أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد الفتاح السرورى - فى نقد العقل العربى















المزيد.....

فى نقد العقل العربى


محمد عبد الفتاح السرورى

الحوار المتمدن-العدد: 2807 - 2009 / 10 / 22 - 00:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



العقل الأخلاقي العربي
إطلالة على الدراسة التحليليه النقدية لنظم القيم في الثقافة العربية/ للدكتور محمد عابد الجابري
نظم القيم المؤسسة للثقافة العربية والاسلامية و نقد العقل الاخلاقي العربي وتحليله تحليلأ موضوعياً نقدياً هو موضوع هذا الكتاب ( السفر) وهمّه
بدءاً ذي بدء يوضح لنا الكاتب سبب إختياره لمصطلحات دراسته فلقد إستعمل كلمة نظم (جمع نظام) بدلاً من كلمة منظومات (جمع منظومة) حيث أنه يري أن كلمة منظومة وترجمتها من اللفظ الاجنبي system إنما تعني مجموعة من العناصر تقوم بينها علاقات معينة يستمد منها كل عنصر هويته ووظيفته أما كلمة(نظام) فهي ترجمة للفظ الأجنبي order وهي تعني الشيء نفسه ولكن مع وضوح فكرة الترتيب والتتابع أي أن كلمة نظم هنا لها معني أعم من وجهة نظر الكاتب من لفظ منظومة ولهذا إستخدم كلمة نظم حيث أن القيم في كل ثقافة تشكل ليس فقط منظومة أو منظومات بل هي أيضاً نظام بمعني الترتيب وبمعني اكثر إيضاحاً يؤكد لنا الكاتب أن القيم في كل ثقافة ليست كلها في مستوي واحد بل هناك قيم أساسية أو رئيسية تتفرع عنها قيم أخري أدني منها مرتبة كما أن هناك قيمة مركزية تنتظم حولها جميع القيم وليس هذا فحسب بل يؤكد لنا الكاتب أنه قد تعمد إستعمال عبارة (نظم) بالجمع قصداً حيث أن الثقافة العربية قد عرفت عدة نظم من القيم وليس نظاماً واحداً وهذا ما سيبرهن عليه بالفعل بين ثنايا الكتاب وما سنوضحه نحن بدورنا في هذا المقام .
العقل الاخلاقي العربي عقل متعدد في تكوينه ولكنه واحد في واحد بنيته وهنا يحدد لنا الكاتب خمس موروثات كونت العقل الاخلاقي العربي تكويناً رئيسياً وهذه
الموروثات الخمس هي:
الموروث الفارسي
الموروث اليوناني
الموروث الصوفي
الموروث العربي الخالص
الموروث الاسلامي الخالص
ولسوف نكتفى بتناول موروثين فقط من الموروثات الخمس في هذا المقام وهما الموروث الفارسى والموروث اليونانى وإيضاح ما قصده الاستاذ الدكتور محمد عابد الجابري بكل موروث منهما على حده وكيف شكل وساهم هذا الموروث في تشكيل العقل الاخلاقي العربي ....
ولكن قبل أن نبرح هذه الجزئية يجب أن نسطر هنا ماساقه المؤلف من أن كل موروث من هذه الموروثات الخمس التي شكلت العقل الاخلاقي العربي لم يسير كل موروث فيها علي حده بل حدث تلاقي بينهم وهنا يقول المؤلف مانصه " بطبيعة الحال كان لابد لهذه النظم وهي تتزاحم علي مسرح الثقافة العربية من أن يحصل بينها إحتكاك وتداخل وتلاقح ومنافسة وصراع .... إلخ ، وبالتالي كان لابد من بروز هيمنة هذا النظام من القيم الخاص لهذا الموروث أو ذلك ، في هذا العصرأوذلك ، فينتج عن ذلك مانسميه (المحصلة) التي تبرز كمثل للثقافة العربية الواحدة وبالتالي كـ(عقل أخلاقي عربي) والحق أن الأمر يتعلق هنا بمحصلة إعتبارية فقط virtuelle أما في الواقع المعيش فالتنافس والصراع بين نظام القيم لا يكاد يهدأ حتى يستيقظ في جميع المجتمعات " ويصل الكاتب الي نقطة يقول فيها ( إن المجتمع العربي كان طوال تاريخه المديد – ومازال حتى اليوم – مجتمعا قلقاً علي مستوي القيم علي الأقل ..... ولهذا كان هذا الكتاب ... كتابه تاريخ لم يكتب بعد ......تاريخ الفكر الأخلاقي في الثقافة العربية
- اولاً الموروث الفارسي أو أخلاق الطاعة
