|
فلسفة التربية و التعليم بين السياسة و الواقع الشرقي
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2757 - 2009 / 9 / 2 - 11:18
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
لاشك اننا نتلمس الفرق الكبير بين فلسفة و نهج التربية في الماضي و الحاضر ، حيث المستوى العلمي العام في تغيير مستمرو لكن لا يرقى الى مستوى مشجع لمواصلة التواكب مع العالم ، و هناك اختلاف واضح في القيم و المباديء التربوية بين المواقع المختلفة في الشرق، الا ان الانتاج و التقدم و الابداعات قليلة ومتقاربة الى حد كبير في الشرق و لا تقارن مع الغرب ، و كذلك في النظام التربوي العام نحس بشيء من الاصلاح مع تغيير طفيف في المناهج ،الا انها لم تصلح بعض منها لمواكبة العصر من التقدم السريع الحاصل في كافة المجالات . رغم شدة العمل في السلك التربوي و سيطرة الخوف و الخشية على طالب العلم و الاعتماد على الحفظ و الاملاء دون الفهم وهو ما يقلل من فرصة الابداع و الاختراع لاسباب عديدة ، الا اننا نلاحظ انخفاض المستوى العلمي مع الانفتاح في هذا المجال و ما يؤدي الى الفلتان في كثير من الاحيان . انما انا بصدد الاشارة اليه هنا هو المنهج العلمي و الادبي في سلك التربية و تاثيرات السياسة و السلطة و الواقع الاجتماعي و الاقتصادي و الثقافي على المسيرة التربوية و التعليمية و ما كان يُعرف سابقا بالمعارف و الارشاد، و اسماء عديدة اخرى في مراحل مختلفة من تارخ المنطقة . ان التربية بجميع مفاصلها تابعة للحكومة ، و هي التي تديرها و تحدد الخارطة التعليمية لعملها و اهدافها ، و الاهداف السياسية و الفكرية و الفلسفية و الايديولوجية هي التي تكون واضحة المعالم و مرسومة في ثنايا عمل و الوسائل العلمية و المناهج العامة في التربية و التعليم و ما فيهما و ما يخصهما ، بحيث اية مرحلة تاريخية مرت يمكننا ان نتعرف عليها من خلال القاء الضوء و مشاهدة ملامح ما انعكست السياسة العامة للسلطة فيها من خلال التدخل في تفاصيلها ، و هو من اهم الاسباب المؤثرة على طريقة العمل التربوي و مسبب رئيسي لتاخرنا و بقائنا على هذه الحال و في المقابل تقدم الغرب علينا من كافة نواحي الحياة. اعادة النظر في النظام التربوي العام و فلسفة التربية و المناهج من اهم الاعمدة و الركائزالاساسية للاصلاح و التغيير في اية بقعة من العالم و من كافة النواحي العلمية الثقافية الاقتصادية السياسية الاجتماعية ،و في كيفية مواكبة التقدم المستمر الحاصل في العالم . ان الواقع و ما موجود فيه معلوم ،و هو في اكثر المراحل التاريخية ثابت الى حدما و لم يحدث التغيير الملحوظ فيه الا بشكل بطيء وفي فترات طويلة ، و هو ما يتسم بالوضع الاجتماعي المليء بالعادات و التقاليد و الترسبات التاريخية و فيه من الثقافة العامة متذبذبة المنحنيات و الاقتصاد المتخلف لحد الان رغم وفرة الموارد الطبيعية في المنطقة بشكل كبير. ان من الملاحظ هنا افتقار السلك التربوي و التعليمي لاستراتيجية رصينة ذات اهداف واضحة ناظرة الى الافق البعيد ، و يتصف بعدم وجود الخطط البعيدة المدى الناجحة المركزة على النسبة العالية من احتمالات النجاح ، بل الاهداف السياسية هي التي تفرض ما ليس في صلب مصلحة التربية و التعليم الخالص . رغم المحاولات العديدة لترقيع الفلسفة التربوية هنا و هناك دون الاعتماد على الاصلاح و التغيير الجذري و الاهتمام بالجانب النظري و عدم اتخاذ اية خطوة في سبيل اتباع العمل التطبيقي و