|
لماذا يفضل السياسي السلطة التنفيذية على التشريعية في منطقتنا
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2745 - 2009 / 8 / 21 - 09:12
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
استوقفني في هذه الايام تصريح صحفي لسياسي مخضرم له باعه الطويل في النضال و الدفاع عن شعبه ، و تاريخه مليء بالمفاخر ، و هو مثقف و ذو عقلية منفتحة ،عصري التصرف و تقدمي التفكير و التفلسف و له مكانته المرموقة بين الجميع ،و مدافع صلب عن حقوق الشعب، و ما معروف عنه نزيه و مبدئي و مضحي . عندما قال : سيكون مهامي الرئيسي المستقبلي و منذ هذه اللحظة هو تقوية التنظيم الذي اسسته و انتمي اليه في سبيل تقوية مكانته بين الشعب، و ليحتل موقعه المامول مستقبلا و في سبيل تحقيق اهدافه و هو اعتلاء السلطة ، و هذا من حقه الطبيعي ، مع العلم وهو منتخب من قبل الشعب ليقدم ما بحوزته لهم من خلال السلطة التشريعية في هذه المرحلة ، و ابى الا يدخل قبة المبرلمان ،و هو لا يمتلك ان يكون الحاكم و السلطة التنفيذية بحوزته كما كان يحاول من اجله بشكل خفي و استوضح جليا ما يخفيه من هذا الموقف ، و هذا على العكس من ادعائاته السابقة التي كان يكررها يوميا و يفصح عن اهتماماته بالشعب و مصالحهم و كل هدفه هو تامين حقوقهم ! و الاستناد على القوانين و المناقشات و المواقف العامة حول القضايا التي تهمهم و حياتهم و ما تخص الخدمات و الاصلاح و التغيير الذي يصر عليه ، و عدم اعترافه بالسلطة التشريعية يفضح زيف ادعائاته السابقة ، و حججه الواهية و لا يقنع حتى انصاره . و هذا ما جعلني ان افكر جديا في الموضوع المهم لكي اجد اهم الاسباب و العوامل الموضوعية و الذاتية وراء مثل هكذا مواقف و توجهات و تنظيرات و افكار و اعمال ، و التناقضات التي تتجلى بين الادعاء و التطبيق و الفكر و ما يعمل على ارض الواقع من قبل مثل هذه الشخصيات المعبرة عن ما يحتوي المجتمع من الصفات الحاملة للجدل من التناقضات و الاختلافات . لو تطرقنا الى الظروف الموضوعية فيما يخص هذه المسالة او الحالة، يمكن ان نرجعها الى الوضع الاجتماعي العام للشعب و ما عليه و نظرته الى المواقع و المناصب العامة ،و حالة المجتمع النفسية المكتسبة تاريخيا من خلال تعامله مع السلطات على اساس الخوف بدلا عن الاحترام و بنظرة الاجبار و الفرض بدلا عن القناعة و ارادة الذات و بخضوع و خنوع لا مفر منه بدلا من الاقتناع و التراضي ، و هناك امثال اجتماعية معبرة عديدة على هذا في مسيرة الحياة الاجتماعية السياسية لهذه المنطقة . اما السلطات بنفسها هي العامل الاضافي في ترسيخ تلك الافكار ، و هذا ما نلمسه من ناتج عمل السلطة التنفيذية و مدى حريتهم و سعة مساحة فرض اهوائهم الذاتية في اداء الواجبات ، و لم يظهر مدى استنادهم على القوانين في تسيير عملهم اكثر من اجتهاداتهم الشخصية . و من الجانب ذاته ، المكانة الاجتماعية التي يتمتع بها المسؤول التنفيذي اعلى من الاخرين في نظر المجتمع و ما حولهم ، اضافة الى حداثة السلطة التشريعية الواقعية و اهميتها في المنطقة ناهيك عن عدم ترسيخ الديموقراطية و تجسيدها بشكل كامل في المنطقة ، و لم تظهر لها من الاهمية واقعيا و عمليا اكثر من السلطة التنفيذية، اي الحكومة و النظام الحكم للفرد و المجتمع ، لا بل ناتج عمل و ثمار السلطة التنفيذية اكثر بيانا و وضوحا و مباشرا و مرئيا للعين على الارض و الواقع ، و هذا ما يتعامل معه الانسان الشرقي اكثر من غيره . اي يمكننا ان نقول بان التشريع ينتج ما يفيد السلطة التنفيذية بشكل غير مباشر ، و هنا يُحسب حساب القائد الشهم لمن هو في السلطة التنفيذية بشكل عام من قبل الفئات كافة و مكونات الشعب قاطبة ان صح التقدير ، و المجتمع الذي يتمتع بهذا المستوى من الثقافة و التفكير و الوضع الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي و ما فيه من العادات و التقاليد يقدس القوي و( المشوٍر) اكثر من غيره . اما من ناحية الظروف الذاتية ، ينعكس الوضع الاجتماعي مباشرة على خصائص الفرد و صفاته و الذي يحب بقرارة نفسه السلطة و الحكم و التحكم والاصرار على تصدير الاوامر اكثر من التشريع و التنظير و تحليل الامر . و هذه هي ثمرة التربية العامة المتوارثة من قبل الاسرة و المجتمع على حد سواء ، اضافة الى المصالح المادية الضيقة و الملذات التي تتمتع بها مواقع السلطة التنفيذية اكثر من اية سلطة اخرى ، ناهيك عن احساس الفرد بتلمس الثمرة و انتاج عمله في السلطة التنفيذية اكثر من انشغاله بالتحليل و القراءة و المناقشات و الواجبات التي يتطلبها من الموقع التشريعي و مدى تكهنه للمستقبل و قرائته للاوضاع العامة دون غيره .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل المبالغة في التعددية مفيدة دوما
-
هل تتاثر اخلاقية المجتمع باستقلالية الفرد المادية
-
من اجل انصاف الجميع و منهم الفيليين
-
عدم الاستفادة من الاطروحات العلمية في هذه المنطقة
-
حان الوقت لكشف الحقائق كي نعتبر منها
-
الانتهازية صفة يكتسبها الفرد في المجتمعات المضطربة
-
التنافس السلمي عامل لتقدم المجتمع
-
اسباب ضعف دور المثقف في الحياة العامة لاقليم كوردستان
-
الاوضاع السياسية في ايران الى اين؟
-
ما مصير مجاهدي خلق في العراق
-
هل نعترف بولادة الديموقراطية في كوردستان
-
لماذا وصلت الحال لحد احراق الكتب
-
مَن وراء استمداد العنف و الارهاب في العراق
-
كان الخلل في التطبيق و التفسير و التاويل و ليس النظرية بكامل
...
-
افاق زيارة المالكي و ذوبان ثلج حاجز العلاقات بين الاقليم و ا
...
-
كيف كان دور المثقفين في الانتخابات البرلمانية الكوردستانية
-
احتمال اشعال امريكا للضوء الاخضر لحل المواضيع العالقة عند زي
...
-
الديموقراطية و الطبقة الكادحة
-
الخطوات المطلوبة لما بعد الانتخابات البرلمانية في اقليم كورد
...
-
النتائج الاولية للانتخابات تشير الى تغيير الخارطة السياسية ف
...
المزيد.....
-
-بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن
...
-
قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا
...
-
سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
-
بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة..
...
-
قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر
...
-
مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور
...
-
ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف
...
-
رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو
...
-
سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف
...
-
-بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت
...
المزيد.....
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
-
حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2)
/ جوزيف ضاهر
-
بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول
/ محمد شيخ أحمد
المزيد.....
|