كانت الطاعة هي أولي القيم التي رسخها الموروث الفارسي في مساهمته في تكوين العقل الاخلاقي العربي وكان ( الترسل) هو أول تاليف في الأخلاق والسؤال الان ماهو المقصود بالترسل وكيف ساهم هذا الترسل في تشكيل العقل الاخلاقي العربي؟
بدأ الموروث الفارسي يقدم نفسه داخل الثقافة العربية والاسلامية عبر الترجمة والتأليف كخطاب كلي وعام في القيم والاخلاق وذلك في أواخرالعصر الاموي ..... حيث شهد هذا العصر ظاهرة أدبية جديدة كان لها شأن هي الأخري في تكريس قيم بعينها وهذه الظاهرة هي ظاهرة الترسل حيث كانت رسائل ملوك بني أميه خاصة المتأخرين منهم من أهم الوسائل التي أستعملوها في نشر القيم التي كانت تخدم قيم الطاعة... والترسل صيغة تفيد معني التكلف فإذا كان موضوع رسالة هو إصدار أمر فوظيفة الترسل هو صياغة ذلك الامر في نص بلاغي حيث تتزاحم فيه الإستشهادات بالقران والحديث في قوالب لغوية يراد لها أن تقوم مقام التبرير الديني والبرهان العقلي . ولابد من الاشارة هنا إلي (الكتاب) الذين أسسوا هذا النوع من الادب حيث كان يطلق علي الواحد منهم اسم (المؤدب) وهذا المؤدب ينتقل من بلد لأخر لتأديب أبناء الطبقة الأرستقراطية وقد غادر بعضهم هذه المهنة لمهن أخري أفضل كسباً وأرفع قدراً فاصبح منهم الولاة الذين يمثلون الخليفة كالحجاج بن يوسف الذي كان في الأصل معلماً ..... أما أشهر هؤلاء المترسلين هو عبد الحميد الكاتب وهو يعد المؤسس الفعلي لخطاب الترسل .
وترجع أهمية الترسل انه كان وسيلة لإذاعة القيم التي تريد السلطة نشرها وتكريسها في نفوس العامة حيث تقرأ الرسائل نيابة عن الأمير إذا كانت موجهة للرعايا والموظفين أو رجال الدولة والفرق بين الخطابة والترسل هو أن الخطابة تلجأ لتوظيف ضمير المخاطب بينما تلجأ الرسائل لتوظيف ضمير الغائب والكاتب الذي يكتب الرسائل نيابة عن الأمير يستعمل غياب هذا الأخير لفرض حضوره وهيمنته علي نفوس المتلقين . ومكمن السلطة في هذا الخطاب أنه يتركز حول قيمة محورية هي( الطاعة.)
وهنا يبرز السؤال البديهي لماذا كان الموروث الفارسي هو المدخل الطبيعي لترسيخ اخلاق الطاعة في كينونه العقل الاخلاقي العربي ؟.
وتتجلي الاجابة في أن الموروث الفارسي هو ترجمان لحال القيم الكسروية التي ترفع الملوك إلي مصاف الآلهه وتجعل من طاعة الملك طاعة للإله وكان كسري انوشروان
(أي صاحب النفس الخالدة ) هو اخر ملوك الفرس وينسب إليه قوله ( أفضل أخلاق العبيد الاستقامة علي الطاعة وان الملك اولي بالعبيد من أنفسهم ) وتولي إبن المقنع نقل التراث الفارسي الى العربية وكانت الدولة الاموية كما ذكرنا في أمس الحاجة الى هذه القيم الكسروية التى ترسخ لفكرة الطاعه ولم يكن هناك أفضل من الموروث الفارسي الذى دشنه ملك الفرس (كسرى) لترسيخ هذا المفهوم فى نفوس العامة وتولى إبن المقنع نقله لبني العرب والذى يتجسد كما ذكرنا فى ترسيخ فكرة الطاعة وهى احدى اللبنات التي شكلت الفكر والعقل الاخلاقي العربي في تاريخه الطويل .
الموروث اليوناني
هناك ثلاث مرجعيات يعود إليها كل ما نقل الي الثقافة العربية من الموروث اليوناني وتم تشكيل به جزء من العقل الاخلاقي العربي فيما يتعلق بالاخلاق والقيم والمرجعيات الثلاثة هى (افلاطون ارسطو وجالينوس) وبدون هذه المرجعيات الثلاث لن يكون هناك قابلية لفهم مدي تاثير الموروث اليوناني في تشكيل العقل الاخلاقي العربي وهنا يجب أن نميز في الفكر الاخلاقي العربي ذى الاصول اليونانية بين نزعات ثلاث :
النزعة الطبية العلمية ( مرجعيتها جالينوس)
النزعة الفلسفية (مرجعيتها افلاطون ارسطو)
النزعة التلفيقية وهي التي تقتبس من المرجعيات الثلاث .