التجريبي الذي هو الطريق القويم الصحيح لتقدم هذا المسار . تدخٌل السلطة بكل قدراتها في هذا الجانب له افرازاته السلبية الكثيرة و التي تفرض اراءا و افكارا لمصلحتها و بالاخص في المناهج الانسانية و الادبية و هذا ما يقيٍد العمل و يعقد الامور و يحدد من الحرية التي يجب ان تتمتع بها التربية و التعليم العام . و من جانب اخر ، يلاحظ و بشكل كبير الاستناد على السلوك و الاساليب التي تفيد السلطة على حساب ما تتطلبه التربية و التعليم من الجانب العلمي ، و ما مفروضو من الواجب هو الاعتماد على الاختصاصات و التعاون العام و الاحتكاك مع الدول المتقدمة ،ومن جانب اخر العدالة و المؤسساتية في تعين و تحديد الكوادر و التعامل معهم مع ضمان الوضع الاقتصادي المريح لهم ، وما يزيد من الصحة النفسية للتدريسيين هو تامين حياتهم و ضمان نجاحهم و تقديم ما لديهم اعتمادا على كفائاتهم العلمية و محاولتهم المستمرة لامتلاك المعلومات و الخبرات العلمية الحديثة ليتواصلوا في التقدم . المهم هو انقاذ هذا الجانب و توفير الاعمدة الرئيسية لتقدم اي بلد من خلال التربية و التعليم التقدمية العصرية الصحيحة من دون تدخل و سيطرة سياسات السلطات السياسية ،و اخراجه من الوحل و تحريره من المعوقات الاجتماعية الموجودة على ارض الواقع باتخاذ اجراءات عملية و اعتماد فلسفات تقدمية و مناهج علمية حديثة و اساليب تعليم ملائمة بكل ما فيها من التغيير الشامل الكامل .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل تاثرت الثقافة في الشرق الاوسط بالازمة المالية العالمية
-
اليسار الكوردستاني بين الواقع و الضغوطات المختلفة
-
متى يتجه العراق الى العمل الجماهيري و ليس الحزبي القح
-
ما هي المعارضة الحقيقية في الدولة الحديثة
-
الكورد و العملية الديموقراطية
-
الدور المطلوب للاعلام بعد انتخابات اقليم كوردستان
-
من لا يريد السلام في العراق
-
اهم مهام سلطة اقليم كوردستان محاربة الفساد في هذه المرحلة
-
الاعتدال ليس استسلام للامر الواقع
-
لماذا يفضل السياسي السلطة التنفيذية على التشريعية في منطقتنا
-
هل المبالغة في التعددية مفيدة دوما
-
هل تتاثر اخلاقية المجتمع باستقلالية الفرد المادية
-
من اجل انصاف الجميع و منهم الفيليين
-
عدم الاستفادة من الاطروحات العلمية في هذه المنطقة
-
حان الوقت لكشف الحقائق كي نعتبر منها
-
الانتهازية صفة يكتسبها الفرد في المجتمعات المضطربة
-
التنافس السلمي عامل لتقدم المجتمع
-
اسباب ضعف دور المثقف في الحياة العامة لاقليم كوردستان
-
الاوضاع السياسية في ايران الى اين؟
-
ما مصير مجاهدي خلق في العراق
المزيد.....
-
مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم
...
-
دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب
...
-
انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض
...
-
الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها
...
-
حادث مروع يودي بحياة 3 ممرضات في سلطنة عمان (فيديوهات)
-
تركيا.. تأجيل انطلاق -أسطول الحرية 2- إلى قطاع غزة بسبب تأخر
...
-
مصر.. النيابة العامة تكشف تفاصيل جديدة ومفاجآت مدوية عن جريم
...
-
البنتاغون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ
...
-
مصادر: مصر تستأنف جهود الوساطة للتوصل إلى هدنة في غزة
-
عالم الآثار الشهير زاهي حواس: لا توجد أي برديات تتحدث عن بني
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|