|
سبل تمدن المجتمع الشرق الاوسطي
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2781 - 2009 / 9 / 26 - 13:42
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
بعد المعاناة الطويلة للشعوب الشرق الاوسطية و رزوحهم المستمر تحت رحمة مؤثرات و اثقال و هيمنة الوسائل و الايديولوجيات المختلفة، تعرضت هذه المجتمعات الى التشويه و التخبط و الانكسار الذاتي و بقيت ثابتة على حالها دون اصلاح و تغيير مطلوب رغم تعاقب المراحل و المتغيرات العالمية . و في بعض الدول لم يحس المواطن بالحقوق و ما عليه من الواجبات و المسؤوليات ابدا و لم يشعربانتمائاته و مواصفاته و مواطنته ، و احس بعمق الاغتراب نتيجة القمع و الضغوطات المختلفة من قبل الحكومات الدكتاتورية المتسلطة عليه و الكابتة و المحاصرة له. و لم تتوفر ولو نسبة قليلة من الحرية الضرورية له و لحياة المجتمع، و به ابتعدت الشعوب الشرقية عن المدنية و الصفات التقدمية العصرية ، و لم ينعم بالثقافة المطلوبة للتطور الاجتماعي العام . المجتمع الشرقي و ما يتميز به من النواحي السياسية و الجغرافية و الديموغرافية لا يمكن ان نصفه بالمجتمع المتكامل الاوصاف، و لم يتكون داخليا بشكل طبيعي و لا يمكن تحديد و افراز الطبقات المكونة له بشكل علمي ، اي لم تمر اكثرية المجتمعات الشرقية بالمراحل العامة للتطور الطبيعي من كافة المجالات، و هذا ما سبب التخلخل في التركيب و التكوين و سير المجتمع بشكل اعتباطي وهو خارج التاريخ و الزمن لوجود الاختلافات الكبيرة في بنيته الشرقية وغير المتكاملة الاوصاف. اما على الصعيد الجزئي لمكونات المجتمع اي الفرد كوحدة تركيبية لمجموع المجتمع و ما بينهما من العلاقات الجدلية الواضحة و ما يتاثران به و يؤثران على بعضهما، و ان اتصف الفرد بالمميزات التي تفيد نفسه فقط خارج تكوين المجتمع سيتضرر دون ان يفيد مجتمعه باية نسبة ممكنة، و من ثم يرتد الفرد و يعود بنفسه و يتراجع ، و هذا ما يحدث التناقض في تفكيره و افعاله و في كيفية انتمائاته للمجتمع و في نفس الوقت يعمل لغير صالحه. و بتامين العوامل الاقتصادية و الثقافية و السياسية لبناء المجتمع سينمو الوعي المطلوب لدى الفرد و يتكون به المجتمع الصحي، و عندئذ سيؤثر المجتمع بشكل كامل على الفرد كجزء من تركيبته و يذوبه في مسار عملية التطور الذي يمر فيه و يُرى على ضوئه كوحدة واحدة، و يكون الفرد نشطا و منتجا و مثمرا و مفيدا لعملية التنمية التي تتطلب المجتمع الصحي السليم . و في خضم التطورات الجارية تلقائيا ستشهد عملية تقدم المجتمع صراعات عديدة بين المكونات و تصب نتاجاتها في صالح المجتمع عموما، و خاصة في جو سلمي و امن و بوسائل منطقية و بعقلانية و منتظمة و تكون لمصلحة المجتمع و ليس لفئة او عائلة او فرد . و بعد قراءة و تقييم المجتمع الشرقي و ما هو عليه، لابد من العمل الجاد من اجل تنظيم ما يخص حل اشكالية تركيب المجتمع وبروح متسامحة و عقلية منفتحة و من اجل اهداف سامية و بمشاركة و تعاون المجتمع ، اي الفرد و الجماعة و السلطة على حد سواء و بتخطيط متكامل و مضمون العواقب، و في ارضية ملائمة و بتوفير الوسائل الضرورية، و في مقدمة المتطلبات الاساسية لنجاح عملية اعادة تطور المجتمع بشكل طبيعي الى سكته الصحيحة ، و بعدها يتم