وحول هذه النزعات الثلاث يدور الحديث مع الكاتب حول حضور الموروث اليوناني في الفكر الاخلاقي العربي
أولاً النزعة الطبية العلمية:-
يعد كتاب ( تهذيب الاخلاق) الكتاب الأم في مجال بحثنا حول تاثير الموروث اليوناني في تكوين الفكر الاخلاقي العربي والواقع انه لم يكن هناك إجماع علي نسب الكتاب لمؤلف معين بل تعدت الأنساب الى المؤلفين فقد نسب الكتاب أول مرة منذ سنه 1866 إلي ابي زكريا يحيي بن عدي ونسب أيضا الي المتصوف الشهير محي الدين ابن عربي ثم نسب للجاحظ ويرجح الدكتور محمد عابد الجابري هنا نسب الكتاب إلي العالم الرياضي الفيزيائي الكبير( ابن الهيثم )
معتمداً في ذلك علي المخطوط الذي نشره الدكتور عبد الرحمن بدوي وهو المخطوط رقم 1367 في كتبخانه مجلس شورى ملي طهران ويحمل عنوان (مقاله في الاخلاق للحسن بن الحسن بن الهيثم) ولهذا يرجح الدكتور الجابري نسب المخطوطة لابن الهيثم .
هذا عن الخلاف حول الكتاب ونسبه أما من حيث مضمون الكتاب فالكتاب موضوع بحثنا (ونقصد هنا كتاب تهذيب الأخلاق) ينتمي بوصفه كتابا في الأخلاق إلى مدرسه جالينوس فهو يتبنى تعريف جالينوس للأخلاق حيث يبنيها على قوى النفس الثلاث (الشهوانية والغضبية والناطقة ) وهنا يؤكد الدكتور الجابري أن الهيثم كان ذا صله قويه بكتب جالينوس حيث يحقق كثيرا منها على عكس يحيى بن عدى ولهذا يرجع الدكتور عابد الجابري نسب الكتاب إلي الحسن بن الهيثم.
ومن هنا كان هذا الكتاب هو المدخل للنزعة العلمية الطبية في تأثير الموروث اليوناني على العقل الأخلاقي العربي حيث إن مؤلف هذا الكتاب(تهذيب الأخلاق) لا يتعامل مع موضوعه من موقع الفيلسوف الذي يعنى بالمعرفة الأخلاقية بوصفها ثمره لعلم بل من موقع الطبيب الذي يتجهه بإهتمامه نحو المحافظة على الصحة وإزاله المرض وتحديد نظام يضمن الصحة النفسية للإنسان فالموضوع إذن يتعلق بطب الأخلاق.إن جاز التعبير
وموضوع ومضمون هذا الكتاب المرجع يدور حول الأخلاق عند الإنسان حيث يقول الكتاب.
إن الخلق هو حال للنفس بها يفعل الإنسان أفعاله بلا روية أو إختيار (وهذا هو تعريف جالينوس للأخلاق) والأخلاق في الإنسان ليست واحدة والعلة الموجبة لاختلاف الأخلاق هي إختلاف قوى النفس وهى ثلاثة كما ذكر الكتاب الشهوانية والغضبية والعاقلة.
أما القوى الشهوانية فهي مصدر جميع الرذائل والقوى الغضبية يشترك فيها الإنسان والحيوان وهى أقوى من النفس الشهوانية وأضر بصاحبها إذا ملكته وأما النفس الناطقة (العاقلة) فبها يتميز الإنسان عن الحيوان ومن فضائلها إكتساب العلوم والآداب ومن رذائلها الخبث والخديعة والرياء
والسؤال كيف لعب هذا الكتاب دورا في تكوين العقل الأخلاقي العربي..؟.
رسخ هذا الكتاب الدليل للتعامل مع قوى النفس الثلاث وبين كيف يمكن ترويض النفوس وتهذيب الأخلاق فالطريق إلى تذليل القوه الشهوانية أن يتذكر الإنسان وقت شهواته أنه يريد تذليل هذه الشهوات وأن يكثر من مجالس النساك والزهاد وأن يتجنب السكر وألا يبالغ في الطعام.
