|
مستقبل اليسار الكوردستاني و مصيره
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2774 - 2009 / 9 / 19 - 12:05
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
لا اريد هنا الغوص في اعماق اليسارية بشكل عام و كيف بدات و انبثقت او وصلت الينا و ما عملت في المنطقة جميعا، بل اختصر الكلام لاتكلم كوردستانيا ولابين ملامح اليسار اليوم و التحولات التي جرت عليها و الخلل البنيوي في تركيبتها اصلا و ما جرت لها وكيف تغيرت، واول الامر هو التقليد العمياء للتجارب الخارجية و استيراد الافكار المعلبة التي كانت ملائمة لحقبة تاريخية معينة و في ظروف و اوضاع مغايرة و في مكان و منطقة مختلفة جذريا عن بقعتنا بالتمام و الكمال، و كيف استندنا عليها و بائت اكثرها بالفشل لعدم وجود الارضية المناسبة لها، و هي لم تنجح اصلا في مناطق مصادرها و انتهت كما راينا بالحالة التي الت اليها . ان آمنٌا و اعتقدنا مسبقا بان لكل حقبة تاريخية فكرا قابلا للتطبيق فيها و يُصاب بالخلل بالتقادم و يحتاج لتغييرات مستمرة عند انتقال المراحل و تغييرالظروف، و ما تنتج منه الايديولوجيات تتطلب اعادة صياغتها و المفاهيم الاخرى المرتبطة بها، و كيفية الانتماء الفكري العقيدي الى اليسارية و العمل على ايجاد متطلباتها وفق الحقبة التاريخية المعينة و التجارب التي تخوضها الامم و ما جرت لها جراء تطبيق الافكار وفي حال عدم مسايرتها لما موجودما الطرق المتخذة لنجاحها على ارض الواقع . و هذا يدلنا على ان الفكر مهما كان اصيلا فهو مولود في حقبة تارخية معينة و يمكن ان يفقد الصلاحية عند التحولات و في الحقبات الاخرى، اي ليس بثابت، و هو عملية تاريخية الصنع و المواصفات، و يمكن لمن يعتنقه التحرر منه ايضا ان احس بعدم ملائمته للعصر الذي يعيش، و يمكن التحررمن اي نموذج ثابت و البقاء على ما هو الصالح او قابل للمارسة و التطبيق و مناسب لما يعيش فيه الانسان، او من الممكن ان يكون خارج التاريخ و العصر، فلابد ان نذكره تارخيا، وعندئذ يوضع في المتحف، هذه هي قمة اليسارية و الايمان بالجدلية ، و التي تعتبر جوهر علمانية الفكر اليساري و الفلسفة اليسارية . و تبرز هنا مشكلة المرجعية و ما يمكن اللجوء اليه في بيان اصحية التطبيق، فيمكن الاعتماد على التجارب العالمية و ما مرًت بها الشعوب و بيان نقاط الضعف و الخلل و يمكن الاستفادة من الفكر الانساني في كافة المراحل للاعتبار منه . و هذا لا يعني ان نستسلم للواقع و نساير ما يجري دون موقف خاص ابدا، بل بقراءة الواقع علميا و بخلفية يسارية علمانية واضحة المعالم، يمكن ايجاد الوسائل التي تهم الاكثرية و تعمل على تغيير الواقع الى الافضل بنضال مدني ملائم للعصر بعيدا عن اغراءات الافكار المضادة . ان اليسارية واسعة و غنية في جميع المجالات و انها تعتمد على العلم و المعرفة، و بشكل خاص على اهم ركائز تقدم الانسان و هو الاقتصاد و علم الاجتماع و التاريخ و قراءة التفاوت الموجود بين البشر و صفاتهم و واقعهم . و بالاعتماد على المعايير الفكرية الواقعية يمكن النجاح في التطبيق، ويمكن الاستناد على المقاييس التي تنظر الى مدى و مساحة نجاح الفكر في الممارسة على ارض الواقع لبيان نسبة نجاحه، و ليس على ما موجود في الخيال و اليوتوبيا،و هذا لا يعني ان نترك اليوتوبيا بل يجب حث الفكر و التشجيع و تقوية الارادة من اجل الوصول الى الاهداف الموجودة خياليا و بآليات واقعية دون القفز على المراحل التاريخية و الواقع الموجود. هناك مفاهيم جديدة لابد لليسار اينما كان ان يعيد النظر في الاعتقاد بها و يحاول تطبيقهااو رفضها، و بعضها غير صالحة الاستعمال اي نافذة التاريخ، و كانت ملائمة لعصر و مرحلة تاريخية سابقة و معينة، و ربما اضرت بالفكر اليساري و احدثت ضجات و اتت بالنتائج العكسية عند محاولة الاتكاء عليها او ذكرهاو خاصة في العصر الحديث، و منها العنف الثوري و دكتاتورية البروليتاريا و المركزية الديموقراطية و التقوقع على حتمية التاريخ دون العمل على التغيير، و التوجه الى الكفاح المسلح بوجود فرص الحلول الاخرى للقضايا و التسريع في استعمال الوسائل و الشعارات الخيالية، و عدم الاعتماد على مهمات و اولويات كل مرحلة، و التعميم في الفكر. اما ما يخص اليسار في كوردستان، فانه مرً بمراحل متفاوتة و مختلفة من الحرب و السلام، من الانتشار و الانحصار من العالمية في النهج و التفكير الى العراقية البحتة و من ثم وصل الى الكوردستانية في المراحل الاخيرة، كما هو حال جميع الاحزاب في المراحل السابقة كانت السوفيت الام و المرشدة التي كانت تعليماتها تطبق بحذافيرها و ان لم تكن صالحة لهذه البقعة و تناقضت في كثير من الاحيان مع ما موجود على الارض الواقع و احتكت معه . و حدثت انشقاقات و تنوعت التوجهات و اختلفت التركيبات على ابسط النصوص ناهيك عن القضايا