع معين، وهي تقريرية معروفة، لكنه أستخدم ثيمة "النار" المقدسة، والصورة: "خلني أغترف منك نار السبيل" ليخلق منها لغة فنية شعرية مطلقة العنان لتفسيراتها المعبرة عن الحزن الموضوعي، أو الشاعرية ذات الخفق النبيل، أي أن الطلب مناط بالتكليف، لأن الشاعر يطالب بالموهبة المقدسة من المادة الكونية الخالدة، "النار" ويعرج على حقيقة حياتية مجسمة بحقيقتين: "خذ ما أوهب، وامنحني ما أوجب"، والمعروف عن الشاعر سعدي يوسف يمتلك الروح المرحة الدائمة، والعينين ذات البريق الأخاذ بالذكاء، والحيوية والفرح، والثقة، كل هذه المواصفات تؤدي بالأديب إلى أن يبقى متحداً مع أفكاره ورؤيته التحليلية للأشياء، خاصة من خلال معالجاته التي يحدد من خلالها بنيته اللغوية والفنية، نستمع إلى الشاعرة نازك الملائكة تقول: "الشعر مأخوذ من لغتنا اليومية العادية، لكننا الشعراء نختار: الإحساس، والذائقة، والحركة الموحية، والشفافية، وما تعبر عنه الكلمة من معنى."
اليأس أم المعالجة؟
هنا يجب أن نميز إذا كان اليأس موعظة؟ فهذا = إيجاب. أما إذا كان اليأس = الفشل، فهذا لا يتحد مع عبقرية الشاعر سعدي يوسف، كون سعدي لا يتكلم بحال الأنا المغلقة المعظمة، بل يحرك الشفافية في الأنا الدلالية التي يتساوى بها الإحساس بالبهجة الموعظة لمطلق حرية المتناول الطبيعي بقوله: " خلني أختلج " وهذا يدخل في التحليل الدقيق للإحساس العالي عند الشاعر، وهو ليس قانوناً فرضياً يعمل بموجبه الوعي العامل، بل الوعي التفاعلي الذي هو أداة للمعرفة، خاصة عند الأفراد الذين يتعاملون مع معطيات الإبداع.
أما الاحتمال الثاني وهو المعالجة: من المعروف أن المجتمعات تقوم على أساس قوانين موضوعية، لا احتمالية، فالاحتمال قد يصيب وقد يخطئ، وهذا أمر لا يتساوى ويتحد مع الكمال الدلالي للأشياء، والنص الذي بين أيدينا نص يعبر عن مكونات أجناس الطبيعة المادية، فالثيمات التي استخدمها الشاعر كلها مكونات متحركة، كا البحيرة، القصب، الصياد، الريح، سدرة، السمك، القاع، الشمس، المنديل، الغصن، الماء، الزورق، القار، النار. أدوات الشاعر، فصلت معانيها إلى نسيج عاطفي، تعاطت مع ذات الشاعر، لأنه الوحيد القادر أن يتحسسها ويتفاعل معها، لذلك قال: "أهيَ ريحٌ من وراء البحر تدفعه؟" فقد أحال الصورة إلى بلاغتها الفنية، وعالجها بقدرته الواعية على أساس وزنها القيمي اللغوي وإيقاعها، الذي يمنح الحركة اللحنية تصرفاً موصولاً للقارئ بشفافية منعشة، وهذا النجاح معلق بالشرط البنائي الفني المؤثر. وقد تعمد أغلب الشعراء المنفيين السفر إلى أماكن فيها إثارة وتنوع طبيعي ومناخي، أي رشاقة المكان ورقة جماليته، وأسلوب الزمن وصيغ دوراته وتغيره السريع.
يتبع



#جعفر_كمال (هاشتاغ)       تôôèô‏_ؤôéôم#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناي
- الرواية الشابة بين مدركات الحس والتأويل
- سحر الحيرة والحب في تجليات العيون
- ورود
- ألهذا جئت
- خلف السدة الثنائية التلازمية في التطور والتغيير
- زمن الواحدة
- المقاييس والأحكام اللغوية والفنية في القصة القصيرة العربية ا ...
- التنومة
- المقاييس والأحكام اللغوية والفنية في القصة القصيرة العربية ا ...
- المنبوذ
- المقاييس والأحكام اللغوية والفنية في القصة القصيرة العربية ا ...
- لمّ
- عصا
- دراسة في قصة الرد للقاص محمود البياتي
- الجزء الثاني يتناول القاص محمود عبدالوهاب في القصة القصيرة
- المقاييس والأحكام اللغوية والفنية في القصة القصيرة العربية . ...
- قافية
- ليلة ما
- أصابعك


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر كمال - تداعيات التنوع الإبداعي العراقي في مواطن الغربة