والطريق لقمع النفس الغضبية أن يصرف الإنسان همه عن مصاحبة السفهاء وأن يتجنب حمل السلاح وأن يسأل نفسه عند الغضب عن الجاني وعما يستحق من عقوبة.
أما تهذيب النفس الناطقة (العاقلة) هو النظر في كتب الأخلاق والسياسة ومخالطه العلماء
وترجع أهمية هذه النزعة الطبية العلمية في تكوين العقل الأخلاقي العربي إلي خلوها من القيم الكسروية والآداب السلطانية فهي نزعه إنسانية حلت القيم الإنسانية فيها محل القيم الكسروية فكانت نعم المحل.
ثانيا النزعة الفلسفية
يرجع الفضل في دخول هذه النزعة إلى تكوين العقل الأخلاقي العربي إلى (الفارابي)
حيث قام الفارابي بنشر المنطق في الثقافة العربية حتى أنه لقب بالمعلم الثاني فالمعلم الأول هو (أرسطو) وكان الفارابي من الفلاسفة العرب الذين اهتموا اهتماما بالغا
بـ السياسة والأخلاق في إطار الجمع بين أرسطو وأفلاطون والدمج بين الدين والفلسفة.
ونظام القيم الذي رسخه الفارابي ليس أفلاطونيا محضا ولا ارسطيا محضا بل هو نظام يجمع بينهما
يستهل الفارابي كتابه (التنبيه على تحصيل السعادة) أن المقصود بالسعادة هنا هي السعادة الحقيقية التي هي نهاية الكمال الإنساني. وننال السعادة عندما تكون أفعالنا وعوارض أنفسنا طوعا وإختيارا والأخلاق كلها مكتسبة بالإعتياد. ومتى كانت النفس في حال توسط حدثت لها السعادة ويؤكد الفارابي على أراء أرسطو أن الفضيلة هي الوسط بين رذيلتين وكلما كان التوسط كانت الفضائل فالشجاعة وسطا بين الجبن والتهور والسخاء وسط بين التقتير والتبذير. وهكذا...
والمدينة الفاضلة عند الفارابي تكون فاضلة عندما تكون على مثال نظام الكون وترتيبه
ومن هنا كان التأثير اليوناني على نظم القيم في العقل الأخلاقي العربي فكلما كان لليونان تصور للمدينة الفاضلة كان أيضا للفارابي تصوره.. فرئيس المدينة الفاضلة عند الفارابي ممكن أن يكون نبيا أو فيلسوفا ولكنه ليس خليفة الله في الأرض.
وحضرت النزعة الفلسفية أيضا وبقوه في هذا المقام عند إبن رشد وتأثيره في تكوين العقل الأخلاقي العربي حيث قام إبن رشد بترجمة جمهورية أفلاطون وكيف لعبت هذه الترجمة في تأسيس جمهورية العقل الأخلاقي العربي حيث أثر ابن رشد ونزعته الفلسفية في الثقافة العربية فلأول مره يتم التعامل في الثقافة العربية مع المضمون السياسي لكتاب الجمهورية كما هو وبصورة مباشرة دون الدخول في مواربات سياسية لإتقاء شر السلاطين.
بقى إبن رشد مخلصا لروح نص الجمهورية وطابعه التحليلي النقدي دون أي التواء
ولأول مره في تاريخ الفكر الأخلاقي العربي تواجه السياسة بخطاب صريح ويتم نقد الاستبداد بمفاهيم مباشرة وبجرأة وبإعطاء أمثله من التاريخ العربي. والأهم من كل هذا إننا أمام خطاب أخلاقي متحرر من القيم الكسروية ومن أخلاق الطاعة ومتحرر من النزعة الصوفية الهاربة من المقاومة الإيجابية إلى المقاومة السلبية
وبهذا يدشن إبن رشد النزعة الفلسفية في تكوين العقل الأخلاقي العربي بما ترجمه من كتاب الجمهورية وبما دفعه هو من ثمن نعرفه جميعا ولازلنا نكتوي بشظاه حتى الآن.
أما النزعة الأخيرة التي شكلت العقل الأخلاقي العربي في تأثير الموروث اليوناني عليه هي النزعة التلفيقية
خطورة هذه النزعة التلفيقية في تكوين العقل الأخلاقي العربي يكمن في أنها تعرض القيم المتعارضة المتضادة في سياق واحد وتقدمها على أنها القيم الأخلاقية والسياسية التي يجب العمل بها.