الكبرى و الصغرى، و تاثرت بانهيار المعسكر الشرقي و قوضت قوتها التي كانت في القمة في مراحل عدة من نضالها في الحركة التحررية الكوردستانية، و في ظل الظروف التي مرت بها كوردستان، و شهدت اليسارية التحولات و بقت الاحزاب تتمسك بما كانت ملائمة للعصور المنصرمة، فضعفت في ثقلها و مكانتها تدريجيا الى ان وصلت الى حال و هي الان في اضعف حالاتها و لم نكن نتصور ان تصل اليها، و ارتكبت المعتنقين للافكار اليسارية من الاخطاء و لازالوا لم يعيدوا النظر فيها و لم يجهدوا في اعادة ترتيب البيت الداخلي لهم، و لم يعملوا على كيفية تفسير و العمل على المباديء و القضايا الجوهرية التي تحتاج الى التعمق في تقييمها و اقرار ما لصالح الفكر اليساري الواقعي و مصيره و مستقبله . ما نشاهده الان على ارض كوردستان، ان اليسار مشتت و متعدد التوجهات و التركيب و غير ذي ثقل يذكر و هو في تراجع مستمر لحد اليوم . ما نلمسه هو سيطرة المصالح الخاصة للملمين باليسارية و الموجودين في مواقع القرار و الموجودين في السلطة او مشاركين فيها لاسباب ذاتية بحتة ، هم الذين لا يجرئون على اتخاذ المواقف الحاسمة في اعادة النظر لكيفية العمل و التعامل و النهوض من الكبوة و التفاهم و الوحدة بين المكونات المختلفة، مما يتشائم الجميع عند تقيمهم لحال اليسار و اليسارية بكل جوانبها و ما تخص المفاهيم المرتبطة بها رغم تاريخها العريق و فضلها على العديد من الجوانب الحياتية لشعب كوردستان و توجهاتهم و افكارهم و ثقافتهم . مهام اليسار الرئيسية في هذه المرحلة هي تحديد الاولويات الضرورية و قراءة الواقع بشكل علمي و تقييمه استنادا على الاسس اليسارية و العلمية مع تفهم الاوضاع العامة و المستوى الثقافي و الوعي العام الذي يتمتع به الشعب الكوردستاني، و يمكن تحليل التركيبة الاجتماعية و ما تتطلبه في هذه الاونة و اعتمادا على الفكر الواقعي الملائم لهذه الحقبة، و اتباع الية ملائمة في تطبيق الافكار . اول الاهداف هو صرف الجهد الكامل لتوحيد القوى اليسارية و تقاربها و تجميعها في جبهة او كتلة واحدة لبيان قوتها و ثقلها، و الاصرار على التعاون المشترك في اداء الواجبات اليسارية لهذه المرحلة المصيرية و اعتماد خطط و برامج و مناهج ملائمة مع مواصفات المجتمع و ما يتميز به، و الا فمستقبل هذه القوى الضعيفة المتفرقة حاليا غير مضمون و مصيرها لا يطمئن المعتنقين للفكر و العقلية اليسارية التقدمية .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حدود تدخل السلطة في امور المجتمع العامة و الخاصة
-
المسيرة الانسانية بين الظروف الدينية و القومية المسيطرة على
...
-
العقيدة بين المعرفة و الايديولوجيا
-
عام من الازمة المالية العالمية و افرازاتها
-
المبررات النفسية و الفكرية الواهية للنظام الرسمالي
-
التغيير يبدا من النفس و يؤثر على المجتمع عموما
-
الانتخابات النيابية تجمع بعض القوى المناوئة لبعضها ايضا
-
موقف اليسار الملائم ازاء الازمة الايرانية الداخلية
-
تجسيد ثقافة المعارضة الصحية اهم من الحكومة
-
أليس التعداد العام للسكان معيار لبيان الحقائق
-
ما العقلية التي تحل المشاكل العالقة بين الحكومة الفدرالية و
...
-
كيف تنبثق المعارضة الحقيقية الصحية في منطقتنا
-
كيفية التعامل مع العادات و التقاليد و الاعراف المضيقة للحريا
...
-
العمل المؤسساتي يضمن التنمية السياسية بشكل عام
-
لم تتكرر الاعتداءات على امريكا منذ 11سبتمبر الدامي!!!
-
للانتقاد اسس و اصول يجب اتباعها
-
مابين الفكر المنطقي والخرافي و نتاجاتهما
-
استلهام العبرمن القادة التاريخيين المتميزين ضرورة موضوعية
-
اليسارية عملية مستمرة لاتهدف الوصول الى نهاية التاريخ
-
الادعائات المتناقضة للحكومة التركية حول القضية الكوردية
المزيد.....
-
زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
-
دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما
...
-
الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
-
شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
-
اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا
...
-
بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس
...
-
إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
-
دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با
...
-
مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
-
هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال
...
المزيد.....
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
-
سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية
/ دلير زنكنة
-
أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره
/ سمير الأمير
-
فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|