جعفر كمال
شاعر وقاص وناقد
(تôôèô ؤôéôم)
الحوار المتمدن-العدد: 2469 - 2008 / 11 / 18 - 08:58
المحور:
الادب والفن
على بوابة جسر التنومة
استوقفني الشرطي
يسألني
أعراقيّ أنت
"متى وصلت من إيران"؟
قلت حائراَ
كيف أعطيك ما أنت سائله؟
بعد ثلاثين عاما
ما جئتُ إلا بصرياً
هويتي تشبهني
ووجهي لم تغيره فرقةً
ويداي بيضاوان كجبهة والدي
وحرفي
مازال حبيس لفظه
وكتفي يثقله تراب المنافي
يؤرخ إبداعاً
بين أصابعي:
قصائد
وقصصاً
ودراسات
هي تفاريق شيب
سقيت من نفي إلى نفي
ثلاثون غربة
تؤرخ انسجامي
وخواطر علقت آثارها
على سطور الأيام
والشرطي ما زال:
يصب نظراته الغاضبة عليّ
لستَ عراقيا أنتَ!
قلت بلى
وتعجبتُ من مظلومةِ عينيهِ
صبَ غضباً آخر في نفسي
ما هويتك الثانية، والثالثة، والعشرون؟
قلتُ متفاخراً
أنا الشناني*
تبرطم وجهه
فصفعني بآثام لم يخفها
أنتَ غريبٌ يا هذا
لا
لست غريباً
عبد الباقي شنان المقيم في آخر الغربة
أخي
وعبد النبي شنان الذي مات وحيداً
بلا جسد أخي
وتلك النخلات محروقة الرؤوس
كانت تلعب مع طفولتي
والحوامد* كان رياض لهوي
منذ مراهقتي الأولى
اصطدت السمك الذهبي
وحين عودتي
لا سمك ولا ماء وجدت
لا لست غريباً
أنا أبن الحلفاء، وشعاب التنومة
وسياب* شط العرب
لا لست غريباً
أنا يا أخي أبن هذا الحي
مَشْرِق البصرة
لا تشتمني
كن حامياً، كن راعياً
فالزمن الرديء مضى
ومن باع الوطن مضى
سوموزا أو أشباهه
من نيرون إلى الحجاج ..
خذني موضعاً ليس له بديلاً
أنا الشناني
يسعى سعي الوطن المنكوب
افترقنا بالأمس ثلاثين شتاءً
متواصلات لا القلب أرادها
ولا العين لها فرحت
خرجنا شيعاً تساق بين المفازات
نجري وراء وحشة وقعت
علينا كصحبة الغراب
لا
لست غريباً
لكن الشرطي ظلّ يقلب وجهي
ويقيس طولي
ويعبث في هدمي
محاولاً أن يشتت هدوئي
لمّ أتيتَ إلى التنومة؟
قلتُ مسقط أشيائي
ومدرستي
وأصدقائي
صرت أعدد الأسماء له
تلو الأسماء
تبرطم
يتفحصني
يسألني
من أنت؟
= = =
الحوامد: نهر يتفرع من شط العرب، يسقي بساتين النخيل في منطقة التنومة.
السياب: تعظيم إلى الشاعر الخالد بدر شاكر السياب.
الشناني: الحاج شنان والد الشاعر
#جعفر_كمال (هاشتاغ)
تôôèô_ؤôéôم#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