ويذكر الدكتور محمد عابد الجابرى هنا مثالا بكتابات كلا من العامرى وتلميذه مسكويه وغيرهم من مثقفي المقابسات المعاصرين لهم أو اللاحقين عليهم وهو يقاس إستحواذ قيم ثقافية معينه على ساحة الثقافة العربية منذ ذلك الوقت مما ساهم في تكوين بعض أخلاقيات العقل العربي العام وإذا كانت هذه النزعة التلفيقية مقبولة في حقل مثل حقل الأدب على يد الجاحظ على سبيل المثال. لكنها تعد غير مقبولة في قيم السياسة والأخلاق وذلك لان تلفيق العامري ومسكويه ليس فى الأدب ولكن في الأخلاق ومجالها ليس مأدبة الأدب ولكن مأدبة القيم. وخطورتهم أيضا أصحاب المقابسات هم أصحاب عقل لا نسعى يقتطفون من هنا وهناك والفلسفة عندهم جمله تعاريف وكلمات قصار بليغة..
ولا مانع عندهم من أن يأخذ من أحد المراجع ويأخذون أيضا مما يناقضه فالمقابسات تتجلى في أنها فلسفه (من هنا وهناك) دون تحقق أو تحقيق سواء كان المرجع محقق أو منحول.
والسؤال ما هو الدور الذي لعبته المدرسة التلفيقية في تكوين العقل الأخلاقي العربي؟!
وتتجسد الإجابة على هذا السؤال في أن ما أذاعته في الساحة الثقافية العربية من أخلاق وقيم إنطلاقا من الجمع بين الموروث الفارسي ونظيره الموروث اليوناني ينطوي على مفارق خطيرة ذلك أن نظام القيم في الموروث اليوناني القيمة المركزية فيه هي الكمال الإنساني أما في الموروث الفارسي فالقيمة المركزية فيه هي الطاعة بمعنى آخر (الاستبداد) وهنا تكمن خطورة هذا الاتجاه التلفيقي الذي يحاول أن يجمع بين النقيضين الكمال والاستبداد... الكمال الناتج عن السعادة والاستبداد الناتج عن الطاعة.
كما ذكرنا في أول المقام لا يتسع المجال لعرض الخمس موروثات التي شكلت النسق العام في العقل الأخلاقي العربي ولكننا أثرنا هنا عرض موروثين فقط من هذه الموروثات وهو الموروث الفارسي والموروث اليوناني باعتبارهما دخيلان على الثقافة العربية على عكس الموروث العربي الخالص والموروث الصوفي والموروث الإسلامي.
إن (السفر) القيم الذي سطره الأستاذ الدكتور عابد الجابرى يستحق الكثير من الدراسة فنظم القيم في الثقافة العربية تحتاج أشد ما تحتاج لكثير من الرصد والتحليل وخاصة أن هذه القيم تتعرض من آن لآخر لعوامل التعرية الحضارية من خصم وأضافه ولكن من المؤكد أن هناك في تلافيف هذه النظم ثوابت راسخة ولهذا فالمجتمعات العربية و بخاصة الأكاديميين المهتمين بالبحث والتقصي حول كل ما يمت للعقل العربي بأي صلة هم في أمس الحاجة للوصول إلى هذه الثوابت الراسخة المؤسسة لنظم القيم في العقل العربي الجماعي....عل وعسى يستطيعون ولو بشق الأنفس تحريك هذه الرواسخ حتى يستطيع غيرهم ولو في جيل لاحق تحريك هذا الواقع الآسن...
هذا الواقع الذي يعد منتج طبيعي ومنطقي لنظم القيم السائدة في العقلية العربية وعقلها الأخلاقي العام.
محمد عبد الفتاح السرورى



#محمد_عبد_الفتاح_السرورى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصمت الذى صنع فقها
- الصحافة الدينية والمرأة
- دفاعا عن سيد القمنى
- تناقضات البخارى فى روايات ليلة القدر
- السلفيةالارثوذوكسية
- الحرية فى الاسر
- حول كتاب برهان غليون- محنة العقل العربى
- عرض رواية مزرعة الحيوانات
- نقد فكر النقل
- الاسلام و الحداثة
- المخيال العربي في الاحاديث المنسوبة الي الرسول
- النقيضان
- هذا ردنا - الرد على الدكتور محمد عمارة
- البدونة
- العقلية المنبرية
- مدارس الصراخ السياسى
- نحو إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة/ ميراث المرأة..... بي ...
- نحو إلغاء (كافة) و(كل) و (جميع) أشكال التمييز ضد المرأة/استل ...
- حتى (بول المرأة) سامحكم الله


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عبد الفتاح السرورى - فى نقد العقل العربى