اعادة او محاولة ضم الفرد عقليا و ثقةً و انتمائا و اعترافا الى السلطة باعتباره جزءا منها، و بعد ذلك يمكن تنظيم السلطة وفق ما يمكن ان تستند عليه هو الفرد و المجتمع ايضا من دون الانعزال او الانطواء على الذات و معاملة المجتمع على انه خارج السلطة، و يجب ان يعود هذا الحق الى الفرد و من ثم المجتمع كتحصيل حاصل و به ينسجم الفرد في المجتمع مع السلطة و لا يمكن فصلهما، و عندئذ يسير المجتمع بالاتجاه الصحيح، و به يعترف الفرد طوعيا بشرعية السلطة و كذلك يجد نفسه فيها كاحد اعمدتها الاساسية باعتباره المنظم و صاحب القضية و سيؤثر عليها بثقله و ارادته، و هنا تبدا الخطوة الاولى لتقوية الوعي الذاتي للفرد، و سيتم العقد الاجتماعي تلقائيا بين الفرد و المجتمع بوجود السلطة، و بين السلطة و المجتمع، و بين مجتمع و اخر، و بين المجتمع و الدولة في اخر المطاف . و في ظل هذا الوضع ستترتب العلاقات وفق مباديء عامة و بعلاقات جدلية بين المكونات و ما تضمه الدولة، عندئذ يمكن ان نتحدث عن توفرسبل ملائمة لتمدن المجتمع الشرقي، و هذا ما يتطلب تكاثف الجهود لجميع الجهات في اي مجتمع شرقي كان و التعاون بين السلطات و المجتمعات لبدء الخطوة الاولى لتنظيمهماو تقدمهما.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تجسيد المجتمع المدني مرهون بالنظام السياسي التقدمي
-
الى متى يحتاج العراق لنظام ديموقراطي توافقي؟
-
المماطلة في طرح الحلول على طاولة المفاوضات في تركيا
-
الطبقة الكادحة و المناسبات العامة
-
ظروف العمالة الاجنبية في دول الشرق الاوسط
-
مستقبل اليسار الكوردستاني و مصيره
-
حدود تدخل السلطة في امور المجتمع العامة و الخاصة
-
المسيرة الانسانية بين الظروف الدينية و القومية المسيطرة على
...
-
العقيدة بين المعرفة و الايديولوجيا
-
عام من الازمة المالية العالمية و افرازاتها
-
المبررات النفسية و الفكرية الواهية للنظام الرسمالي
-
التغيير يبدا من النفس و يؤثر على المجتمع عموما
-
الانتخابات النيابية تجمع بعض القوى المناوئة لبعضها ايضا
-
موقف اليسار الملائم ازاء الازمة الايرانية الداخلية
-
تجسيد ثقافة المعارضة الصحية اهم من الحكومة
-
أليس التعداد العام للسكان معيار لبيان الحقائق
-
ما العقلية التي تحل المشاكل العالقة بين الحكومة الفدرالية و
...
-
كيف تنبثق المعارضة الحقيقية الصحية في منطقتنا
-
كيفية التعامل مع العادات و التقاليد و الاعراف المضيقة للحريا
...
-
العمل المؤسساتي يضمن التنمية السياسية بشكل عام
المزيد.....
-
كوليبا يتعرض للانتقاد لعدم وجود الخطة -ب-
-
وزير الخارجية الإسرائيلي: مستعدون لتأجيل اجتياح رفح في حال ت
...
-
ترتيب الدول العربية التي حصلت على أعلى عدد من تأشيرات الهجرة
...
-
العاصمة البريطانية لندن تشهد مظاهرات داعمة لقطاع غزة
-
وسائل إعلام عبرية: قصف كثيف على منطقة ميرون شمال إسرائيل وعش
...
-
تواصل احتجاج الطلاب بالجامعات الأمريكية
-
أسطول الحرية يلغي الإبحار نحو غزة مؤقتا
-
الحوثيون يسقطون مسيرة أمريكية فوق صعدة
-
بين ذعر بعض الركاب وتجاهل آخرين...راكب يتنقل في مترو أنفاق ن
...
-
حزب الله: وجهنا ضربة صاروخية بعشرات صواريخ الكاتيوشا لمستوطن
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|