اليونسكو والالكسو والإيسيسكو

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2804 - 2009 / 10 / 19 - 19:27
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    

دأبت الدول العربية والإسلامية على محاكاة الغرب فى المجالات المختلفة كتأسيس المنظمات السياسية والثقافية الكبرى. ففى 28 يونيو عام 1919 قام زعماء الغرب بعقد مؤتمر فى فرساى حيث تم تأسيس عصبة الأمم وهى منظمة تأسست لدعم التعاون الدولى وإرساء السلام والأمن فى العالم إلا أنها فشلت فى أداء مهامها على الوجه الأكمل مما حدا بالدول الأعضاء إلى البحث عن كيان دولى بديلا عن عصبة الأمم. فعقب الانتهاء من الحرب العالمية الثانية قامت هذه الدول بتأسيس "منظمة الأمم المتحدة" فى 24 أكتوبر 1945 فى ولاية كاليفورنيا الأمريكية. وعلى صعيد الدول العربية فقد قادت مصر مناقشات فكرة إنشاء كيان مواز لعصبة الأمم. لقد كان مصطفى النحاس هو أول من طرح فكرة إنشاء جامعة الدول العربية وقاد المناقشات فى 12 يوليو 1944 فى مدينة الإسكندرية حيث تم الإعلان عن برتوكول الإسكندرية الذى نص على قيام جامعة الدول العربية. ولم تمر سوى بضعة شهور حتى اجتمع مندوبو الدولة العربية بقيادة جمهورية مصر العربية (صاحبة الفكرة) فى قصر زعفران بالقاهرة حيث تم إقرار ميثاق جامعة الدولة العربية فى 19 مارس 1945. وظلت الدول العربية والإسلامية تراقب المنظمات الدولية التى تنبثق من رحم منظمة الأمم المتحدة وتسعى لتأسيس منظمات مماثلة فى عالمنا العربى والإسلامى.

من المعروف أن منظمة الأمم المتحدة تضم منظمات وهيئات عديدة، على رأسها منظمة اليونسكو التى تأسست فى 16 نوفمبر 1945م. وتعتبر مصر من أولى الدول التى قامت بالتصديق على ميثاق اليونسكو فى 4 نوفمبر 1946م. إذن ليس بغريب أن تقوم مصر التى تمثل عقل الأمة العربية وقلب الأمة الإسلامية بقيادة جهود تأسيس منظمات ثقافية على غرار اليونسكو كمنظمة الالكسو (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) والاسيسكو (المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة). اللافت للنظر أن هاتين المنظمتين قد تأسستا فى السبعينيات من القرن المنصرم أى بعض مضى عدة عقود على إنشاء المنظمة العالمية (اليونسكو). لقد تأسست منظمة الالكسو التى بلغ عدد أعضائها 22 دولة فى 25 يوليو 1970 ومقرها فى تونس وهدفها رفع المستوى الثقافى فى الوطن العربى. أما منظمة الاسيسكو فقد تأسست فى مارس 1979 حيث تم اختيار المغرب مقرا لها. وكان الهدف المعلن لهذه المنظمة هو الحفاظ على المقومات الثقافية والتربوية التى تلعب دورا مهما فى استقرار واستمرار الهوية الإسلامية. وقد بلغ عدد أعضاء هذه المنظمة حتى عام 2007م خمسين دولة من إجمالى عدد الدولة الإسلامية وعددها 57 دولة. لعل التنافس بين دول شمال إفريقيا فى إنشاء مقرات دائمة لمنظمات إقليمية هو الذى ساهم فى تأسيس منظمتين أحدهما فى المغرب والأخر فى تونس، وهاتان المنظمتان ذات أهداف متشابهة إذ تعنيان بنفس المجالات التى تهتم بها المنظمة العالمية،.

ولعل القارئ قد لاحظ أن أوجه التشابه والاختلاف بين المنظمتين (الالكسو والاسيسكو) تعكسها حروفهما الأخيرة التى تتشابه مع الحروف الأخيرة للفظة "يونسكو"، وهى لفظة مشتقة من الحرف الأول لست كلمات باللغة الانجليزية هى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة. إن الاختلاف الوحيد بين هذه المنظمات يكمن فى أن حرف الكاف يسبق حرف السين فى لفظة "الالكسو" بينما حرف السين يسبق حرف الكاف فى لفظة "الاسيسكو" وهذا الأمر ربما يعكس ترتيب الألفاظ التى تمثلها هذه الحروف فى الإنجليزية أى حرف الكاف=ثقافة وحرف السين=علوم. من الملاحظ أن لفظة "الثقافة" تأتى قبل "العلوم" فى منظمة الالكسو بينما نجد عكس ذلك فى منظمة اليونسكو والاسيسكو حيث تأتى لفظة "العلوم" قبل لفظة "الثقافة" مما يعكس أولويات اهتمام كل منظمة.

لا أبالغ إذا قلت إن مصر ساهمت وتساهم فى تأسيس منظمات عالمية كمنظمة اليونسكو ومنظمات إقليمية كجامعة الدول العربية ومنظمة الالكسو وغيرها. وهذه المساهمات المصرية يعكسها أداء مرشحيها حين يتنافسون على مناصب قيادية فى هذه المنظمات. لقد أبلى المرشح المصرى فاروق حسنى بلاءا حسنا فى انتخابات اليونسكو التى أجريت فى سبتمبر الماضى، إذ فقد المنصب المرموق (مدير عام اليونسكو) بفارق 4 أصوات فقط. أما ما أثلج صدورنا وطرد شبح الحزن من نفوسنا فهو أن عام 2009م أبى أن يرحل قبل أن يزف إلينا بشرى اختيار أحد أبناء صعيد مصر وجامعة جنوب الوادى مديرا لإدارة التربية فى منظمة الالكسو وهو الدكتور أحمد سيد خليل عميد كلية التربية بأسوان والمشهود له بالكفاءة والعلم والقدرات الإدارية . فهنيئا لمصر بأبنائها.

#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل